الباحث القرآني
الثّانِي: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ﴾ أيْ تَناثَرَتْ وتَساقَطَتْ كَما قالَ تَعالى: ﴿وإذا الكَواكِبُ انْتَثَرَتْ﴾ [الِانْفِطارِ: ٢] والأصْلُ في الِانْكِدارِ الِانْصِبابُ، قالَ الخَلِيلُ: يُقالُ انْكَدَرَ عَلَيْهِمُ القَوْمُ إذا جاءُوا أرْسالًا فانْصَبُّوا عَلَيْهِمْ، قالَ الكَلْبِيُّ: تُمْطِرُ السَّماءُ يَوْمَئِذٍ نُجُومًا فَلا يَبْقى نَجْمٌ في السَّماءِ إلّا وقَعَ عَلى وجْهِ الأرْضِ، قالَ عَطاءٌ: وذَلِكَ أنَّها في قَنادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ بِسَلاسِلَ مِنَ النُّورِ، وتِلْكَ السَّلاسِلُ في أيْدِي المَلائِكَةِ، فَإذا ماتَ مَن في السَّماءِ والأرْضِ تَساقَطَتْ تِلْكَ السَّلاسِلُ مِن أيْدِي المَلائِكَةِ.
الثّالِثُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذا الجِبالُ سُيِّرَتْ﴾ أيْ عَنْ وجْهِ الأرْضِ كَقَوْلِهِ: ﴿وسُيِّرَتِ الجِبالُ فَكانَتْ سَرابًا﴾ [النَّبَإ: ٢٠] أوْ في الهَواءِ كَقَوْلِهِ: ﴿تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ﴾ [النَّمْلِ: ٨٨] .
الرّابِعُ: قَوْلُهُ: ﴿وإذا العِشارُ عُطِّلَتْ﴾ فِيهِ قَوْلانِ:
القَوْلُ الأوَّلُ: المَشْهُورُ أنَّ (العِشارَ) جَمْعُ عُشَراءَ كالنِّفاسِ في جَمْعِ نُفَساءَ، وهي الَّتِي أتى عَلى حَمْلِها عَشْرَةُ أشْهُرٍ، ثُمَّ هو اسْمُها إلى أنْ تَضَعَ لِتَمامِ السَّنَّةِ، وهي أنْفَسُ ما يَكُونُ عِنْدَ أهْلِها وأعَزُّها عَلَيْهِمْ، و﴿عُطِّلَتْ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: أهْمَلَها أهْلُها لِما جاءَهم مِن أهْوالِ يَوْمِ القِيامَةِ، ولَيْسَ شَيْءٌ أحَبَّ إلى العَرَبِ مِنَ النُّوقِ الحَوامِلِ، وخُوطِبَ العَرَبُ بِأمْرِ العِشارِ لِأنَّ أكْثَرَ مالِها وعَيْشِها مِنَ الإبِلِ. والغَرَضُ مِن ذَلِكَ ذَهابُ الأمْوالِ وبُطْلانُ الأمْلاكِ، واشْتِغالُ النّاسِ بِأنْفُسِهِمْ كَما قالَ: ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ ولا بَنُونَ﴾ ﴿إلّا مَن أتى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشُّعَراءِ: ٨٨،٨٩] وقالَ: ﴿ولَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكم أوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الأنْعامِ: ٩٤] .
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّ العِشارَ كِنايَةٌ عَنِ السَّحابِ تَعَطَّلَتْ عَمّا فِيها مِنَ الماءِ، وهَذا وإنْ كانَ مَجازًا إلّا أنَّهُ أشْبَهُ بِسائِرِ ما قَبْلَهُ، وأيْضًا فالعَرَبُ تُشَبِّهُ السَّحابَ بِالحامِلِ، قالَ تَعالى: ﴿فالحامِلاتِ وِقْرًا﴾ [الذّارِياتِ: ٢] .
الخامِسُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذا الوُحُوشُ حُشِرَتْ﴾ كُلُّ شَيْءٍ مِن دَوابِّ البَرِّ مِمّا لا يُسْتَأْنَسُ فَهو وحْشٌ، والجَمْعُ الوُحُوشُ، و(حُشِرَتْ) جُمِعَتْ مِن كُلِّ ناحِيَةٍ، قالَ قَتادَةُ: يُحْشَرُ كُلُّ شَيْءٍ حَتّى الذُّبابُ لِلْقَصّاصِ، قالَ المُعْتَزِلَةُ: إنَّ اللَّهَ تَعالى يَحْشُرُ الحَيَواناتِ كُلَّها في ذَلِكَ اليَوْمِ لِيُعَوِّضَها عَلى آلامِها الَّتِي وصَلَتْ إلَيْها في الدُّنْيا بِالمَوْتِ والقَتْلِ وغَيْرِ ذَلِكَ، فَإذا عُوِّضَتْ عَلى تِلْكَ الآلامِ، فَإنْ شاءَ اللَّهُ أنْ يُبْقِيَ بَعْضَها في الجَنَّةِ إذا كانَ مُسْتَحْسَنًا فَعَلَ، وإنْ شاءَ أنْ يُفْنِيَهُ أفْناهُ عَلى ما جاءَ بِهِ الخَبَرُ، وأمّا أصْحابُنا فَعِنْدَهم أنَّهُ لا يَجِبُ عَلى اللَّهِ شَيْءٌ بِحُكْمِ الِاسْتِحْقاقِ، ولَكِنَّهُ تَعالى يَحْشُرُ الوُحُوشَ كُلَّها فَيَقْتَصُّ لِلْجَمّاءِ مِنَ القَرْناءِ، ثُمَّ (p-٦٣)يُقالُ لَها مُوتِي فَتَمُوتُ، والغَرَضُ مِن ذِكْرِ هَذِهِ القِصَّةِ هاهُنا وُجُوهٌ:
أحَدُها: أنَّهُ تَعالى إذا كانَ [ يَوْمُ القِيامَةِ ] يَحْشُرُ كُلَّ الحَيَواناتِ إظْهارًا لِلْعَدْلِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ مَعَ هَذا أنْ لا يَحْشُرَ المُكَلَّفِينَ مِنَ الإنْسِ والجِنِّ؟ .
الثّانِي: أنَّها تَجْتَمِعُ في مَوْقِفِ القِيامَةِ مَعَ شِدَّةِ نَفْرَتِها عَنِ النّاسِ في الدُّنْيا وتَبَدُّدِها في الصَّحارِي، فَدَلَّ هَذا عَلى أنَّ اجْتِماعَها إلى النّاسِ لَيْسَ إلّا مِن هَوْلِ ذَلِكَ اليَوْمِ.
والثّالِثُ: أنَّ هَذِهِ الحَيَواناتِ بَعْضُها غِذاءٌ لِلْبَعْضِ، ثُمَّ إنَّها في ذَلِكَ اليَوْمِ تَجْتَمِعُ ولا يَتَعَرَّضُ بَعْضُها لِبَعْضٍ، وما ذاكَ إلّا لِشِدَّةِ هَوْلِ ذَلِكَ اليَوْمِ، وفي الآيَةِ قَوْلٌ آخَرُ لِابْنِ عَبّاسٍ وهو أنَّ حَشْرَ الوُحُوشِ عِبارَةٌ عَنْ مَوْتِها، يُقالُ - إذا أجْحَفَتِ السَّنَةُ بِالنّاسِ وأمْوالِهِمْ – حَشَرَتْهُمُ السَّنَةُ، وقُرِئَ (حُشِّرَتْ) بِالتَّشْدِيدِ.
{"ayahs_start":2,"ayahs":["وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتۡ","وَإِذَا ٱلۡجِبَالُ سُیِّرَتۡ","وَإِذَا ٱلۡعِشَارُ عُطِّلَتۡ","وَإِذَا ٱلۡوُحُوشُ حُشِرَتۡ"],"ayah":"وَإِذَا ٱلۡجِبَالُ سُیِّرَتۡ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق