الباحث القرآني

قالَ المُبَرِّدُ: ”دَيّارًا“ لا تُسْتَعْمَلُ إلّا في النَّفْيِ العامِّ، يُقالُ: ما بِالدّارِ دَيّارٌ. ولا تُسْتَعْمَلُ في جانِبِ الإثْباتِ، قالَ أهْلُ العَرَبِيَّةِ: هو فَيْعالٌ مِنَ الدَّوْرِ، (p-١٣٠)وأصْلُهُ دَيْوارٌ فَقُلِبَتِ الواوُ ياءً وأُدْغِمَتْ إحْداهُما في الأُخْرى، قالَ الفَرّاءُ والزَّجّاجُ: وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: ما بِها دَيّارٌ أيْ نازِلُ دارٍ. * * * ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿إنَّكَ إنْ تَذَرْهم يُضِلُّوا عِبادَكَ ولا يَلِدُوا إلّا فاجِرًا كَفّارًا﴾ فَإنْ قِيلَ: كَيْفَ عَرَفَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلامُ ذَلِكَ ؟ قُلْنا: لِلنَّصِّ والِاسْتِقْراءِ، أمّا النَّصُّ فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إلّا مَن قَدْ آمَنَ﴾ [هُودٍ: ٣٦] وأمّا الِاسْتِقْراءُ، فَهو أنَّهُ لَبِثَ فِيهِمْ ألْفَ سَنَةٍ إلّا خَمْسِينَ عامًا فَعَرَفَ طِباعَهم وجَرَّبَهم، وكانَ الرَّجُلُ مِنهم يَنْطَلِقُ بِابْنِهِ إلَيْهِ، ويَقُولُ: احْذَرْ هَذا فَإنَّهُ كَذّابٌ، وإنَّ أبِي أوْصانِي بِمِثْلِ هَذِهِ الوَصِيَّةِ، فَيَمُوتُ الكَبِيرُ ويَنْشَأُ الصَّغِيرُ عَلى ذَلِكَ، وقَوْلُهُ: ﴿ولا يَلِدُوا إلّا فاجِرًا كَفّارًا﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهم يَكُونُونَ في عِلْمِكَ كَذَلِكَ. والثّانِي: أنَّهم سَيَصِيرُونَ كَذَلِكَ. واعْلَمْ أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمّا دَعا عَلى الكُفّارِ قالَ بَعْدَهُ: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي﴾ أيْ: فِيما صَدَرَ عَنِّي مِن تَرْكِ الأفْضَلِ، ويُحْتَمَلُ أنَّهُ حِينَ دَعا عَلى الكُفّارِ إنَّما دَعا عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ تَأذِّيهِ مِنهم، فَكانَ ذَلِكَ الدُّعاءُ عَلَيْهِمْ كالِانْتِقامِ، فاسْتَغْفَرَ عَنْ ذَلِكَ لِما فِيهِ مِن طَلَبِ حَظِّ النَّفْسِ. ثُمَّ قالَ: (ولِوالِدَيَّ) أبُوهُ لَمْكُ بْنُ مَتُّوشَلَخَ وأُمُّهُ شَمْخاءُ بِنْتُ أنُوشَ، وكانا مُؤْمِنَيْنِ، وقالَ عَطاءٌ: لَمْ يَكُنْ بَيْنَ نُوحٍ وآدَمَ عَلَيْهِما السَّلامُ مِن آَبائِهِ كافِرٌ، وكانَ بَيْنَهُ وبَيْنَ آدَمَ عَشَرَةُ آباءٍ. وقَرَأ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ولِوَلِدَيَّ يُرِيدُ سامًا وحامًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب