الباحث القرآني

وقوله: لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي معناه: لكن أنا أقول هو اللَّه ربِّي، وروى هارون عن أبي عمرو [[ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 517- 518) .]] «لَكِنَّهُ هُوَ اللَّهُ رُبِّي» ، وباقي الآية بيِّن. وقوله: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ ... الآية: وصيَّةٌ من المؤمن للكافر، وَلَوْلا: تحضيض بمعنى «هلا» ، وما تحتمل أن تكون بمعنى «الذي» بتقدير: الذي شاء الله كائنٌ، وفي شاءَ ضميرٌ عائد على «ما» ، ويحتمل أن تكون شرطيةً بتقدير: ما شَاءَ اللَّهُ كَانَ، أو خبرَ مبتدأ محذوفٍ، تقديره: هو ما شاء اللَّهُ، أو الأمر ما شاء اللَّه. وقوله: لاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ: تسليمٌ، وضدٌّ لقول الكافِرِ: مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً [الكهف: 35] ، وفي الحديثِ: «إِنَّ هَذِهِ الكَلِمَةَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ، إِذَا قَالَهَا العَبْدُ، قَالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: «أَسْلَمَ/ عَبْدِيَ واستسلم» ، قال النوويُّ: ورُوِّينا في «سنن أبي داود والترمذيِّ والنسائي» وغيرهما، عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: مَنْ قَالَ يَعْنِي- إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتهِ- باسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ، يُقَالُ لَهُ: هُدِيتَ، وَكُفِيت، وَوُقِيتَ، وتَنَحَّى عَنْكَ الشِّيْطان» [[أخرجه أبو داود (2/ 746- 747) كتاب «الأدب» باب: ما يقول إذا خرج من بيته، حديث (5095) ، والترمذي (5/ 490) كتاب «الدعوات» باب: ما يقول إذا خرج من بيته، حديث (3426) ، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» ، حديث (89) ، وابن السني (178) ، وابن حبان (2375- موارد) من حديث أنس. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، وصححه ابن حبان.]] . قال الترمذيُّ: حديث حسن، زاد أبو داود في روايته: «فَيَقُولُ: - يَعْني الشِّيْطَانَ لِشَيْطَانٍ آخَرَ- كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِي» انتهى. وروى الترمذيُّ عن أبي هريرة، قال: قَالَ لِي رسول الله ﷺ «أكْثِرْ مِنْ قَوْلَ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ فإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ» [[تقدم تخريجه.]] انتهى. قال المحاسبيُّ في «رعايته» : وإِذا عزم العْبدُ في القيامِ بجميعِ حقوق اللَّه سبحانَهُ، فليرغَبْ إِليه في المَعُونَةِ مِنْ عِنْدِه على أداء حقوقه، ورعايتها، وناجاه بقَلْب راغِبٍ راهبٍ أني أَنْسَى إِن لم تذكِّرني، وأعْجِزُ أُنْ لم تُقَوِّني، وأجْزَعُ إِنْ لم تصِّبرني، وعَزَم وتوكَّل، واستغاث واستعان، وتبرَّأ من الحَوْل والقوَّة إِلا بربِّه، وقطع رجاءه مِنْ نفسه، ووَجَّه رجاءه كلَّه إِلى خالقه، فإِنه سيجدُ اللَّه عزَّ وجلَّ قريباً مجيباً متفضِّلاً متحِّنناً. انتهى. قال ابنُ العربيِّ في «أحكامه» [[ينظر: «أحكام القرآن» (3/ 1240) .]] قال مالكٌ: ينبغي لكلِّ مَنْ دَخَل منزله أنْ يقول كما قال اللَّه تعالى: مَا شاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ انتهى. وقوله: فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ هذا الترجِّي ب «عَسَى» يحتملُ أن يريد به في الدنيا، ويحتمل أن يريد به في الآخِرَةِ، وتمنِّي ذلك في الآخرة أشرَفُ وأذهَبُ مع الخير والصلاح، وأنْ يكونَ ذلك يرادُ به الدنيا- أذْهَبُ في نِكَاية هذا المخاطَب، و «الحُسْبان» العذاب كالبردِ والصِّرِّ ونحوه، و «الصَّعيد» وجه الأرض، «والزَّلَق» : الذي لا تثبت فيه قَدَم، يعني: تذهب منافعها حتى منفعةُ المشْيِ فهي وَحَلٌ لا تثبُتُ فيه قَدَمٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب