الباحث القرآني
وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ... الآية: «الرحمة» هنا: تَعمُّ جميع ما ينتفُعُ به مِنْ مطعوم وملبوس وجاه وغير ذلك، والْإِنْسانَ هنا اسمُ جنْسٍ، والمعنَى: إِن هذا الخُلُقَ في سجيَّة الإِنسان، ثم استثنى منهم الذين ردَّتهم الشرائعُ والإِيمانُ/ إِلى الصبْرِ والعملِ الصالحِ، وكَفُورٌ هنا: مِنْ كُفْر النعمة، وال نَعْماءَ: تَشْمَلُ الصحَّة والمَال، وال ضَرَّاءَ: من الضُّرِّ، وهو أيضاً شاملٌ ولفظة ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي: يقتضي بطَراً وجهلاً أَنَّ ذلك بإِنعامٍ من اللَّه تعالى، والسَّيِّئاتُ هنا: كلّ ما يسوء في الدنيا، والفرح هنا: مطلق فلذلك ذُمَّ، إِذ الفرحُ انهمال النفْسِ، ولا يأتي الفرحُ في القرآن ممدوحاً إِلا إِذا قيد بأنه في خَيْرٍ.
وقوله: إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا: استثناء متصلٌ على ما قدَّمنا مِنْ أَنَّ الإِنسان عامٌ يراد به الجنْسُ وهو الصواب، ومَنْ قال: إِنه مخصوصٌ بالكافر قال: هاهنا الاستثناء منقطعٌ، وهو قول ضعيفٌ من جهة المعنَى، لا من جهة اللفظ لأن صفة الكُفْر لا تطلق على جميعِ الناسِ كما تقتضي لفظةُ الإِنسان واستثنى اللَّه تعالى من الماشِينَ على سجيَّة الإِنسان هؤلاءِ الذين حملَتْهم الأديان على الصبْرِ على المكارِهِ، والمثابرةِ على عبادةِ اللَّهِ، وليس شَيْءٌ من ذلك في سجيَّة البَشَر، وإِنما حمل على ذلك خَوْفُ اللَّه وحبُّ الدَّارِ الآخرة، والصبْرُ على العملِ الصالحِ لا يَنْفَعُ إِلاَّ مع هداية وإِيمانٍ، ثم وعد تعالَى أهْلَ هذه الصفة بالمَغْفِرةِ للذُّنُوبِ والتفضُّلِ بالأجرِ والنَّعِيمِ.
وقوله سبحانه: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ: سَببُ هذه الآية: أَنَّ كفَّار قريش قالوا: يا محمَّد، لو تركْتَ سبَّ آلهتنا، وتسفيه آبائنا، لَجَالَسْناك واتبعناك، وقالوا له: ائت بِقُرآن غيرِ هذا أو بدِّله، ونحو هذا من الأقوال، فخاطب اللَّه تعالَى نبيَّه عليه السلام على هذه الصورة من المخاطَبَة، ووقَّفَهُ بها توقيفاً رَادًّا علَى أقوالهم ومبطلاً لها، وليس المعنَى أنَّه عليه السلام هَمَّ بشيء من ذلك، فَزُجِرَ عنه، فإِنه لم يُرِدْ قطُّ تَرْكَ شيء مما أوحِيَ إِليه، ولا ضَاقَ صدْرُهُ به، وإِنما كان يَضِيقُ صدره بأقوالهم وأفعالهم وبُعْدِهِم عن الإِيمان.
قال ص، وع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 154) .]] : وعبَّر ب ضائِقٌ وإِن كان أقلَّ استعمالا من «ضَيِّقٍ» لمناسبة تارِكٌ ولأن ضائِقٌ وصفٌ عارضٌ بخلاف «ضيق» فإِنه يدل على الثبوت، والصّالح هنا الأول بالنسبة إليه ﷺ، والضمير في «به» عائدٌ على البعْضِ، ويحتمل أن يعود على «ما» وأَنْ يَقُولُوا أي: كراهةَ أنْ يقولوا، أو لئلاَّ يقولوا، ثم آنسه تعالَى بقوله: إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ، أي: هذا القدْرُ هو الذي فُوِّضَ إِليك، واللَّه تعالَى بَعْدَ ذلك هو الوكيلُ الممضي لإِيمان من شاء، وكُفْرِ من شاء أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ: «أم» بمعنى: «بل» ، والافتراء أَخصُّ من الكذبِ، ولا يستعملُ إِلا فيما بَهَتَ به المرءُ وكَابَر.
وقوله سبحانه: قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ تقدَّم تفسير نظيرها، وقال بعضُ الناس: هذه الآية متقدِّمة على التي في يُونُسَ إِذْ لا يصحُّ أَنْ يعجزوا في واحدةٍ، ثم يكلَّفوا عشراً.
قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 155) .]] : وقائلُ هذا القولِ لم يَلْحَظْ ما ذكَرْناه مِنَ الفَرْقِ بين التكْليفين، في كمال المماثَلَةِ مرةً كما هو في «سورة يونس» ، ووقوفها على النظْمِ مرَّة كما هو هنا، وقوله:
إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ: يريد في أنّ القرآن مفترى.
{"ayahs_start":9,"ayahs":["وَلَىِٕنۡ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ مِنَّا رَحۡمَةࣰ ثُمَّ نَزَعۡنَـٰهَا مِنۡهُ إِنَّهُۥ لَیَـُٔوسࣱ كَفُورࣱ","وَلَىِٕنۡ أَذَقۡنَـٰهُ نَعۡمَاۤءَ بَعۡدَ ضَرَّاۤءَ مَسَّتۡهُ لَیَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّیِّـَٔاتُ عَنِّیۤۚ إِنَّهُۥ لَفَرِحࣱ فَخُورٌ","إِلَّا ٱلَّذِینَ صَبَرُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَأَجۡرࣱ كَبِیرࣱ","فَلَعَلَّكَ تَارِكُۢ بَعۡضَ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیۡكَ وَضَاۤىِٕقُۢ بِهِۦ صَدۡرُكَ أَن یَقُولُوا۟ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ كَنزٌ أَوۡ جَاۤءَ مَعَهُۥ مَلَكٌۚ إِنَّمَاۤ أَنتَ نَذِیرࣱۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ وَكِیلٌ","أَمۡ یَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ فَأۡتُوا۟ بِعَشۡرِ سُوَرࣲ مِّثۡلِهِۦ مُفۡتَرَیَـٰتࣲ وَٱدۡعُوا۟ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ"],"ayah":"وَلَىِٕنۡ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ مِنَّا رَحۡمَةࣰ ثُمَّ نَزَعۡنَـٰهَا مِنۡهُ إِنَّهُۥ لَیَـُٔوسࣱ كَفُورࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق