الباحث القرآني

وقوله سبحانه: ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ... الآية: الضمير في أَشْهَدْتُهُمْ عائدٌ على الكُفَّار، وعلى النَّاس بالجملة/ فتتضمَّن الآية الرَّدَّ على طوائف من المنجِّمِين وأهْل الطبائعِ والمتحكِّمين من الأطبَّاء، وسواهم مِنْ كل من يتخرَّص في هذه الأشياء، وقيل: عائدٌ على ذرية إِبليس، فالآية على هذا تتضمَّن تحقيرَهُم، والقولُ الأول أعظم فائدةً، وأقول: إنَّ الغرض أولاً بالآية هُمْ إِبليس وذريته، وبهذا الوجْه يتَّجه الردُّ على الطوائف المذكورة، وعلى الكُهَّان والعربِ المصدِّقين لهم، والمعظِّمين للجنِّ، حين يقولون: أعُوذُ بِعَزِيز هذا الوَادِي، إِذ الجميع من هذه الفِرَقِ متعلِّقون بإِبليس وذريته، وهم أضلُّ الجميع، فهم المرادُ الأول ب الْمُضِلِّينَ، وتندرج هذه الطوائفُ في معناهم، وقرأ الجمهور [[ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 523) ، و «البحر المحيط» (6/ 130) ، و «الدر المصون» (4/ 464) .]] : «ومَا كُنْتُ» ، وقرأ أبو جعفر [[ينظر: مصادر القراءة السابقة.]] والجحْدَرِيُّ والحسن، بخلافٍ «وَمَا كُنْت» ، «والعَضُد» : استعارة للمعين والمؤازر، وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ أي: على جهة الاستغاثة بهم، واختلف في قوله: مَوْبِقاً، فقال ابن عباس: معناه مهلكاً [[أخرجه الطبري (8/ 239) برقم: (23142) ، وذكره ابن عطية (3/ 524) ، وابن كثير (3/ 90) ، والسيوطي (4/ 414) ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم.]] ، وقال عبد اللَّه بن عمر وأنس بن مالك ومجاهد: مَوْبِقاً هو وادٍ في جهنَّم يجري بدَمٍ وصديدٍ [[أخرجه الطبري (8/ 240) برقم: (23149) ، وذكره الطبري (8/ 241) ، وذكره ابن عطية (3/ 523) ، وذكره البغوي (3/ 168) ، وذكره ابن كثير (3/ 90) نحوه، والسيوطي في «الدر» (4/ 414) .]] . قال أنس: يحجز بين أهل النار وبَيْن المؤمنين [[ذكره ابن عطية (3/ 523) .]] . وقوله سبحانه: فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها، أي: مباشروها، وأطلق الناس أنَّ الظنَّ هنا بمعنى اليقين. قال ع [[ينظر: «المحرر» (3/ 524) .]] : والعبارة بالظَّنِّ لا تجيء أبداً في موضع يقينٍ تامِّ قد قَالَهُ الحَسَن [[ذكره ابن عطية (3/ 524) .]] بل أعظم درجاته أن يجيء، في موضع متحقِّق، لكنه لم يقع ذلك المظْنُونُ، والاَّ فمذْ يقع ويُحَسُّ لا يكادُ توجَدُ في كلامِ العربِ العبارةُ عنه بالظَّنِّ، وتأمَّل هذه الآية، وتأمَّل كلام العرب، وروي أبو سعيد الخدريّ، أن النبيّ ﷺ قال: «إنَّ الكَافِرَ لَيَرى جَهَنَّمَ، ويَظُنُّ أَنَّهَا مُوَاقِعَتُهُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً» [[أخرجه أحمد (3/ 75) ، وابن حبان (2581- موارد) ، والطبري (15/ 265) ، والحاكم (4/ 597) ، من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان.]] ، و «المَصْرِف» : المَعْدِل والمَرَاغ، وهو مأخوذ من الانصرافِ من شيء إلى شيء.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب