الباحث القرآني
(p-٩٤)[ سُورَةُ الِانْشِقاقِ ]
وهِيَ عِشْرُونَ وخَمْسُ آياتٍ مَكِّيَّةٍ
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
﴿إذا السَّماءُ انْشَقَّتْ﴾ ﴿وأذِنَتْ لِرَبِّها وحُقَّتْ﴾ ﴿وإذا الأرْضُ مُدَّتْ﴾ ﴿وألْقَتْ ما فِيها وتَخَلَّتْ﴾ ﴿وأذِنَتْ لِرَبِّها وحُقَّتْ﴾
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
﴿إذا السَّماءُ انْشَقَّتْ﴾ ﴿وأذِنَتْ لِرَبِّها وحُقَّتْ﴾ ﴿وإذا الأرْضُ مُدَّتْ﴾ ﴿وألْقَتْ ما فِيها وتَخَلَّتْ﴾ ﴿وأذِنَتْ لِرَبِّها وحُقَّتْ﴾
أمّا انْشِقاقُ السَّماءِ فَقَدْ مَرَّ شَرْحُهُ في مَواضِعَ مِنَ القُرْآنِ، وعَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ أنَّها تَنْشَقُّ مِنَ المَجَرَّةِ، أمّا قَوْلُهُ: ﴿وأذِنَتْ لِرَبِّها﴾ ومَعْنى أذِنَ لَهُ اسْتَمَعَ، ومِنهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ”«ما أذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَإذْنِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنّى بِالقُرْآنِ» “ وأنْشَدَ أبُو عُبَيْدَةَ والمُبَرِّدُ والزَّجّاجُ قَوْلَ قَعْنَبٍ:
؎صُمٌّ إذا سَمِعُوا خَيْرًا ذُكِرْتُ بِهِ وإنْ ذُكِرْتُ بِشَرٍّ عِنْدَهم أذِنُوا
والمَعْنى أنَّهُ لَمْ يُوجَدْ في جِرْمِ السَّماءِ ما يَمْنَعُ مِن تَأْثِيرِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى في شَقِّها وتَفْرِيقِ أجْزائِها، فَكانَتْ في قَبُولِ ذَلِكَ التَّأْثِيرِ كالعَبْدِ الطّائِعِ الَّذِي إذا ورَدَ عَلَيْهِ الأمْرُ مِن جِهَةِ المالِكِ أنْصَتَ لَهُ وأذْعَنَ، ولَمْ يَمْتَنِعْ فَقَوْلُهُ: ﴿قالَتا أتَيْنا طائِعِينَ﴾ [فصلت: ١١] يَدُلُّ عَلى نَفاذِ القُدْرَةِ في الإيجادِ والإبْداعِ مِن غَيْرِ مُمانِعَةٍ أصْلًا، وقَوْلُهُ هاهُنا: ﴿وأذِنَتْ لِرَبِّها﴾ يَدُلُّ عَلى نُفُوذِ القُدْرَةِ في التَّفْرِيقِ والإعْدامِ والإفْناءِ مِن غَيْرِ مُمانِعَةٍ أصْلًا، وأمّا قَوْلُهُ: ﴿وحُقَّتْ﴾ فَهو مِن قَوْلِكَ هو مَحْقُوقٌ بِكَذا، وحَقِيقٌ بِهِ. يَعْنِي وهي حَقِيقَةٌ بِأنْ تَنْقادَ ولا تَمْتَنِعَ وذَلِكَ لِأنَّهُ جِسْمٌ، وكُلُّ جِسْمٍ فَهو مُمْكِنٌ لِذاتِهِ وكُلُّ مُمْكِنٍ لِذاتِهِ فَإنَّ الوُجُودَ والعَدَمَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ عَلى السَّوِيَّةِ، وكُلُّ ما كانَ كَذَلِكَ، كانَ تَرْجِيحُ وجُودِهِ عَلى عَدَمِهِ أوْ تَرْجِيحُ عَدَمِهِ عَلى وُجُودِهِ، لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ بِتَأْثِيرِ واجِبِ الوُجُودِ وتَرْجِيحِهِ، فَيَكُونُ تَأْثِيرُ قُدْرَتِهِ في إيجادِهِ وإعْدامِهِ، نافِذًا سارِيًا مِن غَيْرِ مُمانِعَةٍ أصْلًا، وأمّا المُمْكِنُ فَلَيْسَ لَهُ إلّا القَبُولُ والِاسْتِعْدادُ، ومِثْلُ هَذا الشَّيْءِ حَقِيقٌ بِهِ أنْ يَكُونَ قابِلًا لِلْوُجُودِ تارَةً، ولِلْعَدَمِ (p-٩٥)أُخْرى مِن واجِبِ الوُجُودِ، أمّا قَوْلُهُ: ﴿وإذا الأرْضُ مُدَّتْ﴾ فَفِيهِ وجْهانِ.
الأوَّلُ: أنَّهُ مَأْخُوذٌ مِن مَدَّ الشَّيْءَ فامْتَدَّ، وهو أنْ تُزالَ جِبالُها بِالنَّسْفِ كَما قالَ: ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفًا﴾ [طه: ١٠٥] يُسَوِّي ظَهْرَها، كَما قالَ: ﴿قاعًا صَفْصَفًا﴾ ﴿لا تَرى فِيها عِوَجًا ولا أمْتًا﴾ [طه: ١٠٦] وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ مُدَّتْ مَدَّ الأدِيمِ الكاظِمِيِّ، لِأنَّ الأدِيمَ إذا مُدَّ زالَ كُلُّ انْثِناءٍ فِيهِ واسْتَوى.
والثّانِي: أنَّهُ مَأْخُوذٌ مِن مَدَّهُ بِمَعْنى أمَدَّهُ أيْ يُزادُ في سَعَتِها يَوْمَ القِيامَةِ لِوُقُوفِ الخَلائِقِ عَلَيْها لِلْحِسابِ، واعْلَمْ أنَّهُ لا بُدَّ مِنَ الزِّيادَةِ في وجْهِ الأرْضِ سَواءٌ كانَ ذَلِكَ بِتَمْدِيدِها أوْ بِإمْدادِها، لِأنَّ خَلْقَ الأوَّلِينَ والآخَرِينَ لَمّا كانُوا واقِفِينَ يَوْمَ القِيامَةِ عَلى ظَهْرِها، فَلا بُدَّ مِنَ الزِّيادَةِ في طُولِها وعَرْضِها، أمّا قَوْلُهُ: ﴿وألْقَتْ ما فِيها﴾ فالمَعْنى أنَّها لَمّا مُدَّتْ رَمَتْ بِما في جَوْفِها مِنَ المَوْتى والكُنُوزِ، وهو كَقَوْلِهِ: ﴿وأخْرَجَتِ الأرْضُ أثْقالَها﴾ [الزلزلة: ٢] ﴿وإذا القُبُورُ بُعْثِرَتْ﴾ [الانفطار: ٤] ﴿بُعْثِرَ ما في القُبُورِ﴾ [العاديات: ٩] وكَقَوْلِهِ: ﴿ألَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتًا﴾ ﴿أحْياءً وأمْواتًا﴾ [المرسلات: ٢٥] وأمّا قَوْلُهُ: ﴿وتَخَلَّتْ﴾ فالمَعْنى وخَلَتْ غايَةَ الخُلُوِّ حَتّى لَمْ يَبْقَ في باطِنِها شَيْءٌ كَأنَّها تَكَلَّفَتْ أقْصى جَهْدِها في الخُلُوِّ، كَما يُقالُ: تَكَرَّمَ الكَرِيمُ، وتَرَحَّمَ الرَّحِيمُ، إذا بَلَغا جَهْدَهُما في الكَرَمِ والرَّحْمَةِ وتَكَلَّفا فَوْقَ ما في طَبْعِهِما، واعْلَمْ أنَّ التَّحْقِيقَ أنَّ اللَّهَ تَعالى هو الَّذِي أخْرَجَ تِلْكَ الأشْياءَ مِن بَطْنِ الأرْضِ إلى ظَهْرِها، لَكِنَّ الأرْضَ وُصِفَتْ بِذَلِكَ عَلى سَبِيلِ التَّوَسُّعِ، وأمّا قَوْلُهُ: ﴿وأذِنَتْ لِرَبِّها وحُقَّتْ﴾ فَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ إلّا أنَّ الأوَّلَ في السَّماءِ وهَذا في الأرْضِ، وإذا اخْتَلَفَ وجْهُ الكَلامِ لَمْ يَكُنْ تَكْرارًا.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["إِذَا ٱلسَّمَاۤءُ ٱنشَقَّتۡ","وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ","وَإِذَا ٱلۡأَرۡضُ مُدَّتۡ","وَأَلۡقَتۡ مَا فِیهَا وَتَخَلَّتۡ","وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ"],"ayah":"وَإِذَا ٱلۡأَرۡضُ مُدَّتۡ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











