الباحث القرآني
وقوله تعالى: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ... الآية: تنبيهٌ على قدرته وعظمته سبحانه، وتسخيرِ الأشياءِ له، والطَّعْنِ على الكفَّار التارِكِينَ للسّجود، ومَنْ:
تَقَعُ على الملائكةِ عموماً، و «سُجُودُهُمْ» : طوع، وأما أهْلُ الأرض، فالمؤمنون داخلُونَ في مَنْ، وسجودُهم أيضاً طَوْع، وأما سجودُ الكَفَرة، فهو الكَرْه، وذلك على معنيين، فإِن جعلنا السجُودَ هذه الهيئة المعهودَةَ، فالمراد من الكَفَرَة مَنْ أسلم، خَوْفَ سيفِ الإِسلام كما قاله قتادة [[ذكره ابن عطية (3/ 306) ، والسيوطي (4/ 101) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.]] ، وإِن جعلنا السُّجود الخضُوعَ والتذلُّل، حَسَب ما هو في اللغة، فيدخلُ الكفَّار أجمعون في مَنْ لأنه ليس من كافرٍ إِلا ويلحقه من التذلُّل والاستكانة لقدرة اللَّه تعالى أنواعٌ أكثر من أنْ تحصَى بحسب رَزَايَاهُ، واعتباراته.
وقوله سبحانه: وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ: إِخبار عن أنّ الظّلال لها سجود لله تعالى كقوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ ... الآية [النحل: 48] ، وقال مجاهد: ظلُّ الكافر يسجُدُ طوعاً، وهو كاره [[أخرجه الطبري (7/ 367) برقم: (20302) ، وذكره البغوي (3/ 12) ، وابن عطية (3/ 306) ، والسيوطي (4/ 102) ، وعزاه لابن أبي حاتم، وأبي الشيخ بنحوه.]] ورُوِيَ أن الكافر إِذا سَجَد لصنمه، فإِن ظلَّه يسجُدُ للَّهِ حينئذٍ، وباقي الآية بيِّن، ثم مَثَّل الكفَّار والمؤمنين بقوله:
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ، وشبه الكافر بالأعمى، والكُفْرَ بالظلماتِ، وشبه المؤمنَ بالبصيرِ، والإِيمان بالنور.
وقوله سبحانه: قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ: لفظ عامٌّ يراد به الخصوصُ كما تقدم ذكره في غير هذا الموضع.
وقوله سبحانه: أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَآءً: يريد به المَطَرَ، فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها:
«الأودية» : ما بين الجبالِ مِنَ الانخفاض والخَنَادِقِ، وقوله: بِقَدَرِها: يحتمل أنْ يريد بما قُدِّرَ لها من الماءِ، ويحتمل أنْ يريد بقَدْر ما تحمله على قَدْر صغرها وكِبَرها.
ت: وقوله: فَاحْتَمَلَ بمعنى: حمل، كاقتدر وقدر قاله [ص] .
والزَّبَدُ ما يحمله السيْلُ من غُثَاء ونحوه، و «الرابِي» : المنتفخ الذي قَدْ ربا، ومنه الرَّبْوَة.
وقوله سبحانه: وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ: المعنَى:
ومن الأشياء التي توقِدُونَ عليها ابتغاءَ الحُلِيِّ، وهي الذَهَبُ والفضَّة، أو ابتغاء الاستمتاع بها في المرافِقِ، وهي الحديدُ والرَّصَاصُ والنُّحَاسُ ونحوها من الأشياء التي تُوقِدُونَ عليها، فأخبر تعالَى أنَّ من هذه أَيضاً إِذا أحمي علَيْها يكونُ لها زَبَدَ مماثِلٌ للزَّبَد الذي يحملُه السَّيْل، ثم ضرب سبحانه ذلك مثَلاً للحقِّ والباطِلِ، أي: إِن الماء الذي/ تشربه الأرْضُ من السيل، فيقَعُ النفْعُ به هو كالحَقِّ، والزَّبَد الذي يخمد وينفش ويَذْهَب هو كالبَاطِلِ، وكذلك ما يخلص من الذَّهَبَ والفضَّة والحديد ونحوه هو كالحَقِّ، وما يذهَبُ في الدُّخَان هو كالبَاطِلِ.
وقوله: جُفاءً: مصدر من قولهم: «أَجْفَأَتِ القدْرُ» إِذا غلَتْ حتى خَرَجَ زَبَدُها وذهب.
وقال ص: جُفاءً: حال، أي: مضمحلاًّ متلاشيا، أبو البقاء: وهمزته منقلبة عن واوٍ، وقيل: أصل. انتهى.
وقوله: مَا يَنْفَعُ النَّاسَ: يريد الخالِصَ من الماء ومِنْ تلك الأحجار.
وقوله سبحانه: لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى: ابتداء كلام، والْحُسْنى:
الجنة. وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا: هم الكفرة، وسُوءُ الْحِسابِ: هو التقصِّي على المحاسَب، وأَلاَّ يقع في حسابِهِ من التجاوُزِ شَيْءٌ قاله شَهْرُ بن حوشب والنّخعيّ وفرقد السبخيّ وغيرهم [[أخرجه الطبري (7/ 373) برقم: (20326) ، وذكره البغوي (3/ 14) ، وابن عطية (3/ 308) ، والسيوطي (4/ 105) ، وعزاه لسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، ولسعيد بن منصور، وابن جرير، وأبي الشيخ.]] .
{"ayahs_start":15,"ayahs":["وَلِلَّهِ یَسۡجُدُ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعࣰا وَكَرۡهࣰا وَظِلَـٰلُهُم بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡـَٔاصَالِ ۩","قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ قُلِ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِهِۦۤ أَوۡلِیَاۤءَ لَا یَمۡلِكُونَ لِأَنفُسِهِمۡ نَفۡعࣰا وَلَا ضَرࣰّاۚ قُلۡ هَلۡ یَسۡتَوِی ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِیرُ أَمۡ هَلۡ تَسۡتَوِی ٱلظُّلُمَـٰتُ وَٱلنُّورُۗ أَمۡ جَعَلُوا۟ لِلَّهِ شُرَكَاۤءَ خَلَقُوا۟ كَخَلۡقِهِۦ فَتَشَـٰبَهَ ٱلۡخَلۡقُ عَلَیۡهِمۡۚ قُلِ ٱللَّهُ خَـٰلِقُ كُلِّ شَیۡءࣲ وَهُوَ ٱلۡوَ ٰحِدُ ٱلۡقَهَّـٰرُ","أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَسَالَتۡ أَوۡدِیَةُۢ بِقَدَرِهَا فَٱحۡتَمَلَ ٱلسَّیۡلُ زَبَدࣰا رَّابِیࣰاۖ وَمِمَّا یُوقِدُونَ عَلَیۡهِ فِی ٱلنَّارِ ٱبۡتِغَاۤءَ حِلۡیَةٍ أَوۡ مَتَـٰعࣲ زَبَدࣱ مِّثۡلُهُۥۚ كَذَ ٰلِكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡحَقَّ وَٱلۡبَـٰطِلَۚ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَیَذۡهَبُ جُفَاۤءࣰۖ وَأَمَّا مَا یَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَیَمۡكُثُ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ كَذَ ٰلِكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ","لِلَّذِینَ ٱسۡتَجَابُوا۟ لِرَبِّهِمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱلَّذِینَ لَمۡ یَسۡتَجِیبُوا۟ لَهُۥ لَوۡ أَنَّ لَهُم مَّا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لَٱفۡتَدَوۡا۟ بِهِۦۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ سُوۤءُ ٱلۡحِسَابِ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ"],"ayah":"لِلَّذِینَ ٱسۡتَجَابُوا۟ لِرَبِّهِمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱلَّذِینَ لَمۡ یَسۡتَجِیبُوا۟ لَهُۥ لَوۡ أَنَّ لَهُم مَّا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لَٱفۡتَدَوۡا۟ بِهِۦۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ سُوۤءُ ٱلۡحِسَابِ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق