الباحث القرآني

التّاسِعُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴾ قُرِئَ بِالتَّخْفِيفِ والتَّشْدِيدِ يُرِيدُ صُحُفَ الأعْمالِ تَطْوِي صَحِيفَةَ الإنْسانِ عِنْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ تُنْشَرُ إذا حُوسِبَ، ويَجُوزُ أنْ يُرادَ نُشِرَتْ بَيْنَ أصْحابِها، أيْ فُرِّقَتْ بَيْنَهم. العاشِرُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذا السَّماءُ كُشِطَتْ﴾ أيْ كُشِفَتْ وأُزِيلَتْ عَمّا فَوْقَها، وهو الجَنَّةُ وعَرْشُ اللَّهِ، كَما يُكْشَطُ الإهابُ عَنِ الذَّبِيحَةِ، والغِطاءُ عَنِ الشَّيْءِ، وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ: قُشِطَتْ، واعْتِقابُ القافِ والكافِ كَثِيرٌ، يُقالُ لَبَّكْتُ الثَّرِيدَ ولَبَّقْتُهُ، والكافُورُ والقافُورُ، قالَ الفَرّاءُ: نُزِعَتْ فَطُوِيَتْ. الحادِي عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذا الجَحِيمُ سُعِّرَتْ﴾ أُوقِدَتْ إيقادًا شَدِيدًا، وقُرِئَ سُعِّرَتْ بِالتَّشْدِيدِ لِلْمُبالَغَةِ، قِيلَ سَعَّرَها غَضَبُ اللَّهِ، وخَطايا بَنِي آدَمَ، واحْتَجَّ بِهَذِهِ الآيَةِ مَن قالَ: النّارُ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ الآنَ، قالُوا: لِأنَّها تَدُلُّ عَلى أنَّ تَسْعِيرَها مُعَلَّقٌ بِيَوْمِ القِيامَةِ. الثّانِي عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذا الجَنَّةُ أُزْلِفَتْ﴾ أيْ أُدْنِيَتْ مِنَ المُتَّقِينَ، كَقَوْلِهِ: ﴿وأُزْلِفَتِ الجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الشعراء: ٩٠] . ولَمّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الأُمُورَ الِاثْنَيْ عَشَرَ ذَكَرَ الجَزاءَ المُرَتَّبَ عَلى الشُّرُوطِ الَّذِي هو مَجْمُوعُ هَذِهِ الأشْياءِ فَقالَ: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أحْضَرَتْ﴾ ومِنَ المَعْلُومِ أنَّ العَمَلَ لا يُمْكِنُ إحْضارُهُ، فالمُرادُ إذَنْ ما أحْضَرَتْهُ في صَحائِفِها، وما أحْضَرَتْهُ عِنْدَ المُحاسَبَةِ وعِنْدَ المِيزانِ مِن آثارِ تِلْكَ الأعْمالِ، والمُرادُ: ما أحْضَرَتْ مِنَ اسْتِحْقاقِ الجَنَّةِ والنّارِ. (فَإنْ قِيلَ): كُلُّ نَفْسٍ تَعْلَمُ ما أحْضَرَتْ، لِقَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِن خَيْرٍ مُحْضَرًا﴾ [آل عمران: ٣٠] فَما مَعْنى قَوْلِهِ ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ﴾ ؟ قُلْنا: الجَوابُ مِن وجْهَيْنِ: الأوَّلُ: أنَّ هَذا هو مِن عَكْسِ كَلامِهِمُ الَّذِي يَقْصِدُونَ بِهِ الإفْراطَ، وإنْ كانَ اللَّفْظُ مَوْضُوعًا لِلْقَلِيلِ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الحجر: ٢] كَمَن يَسْألُ فاضِلًا مَسْألَةً ظاهِرَةً ويَقُولُ هَلْ عِنْدَكَ فِيها شَيْءٌ ؟ فَيَقُولُ: رُبَّما حَضَرَ شَيْءٌ؛ وغَرَضُهُ الإشارَةُ إلى أنَّ عِنْدَهُ في تِلْكَ المَسْألَةِ ما لا يَقُولُ بِهِ غَيْرُهُ. فَكَذا هاهُنا. الثّانِي: لَعَلَّ الكُفّارَ كانُوا يُتْعِبُونَ أنْفُسَهم في الأشْياءِ الَّتِي يَعْتَقِدُونَها طاعاتٍ ثُمَّ بَدا لَهم يَوْمَ القِيامَةِ خِلافُ ذَلِكَ فَهو المُرادُ مِن هَذِهِ الآيَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب