الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا ونَباتًا﴾ ﴿وجَنّاتٍ ألْفافًا﴾ في الآيَةِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: كُلُّ شَيْءٍ نَبَتَ مِنَ الأرْضِ فَإمّا أنْ لا يَكُونَ لَهُ ساقٌ وإمّا أنْ يَكُونَ، فَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ساقٌ فَإمّا أنْ يَكُونَ لَهُ أكْمامٌ وهو الحَبُّ وإمّا أنْ لا يَكُونَ لَهُ أكْمامٌ وهو الحَشِيشُ، وهو المُرادُ هاهُنا بِقَوْلِهِ: (نَباتًا) وإلى هَذَيْنِ القِسْمَيْنِ الإشارَةُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كُلُوا وارْعَوْا أنْعامَكُمْ﴾ [طه: ٥٤] وأمّا الَّذِي لَهُ ساقٌ فَهو الشَّجَرُ، فَإذا اجْتَمَعَ مِنها شَيْءٌ كَثِيرٌ سُمِّيَتْ جَنَّةً، فَثَبَتَ بِالدَّلِيلِ العَقْلِيِّ انْحِصارُ ما يَنْبُتُ في الأرْضِ في هَذِهِ الأقْسامِ الثَّلاثَةِ، وإنَّما قَدَّمَ اللَّهُ تَعالى الحَبَّ لِأنَّهُ هو الأصْلُ في الغِذاءِ، وإنَّما ثَنّى بِالنَّباتِ لِاحْتِياجِ سائِرِ الحَيَواناتِ إلَيْهِ، وإنَّما أخَّرَ الجَنّاتِ في الذِّكْرِ لِأنَّ الحاجَةَ إلى الفَواكِهِ لَيْسَتْ ضَرُورِيَّةً.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: اخْتَلَفُوا في ألْفافًا، فَذَكَرَ صاحِبُ الكَشّافِ أنَّهُ لا واحِدَ لَهُ كالأوْزاعِ والأخْيافِ، والأوْزاعُ الجَماعاتُ المُتَفَرِّقَةُ، والأخْيافُ الجَماعاتُ المُخْتَلَطَةُ، وكَثِيرٌ مِنَ اللُّغَوِيِّينَ أثْبَتُوا لَهُ واحِدًا، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقالَ الأخْفَشُ والكِسائِيُّ: واحِدُها لِفٌّ بِالكَسْرِ، وزادَ الكِسائِيُّ لُفٌّ بِالضَّمِّ، وأنْكَرَ المُبَرِّدُ الضَّمَّ، وقالَ: بَلْ واحِدُها لَفّاءُ وجَمْعُها لُفٌّ، وجَمْعُ لِفٍّ ألْفافٌ، وقِيلَ: يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ جَمْعَ لَفِيفٍ كَشَرِيفٍ وأشْرافٍ نَقَلَهُ القَفّالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، إذا عَرَفْتَ هَذا فَنَقُولُ: قَوْلُهُ: ﴿وجَنّاتٍ ألْفافًا﴾ أيْ مُلْتَفَّةً، والمَعْنى أنَّ كُلَّ جَنَّةٍ فَإنَّ ما فِيها مِنَ الشَّجَرِ تَكُونُ مُجْتَمِعَةً مُتَقارِبَةً، ألا تَراهم يَقُولُونَ: امْرَأةٌ لَفّاءُ إذا كانَتْ غَلِيظَةَ السّاقِ مُجْتَمِعَةَ اللَّحْمِ يَبْلُغُ مِن (p-١٠)تَقارُبِهِ أنْ يَتَلاصَقَ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: كانَ الكَعْبِيُّ مِنَ القائِلِينَ بِالطَّبائِعِ، فاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا ونَباتًا﴾ وقالَ: إنَّهُ يَدُلُّ عَلى بُطْلانِ قَوْلِ مَن قالَ: إنَّ اللَّهَ تَعالى لا يَفْعَلُ شَيْئًا بِواسِطَةِ شَيْءٍ آخَرَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ يَوْمَ الفَصْلِ كانَ مِيقاتًا﴾ .
اعْلَمْ أنَّ التِّسْعَةَ الَّتِي عَدَّدَها اللَّهُ تَعالى نَظَرًا إلى حُدُوثِها في ذَواتِها وصِفاتِها، ونَظَرًا إلى إمْكانِها في ذَواتِها وصِفاتِها تَدُلُّ عَلى القادِرِ المُخْتارِ، ونَظَرًا إلى ما فِيها مِنَ الإحْكامِ والإتْقانِ تَدُلُّ عَلى أنَّ فاعِلَها عالِمٌ، ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الفاعِلَ القَدِيمَ يَجِبُ أنْ يَكُونَ عِلْمُهُ وقُدْرَتُهُ واجِبَيْنِ، إذْ لَوْ كانا جائِزَيْنِ لافْتَقَرَ إلى فاعِلٍ آخَرَ، ويَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ وهو مُحالٌ، وإذا كانَ العِلْمُ والقُدْرَةُ واجِبَيْنِ وجَبَ تَعَلُّقُهُما بِكُلِّ ما صَحَّ أنْ يَكُونَ مَقْدُورًا ومَعْلُومًا وإلّا لافْتَقَرَ إلى المُخَصَّصِ وهو مُحالٌ، وإذا كانَ كَذَلِكَ وجَبَ أنْ يَكُونَ قادِرًا عَلى جَمِيعِ المُمْكِناتِ عالِمًا بِجَمِيعِ المَعْلُوماتِ، وقَدْ ثَبَتَ الإمْكانُ وثَبَتَ عُمُومُ القُدْرَةِ في الجِسْمِيَّةِ، فَكُلُّ ما صَحَّ عَلى واحِدٍ مِنها صَحَّ عَلى الآخَرِ، فَكَما يَصِحُّ عَلى الأجْسامِ السَّلَفِيَّةِ الِانْشِقاقُ والِانْفِطارُ والظُّلْمَةُ وجَبَ أنْ يَصِحَّ ذَلِكَ عَلى الأجْسامِ، وإذا ثَبَتَ الإمْكانُ وثَبَتَ عُمُومُ القُدْرَةِ والعِلْمِ، ثَبَتَ أنَّهُ تَعالى قادِرٌ عَلى تَخْرِيبِ الدُّنْيا، وقادِرٌ عَلى إيجادِ عالَمٍ آخَرَ، وعِنْدَ ذَلِكَ ثَبَتَ أنَّ القَوْلَ بِقِيامِ القِيامَةِ مُمْكِنٌ عَقْلًا، وإلى هاهُنا يُمْكِنُ إثْباتُهُ بِالعَقْلِ، فَأمّا ما وراءَ ذَلِكَ مِن وقْتِ حُدُوثِها وكَيْفِيَّةِ حُدُوثِها فَلا سَبِيلَ إلَيْهِ إلّا بِالسَّمْعِ، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى تَكَلَّمَ في هَذِهِ الأشْياءِ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ يَوْمَ الفَصْلِ كانَ مِيقاتًا﴾ ثُمَّ إنَّهُ تَعالى ذَكَرَ بَعْضَ أحْوالِ القِيامَةِ. فَأوَّلُها: قَوْلُهُ: ﴿إنَّ يَوْمَ الفَصْلِ كانَ مِيقاتًا﴾ والمَعْنى أنَّ هَذا اليَوْمَ كانَ في تَقْدِيرِ اللَّهِ وحُكْمِهِ حَدًّا تُؤَقَّتُ بِهِ الدُّنْيا، أوْ حَدًّا لِلْخَلائِقِ يَنْتَهُونَ إلَيْهِ، أوْ كانَ مِيقاتًا لِما وعَدَ اللَّهُ مِنَ الثَّوابِ والعِقابِ، أوْ كانَ مِيقاتًا لِاجْتِماعِ كُلِّ الخَلائِقِ في فَصْلِ الحُكُوماتِ وقَطْعِ الخُصُوماتِ.
{"ayahs_start":15,"ayahs":["لِّنُخۡرِجَ بِهِۦ حَبࣰّا وَنَبَاتࣰا","وَجَنَّـٰتٍ أَلۡفَافًا","إِنَّ یَوۡمَ ٱلۡفَصۡلِ كَانَ مِیقَـٰتࣰا"],"ayah":"وَجَنَّـٰتٍ أَلۡفَافًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











