الباحث القرآني
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وما جَعَلْنا أصْحابَ النّارِ إلّا مَلائِكَةً وما جَعَلْنا عِدَّتَهم إلّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ ويَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إيمانًا ولا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ والمُؤْمِنُونَ ولِيَقُولَ الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ والكافِرُونَ ماذا أرادَ اللَّهُ بِهَذا مَثَلًا﴾ وفِيهِ مَسْألَتانِ:
المَسْألَةُ الأُولى: هَذا العَدَدُ إنَّما صارَ سَبَبًا لِفِتْنَةِ الكُفّارِ مِن وجْهَيْنِ:
الأوَّلُ: أنَّ الكُفّارَ يَسْتَهْزِئُونَ، يَقُولُونَ: لِمَ لَمْ يَكُونُوا عِشْرِينَ، وما المُقْتَضى لِتَخْصِيصِ هَذا العَدَدِ بِالوُجُودِ ؟
الثّانِي: أنَّ الكُفّارَ يَقُولُونَ هَذا العَدَدُ القَلِيلُ كَيْفَ يَكُونُونَ وافِينَ بِتَعْذِيبِ أكْثَرِ خَلْقِ العالَمِ مِنَ الجِنِّ والإنْسِ مِن أوَّلِ ما خَلَقَ اللَّهُ إلى قِيامِ القِيامَةِ ؟ وأمّا أهْلُ الإيمانِ فَلا يَلْتَفِتُونَ إلى هَذَيْنِ السُّؤالَيْنِ.
أمّا السُّؤالُ الأوَّلُ: فَلِأنَّ جُمْلَةَ العالَمِ مُتَناهِيَةٌ، فَلا بُدَّ وأنْ يَكُونَ لِلْجَواهِرِ الفَرْدَةِ الَّتِي مِنها تَألَّفَتْ جُمْلَةُ هَذا العالَمِ - عَدَدٌ مُعَيَّنٌ، وعِنْدَ ذَلِكَ يَجِيءُ ذَلِكَ السُّؤالُ، وهو أنَّهُ لِمَ خَصَّصَ ذَلِكَ العَدَدَ بِالإيجادِ، ولَمْ يَزِدْ عَلى ذَلِكَ العَدَدِ جَوْهَرٌ آخَرُ ولَمْ يُنْقِصْ، وكَذا القَوْلُ في إيجادِ العالَمِ، فَإنَّهُ لَمّا كانَ العالَمُ مُحْدَثًا والإلَهُ قَدِيمًا، فَقَدْ تَأخَّرَ العالَمُ عَنِ الصّانِعِ بِتَقْدِيرِ مُدَّةٍ غَيْرِ مُتَناهِيَةٍ، فَلِمَ لَمْ يَحْدُثِ العالَمُ قَبْلَ أنْ حَدَثَ بِتَقْدِيرِ لَحْظَةٍ أوْ بَعْدَ أنْ وُجِدَ بِتَقْدِيرِ لَحْظَةٍ ؟ وكَذا القَوْلُ في تَقْدِيرِ كُلِّ واحِدٍ مِنَ المُحْدَثاتِ بِزَمانِهِ المُعَيَّنِ، وكُلُّ واحِدٍ مِنَ الأجْسامِ بِأجْزائِهِ المَحْدُودَةِ المَعْدُودَةِ، ولا جَوابَ عَنْ شَيْءٍ مِن ذَلِكَ إلّا بِأنَّهُ قادِرٌ مُخْتارٌ، والمُخْتارُ لَهُ أنْ يُرَجِّحَ الشَّيْءَ عَلى مِثْلِهِ مِن غَيْرِ عِلَّةٍ، وإذا كانَ هَذا الجَوابُ هو المُعْتَمَدُ في خَلْقِ جُمْلَةِ العالَمِ، فَكَذا في تَخْصِيصِ زَبانِيَةِ النّارِ بِهَذا العَدَدِ.
وأمّا السُّؤالُ الثّانِي فَضَعِيفٌ أيْضًا؛ لِأنَّهُ لا يَبْعُدُ في قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى أنْ يُعْطِيَ هَذا العَدَدَ مِنَ القُدْرَةِ والقُوَّةِ ما يَصِيرُونَ بِهِ قادِرِينَ عَلى تَعْذِيبِ جُمْلَةِ الخَلْقِ، ومُتَمَكِّنِينَ مِن ذَلِكَ مِن غَيْرِ خَلَلٍ، وبِالجُمْلَةِ فَمَدارُ هَذَيْنِ السُّؤالَيْنِ عَلى القَدْحِ في كَمالِ قُدْرَةِ اللَّهِ، فَأمّا مَنِ اعْتَرَفَ بِكَوْنِهِ تَعالى قادِرًا عَلى ما لا نِهايَةَ لَهُ مِنَ المَقْدُوراتِ، وعَلِمَ أنَّ أحْوالَ القِيامَةِ عَلى خِلافِ أحْوالِ الدُّنْيا زالَ عَنْ قَلْبِهِ هَذِهِ الِاسْتِبْعاداتُ بِالكُلِّيَّةِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: احْتَجَّ مَن قالَ: إنَّهُ تَعالى قَدْ يُرِيدُ الإضْلالَ بِهَذِهِ الآيَةِ، قالَ: لِأنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وما جَعَلْنا عِدَّتَهم إلّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ (p-١٨١)يَدُلُّ عَلى أنَّ المَقْصُودَ الأصْلِيَّ إنَّما هو فِتْنَةُ الكافِرِينَ، أجابَتِ المُعْتَزِلَةُ عَنْهُ مِن وُجُوهٍ:
أحَدُها: قالَ الجُبّائِيُّ: المُرادُ مِنَ الفِتْنَةِ تَشْدِيدُ التَّعَبُّدِ لِيَسْتَدِلُّوا ويَعْرِفُوا أنَّهُ تَعالى قادِرٌ عَلى أنْ يُقَوِّيَ هَؤُلاءِ التِّسْعَةَ عَشَرَ عَلى ما لا يَقْوى عَلَيْهِ مِائَةُ ألْفِ مَلَكٍ أقْوِياءَ.
وثانِيها: قالَ الكَعْبِيُّ: المُرادُ مِنَ الفِتْنَةِ الِامْتِحانُ حَتّى يُفَوِّضَ المُؤْمِنُونَ حِكْمَةَ التَّخْصِيصِ بِالعَدَدِ المُعَيَّنِ إلى عِلْمِ الخالِقِ سُبْحانَهُ، وهَذا مِنَ المُتَشابِهِ الَّذِي أُمِرُوا بِالإيمانِ بِهِ.
وثالِثُها: أنَّ المُرادَ مِنَ الفِتْنَةِ ما وقَعُوا فِيهِ مِنَ الكُفْرِ بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ بِعَدَدِ الخَزَنَةِ، والمَعْنى: إلّا فِتْنَةً عَلى الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُكَذِّبُوا بِهِ، ولِيَقُولُوا ما قالُوا، وذَلِكَ عُقُوبَةٌ لَهم عَلى كُفْرِهِمْ، وحاصِلُهُ راجِعٌ إلى تَرْكِ الألْطافِ، والجَوابُ: أنَّهُ لا نِزاعَ في شَيْءٍ مِمّا ذَكَرْتُمْ، إلّا أنّا نَقُولُ: هَلْ لِإنْزالِ هَذِهِ المُتَشابِهاتِ أثَرٌ في تَقْوِيَةِ داعِيَةِ الكُفْرِ، أمْ لا ؟ فَإذا لَمْ يَكُنْ لَهُ أثَرٌ في تَقْوِيَةِ داعِيَةِ الكُفْرِ، كانَ إنْزالُها كَسائِرِ الأُمُورِ الأجْنَبِيَّةِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلْقَوْلِ بِأنَّ إنْزالَ هَذِهِ المُتَشابِهاتِ فِتْنَةٌ لِلَّذِينِ كَفَرُوا وجْهٌ البَتَّةَ، وإنْ كانَ لَهُ أثَرٌ في تَقْوِيَةِ داعِيَةِ الكُفْرِ، فَقَدْ حَصَلَ المَقْصُودُ، لِأنَّهُ إذا تَرَجَّحَتْ داعِيَةُ الفِعْلِ، صارَتْ داعِيَةُ التَّرْكِ مَرْجُوحَةً، والمَرْجُوحُ يَمْتَنِعُ أنْ يُؤَثِّرَ، فالتَّرْكُ يَكُونُ مُمْتَنِعَ الوُقُوعِ، فَيَصِيرُ الفِعْلُ واجِبَ الوُقُوعِ، واللَّهُ أعْلَمُ، واعْلَمْ أنَّهُ تَعالى بَيَّنَ أنَّ المَقْصُودَ مِن إنْزالِ هَذا المُتَشابِهِ أُمُورٌ أرْبَعَةٌ:
أوَّلُها: ﴿لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ﴾ .
وثانِيها: ﴿ويَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إيمانًا﴾ .
وثالِثُها: ﴿ولا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ والمُؤْمِنُونَ﴾ .
ورابِعُها: ﴿ولِيَقُولَ الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ والكافِرُونَ ماذا أرادَ اللَّهُ بِهَذا مَثَلًا﴾ واعْلَمْ أنَّ المَقْصُودَ مِن تَفْسِيرِ هَذِهِ الآياتِ لا يَتَلَخَّصُ إلّا بِسُؤالاتٍ وجَواباتٍ:
السُّؤالُ الأوَّلُ: لَفْظُ القُرْآنِ يَدُلُّ عَلى أنَّهُ تَعالى جَعَلَ افْتِتانَ الكُفّارِ بِعَدَدِ الزَّبانِيَةِ سَبَبًا لِهَذِهِ الأُمُورِ الأرْبَعَةِ، فَما الوَجْهُ في ذَلِكَ ؟ والجَوابُ: أنَّهُ ما جَعَلَ افْتِتانَهم بِالعَدَدِ سَبَبًا لِهَذِهِ الأشْياءِ، وبَيانُهُ مِن وجْهَيْنِ:
الأوَّلُ: التَّقْدِيرُ: وما جَعَلْنا عِدَّتَهم إلّا فِتْنَةً لِلَّذِينِ كَفَرُوا، وإلّا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ، كَما يُقالُ: فَعَلْتُ كَذا لِتَعْظِيمِكَ ولِتَحْقِيرِ عَدُوِّكَ، قالُوا: والعاطِفَةُ قَدْ تُذْكَرُ في هَذا المَوْضِعِ تارَةً وقَدْ تُحْذَفُ أُخْرى.
الثّانِي: أنَّ المُرادَ مِن قَوْلِهِ: ﴿وما جَعَلْنا عِدَّتَهم إلّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ هو أنَّهُ وما جَعَلْنا عِدَّتَهم إلّا تِسْعَةَ عَشَرَ؛ إلّا أنَّهُ وضَعَ فِتْنَةً لِلَّذِينِ كَفَرُوا مَوْضِعَ تِسْعَةَ عَشَرَ؛ كَأنَّهُ عَبَّرَ عَنِ المُؤَثِّرِ بِاللَّفْظِ الدّالِّ عَلى الأثَرِ، تَنْبِيهًا عَلى أنَّ هَذا الأثَرَ مِن لَوازِمِ ذَلِكَ المُؤَثِّرِ.
السُّؤالُ الثّانِي: ما وجْهُ تَأْثِيرِ إنْزالِ هَذا المُتَشابِهِ في اسْتِيقانِ أهْلِ الكِتابِ ؟ الجَوابُ مِن وُجُوهٍ:
أحَدُها: أنَّ هَذا العَدَدَ لَمّا كانَ مَوْجُودًا في كِتابِهِمْ، ثُمَّ إنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ أخْبَرَ عَلى وفْقِ ذَلِكَ مِن غَيْرِ سابِقَةِ دِراسَةٍ وتَعَلُّمٍ، فَظَهَرَ أنَّ ذَلِكَ إنَّما حَصَلَ بِسَبَبِ الوَحْيِ مِنَ السَّماءِ، فالَّذِينَ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ ﷺ مِن أهْلِ الكِتابِ يَزْدادُونَ بِهِ إيمانًا.
وثانِيها: أنَّ التَّوْراةَ والإنْجِيلَ كانا مُحَرَّفَيْنِ، فَأهْلُ الكِتابِ كانُوا يَقْرَءُونَ فِيهِما أنَّ عَدَدَ الزَّبانِيَةِ هو هَذا القَدْرُ، ولَكِنَّهم ما كانُوا يُعَوِّلُونَ عَلى ذَلِكَ كُلَّ التَّعْوِيلِ لِعِلْمِهِمْ بِتَطَرُّقِ التَّحْرِيفِ إلى هَذَيْنِ الكِتابَيْنِ، فَلَمّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَوِيَ إيمانُهم بِذَلِكَ واسْتَيْقَنُوا أنَّ ذَلِكَ العَدَدَ هو الحَقُّ والصِّدْقُ.
وثالِثُها: أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كانَ يَعْلَمُ مِن حالِ قُرَيْشٍ أنَّهُ مَتى أخْبَرَهم بِهَذا العَدَدِ العَجِيبِ، فَإنَّهم يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ ويَضْحَكُونَ مِنهُ، لِأنَّهم كانُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ في إثْباتِ التَّوْحِيدِ والقُدْرَةِ والعِلْمِ، مَعَ أنَّ تِلْكَ المَسائِلَ أوْضَحُ وأظْهَرُ فَكَيْفَ في ذِكْرِ هَذا العَدَدِ العَجِيبِ ؟ ثُمَّ إنَّ اسْتِهْزاءَهم بِرَسُولِ اللَّهِ وشِدَّةَ سُخْرِيَتِهِمْ بِهِ ما مَنَعَهُ مِن إظْهارِ هَذا الحَقِّ، فَعِنْدَ هَذا يَعْلَمُ كُلُّ أحَدٍ أنَّهُ لَوْ كانَ غَرَضُ مُحَمَّدٍ ﷺ طَلَبَ الدُّنْيا والرِّياسَةَ لاحْتَرَزَ عَنْ ذِكْرِ هَذا (p-١٨٢)العَدَدِ العَجِيبِ، فَلَمّا ذَكَرَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِأنَّهم لا بُدَّ وأنْ يَسْتَهْزِئُوا بِهِ عَلِمَ كُلُّ عاقِلٍ أنَّ مَقْصُودَهُ مِنهُ إنَّما هو تَبْلِيغُ الوَحْيِ، وأنَّهُ ما كانَ يُبالِي في ذَلِكَ لا بِتَصْدِيقِ المُصَدِّقِينَ ولا بِتَكْذِيبِ المُكَذِّبِينَ.
السُّؤالُ الثّالِثُ: ما تَأْثِيرُ هَذِهِ الواقِعَةِ في ازْدِيادِ إيمانِ المُؤْمِنِينَ ؟ الجَوابُ: أنَّ المُكَلَّفَ ما لَمْ يَسْتَحْضِرْ كَوْنَهُ تَعالى عالِمًا بِجَمِيعِ المَعْلُوماتِ غَنِيًّا عَنْ جَمِيعِ الحادِثاتِ مُنَزَّهًا عَنِ الكَذِبِ والخُلْفِ لا يُمْكِنُهُ أنْ يَنْقادَ لِهَذِهِ العِدَّةِ ويَعْتَرِفَ بِحَقِيقَتِها، فَإذا اشْتَغَلَ بِاسْتِحْضارِ تِلْكَ الدَّلائِلِ ثُمَّ جَعَلَ العِلْمَ الإجْمالِيَّ بِأنَّهُ صادِقٌ لا يَكْذِبُ حَكِيمٌ لا يَجْهَلُ دافِعًا لِلتَّعَجُّبِ الحاصِلِ في الطَّبْعِ مِن هَذا العَدَدِ العَجِيبِ، فَحِينَئِذٍ يُمْكِنُهُ أنْ يُؤْمِنَ بِحَقِيقَةِ هَذا العَدَدِ، ولا شَكَّ أنَّ المُؤْمِنَ يَصِيرُ عِنْدَ اعْتِبارِ هَذِهِ المَقاماتِ أشَدَّ اسْتِحْضارًا لِلدَّلائِلِ وأكْثَرَ انْقِيادًا لِلدِّينِ، فالمُرادُ بِازْدِيادِ الإيمانِ هَذا.
السُّؤالُ الرّابِعُ: حَقِيقَةُ الإيمانِ عِنْدَكم لا تَقْبَلُ الزِّيادَةَ والنُّقْصانَ فَما قَوْلُكم في هَذِهِ الآيَةِ ؟ الجَوابُ: نَحْمِلُهُ عَلى ثَمَراتِ الإيمانِ وعَلى آثارِهِ ولَوازِمِهِ.
السُّؤالُ الخامِسُ: لَمّا أُثْبِتَ الِاسْتِيقانُ لِأهْلِ الكِتابِ وأُثْبِتَ زِيادَةُ الإيمانِ لِلْمُؤْمِنِينَ، فَما الفائِدَةُ في قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿ولا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ والمُؤْمِنُونَ﴾ ؟ الجَوابُ: أنَّ المَطْلُوبَ إذا كانَ غامِضًا دَقِيقَ الحُجَّةِ كَثِيرَ الشُّبْهَةِ، فَإذا اجْتَهَدَ الإنْسانُ فِيهِ وحَصَلَ لَهُ اليَقِينُ فَرُبَّما غَفَلَ عَنْ مُقَدِّمَةٍ مِن مُقَدِّماتِ ذَلِكَ الدَّلِيلِ الدَّقِيقِ، فَيَعُودُ الشَّكُّ والشُّبْهَةُ، فَإثْباتُ اليَقِينِ في بَعْضِ الأحْوالِ لا يُنافِي طَرَيانِ الِارْتِيابِ بَعْدَ ذَلِكَ، فالمَقْصُودُ مِن إعادَةِ هَذا الكَلامِ هو أنَّهُ حَصَلَ لَهم يَقِينٌ جازِمٌ، بِحَيْثُ لا يَحْصُلُ عَقِيبَهُ البَتَّةَ شَكٌّ ولا رَيْبٌ.
السُّؤالُ السّادِسُ: جُمْهُورُ المُفَسِّرِينَ قالُوا في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ ﴿الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾: إنَّهُمُ الكافِرُونَ، وذَكَرَ الحُسَيْنُ بْنُ الفَضْلِ البَجَلِيُّ أنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ ولَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ نِفاقٌ، فالمَرَضُ في هَذِهِ الآيَةِ لَيْسَ بِمَعْنى النِّفاقِ، والجَوابُ: قَوْلُ المُفَسِّرِينَ حَقٌّ، وذَلِكَ لِأنَّهُ كانَ في مَعْلُومِ اللَّهِ تَعالى أنَّ النِّفاقَ سَيَحْدُثُ فَأخْبَرَ عَمّا سَيَكُونُ، وعَلى هَذا تَصِيرُ هَذِهِ الآيَةُ مُعْجِزَةً، لِأنَّهُ إخْبارٌ عَنْ غَيْبٍ سَيَقَعُ، وقَدْ وقَعَ عَلى وفْقِ الخَبَرِ فَيَكُونُ مُعْجِزًا، ويَجُوزُ أيْضًا أنْ يُرادَ بِالمَرَضِ الشَّكُّ؛ لِأنَّ أهْلَ مَكَّةَ كانَ أكْثَرُهم شاكِّينَ، وبَعْضُهم كانُوا قاطِعِينَ بِالكَذِبِ.
السُّؤالُ السّابِعُ: هَبْ أنَّ الِاسْتِيقانَ وانْتِفاءَ الِارْتِيابِ يَصِحُّ أنْ يَكُونا مَقْصُودَيْنِ مِن إنْزالِ هَذا المُتَشابِهِ، فَكَيْفَ صَحَّ أنْ يَكُونَ قَوْلُ الكافِرِينَ والمُنافِقِينَ مَقْصُودًا ؟ الجَوابُ: أمّا عَلى أصْلِنا فَلا إشْكالَ لِأنَّهُ تَعالى يَهْدِي مَن يَشاءُ ويُضِلُّ مَن يَشاءُ، وسَيَأْتِي مَزِيدُ تَقْرِيرٍ لِهَذا في الآيَةِ الآتِيَةِ، وأمّا عِنْدَ المُعْتَزِلَةِ فَإنَّ هَذِهِ الحالَةَ لَمّا وقَعَتْ أشْبَهَتِ الغَرَضَ في كَوْنِهِ واقِعًا، فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ حَرْفُ اللّامِ، وهو كَقَوْلِهِ: ﴿ولَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ﴾ [ الأعْرافِ: ١٧٩] .
السُّؤالُ الثّامِنُ: لِمَ سَمَّوْهُ مَثَلًا ؟ الجَوابُ: أنَّهُ لَمّا كانَ هَذا العَدَدُ عَدَدًا عَجِيبًا ظَنَّ القَوْمُ أنَّهُ رُبَّما لَمْ يَكُنْ مُرادُ اللَّهِ مِنهُ ما أشْعَرَ بِهِ ظاهِرُهُ بَلْ جَعَلَهُ مَثَلًا لِشَيْءٍ آخَرَ وتَنْبِيهًا عَلى مَقْصُودٍ آخَرَ لا جَرَمَ سَمَّوْهُ مَثَلًا.
السُّؤالُ التّاسِعُ: القَوْمُ كانُوا يُنْكِرُونَ كَوْنَ القُرْآنِ مِن عِنْدِ اللَّهِ، فَكَيْفَ قالُوا: ماذا أرادَ اللَّهُ بِهَذا مَثَلًا ؟ الجَوابُ: أمّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ، وهُمُ المُنافِقُونَ فَكانُوا في الظّاهِرِ مُعْتَرِفِينَ بِأنَّ القُرْآنَ مِن عِنْدِ اللَّهِ فَلا جَرَمَ قالُوا ذَلِكَ بِاللِّسانِ، وأمّا الكُفّارُ فَقالُوهُ عَلى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ أوْ عَلى سَبِيلِ الِاسْتِدْلالِ بِأنَّ القُرْآنَ لَوْ كانَ مِن عِنْدِ اللَّهِ لَما قالَ مِثْلَ هَذا الكَلامِ. (p-١٨٣)
* * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشاءُ ويَهْدِي مَن يَشاءُ﴾ وجْهُ الِاسْتِدْلالِ بِالآيَةِ لِلْأصْحابِ ظاهِرٌ لِأنَّهُ تَعالى ذَكَرَ في أوَّلِ الآيَةِ قَوْلَهُ: ﴿وما جَعَلْنا عِدَّتَهم إلّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ثُمَّ ذَكَرَ في آخِرِ الآيَةِ: ﴿ولِيَقُولَ الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ والكافِرُونَ ماذا أرادَ اللَّهُ بِهَذا مَثَلًا﴾ ثُمَّ قالَ: ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشاءُ ويَهْدِي مَن يَشاءُ﴾ .
أمّا المُعْتَزِلَةُ فَقَدْ ذَكَرُوا الوُجُوهَ المَشْهُورَةَ الَّتِي لَهم:
أحَدُها: أنَّ المُرادَ مِنَ الإضْلالِ مَنعُ الألْطافِ.
وثانِيها: أنَّهُ لَمّا اهْتَدى قَوْمٌ بِاخْتِيارِهِمْ عِنْدَ نُزُولِ هَذِهِ الآياتِ وضَلَّ قَوْمٌ بِاخْتِيارِهِمْ عِنْدَ نُزُولِها أشْبَهَ ذَلِكَ أنَّ المُؤَثِّرَ في ذَلِكَ الِاهْتِداءِ وذَلِكَ الإضْلالِ هو هَذِهِ الآياتُ، وهو كَقَوْلِهِ: ﴿فَزادَتْهم إيمانًا﴾ وكَقَوْلِهِ: ﴿فَزادَتْهم رِجْسًا﴾ .
وثالِثُها: أنَّ المُرادَ مِن قَوْلِهِ: ﴿يُضِلُّ﴾ ومِن قَوْلِهِ: ﴿ويَهْدِي﴾ - حُكْمُ اللَّهُ بِكَوْنِهِ ضالًّا وبِكَوْنِهِ مُهْتَدِيًا.
ورابِعُها: أنَّهُ تَعالى يُضِلُّهم يَوْمَ القِيامَةِ عَنْ دارِ الثَّوابِ، وهَذِهِ الكَلِماتُ مَعَ أجْوِبَتِها تَقَدَّمَتْ في سُورَةِ البَقَرَةِ في قَوْلِهِ: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا ويَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ [ البَقَرَةِ: ٢٦] .
* *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلّا هُوَ﴾ فِيهِ وُجُوهٌ:
أحَدُها: وهو الأوْلى أنَّ القَوْمَ اسْتَقْبَلُوا ذَلِكَ العَدَدَ، فَقالَ تَعالى: ﴿وما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلّا هُوَ﴾ فَهَبْ أنَّ هَؤُلاءِ تِسْعَةَ عَشَرَ إلّا أنَّ لِكُلِّ واحِدٍ مِنهم مِنَ الأعْوانِ والجُنُودِ ما لا يَعْلَمُ عَدَدَهم إلّا اللَّهُ.
وثانِيها: وما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ لِفَرْطِ كَثْرَتِها إلّا هو، فَلا يَعِزُّ عَلَيْهِ تَتْمِيمُ الخَزَنَةِ عِشْرِينَ، ولَكِنَّ لَهُ في هَذا العَدَدِ حِكْمَةً لا يَعْلَمُها الخَلْقُ وهو جَلَّ جَلالُهُ يَعْلَمُها.
وثالِثُها: أنَّهُ لا حاجَةَ بِاللَّهِ سُبْحانَهُ في تَعْذِيبِ الكُفّارِ والفُسّاقِ إلى هَؤُلاءِ الخَزَنَةِ، فَإنَّهُ هو الَّذِي يُعَذِّبُهم في الحَقِيقَةِ، وهو الَّذِي يَخْلُقُ الآلامَ فِيهِمْ، ولَوْ أنَّهُ تَعالى قَلَّبَ شَعْرَةً في عَيْنِ ابْنِ آدَمَ أوْ سَلَّطَ الألَمَ عَلى عِرْقٍ واحِدٍ مِن عُرُوقِ بَدَنِهِ لَكَفاهُ ذَلِكَ بَلاءً ومِحْنَةً، فَلا يَلْزَمُ مِن تَقْلِيلِ عَدَدِ الخَزَنَةِ قِلَّةُ العَذابِ، فَجُنُودُ اللَّهِ غَيْرُ مُتَناهِيَةٍ لِأنَّ مَقْدُوراتِهِ غَيْرُ مُتَناهِيَةٍ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما هي إلّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ﴾ الضَّمِيرُ في قَوْلِهِ ﴿وما هِيَ﴾ إلى ماذا يَعُودُ ؟ فِيهِ قَوْلانِ:
الأوَّلُ: أنَّهُ عائِدٌ إلى ”سَقَرَ“، والمَعْنى: وما سَقَرُ وصِفَتُها إلّا تَذْكِرَةٌ لِلْبَشَرِ.
والثّانِي: أنَّهُ عائِدٌ إلى هَذِهِ الآياتِ المُشْتَمِلَةِ عَلى هَذِهِ المُتَشابِهاتِ، وهي ذِكْرى لِجَمِيعِ العالَمِينَ، وإنْ كانَ المُنْتَفِعُ بِها لَيْسَ إلّا أهْلَ الإيمانِ.
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿كَلّا﴾ وفِيهِ وُجُوهٌ:
أحَدُها: أنَّهُ إنْكارٌ بَعْدَ أنْ جَعَلَها ذِكْرًى، أنْ تَكُونَ لَهم ذِكْرًى لِأنَّهم لا يَتَذَكَّرُونَ.
وثانِيها: أنَّهُ رَدْعٌ لِمَن يُنْكِرُ أنْ يَكُونَ إحْدى الكُبَرِ نَذِيرًا.
وثالِثُها: أنَّهُ رَدْعٌ لِقَوْلِ أبِي جَهْلٍ وأصْحابِهِ: إنَّهم يَقْدِرُونَ عَلى مُقاوَمَةِ خَزَنَةِ النّارِ.
ورابِعُها: أنَّهُ رَدْعٌ لَهم عَنِ الِاسْتِهْزاءِ بِالعُدَّةِ المَخْصُوصَةِ.
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿والقَمَرِ﴾ ﴿واللَّيْلِ إذْ أدْبَرَ﴾ وفِيهِ قَوْلانِ:
الأوَّلُ: قالَ الفَرّاءُ والزَّجّاجُ: دَبَرَ وأدْبَرَ بِمَعْنًى واحِدٍ كَقَبَلَ وأقْبَلَ، ويَدُلُّ عَلى هَذا قِراءَةُ مَن قَرَأ ”إذا دَبَرَ“ ورُوِيَ أنَّ مُجاهِدًا سَألَ ابْنَ عَبّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ ”دَبَرَ“ فَسَكَتَ حَتّى إذا أدْبَرَ اللَّيْلُ قالَ: يا مُجاهِدُ هَذا حِينَ دَبَرَ اللَّيْلُ، ورَوى أبُو الضُّحى أنَّ ابْنَ عَبّاسٍ كانَ يَعِيبُ هَذِهِ (p-١٨٤)القِراءَةَ، ويَقُولُ: إنَّما يَدْبُرُ ظَهْرُ البَعِيرِ، قالَ الواحِدِيُّ: والقِراءَتانِ عِنْدَ أهْلِ اللُّغَةِ سَواءٌ عَلى ما ذَكَرْنا، وأنْشَدَ أبُو عَلِيٍّ:
؎وأبى الَّذِي تَرَكَ المُلُوكَ وجَمْعَهم بِصِهابِ هامِدَةٍ كَأمْسِ الدّابِرِ
القَوْلُ الثّانِي: قالَ أبُو عُبَيْدَةَ وابْنُ قُتَيْبَةَ: دَبَرَ أيْ جاءَ بَعْدَ النَّهارِ، يُقالُ: دَبَرَنِي أيْ جاءَ خَلْفِي، ودَبَرَ اللَّيْلُ أيْ جاءَ بَعْدَ النَّهارِ، قالَ قُطْرُبٌ: فَعَلى هَذا مَعْنى إذا دَبَرَ إذا أقْبَلَ بَعْدَ مُضِيِّ النَّهارِ.
{"ayahs_start":31,"ayahs":["وَمَا جَعَلۡنَاۤ أَصۡحَـٰبَ ٱلنَّارِ إِلَّا مَلَـٰۤىِٕكَةࣰۖ وَمَا جَعَلۡنَا عِدَّتَهُمۡ إِلَّا فِتۡنَةࣰ لِّلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِیَسۡتَیۡقِنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ وَیَزۡدَادَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِیمَـٰنࣰا وَلَا یَرۡتَابَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَلِیَقُولَ ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ وَٱلۡكَـٰفِرُونَ مَاذَاۤ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلࣰاۚ كَذَ ٰلِكَ یُضِلُّ ٱللَّهُ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۚ وَمَا یَعۡلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَۚ وَمَا هِیَ إِلَّا ذِكۡرَىٰ لِلۡبَشَرِ","كَلَّا وَٱلۡقَمَرِ","وَٱلَّیۡلِ إِذۡ أَدۡبَرَ"],"ayah":"وَمَا جَعَلۡنَاۤ أَصۡحَـٰبَ ٱلنَّارِ إِلَّا مَلَـٰۤىِٕكَةࣰۖ وَمَا جَعَلۡنَا عِدَّتَهُمۡ إِلَّا فِتۡنَةࣰ لِّلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِیَسۡتَیۡقِنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ وَیَزۡدَادَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِیمَـٰنࣰا وَلَا یَرۡتَابَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَلِیَقُولَ ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ وَٱلۡكَـٰفِرُونَ مَاذَاۤ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلࣰاۚ كَذَ ٰلِكَ یُضِلُّ ٱللَّهُ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۚ وَمَا یَعۡلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَۚ وَمَا هِیَ إِلَّا ذِكۡرَىٰ لِلۡبَشَرِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق