الباحث القرآني
وقولُهُ سبحانه: فَناداها مِنْ تَحْتِها قرأ ابنُ كَثِير، وأبو عَمْرو، وابن عامرٍ، وعَاصِمٌ [[إنما قرأها عاصم هكذا من رواية أبي بكر، وإلا فهي من رواية حفص المشهورة مثل الباقين «من تحتها» .
وحجة هؤلاء أنه روي عن أبيّ قال: الذي خاطبها هو الذي حملته في جوفها.
وحجة الباقين ما روي عن ابن عباس أنه قال: «من تحتها» : جِبْرِيلُ، ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها.
ينظر: «السبعة» (408- 409) ، و «الحجة» (5/ 197) ، و «إعراب القراءات» (2/ 16) ، و «معاني القراءات» (2/ 133) ، و «شرح الطيبة» (5/ 32) ، و «العنوان» (126) ، و «شرح شعلة» (485) ، و «حجة القراءات» (441) ، و «إتحاف» (2/ 235) .]] : «فناداها مَنْ تحتها» على أَن «مَنْ» فاعل بنادى، والمراد بِ «مَنْ» عيسى قاله مجاهدٌ، والحسنُ، وابن جبير، وأبي بن كعب [[أخرجه الطبريّ (8/ 327) عن مجاهد برقم (23626) ، والحسن برقم (23631) ، وابن جبير برقم (23633) ، وأبي بن كعب (23635) ، وذكره ابن عطية (4/ 11) ، والبغوي (3/ 192) عن مجاهد والحسن، وابن كثير (3/ 117) عن مجاهد، والحسن، وسعيد بن جبير، والسيوطي (4/ 482) وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
والثاني: عزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن.
والثالث: عزاه لابن المنذر عن أبي بن كعب.]] .
وقال ابن عباس: المراد ب «مَنْ» جِبْرِيلُ، ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها [[أخرجه الطبريّ (8/ 327) برقم (23625) ، وذكره ابن عطية (4/ 11) ، والبغوي (3/ 192) ، وابن كثير (3/ 117) ، والسيوطي (4/ 482) ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس.]] .
والقول الأولُ أَظهر وأبْيَنُ، وبه يتبيّن عُذْر مريم، ولا تبقى بها استرابة.
وقرأ نافعٌ، وحمزةُ، والكِسَائِيُّ، وحَفْصٌ عن عَاصِمٍ: «مِنْ تَحْتِهَا» بكسر الميم، واختلفوا أَيضاً فقالت فرقةٌ: المرادُ عيسى، وقالت فِرْقَةٌ: المراد جِبْرِيلُ المحاور لها قَبْلُ.
قالوا: وكان في بُقْعة أَخفضَ من البُقْعة الَّتي كانت هي عليها والأَول أَظهَرُ.
وقرأ ابنُ عباس [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 11) ، و «البحر المحيط» (6/ 173) .]] : «فَنَادَاهَا مَلَكٌ مِن تَحْتِهَا» .
والسَّرِيُّ: من الرجال العظيمُ السيّد، والسري: أَيضاً الجدولُ مِنَ الماء وبحسَبِ هذا اختلف النّاسُ في هذه الآية.
فقال قتادةُ، وابنُ زيدٍ: أَراد جعل تحتك عَظِيماً من الرجال، له شأنٌ [[أخرجه الطبريّ (8/ 330) عن قتادة برقم (23656) ، وابن زيد برقم (23657) ، وذكره ابن عطية (4/ 11) ، وابن كثير (3/ 117) .]] .
وقال الجمهورُ: أَشار لها إلى الجَدْول، ثم أَمرها بهز الجِذْع اليابِس لترى آيَةً أُخْرى.
وقالت فرقةٌ: بل كانت النخْلة مطعمة رطباً، وقال السُّدِّيُّ: كان الجِذْع مقطوعاً، وأجري تحتها النهر لحينه [[أخرجه الطبريّ (4/ 330) برقم (23662) ، وابن عطية (4/ 11) .]] .
قال ع [[ينظر «المحرر الوجيز» (4/ 11- 12) .]] : والظاهر من الآية: أَن عيسى هو المكلِّم لها، وأَن الجِذْع كان يَابِساً فهي آيات تسليها، وتسكن إليها.
قال ص: قوله: وَهُزِّي إِلَيْكِ تقرر في عِلْم النحو أَن الفِعْل لا يتعدَّى إلى ضمير مُتّصلٍ، وقد رفع المتصل، وهما لمدلول واحد، وإذا [[في ج: تقدر.]] تقرر هذا ف «إِليك» لا يتعلق ب «هُزِّي» ، ولكن يمكن أَن يكون «إلَيْك» حالاً من جِذْع النخلة فيتعلَّق بمحذْوفٍ أَيْ: هزي بجذْع النخلة مُنْتهياً إليك. انتهى.
والباء في قوله: بِجِذْعِ: زائدة مؤكّدة، وجَنِيًّا: معناه: قد طابت/ وصلحت 3 أللاجتناء، وهو من جَنَيْتُ الثمرةَ.
وقال عَمْرُو بْنُ مَيْمُون [[ذكره ابن عطية (4/ 12) .]] : ليس شيءٌ للنُّفَسَاءِ خيراً من التَّمر، والرُّطَب.
وقرةُ العَيْن مأْخُوذةَ من القُرِّ وذلك، أَنَّهُ يحكى: أَن دمعَ الفرح باردُ المسِّ، ودمعَ الحُزْن سخن المس [[في ج: الملمس.]] ، وقِيلَ: غير هذا.
قال ص: وَقَرِّي عَيْناً أَيْ: طِيبي نفساً. أَبو البَقَاءِ: «عيناً» تمييز. اهـ.
وقوله سبحانه: فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً ... الآية، المعنى: أن الله عز وجل أمرها على لسان جِبْرِيلَ عليه السلام أو ابنها على الخلاف المتقدم: بأن تُمْسك عن مخاطبة البشر، وتحيل على ابنها في ذلك ليرتفع عنها خجلها، وتبين الآية فيقوم عذرها.
وظاهر الآية: أَنها أُبِيح لها أن تقولَ مضمن هذه الألفاظ الّتي في الآية وهو قول الجمهور.
وقالت فرقة: معنى فَقُولِي بالإشارة، لا بالكلام.
قال ص: وقولُه: فَقُولِي جوابُ الشرط، وبينهما جملةٌ محذوفةٌ يدل عليها المعنى أيْ فَإمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحداً، وسألك أو حاورك الكلام، فقولي. انتهى.
وصَوْماً معناه عن الكلام إذ أَصلُ الصوم الإمساكُ.
وقرأَتْ فرقةٌ: «إني نَذَرْتُ للرحمن صَمْتاً» ولا يجوز في شَرْعِنا نذرُ الصمتِ فروي:
أَن مريم عليها السلام لمَّا اطمأنَّت بما رأت مِنَ الآياتِ، وعلمت أَن الله تعالى سيبيِّنُ عذرَها، أَتَتْ به تحمله مدلة من المكان القَصِيّ الذي كانت مُنْتبذةً به، والفَرِيُّ: العظيمُ الشَّنِيعُ قاله مجاهد [[أخرجه الطبريّ (8/ 335) عن مجاهد برقم (23682) ، وعن السدي برقم (23685) ، وذكره ابن عطية (4/ 13) ، والبغوي (2/ 193) ، وابن كثير (3/ 118) ، والسيوطي (4/ 486) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد.]] ، والسُّدِّيُّ، وأكثرُ استعماله في السوء.
واختلف في معنى قوله تعالى: يا أُخْتَ هارُونَ، فقيل: كان لها أَخٌ اسمه هارون لأَن هذا الاِسْم كان كَثِيراً في بني إسْرَائِيل.
ورَوَى المغيرةُ بن شُعْبة: أَنَّ رسولَ الله ﷺ أَرسله إلى أَهْلِ نَجْرَانَ في أمْرٍ من الأُمُور، فقالتْ له النصارى: إن صَاحِبَك يزعم أَنَّ مريمَ هي أُخْت هارون، وبينهما في المدّةِ ستُّ مائةِ سنة.
قال المغيرةُ: فلم أَدر ما أقول، فلما قَدِمْتُ على النبيّ ﷺ ذكرتُ ذلك له، فقال: أَلَمْ يَعْلَمُوا أنهم كانوا يسمون بأسماء الأنبياءِ والصّالحين [[أخرجه مسلم (3/ 1685) كتاب الآداب: باب النهي عن التكني بأبي القاسم، حديث (9/ 2135) ، والترمذي (5/ 315) كتاب التفسير: باب ومن سورة مريم، حديث (3155) ، والنسائي في التفسير (2/ 29) رقم (335) ، وأحمد (4/ 252) ، وابن أبي شيبة (14/ 551) ، والطبريّ في «تفسيره» (16/ 77- 78) ، والطبراني في «المعجم الكبير» (20/ 411) رقم (986) ، والبيهقي في «دلائل النبوة» (5/ 392) ، وابن حبان (6250) ، والبغوي في «تفسيره» (3/ 194) كلهم من طريق عبد الله بن إدريس عن أبيه عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل عن المغيرة بن شعبة به.
وقال الترمذي: حديث صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن إدريس.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4/ 486) ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.]] .
قال ع [[ينظر «المحرر الوجيز» (4/ 13) .]] : فالمعنى أَنه اسم وافق اسما.
وقيل: نسبُوها إلى هَارُون أَخِي مُوسَى لأَنها مِنْ نَسْله ومنه قوله ﷺ: «إن أَخَا صُدَاءٍ أَذَّنَ، وَمَنْ أَذَّنَ، فَهُوَ يقيم» [[أخرجه أحمد (4/ 169) ، وأبو داود (1/ 352) : كتاب الصلاة: باب في الرجل يؤذن، ويقيم آخر، الحديث (514) ، والترمذي (1/ 384) : كتاب الصلاة: باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم، الحديث (199) ، وابن ماجه (1/ 237) : كتاب الأذان: باب السنة في الأذان، الحديث (717) ، والبيهقي (1/ 399) : كتاب الصلاة: باب الرجل يؤذن ويقيم غيره، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (7/ 503) ، وأبو نعيم (1/ 266) في «التاريخ» ، من حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي، عن زياد بن نعيم الحضرمي، عن زياد بن الحارث الصدائي به، وقال الترمذي: (إنما يعرف من حديث الأفريقي.. وقد ضعفه القطان وغيره.. قال: ورأيت محمد بن إسماعيل- يعني البخاري- يقوي أمره، ويقول: هو مقارب الحديث) .
وللحديث شاهد من حديث ابن عمر:
قال: أبطأ بلال يوما بالأذان، فأذن رجل، فجاء بلال فأراد أن يقيم، فقال رسول الله ﷺ: «يقيم من أذن» . -أخرجه عبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (ص- 258) ، رقم (811) ، والبيهقي (1/ 399) ، والعقيلي في «الضعفاء» (2/ 105) من طريق سعيد بن راشد السماك، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر به، وقال البيهقي: تفرد به سعيد بن راشد، وهو ضعيف.
وأخرج العقيلي (2/ 105) بسنده عن يحيى بن معين، قال: سعيد بن راشد السماك يروي «من أذن فهو يقيم» ، ليس حديثه بشيء.]] .
وقال قتادةُ: نسبوها إلى هَارُونَ اسم رَجُلٍ صَالِحٍ في ذلك الزمان [[أخرجه الطبريّ (8/ 335) برقم (23687) ، وذكره ابن عطية (4/ 14) ، والبغوي (3/ 193) ، وابن كثير (3/ 119) .]] .
وقالتْ فرقةٌ: بل كان في ذلك الزمان رجلٌ فاجِرٌ اسمه هَارُون نسبُوها إليه على جهة التَّعْيِير.
ت: واللهُ أعلمُ بصحّة هذا، وما رواه المُغِيرة إنْ ثبت هو المعوَّلُ عليه، وقولهم:
مَا كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ المعنى: ما كان أَبُوك، ولا أمّك أهلاً لهذه الفِعْلة، فكيف جِئْت أنت بها؟ والبَغِيّ: الّتي تبغِي الزَّنَا، أي: تطلبه.
{"ayahs_start":24,"ayahs":["فَنَادَىٰهَا مِن تَحۡتِهَاۤ أَلَّا تَحۡزَنِی قَدۡ جَعَلَ رَبُّكِ تَحۡتَكِ سَرِیࣰّا","وَهُزِّیۤ إِلَیۡكِ بِجِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ تُسَـٰقِطۡ عَلَیۡكِ رُطَبࣰا جَنِیࣰّا","فَكُلِی وَٱشۡرَبِی وَقَرِّی عَیۡنࣰاۖ فَإِمَّا تَرَیِنَّ مِنَ ٱلۡبَشَرِ أَحَدࣰا فَقُولِیۤ إِنِّی نَذَرۡتُ لِلرَّحۡمَـٰنِ صَوۡمࣰا فَلَنۡ أُكَلِّمَ ٱلۡیَوۡمَ إِنسِیࣰّا","فَأَتَتۡ بِهِۦ قَوۡمَهَا تَحۡمِلُهُۥۖ قَالُوا۟ یَـٰمَرۡیَمُ لَقَدۡ جِئۡتِ شَیۡـࣰٔا فَرِیࣰّا","یَـٰۤأُخۡتَ هَـٰرُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمۡرَأَ سَوۡءࣲ وَمَا كَانَتۡ أُمُّكِ بَغِیࣰّا"],"ayah":"یَـٰۤأُخۡتَ هَـٰرُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمۡرَأَ سَوۡءࣲ وَمَا كَانَتۡ أُمُّكِ بَغِیࣰّا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق