الباحث القرآني

وقوله: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ هذا ابتداء خبر من الله تعالى لمحمد ﷺ بأَن بني إسْرَائِيلَ اختلفوا أَحزاباً، أيْ: فرقاً. وقوله: مِنْ بَيْنِهِمْ بمعنى: من تلقَائِهم، ومن أَنْفسِهم ثار شرُّهم، وإنّ الاِخْتلاف لم يخرج عنهم بل كانوا هم المختلفين. وروي في هذا عن قتادةَ: أَنَّ بني إسْرَائِيلَ جمعوا من أَنفسهم أَربعة أحبار غاية في المَكَانةِ والجَلاَلة عندهم وطلبوهم أن يبيِّنُوا لهم أَمْرَ عيسى فقال أَحَدُهم: عيسى هو اللهُ تعالى الله عن قولهم. وقال له الثلاثة: كذبتَ، واتبعه اليعقوبيةُ، ثم قِيلَ للثلاثة فقال أحدهم: عيسى ابنُ الله، [تعالى الله عن قولهم] [[سقط في ب، ج.]] فقال له الاِثنان: كذبت، واتبعه النُّسْطُورِيَّةُ، ثم قيل للاِثنين فقال أَحدهما: عيسى أحد ثلاثةٍ: الله إله، ومريم إله، وعيسى إله [تعالى الله عن قولهم عُلوّاً كبيراً] [[في ب، ج. سقط.]] فقال له الرابع: كذبت، واتَّبَعَتْهُ الإِسْرَائِيلية، فقِيلَ للرابع فقال: عيسى عبدُ الله، وكلمتُه أَلقاها إلى مريم، فاتّبعَ كلَّ واحد فريقٌ من بني إسْرَائِيل، ثم اقْتَتلُوا فغُلِبَ المؤمنون، وقُتِلوا، وظَهَرَت اليَعْقُوبيّة على الجميع [[أخرجه الطبريّ (8/ 343) برقم (23724) ، وذكره ابن عطية (4/ 16) ، وابن كثير (3/ 121) ، والسيوطي (4/ 488، 489) ، وعزاه لعبد الرزاق، وابن أبي حاتم عن قتادة نحوه.]] . و «الويل» : الحزنُ، والثُّبور، وقِيلَ: «الويل» : واد في جهنّم، ومَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ: هو يوم القيامة. وقولُه سبحانه: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ أي: ما أَسْمَعَهم، وأبصرهم يوم يرجعُون إلَيْنا، ويرَوْن ما نصنع بهم، لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ أَيْ: في الدنيا في ضَلالٍ مُبِينٍ أَيْ بيِّنٍ، وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ وهو يوم ذَبْحِ الموت قاله الجمهورُ. وفي هذا حَدِيثٌ صحيحٌ خرجه البُخَاريُّ وغيره عن النبي ﷺ: أَنَّ المَوْتَ يُجَاءُ بِهِ في صُورَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُذْبَحُ عَلَى الصِّرَاطِ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ويُنَادِى: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، خُلُودٌ لاَ مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ، خُلُودٌ لاَ مَوْتَ، ثُمَّ قَرَأَ: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ... [[أخرجه البخاري (8/ 282) كتاب التفسير: باب وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ حديث (4730) ، ومسلم (4/ 2188- 2189) كتاب الجنة والنار: باب النار يدخلها الجبارون، حديث (40، 41/ 2849) ، والترمذي (5/ 315- 316) كتاب التفسير: باب ومن سورة مريم، حديث (3156) ، والنسائي في «الكبرى» (6/ 393) كتاب التفسير: باب قوله تعالى: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ، حديث (11316) ، وأحمد (3/ 9) ، وأبو يعلي (2/ 364) رقم (1120) ، والطبريّ في «تفسيره» (8/ 345) رقم (23733) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4/ 489) ، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وابن مردويه. وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة: أخرجه النسائي في «الكبرى» (6/ 393- 394) كتاب التفسير: باب قوله تعالى وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ حديث (11317) ، والطبريّ في «تفسيره» (8/ 345) رقم (23734) كلاهما من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4/ 489) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه.]] [الآية] [[سقط في ب.]] . قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 17) .]] : [وعند ذلك تُصِيب أَهلَ النار حسرةٌ لا حَسْرة مثلها. وقال ابنُ زيد، وغيره: يَوْمَ الحَسْرَةِ] [[سقط في ب.]] : هو يَوْمَ القِيَامَةِ [[أخرجه الطبريّ (8/ 345) برقم (23737) ، وذكره ابن عطية (4/ 17) ، وابن كثير (3/ 122) .]] . قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 17) .]] : ويحتمل أَن يكونَ يوم الحسرة اسمُ جِنْسٍ شاملٌ لحسَرَاتٍ كَثِيرَةٍ بحسب مواطن الآخرة: منها يومَ مَوْتِ الإنسان، وأَخْذِ الكتاب بالشِّمال، وغير ذلك، وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ يريد: في الدنيا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب