الباحث القرآني
﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ﴾ كان داود نبياً ملكاً، وكان ابنه سليمان ابن أحد عشر عاماً ﴿فِي ٱلْحَرْثِ﴾ قيل: زرع، وقيل: كرم والحرث يقال فيهما ﴿إِذْ نَفَشَتْ﴾ رعت فيه بالليل ﴿لِحُكْمِهِمْ﴾ الضمير لداود وسليمان والمتخاصمين، وقيل لداود وسليمان خاصة، على أن يكون أقل الجمع اثنان ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ﴾ تخاصم إلى ﴿دَاوُودَ﴾ رجلان دخلت غنم أحدهما على زرع الآخر بالليل فأفسدته فقضى ﴿دَاوُودَ﴾ بأن يأخذ صاحب الزرع الغنم، ووجه هذا الحكم أن قيمة الزرع كانت مثل قيمة الغنم، فخرج الرجلان على سليمان وهو بالباب، فأخبراه بما حكم به أبوه، فدخل عليه فقال: يا نبيّ الله لو حكمت بغير هذا كان أرفق للجميع، قال وما هو؟ قال يأخذ صاحب الغنم الأرض ليصلحها حتى يعود زرعها كما كان، ويأخذ صاحب الزرع الغنم وينتفع بألبانها وصوفها ونسلها، فإذا أكمل الزرع ردت الغنم إلى صاحبها، والأرض بزرعها إلى ربها، فقال له داود: وفقت يا بنيّ، وقضى بينهما بذلك، ووجه حكم سليمان أنه جعل الانتفاع بالغنم بإزاء ما فات من الزرع، وواجب على صاحب الغنم أن يعمل في الحرث حتى يزول الضرر والنقصان، ويحتمل أن يكون ذلك إصلاحاً لا حكماً.
واختلف الناس هل كان حكمهما بوحي أو اجتهاد؟ فمن قال كان باجتهاد أجاز الاجتهاد للأنبياء، وروي أن داود رجع عن حكمه لما تبين له أن الصواب خلافه، وقد اختلف في جواز الاجتهاد في حق الأنبياء، وعلى القول بالجواز اختلف، هل وقع أم لا؟ وظاهر قوله: ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ﴾: أنه كان اجتهاد فخص الله به سليمان ففهم القضية، ومن قال: كان بوحي، جعل حكم سليمان ناسخاً لحكم داود.
وأما حكم إفساد المواشي الزرع في شرعنا، فقال مالك والشافعي: يضمن أرباب المواشي ما أفسدت بالليل دون النهار للحديث الوارد في ذلك، وعلى هذا يدل حكم داود وسليمان، لأن النفش لا يكون إلا بالليل، وقال أبو حنيفة: لا يضمن ما أفسدت بالليل ولا بالنهار، لقول ﷺ: العجماء جرحها جبار.
﴿آتَيْنَاه حُكْماً وَعِلْماً﴾ قيل: يعني في هذه النازلة، وأن داود لم يخطىء فيها، ولكنه رجع إلى ما هو أرجح، ويدل على هذا القول أن كل مجتهد مصيب، وقيل: بل يعني حكماً وعلماً في غير هذه النازلة، وعلى هذا القول فإنه أخطأ فيها، وأن المصيب واحد من المجتهدين ﴿وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَٱلطَّيْرَ﴾ كان هذا التسبيح قول سبحان الله، وقيل: الصلاة معه إذا صلى، وقدم الجبال على الطير، لأن تسبيحها أغرب إذ هي جماد ﴿وَكُنَّا فَاعِلِينَ﴾ أي قادرين على أن نفعل هذا.
وقال ابن عطية: معناه كان ذلك في حقه لأجل أن داود استوجب ذلك مناصفة كذا! ﴿صَنْعَةَ لَبُوسٍ﴾ يعني دروع الحديد، وأول من صنعها داود عليه السلام، وقال ابن عطية اللبوس في اللغة: السلاح وقال الزمخشري: اللبوس اللباس ﴿لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ﴾ أي لتقيكم في القتال وقرىء بالياء والتاء والنون، فالنون لله تعالى، والتاء للصنعة، والياء لداود أو للبوس ﴿فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ﴾ لفظ استفهام، ومعناه استدعاء إلى الشكر ﴿وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً﴾ عطف الريح على الجبال، والعاصفة هي الشديدة فإن قيل: كيف يقال عاصفة؟ وقال في ص [٣٦] ﴿رُخَآءً﴾ أي لينة؟ فالجواب: أنها كانت في نفسها لينة طيبة، وكانت تسرع في جريها كالعاصف فجمعت الوصفين، وقيل: كانت رخاء في ذهابه، وعاصفة في رجوعه إلى وطنه، لأن عادة المسافرين الإسراع في الرجوع؛ وقيل: كانت تشتدّ إذا رفعت البساط وتلين إذا حملته ﴿إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾ يعني أرض الشام، وكانت مسكنه وموضع ملكه، فخص في الآية الرجوع إليها لأنه يدل على الانتقال منها ﴿يَغُوصُونَ لَهُ﴾ أي يدخلون في الماء ليستخرجوا له الجواهر من البحار ﴿عَمَلاً دُونَ ذٰلِكَ﴾ أقل من الغوص كالبنيان والخدمة ﴿وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ﴾ أي نحفظهم عن أن يزيغوا عن أمره، أو نحفظهم من إفساد ما صنعوه، وقيل: معناه عالمين بعددهم.
{"ayahs_start":78,"ayahs":["وَدَاوُۥدَ وَسُلَیۡمَـٰنَ إِذۡ یَحۡكُمَانِ فِی ٱلۡحَرۡثِ إِذۡ نَفَشَتۡ فِیهِ غَنَمُ ٱلۡقَوۡمِ وَكُنَّا لِحُكۡمِهِمۡ شَـٰهِدِینَ","فَفَهَّمۡنَـٰهَا سُلَیۡمَـٰنَۚ وَكُلًّا ءَاتَیۡنَا حُكۡمࣰا وَعِلۡمࣰاۚ وَسَخَّرۡنَا مَعَ دَاوُۥدَ ٱلۡجِبَالَ یُسَبِّحۡنَ وَٱلطَّیۡرَۚ وَكُنَّا فَـٰعِلِینَ","وَعَلَّمۡنَـٰهُ صَنۡعَةَ لَبُوسࣲ لَّكُمۡ لِتُحۡصِنَكُم مِّنۢ بَأۡسِكُمۡۖ فَهَلۡ أَنتُمۡ شَـٰكِرُونَ","وَلِسُلَیۡمَـٰنَ ٱلرِّیحَ عَاصِفَةࣰ تَجۡرِی بِأَمۡرِهِۦۤ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلَّتِی بَـٰرَكۡنَا فِیهَاۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَیۡءٍ عَـٰلِمِینَ","وَمِنَ ٱلشَّیَـٰطِینِ مَن یَغُوصُونَ لَهُۥ وَیَعۡمَلُونَ عَمَلࣰا دُونَ ذَ ٰلِكَۖ وَكُنَّا لَهُمۡ حَـٰفِظِینَ"],"ayah":"وَدَاوُۥدَ وَسُلَیۡمَـٰنَ إِذۡ یَحۡكُمَانِ فِی ٱلۡحَرۡثِ إِذۡ نَفَشَتۡ فِیهِ غَنَمُ ٱلۡقَوۡمِ وَكُنَّا لِحُكۡمِهِمۡ شَـٰهِدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق