الباحث القرآني

وقوله سبحانه: وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ ... الآية: مُوسى هو ابنُ عمرانَ، وفتاة هو يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وفي الحديث الصحيح عن النبيّ ﷺ، أن موسى عليه السلام جَلَسَ يَوْماً في مَجْلِسٍ لَبني إِسْرَائيلَ، وخَطَبَ، فأَبْلَغَ، فَقِيلَ لَهُ: هل تعلم أحدا أعلم مِنْكَ؟ قَالَ: لاَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، دُلَّنِي عَلَى السَّبِيلِ إِلى لقيه، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ يَسِيرَ بطُوِلِ سَيْفِ البَحْرِ، حَتَّى يَبْلُغَ مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ، فَإِذَا فَقَدَ الحُوتَ، فإِنَّهُ هُنَالِكَ، وأُمِرَ أَنْ يَتَزَوَّدَ حُوتاً، وَيَرْتَقِبَ زَوَالَهُ عَنْهُ، فَفَعَلَ مُوسى ذَلِكَ، وَقَالَ لِفَتَاهُ على جِهَةِ إِمْضَاءِ العَزِيمَةِ: لاَ أَبْرَحُ أَسِيرُ، أي: لاَ أَزَالُ، وإِنما قال هذه المقالَةَ، وهو سائرٌ، قال السُّهَيْليُّ: كان موسى عليه السلام أعلَمَ بعلْمِ الظاهر، وكان الخَضِرُ أعلم بعلْم الباطنِ، وأسرارِ المَلَكُوتِ، فكانا بَحْرَيْن اجتمعا بمجْمَعِ البَحْرَيْن، والخضرُ شَرِبَ من عَيْن الحَيَاةِ، فَهوَ حَيٌّ إِلى أن يخرج الدَّجَّال، وأنَّه الرجُلُ الذي يقتله الدَّجَّال، وقال البخاريُّ وطائفة من أهْل الحديث، منهم شيخُنا أبو بَكْرِ بْنُ العَرَبيِّ رحمه اللَّه: مات الخَضِرُ قبل انقضاء المِائَةِ من قوله ﷺ: «أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن إلى رأس مائة عَامٍ مِنْهَا لا يَبْقَى عَلَى الأَرْضِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهَا أَحَدُ» [[أخرجه البخاري (2/ 54) كتاب «مواقيت الصلاة» باب: ذكر العشاء والعتمة، حديث (564) ، من حديث عبد الله بن عمر.]] يعني من كان حيًّا حين قال هذه المقالَةَ، وأما اجتماع الخِضَرِ مع النبيّ ﷺ وتعزيته لأهْل بيته، فمرويٌّ من طرقٍ صِحَاحٍ، وصحّ عن رسول الله ﷺ أنه قال: «إِنَّمَا سُمِّيَ الخَضِرَ لأَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ، فاهْتَزَّتْ تَحْتَهُ خضراء» [[أخرجه البخاري (6/ 499) كتاب «أحاديث الأنبياء» باب: حديث الخضر مع موسى، حديث (3402) ، والترمذي (5/ 313) كتاب «التفسير» باب: ومن سورة الكهف، حديث (3151) ، وأحمد (2/ 318) ، وابن حبان (14/ 108- 109) برقم: (6222) ، والبغوي في «معالم التنزيل» (3/ 172) ، كلهم من طريق همام بن منبه، عن أبي هريرة به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4/ 424) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم. تنبيه: وهم الحافظ نور الدين الهيثمي فأورد هذا الحديث في كتابه «موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان» رقم: (2092) ، وشرط كتابه كما هو معروف أنه أورد ما هو زائد على «الصحيحين» من «صحيح ابن حبان» . وللحديث شاهد من حديث ابن عباس، ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4/ 424) ، وعزاه إلى ابن عساكر.]] . قال الخطابي: الفروة [[الفرو الحشيش الأبيض وما أشبهه، وقال الحربي: الفروة من الأرض قطعة يابسة من حشيش. وعن ابن الأعرابي: الفروة أرض بيضاء ليس فيها نبات، وبهذا جزم الخطابي ومن تبعه، وحكي عن مجاهد أنه قيل له الخضر لأنه كان إذا صلّى اخضر ما حوله. والخضر قد اختلف في اسمه قبل ذلك وفي اسم أبيه وفي نسبه وفي نبوته وفي تعميره، فقال وهب بن منبه: هو بليا بفتح الموحدة وسكون اللام وبعدها تحتانية، ووجد بخط الدمياطي في أول الاسم بنقطتين، وقيل: كالأول بزيادة ألف بعد الباء، وقيل:]] وجه الأرض، ثم أنشد على ذلك شاهدا انتهى. واختلف الناس في «مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ» ، فقال مجاهد وقتادة هو مَجْمَعُ بَحْر فارس وبَحْر الروم [[أخرجه الطبري (8/ 246) برقم: (23170) ، (8/ 245) ، برقم: (23169) ، وذكره ابن عطية (3/ 527) ، وابن كثير (3/ 92) .]] ، وقالت فرقة مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ: هو عند طَنْجَة، وقيل غير هذا، واختلف في «الحُقُب» ، فقال ابن عباس وغيره: الحُقُب: أزمانٌ غير محدودة [[أخرجه الطبري (8/ 246) برقم: (23176) بنحوه، وذكره ابن عطية (3/ 528) ، وابن كثير (3/ 92) .]] ، وقال عبد اللَّه بن عمرو ثمانون [[أخرجه الطبري (8/ 246) برقم: (23173) ، وذكره ابن عطية (3/ 528) ، والبغوي (3/ 171) ، وابن كثير (3/ 92) .]] سنة، وقال مجاهد: سبعون [[أخرجه الطبري (8/ 246) برقم: (23174) ، وذكره ابن عطية (3/ 528) ، وابن كثير (3/ 92) بنحوه.]] ، وقيل: سنة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب