الباحث القرآني

ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿ورَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ . واعْلَمْ أنَّهُ عامٌّ في كُلِّ ما ذَكَرُوهُ مِنَ النُّبُوَّةِ، وشُهْرَتُهُ في الأرْضِ والسَّماواتِ، اسْمُهُ مَكْتُوبٌ عَلى العَرْشِ، وأنَّهُ يُذْكَرُ مَعَهُ في الشَّهادَةِ والتَّشَهُّدِ، وأنَّهُ تَعالى ذَكَرَهُ في الكُتُبِ المُتَقَدِّمَةِ، وانْتِشارُ ذِكْرِهِ في الآفاقِ، وأنَّهُ خُتِمَتْ بِهِ النُّبُوَّةُ، وأنَّهُ يُذْكَرُ في الخُطَبِ والأذانِ ومَفاتِيحِ الرَّسائِلِ، وعِنْدَ الخَتْمِ وجَعَلَ ذِكْرَهُ في القُرْآنِ مَقْرُونًا بِذِكْرِهِ: ﴿واللَّهُ ورَسُولُهُ أحَقُّ أنْ يُرْضُوهُ﴾ [التَّوْبَةِ: ٦٢]، ﴿ومَن يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ [النِّساءِ: ١٣] ﴿وأطِيعُوا اللَّهَ وأطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [المائِدَةِ: ٩٢] ويُنادِيهِ بِاسْمِ الرَّسُولِ والنَّبِيِّ، حِينَ يُنادِي غَيْرَهُ بِالِاسْمِ يا مُوسى يا عِيسى، وأيْضًا جَعَلَهُ في القُلُوبِ بِحَيْثُ يَسْتَطِيبُونَ ذِكْرَهُ وهو مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مَرْيَمَ: ٦] كَأنَّهُ تَعالى يَقُولُ: أمْلَأُ العالَمَ مِن أتْباعِكَ كُلُّهم يُثْنُونَ عَلَيْكَ ويُصَلُّونَ عَلَيْكَ ويَحْفَظُونَ سُنَّتَكَ، بَلْ ما مِن فَرِيضَةٍ مِن فَرائِضِ الصَّلاةِ إلّا ومَعَهُ سُنَّةٌ فَهم يَمْتَثِلُونَ في الفَرِيضَةِ أمْرِي، وفي السُّنَّةِ أمْرَكَ وجَعَلْتُ طاعَتَكَ طاعَتِي وبَيْعَتَكَ بَيْعَتِي ﴿مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أطاعَ اللَّهَ﴾ [النِّساءِ: ٨٠]، ﴿إنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ﴾ [الفَتْحِ: ١٠] لا تَأْنَفُ السَّلاطِينَ مِن أتْباعِكَ، بَلْ جَراءَةٌ لِأجْهَلِ المُلُوكِ أنْ يُنَصِّبَ خَلِيفَةً مِن غَيْرِ قَبِيلَتِكَ، فالقُرّاءُ يَحْفَظُونَ ألْفاظَ مَنشُورِكَ، والمُفَسِّرُونَ يُفَسِّرُونَ مَعانِيَ فُرْقانِكَ، والوُعّاظُ يُبَلِّغُونَ وعْظَكَ بَلِ العُلَماءُ والسَّلاطِينُ يَصِلُونَ إلى خِدْمَتِكَ، ويُسَلِّمُونَ مِن وراءِ البابِ عَلَيْكَ، ويَمْسَحُونَ وُجُوهَهم بِتُرابِ رَوْضَتِكَ، ويَرْجُونَ شَفاعَتَكَ، فَشَرَفُكَ باقٍ إلى يَوْمِ القِيامَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب