الباحث القرآني
وقوله سبحانه: وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا: هؤلاء هُمُ الذين هاجروا إِلى أرض الحبشةِ، هذا قول الجمهورِ، / وهو الصحيحُ في سبب نزولِ الآية لأن هجرة المدينة لم تكُنْ وقْتَ نزول الآيةِ، والآيةُ تتناوَلُ كلَّ مَنْ هاجر أَولاً وآخراً، وقرأ جماعة [[وقد رويت عن علي، وابن مسعود، ونعيم بن ميسرة، والربيع بن خيثم. ينظر: «المحتسب» (2/ 9) ، و «الكشاف» (2/ 607) ، و «المحرر الوجيز» (3/ 394) ، و «البحر المحيط» (5/ 477) ، و «الدر المصون» (4/ 327) .]] خارجَ السبْعِ: «لَنُثْوِيَنَّهُمْ» ، واختلف في معنى الحسنة هنا، فقالتْ فرقة:
الحسنةُ عِدَةٌ بَبُقْعةٍ شريفةٍ، وهي المدينةُ، وذهبَتْ فرقةٌ إِلى أن الحسنة عامّة في كلّ أمر مستحسَنٍ يناله ابنُ آدم، وفي هذا القولِ يدخُلُ ما رُوِيَ عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه: أنه كَانَ يُعْطِي المَالَ وَقْتَ القِسْمَة الرَّجُلَ مِنَ المُهَاجِرِينَ، ويقُولُ له: خُذْ ما وَعَدَكَ اللَّهُ في الدنيا، وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أكْبَرُ، ثم يتلو هذه [[أخرجه الطبري (7/ 586) برقم: (21595) ، وذكره البغوي (3/ 69) ، وابن عطية (3/ 395) ، وابن كثير في «تفسيره» (2/ 570) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 221) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر.]] الآية، ويدخل في هذا القولِ النَّصْرُ على العدوِّ، وفتْحُ البلادِ، وكلُّ أَمَلٍ بلغه المهاجرون، والضمير في يَعْلَمُونَ عائدٌ على كفار قريشٍ.
وقوله: الَّذِينَ صَبَرُوا: من صفة المهاجرين.
وقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ: هذه الآيةُ ردٌّ على كفَّار قريش الذينَ استبعدوا أنْ يبعثَ اللَّه بشراً رَسُولاً، ثم قال تعالى: فَسْئَلُوا، أي: قل لهم: فَسْئَلُوا، وأَهْلَ الذِّكْرِ هنا: أحبارِ اليهودِ والنصارَى قاله ابن عباس وغيره [[أخرجه الطبري (7/ 587) برقم: (21602) بنحوه، وذكره ابن عطية (3/ 395) بنحوه، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 222) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم.]] ، وهو أظهر الأقوال، وهم في هذه النازِلَةِ خاصَّة إِنما يخبرون بأنَّ الرسُلَ من البَشَر، وأخبارُهم حجَّة على هؤلاء، وقدْ أرسلَتْ قريشٌ إِلى يهودِ يَثْرِبَ يسألونهم ويُسْنِدُون إِليهم.
وقوله: بِالْبَيِّناتِ: متعلِّق بفعلٍ مضمرٍ، تقديره: أرسلناهم بالبيِّنات، وقالتْ فرقة:
الباءُ متعلِّقة ب أَرْسَلْنا في أول الآية، والتقدير على هذا: وما أرسلنا من قبلك بالبيِّنات والزُّبُرِ إِلاَّ رجالا، ففي الآية تقديم وتأخير، والزُّبُرِ: الكُتُبُ المزبورة.
وقوله سبحانه: لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ... الآية.
ت: وقد فعل ﷺ ذلك، فبيَّن عن اللَّهِ، وأوْضَح، وقد أوتي ﷺ جوامعَ الكَلِم، فأعرب عن دين اللَّهِ، وأفصح، ولنذكُر الآن طَرَفاً من حِكَمِهِ، وفصيحِ كلامِهِ بحذف أسانيده، قال عِياضٌ في «شِفَاهُ» : وأما كلامه ﷺ المعتادُ، وفصاحَتُه المعلومةُ، وجوامُع كَلِمِهِ، وحِكَمُه المأثورةُ، فمنها ما لا يُوَازَى فصاحةً، ولا يبارَى بلاغةً كقوله: «المُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ» [[أخرجه الطيالسي (2/ 37- منحة) ، وأحمد (2/ 211) ، وأبو داود (3/ 183) كتاب «الجهاد» باب: في السرية ترد على أهل العسكر، حديث (2751) ، وابن ماجه (2/ 895) كتاب «الديات» باب: المسلمون تتكافأ دماؤهم، حديث (2685) ، وابن الجارود في «المنتقى» (771) ، والبيهقي (8/ 29) كتاب]] ، وقوله: «النّاس __________
«الجنايات» باب: فيمن لا قصاص بينه باختلاف الدينين، وابن أبي شيبة (9/ 432) ، والقضاعي في «مسند الشهاب» (170) من طرق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله ﷺ:
«المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم» ، وللحديث شاهد من حديث علي، وأخرجه أحمد (1/ 122) ، وأبو داود (4/ 667) كتاب «الديات» باب: إيقاد المسلم بالكافر؟، حديث (4530) ، والنسائي (8/ 19) كتاب «القسامة» باب: القود بين الأحرار والمماليك في النفس، وأبو عبيد القاسم بن سلام في «الأموال» ص: (179) برقم: (495) ، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/ 192) ، وفي «مشكل الآثار» (2/ 90) ، والدارقطني (3/ 98) كتاب «الحدود والديات» (61) ، والحاكم (2/ 141) ، والبيهقي (8/ 29) ، والبغوي في «شرح السنة» (5/ 388- بتحقيقنا) من طريق الحسن عن قيس بن عباد قال: انطلقت أنا والأشتر إلى علي فقلنا: هل عهد إليك رسول الله ﷺ شيئا لم يعهده للناس عامة؟ قال: «لا إلا ما كان في كتابي هذا» ، فأخرج كتابا من قراب سيفه فإذا فيه:
«المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم، لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده، ومن أحدث حدثا فعلى نفسه، ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة، والناس أجمعين» ، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وفي الباب عن ابن عباس، ومعقل بن يسار، وعائشة، وعطاء بن أبي رباح مرسلا.
حديث ابن عباس: أخرجه ابن ماجه (2/ 895) كتاب «الديات» باب: المسلمون تتكافأ دماؤهم، حديث (2683) ، من طريق حنش عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي ﷺ قال: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، يسعى بذمتهم أدناهم، ويرد على أقصاهم» ، وذكره الحافظ البوصيري في «الزوائد» (2/ 353) وقال: هذا إسناد ضعيف، لضعف حنش، واسمه: حسين بن قيس.
حديث معقل بن يسار: أخرجه ابن ماجه (2/ 895) كتاب «الديات» باب: المسلمون تتكافأ دماؤهم، حديث (2684) ، وابن عدي في «الكامل» (5/ 332) من طريق عبد السلام بن أبي الجنوب، عن الحسن، عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله ﷺ: «المسلمون يد على من سواهم، وتتكافأ دماؤهم» .
واللفظ لابن ماجه، أما لفظ ابن عدي: «لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده، والمسلمون يد على من سواهم، تتكافأ دماؤهم» . وقال ابن عدي: وعبد السلام بن أبي الجنوب بعض ما يرويه لا يتابع عليه منكر.
وذكره الحافظ البوصيري في «الزوائد» (2/ 353- 354) وقال: هذا إسناد ضعيف عبد السلام ضعفه ابن المديني، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والبزار، وابن حبان.
حديث عائشة: أخرجه الدارقطني (3/ 131) كتاب «الحدود والديات» ، حديث (155) من طريق مالك بن محمد بن عبد الرحمن عن عمرة، عن عائشة قالت: وجد في قائم سيف رسول الله ﷺ كتابان: إنه أشد الناس عتوّا في الأرض رجل ضرب غير ضاربه، أو رجل قتل غير قاتله، ورجل تولى غير أهل نعجته فمن فعل ذلك فقد كفر بالله وبرسله، ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا، وفي الآخر:
«المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده، ولا يتوارث أهل ملتين» .
وقال الزيلعي في «نصب الراية» (3/ 395) ، ومالك هذا هو ابن أبي الرجال أخو حارثة، ومحمد، قا كأسنان المشط» [[تقدم تخريجه.]] ، «والمرء مَعَ مَنْ أَحَبَّ» [[تقدم تخريجه.]] ، و «لاَ خَيْرِ فِي صُحْبَةِ مَنْ لاَ يَرَى لَكَ مَا تَرَى لَهُ» [[ذكره الهندي في «كنز العمال» (24824) ، وينظر: تخريج حديث: «الناس كأسنان المشط» .]] ، و «النَّاسُ مَعَادِنٌ» [[أخرجه البخاري (6/ 481) كتاب «أحاديث الأنبياء» باب: قول الله تعالى: لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ، حديث (3383) ، (8/ 212) كتاب «التفسير» باب: لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ، حديث (4689) ، ومسلم (4/ 1846) كتاب «الفضائل» باب: من فضائل يوسف، حديث (168/ 2378) ، والدارمي (1/ 73) باب: الاقتداء بالعلماء، وأبو يعلى (11/ 438) رقم:
(6562) ، والبغوي في «شرح السنة» (6/ 507- بتحقيقنا) ، كلهم من طريق عبيد الله، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة به. وأخرجه أحمد (2/ 257) ، والحميدي (2/ 451) رقم: (1045) من طريق أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: «تجدون الناس معادن فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» .
وأخرجه مسلم (4/ 1958) كتاب «فضائل الصحابة» باب: خيار الناس، حديث (199/ 2526) ، وأحمد (2/ 524- 525) ، وابن حبان رقم: (636) من طريق يونس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعا باللفظ السابق، وأخرجه أبو يعلى (10/ 457- 458) رقم: (6070) ، وابن حبان رقم: (92) من طريق أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعا: «الناس معادن في الخير والشر خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» .
وأخرجه الحميدي (2/ 451) رقم: (1046) من طريق يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة به. وللحديث شاهد من حديث معاوية بن أبي سفيان، أخرجه أحمد (4/ 101) بلفظ: «الناس تبع لقريش خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» .]] ، و «مَا هَلَكَ امرؤ عَرَفَ قَدْرَهُ» ، و «المُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ» ، و «هو بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَكَلَّم» [[أخرجه ابن ماجه (2/ 1233) كتاب «الأدب» باب: المستشار مؤتمن، حديث (3746) ، والدارمي (2/ 219) كتاب «السير» باب: المستشار، وأحمد (5/ 274) ، وابن حبان (1991- موارد) ، والبيهقي (10/ 112) كتاب «آداب القاضي» باب: من يشاور، والطبراني في «الكبير» (17/ 230) رقم: (238) كلهم من طريق أسود بن عامر، حدثنا شريك، عن أبي عمر الشيباني، عن أبي مسعود به مرفوعا.
قال ابن أبي حاتم في «العلل» (2/ 274) رقم: (19/ 23) : سألت أبي عن حديث رواه الأسود بن عامر ... فذكر الحديث وقال: قال أبي: هذا خطأ، إنما أراد: الدال على الخير كفاعله، قلت: الخطأ ممن هو؟ قال: من شريك اه. ومع ذلك فقد صححه ابن حبان.]] ، و «رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً قَالَ خَيْراً فَغَنِمَ، أَوْ سَكَتَ عَنْ شرّ فسلم» ، وقوله: «أَسْلِمْ تَسْلَمْ» ، و «أَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ» ، و «إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ منّي مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطّئون أَكْنَافاً الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ» ، وقوله: «لَعَلَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِمَا لاَ يَعْنِيهِ، وَيَبْخَلُ بِمَا لاَ يُغْنِيهِ» ، وقوله: «ذُو الوَجْهَيْنِ لاَ يَكُونُ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً» / وَنَهْيُهُ عَنْ قِيلٍ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ المَالِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ، وَعُقُوقِ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ البَنَاتِ [[تقدم تخريجه.]] ، وقوله: «اتق اللَّهَ حَيْثُ كُنْتَ، وأتبع السّيّئة الحسنة تمحها، وَخَالِق النَّاسَ بِخُلُقٍ حسنٍ» [[تقدم تخريجه.]] و «خَيْرُ الأُمُورِ أَوْسَاطُها» ، وقوله: «أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْناً مَّا، عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْماً مَّا» ، وقوله: «الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَة» ، وقولِهِ في بَعْضِ دعائه: «اللَّهُمَّ، إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي، وَتَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي، وَتُلِمُّ بِهَا شَعْثِي [[أي: تجمع بها ما تفرق من أمري.
ينظر: «النهاية» (2/ 478) .]] ، وَتُصْلِحُ بِهَا غَائِبِي، وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهِدِي، وتُزَكِّي بِهَا عَمَلِي، وَتُلْهِمُنِي بِهَا رَشَدِي، وَتُرَدُّ بِهَا أُلْفَتِي، وَتَعْصِمُنِي بِهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ، اللَّهُمَّ، إِنِّي أَسْأَلُكَ الفَوْزَ فِي القَضَاءِ، وَنُزُلَ الشُّهَدَاءِ، وَعَيْشَ السُّعَدَاءِ، وَالنَّصْرَ عَلَى الأَعْدَاءِ» ، إِلى غَيْرِ ذلكَ مِنْ بيانِهِ، وحُسْنِ كلامه ممَّا روته الكافَّة مما لا يُقَاسُ به غيره، وحاز فيه سبقاً لا يُقْدَرُ قَدْرُهُ كقوله:
«السَّعَيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ، والشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ في بَطْنِ أُمِّهِ» في أخواتها مما يدرك الناظِرُ العَجَبَ في مضمَّنها، ويذهَبُ به الفكْرُ في أداني حكمها، وقال ﷺ: «بَيْدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْشٍ، وَنَشَأْتُ فِي بَنِي سَعْدٍ» ، فجمع اللَّه له بذلك قُوَّة عارضَةِ الباديةِ وجزالَتَهَا، وَنَصَاعَةَ ألفاظِ الحاضِرَةِ وَرَوْنَقَ كلامِهَا، إِلى التأييد الإلهي الذي مَدَدُهُ الوَحْي، الذي لا يحيطُ بعلمه بَشَرِيّ. انتهى. وبالجملة فليس بَعْدَ بيان اللَّه ورسُولِهِ بيانٌ لمن عَمَّر اللَّهُ قلْبَه بالإِيمان.
وقوله سبحانه: أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ ... الآية: تهديدٌ لكفَّار مكَّة ونَصْبُ السيئات ب مَكَرُوا وعُدِّيَ مَكَرُوا لأنه في معنى عملوا، قال البخاريُّ: قال ابن عباس: فِي تَقَلُّبِهِمْ، أي: في اختلافهم [[أخرجه الطبري (7/ 590) برقم: (21613) ، وذكره البغوي (3/ 70) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 223) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم.]] انتهى.
وقال المهدويُّ: قال قتادة: فِي تَقَلُّبِهِمْ: في أسفارهم [[أخرجه الطبري (7/ 590) برقم: (21615) ، وذكره ابن كثير في «تفسيره» (2/ 571) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 223) ، وعزاه لعبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.]] ، الضَّحَّاك: فِي تَقَلُّبِهِمْ: باللْيلِ انتهى.
وقوله: عَلى تَخَوُّفٍ، على جهة التخُّوف، والتخُّوفُ التنقُّص، وروي أن عمر بن الخطَّاب رضي اللَّه عنه خَفِيَ عليه معنى التخُّوف في هذه الآية، وأراد الكَتْبَ إلى الأمصار يسأل عن ذلك، فيروَى أنه جاءه فَتًى مِن العرب، فقال: يا أمير المؤمِنِين، إِنَّ أَبي يتخَّوفُنِي مَالي، فقَالَ عُمَرُ: اللَّهُ أَكْبَرُ! أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ [[أخرجه الطبري (7/ 591) برقم: (8/ 216) بنحوه، وذكره ابن عطية (3/ 396) ، والسيوطي في «الدر]] ، ومنه قول النابغة: [الطويل] تَخَّوَفَهُمْ حَتَّى أَذَلَّ سَرَاتَهُمْ ... بِطَعْنِ ضِرَارٍ بَعْدَ فَتْحِ الصَّفائِحِ [[ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 396) .]]
وهذا التنقُّص يتَّجه به الوعيدُ على معنيين:
أحدهما: أن يهلكهم ويخرج أرواحهم على تخَّوف، أي: أفذاذاً يتنقَّصهم بذلك الشيءَ بعد الشيءِ، ويصيِّرهم إِلى ما أعدَّ لهم من العذاب، وفي هذه الرتبةِ الثالثة مِنَ الوعيدِ رأْفَةٌ ورحمةٌ وإِمهال ليتوبَ التائِبُ، ويرجِعَ الرَّاجع، والثاني: ما قاله الضَّحَّاك: أنْ يأخذ بالعذابِ طائفةً أو قريةً، ويترك أخرى، ثم كذلك حتَّى يَهْلِكَ الكُلُّ [[أخرجه الطبري (7/ 590) برقم: (21626) ، وذكره البغوي (3/ 70) بنحوه، وابن كثير في «تفسيره» (2/ 571) بنحوه، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 223) ، وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم.]] .
وقالت فرقة: «التخُّوف» هنا: من الخْوف، أي: فيأخذهم بعد تخُّوف ينالهم/ يعذّبهم به.
{"ayahs_start":41,"ayahs":["وَٱلَّذِینَ هَاجَرُوا۟ فِی ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا ظُلِمُوا۟ لَنُبَوِّئَنَّهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا حَسَنَةࣰۖ وَلَأَجۡرُ ٱلۡـَٔاخِرَةِ أَكۡبَرُۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ","ٱلَّذِینَ صَبَرُوا۟ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ یَتَوَكَّلُونَ","وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالࣰا نُّوحِیۤ إِلَیۡهِمۡۖ فَسۡـَٔلُوۤا۟ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ","بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَٱلزُّبُرِۗ وَأَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَیِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَیۡهِمۡ وَلَعَلَّهُمۡ یَتَفَكَّرُونَ","أَفَأَمِنَ ٱلَّذِینَ مَكَرُوا۟ ٱلسَّیِّـَٔاتِ أَن یَخۡسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ یَأۡتِیَهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِنۡ حَیۡثُ لَا یَشۡعُرُونَ","أَوۡ یَأۡخُذَهُمۡ فِی تَقَلُّبِهِمۡ فَمَا هُم بِمُعۡجِزِینَ","أَوۡ یَأۡخُذَهُمۡ عَلَىٰ تَخَوُّفࣲ فَإِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفࣱ رَّحِیمٌ"],"ayah":"أَوۡ یَأۡخُذَهُمۡ عَلَىٰ تَخَوُّفࣲ فَإِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفࣱ رَّحِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق