الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ شَقَقْنا الأرْضَ شَقًّا﴾ والمُرادُ شَقُّ الأرْضِ بِالنَّباتِ، ثُمَّ ذَكَرَ تَعالى ثَمانِيَةَ أنْواعٍ مِنَ النَّباتِ: أوَّلُها: الحَبُّ: وهو المُشارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ﴿فَأنْبَتْنا فِيها حَبًّا﴾ وهو كُلُّ ما حُصِدَ مِن نَحْوِ الحِنْطَةِ والشَّعِيرِ وغَيْرِهِما، وإنَّما قَدَّمَ ذَلِكَ لِأنَّهُ كالأصْلِ في الأغْذِيَةِ. وثانِيها: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وعِنَبًا﴾ وإنَّما ذَكَرَهُ بَعْدَ الحَبِّ لِأنَّهُ غِذاءٌ مِن وجْهٍ وفاكِهَةٌ مِن وجْهٍ. وثالِثُها: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وقَضْبًا﴾ وفِيهِ قَوْلانِ: الأوَّلُ: أنَّهُ الرُّطَبَةُ وهي الَّتِي إذا يَبِسَتْ سُمِّيَتْ بِالقَتِّ، وأهْلُ مَكَّةَ يُسَمُّونَها بِالقَضْبِ وأصْلُهُ مِنَ القَطْعِ، وذَلِكَ لِأنَّهُ يُقْضَبُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرى، وكَذَلِكَ القَضِيبُ لِأنَّهُ يُقْضَبُ أيْ يُقْطَعُ. وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ والضِّحاكِ ومُقاتِلٍ واخْتِيارُ الفَرّاءِ وأبِي عُبَيْدَةَ والأصْمَعِيِّ. والثّانِي: قالَ المُبَرِّدُ: القَضْبُ هو العَلَفُ بِعَيْنِهِ، وأصْلُهُ مِن أنَّهُ يُقْضَبُ أيْ يُقْطَعُ وهو قَوْلُ الحَسَنِ. والرّابِعُ والخامِسُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وزَيْتُونًا ونَخْلًا﴾ ومَنافِعُهُما قَدْ تَقَدَّمَتْ في هَذا الكِتابِ. (p-٥٨)وسادِسُها: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وحَدائِقَ غُلْبًا﴾ الأصْلُ في الوَصْفِ بِالغُلْبِ الرِّقابُ، فالغُلْبُ الغِلاظُ الأعْناقُ، الواحِدُ أغْلَبُ يُقالُ أسَدٌ أغْلَبُ. ثُمَّ هاهُنا قَوْلانِ: الأوَّلُ: أنْ يَكُونَ المُرادُ وصْفَ كُلِّ حَدِيقَةٍ بِأنَّ أشْجارَها مُتَكاثِفَةٌ مُتَقارِبَةٌ، وهَذا قَوْلُ مُجاهِدٍ ومُقاتِلٍ قالا: الغُلْبُ المُلْتَفَّةُ الشَّجَرِ بَعْضُهُ مِن بَعْضٍ، يُقالُ: اغْلَوْلَبَ العُشْبُ واغْلَوْلَبَتِ الأرْضُ إذا التَفَّ عُشْبُها. والثّانِي: أنْ يَكُونَ المُرادُ وصْفَ كُلِّ واحِدٍ مِنَ الأشْجارِ بِالغِلَظِ والعِظَمِ، قالَ عَطاءٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: يُرِيدُ الشَّجَرَ العِظامَ، وقالَ الفَرّاءُ: الغُلْبُ ما غَلُظَ مِنَ النَّخْلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب