الباحث القرآني

ثُمَّ ذَكَرَ تَعالى حالَ السُّعَداءِ، فَقالَ تَعالى: ﴿وأمّا مَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ﴾ ﴿ونَهى النَّفْسَ عَنِ الهَوى﴾ ﴿فَإنَّ الجَنَّةَ هي المَأْوى﴾ (p-٤٨)واعْلَمْ أنَّ هَذَيْنِ الوَصْفَيْنِ مُضادّانِ لِلْوَصْفَيْنِ اللَّذَيْنِ وصَفَ اللَّهُ أهْلَ النّارِ بِهِما، فَقَوْلُهُ: ﴿وأمّا مَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ﴾ ضِدُّ قَوْلِهِ: ﴿فَأمّا مَن طَغى﴾ وقَوْلُهُ: ﴿ونَهى النَّفْسَ عَنِ الهَوى﴾ ضِدُّ قَوْلِهِ: ﴿وآثَرَ الحَياةَ الدُّنْيا﴾ واعْلَمْ أنَّ الخَوْفَ مِنَ اللَّهِ، لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا بِالعِلْمِ بِاللَّهِ عَلى ما قالَ: ﴿إنَّما يَخْشى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ﴾ [فاطِرٍ: ٢٨] ولَمّا كانَ الخَوْفُ مِنَ اللَّهِ هو السَّبَبَ المُعِينَ لِدَفْعِ الهَوى، لا جَرَمَ قَدَّمَ العِلَّةَ عَلى العُلُوِّ، وكَما دَخَلَ في ذَيْنِكَ الصِّفَتَيْنِ جَمِيعُ القَبائِحِ دَخَلَ في هَذَيْنِ الوَصْفَيْنِ جَمِيعُ الطّاعاتِ والحَسَناتِ، وقِيلَ: الآيَتانِ نَزَلَتا في أبِي عَزِيزِ بْنِ عُمَيْرٍ ومُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، وقَدْ قَتَلَ مُصْعَبٌ أخاهُ أبا عَزِيزٍ يَوْمَ أُحُدٍ، ووَقى رَسُولَ اللَّهِ بِنَفْسِهِ حَتّى نَفَذَتِ المَشاقِصُ في جَوْفِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب