الباحث القرآني

ثُمَّ قالَ: (كَلّا) وهو رَدْعٌ لِأبِي جَهْلٍ، وقِيلَ: مَعْناهُ لَنْ يَصِلَ إلى ما يَتَصَلَّفُ بِهِ مِن أنَّهُ يَدْعُو نادِيَهُ ولَئِنْ دَعاهم لَنْ يَنْفَعُوهُ ولَنْ يَنْصُرُوهُ، وهو أذَلُّ وأحْقَرُ مِن أنْ يُقاوِمَكَ، ويُحْتَمَلُ: لَنْ يَنالَ ما يَتَمَنّى مِن طاعَتِكَ لَهُ حِينَ نَهاكَ عَنِ الصَّلاةِ، وقِيلَ مَعْناهُ: ألا لا تُطِعْهُ. * * * ثُمَّ قالَ: ﴿لا تُطِعْهُ﴾ وهو كَقَوْلِهِ: ﴿فَلا تُطِعِ المُكَذِّبِينَ﴾ [القَلَمِ: ٨]، ﴿واسْجُدْ﴾ وعِنْدَ أكْثَرِ أهْلِ التَّأْوِيلِ أرادَ بِهِ صَلِّ وتَوَفَّرْ عَلى عِبادَةِ اللَّهِ تَعالى فِعْلًا وإبْلاغًا، ولْيَقِلَّ فِكْرُكَ في هَذا العَدُوِّ فَإنَّ اللَّهَ مُقَوِّيكَ وناصِرُكَ، وقالَ بَعْضُهم: بَلِ المُرادُ الخُضُوعُ، وقالَ آخَرُونَ: بَلِ المُرادُ نَفْسُ السُّجُودِ في الصَّلاةِ. * * * ثُمَّ قالَ: ﴿واقْتَرِبْ﴾ والمُرادُ وابْتَغِ بِسُجُودِكَ قُرْبَ المَنزِلَةِ مِن رَبِّكَ، وفي الحَدِيثِ: ”«أقْرَبُ ما يَكُونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ إذا سَجَدَ» “ وقالَ بَعْضُهم: المُرادُ اسْجُدْ يا مُحَمَّدُ، واقْتَرِبْ يا أبا جَهْلٍ مِنهُ حَتّى تُبْصِرَ ما يَنالُكَ مِن أخْذِ الزَّبانِيَةِ إيّاكَ، فَكَأنَّهُ تَعالى أمَرَهُ بِالسُّجُودِ لِيَزْدادَ غَيْظُ الكافِرِ، كَقَوْلِهِ: ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفّارَ﴾ [الفَتْحِ: ٢٩] والسَّبَبُ المُوجِبُ لِازْدِيادِ الغَيْظِ هو أنَّ الكُفْرَ كانَ يَمْنَعُهُ مِنَ القِيامِ، فَيَكُونُ غَيْظُهُ وغَضَبُهُ عِنْدَ مُشاهَدَةِ السُّجُودِ أتَمَّ، ثُمَّ قالَ عِنْدَ ذَلِكَ: ﴿واقْتَرِبْ﴾ مِنهُ يا أبا جَهْلٍ وضَعْ قَدَمَكَ عَلَيْهِ، فَإنَّ الرَّجُلَ ساجِدٌ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ، وهَذا تَهَكُّمٌ بِهِ واسْتِحْقارٌ لِشَأْنِهِ، واللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى أعْلَمُ وصَلّى اللَّهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وعَلى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب