الباحث القرآني
(p-١٢٤)واعْلَمْ أنَّهُ لَمّا أمَرَ في هَذِهِ الآيَةِ بِتَعْظِيمِ اللَّهِ اسْتَدَلَّ عَلى التَّوْحِيدِ بِوُجُوهٍ مِنَ الدَّلائِلِ:
الأوَّلُ: قَوْلُهُ: ﴿وقَدْ خَلَقَكم أطْوارًا﴾ وفِيهِ وجْهانِ:
الأوَّلُ: قالَ اللَّيْثُ: الطَّوْرَةُ التّارَةُ يَعْنِي حالًا بَعْدَ حالٍ كَما ذَكَرْنا أنَّهُ كانَ نُطْفَةً، ثُمَّ عَلَقَةً إلى آخِرِ التّاراتِ.
الثّانِي: قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: الطَّوْرُ الحالُ، والمَعْنى خَلَقَكم أصْنافًا مُخْتَلِفِينَ لا يُشْبِهُ بَعْضُكم بَعْضًا، ولَمّا ذَكَرَ هَذا الدَّلِيلَ مِنَ الأنْفُسِ عَلى التَّوْحِيدِ، أتْبَعَهُ بِذِكْرِ دَلِيلِ التَّوْحِيدِ مِنَ الآفاقِ عَلى العادَةِ المَعْهُودَةِ في كُلِّ القُرْآنِ.
الدَّلِيلُ الثّانِي: عَلى التَّوْحِيدِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقًا﴾ ﴿وجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجًا﴾ .
واعْلَمْ أنَّهُ تَعالى تارَةً يَبْدَأُ بِدَلائِلِ الأنْفُسِ، وبَعْدَها بِدَلائِلِ الآفاقِ كَما في هَذِهِ الآيَةِ، وذَلِكَ لِأنَّ نَفْسَ الإنْسانِ أقْرَبُ الأشْياءِ إلَيْهِ، فَلا جَرَمَ بَدَأ بِالأقْرَبِ، وتارَةً يَبْدَأُ بِدَلائِلِ الآفاقِ، ثُمَّ بِدَلائِلِ الأنْفُسِ إمّا لِأنَّ دَلائِلَ الآفاقِ أبْهَرُ وأعْظَمُ، فَوَقَعَتِ البِدايَةُ بِها لِهَذا السَّبَبِ، أوْ لِأجْلِ أنَّ دَلائِلَ الأنْفُسِ حاضِرَةٌ، لا حاجَةَ بِالعاقِلِ إلى التَّأمُّلِ فِيها، إنَّما الَّذِي يَحْتاجُ إلى التَّأمُّلِ فِيهِ دَلائِلُ الآفاقِ؛ لِأنَّ الشُّبَهَ فِيها أكْثَرُ، فَلا جَرَمَ تَقَعُ البِدايَةُ بِها، وهَهُنا سُؤالاتٌ:
السُّؤالُ الأوَّلُ: قَوْلُهُ: ﴿سَبْعَ سَماواتٍ طِباقًا﴾ يَقْتَضِي كَوْنَ بَعْضِها مُنْطَبِقًا عَلى البَعْضِ، وهَذا يَقْتَضِي أنْ لا يَكُونَ بَيْنَها فُرَجٌ، فالمَلائِكَةُ كَيْفَ يَسْكُنُونَ فِيها ؟ (الجَوابُ): المَلائِكَةُ أرْواحٌ فَلَعَلَّ المُرادَ مِن كَوْنِها طِباقًا كَوْنُها مُتَوازِيَةً لا أنَّها مُتَماسَّةٌ.
السُّؤالُ الثّانِي: كَيْفَ قالَ: ﴿وجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا﴾ والقَمَرُ لَيْسَ فِيها بِأسْرِها بَلْ في السَّماءِ الدُّنْيا ؟ (والجَوابُ): هَذا كَما يُقالُ: السُّلْطانُ في العِراقِ لَيْسَ المُرادُ أنَّ ذاتَهُ حاصِلَةٌ في جَمِيعِ أحْيازِ العِراقِ بَلْ إنَّ ذاتَهُ في حَيِّزٍ مِن جُمْلَةِ أحْيازِ العِراقِ فَكَذا هَهُنا.
السُّؤالُ الثّالِثُ: السِّراجُ ضَوْءُهُ عَرَضِيٌّ وضَوْءُ القَمَرِ عَرَضِيٌّ مُتَبَدِّلٌ فَتَشْبِيهُ القَمَرِ بِالسِّراجِ أوْلى مِن تَشْبِيهِ الشَّمْسِ بِهِ (الجَوابُ): اللَّيْلُ عِبارَةٌ عَنْ ظِلِّ الأرْضِ، والشَّمْسُ لَمّا كانَتْ سَبَبًا لِزَوالِ ظِلِّ الأرْضِ كانَتْ شَبِيهَةً بِالسِّراجِ، وأيْضًا فالسِّراجُ لَهُ ضَوْءٌ والضَّوْءُ أقْوى مِنَ النُّورِ فَجَعَلَ الأضْعَفَ لِلْقَمَرِ والأقْوى لِلشَّمْسِ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً والقَمَرَ نُورًا﴾ [يُونُسَ: ٥] .
{"ayahs_start":14,"ayahs":["وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا","أَلَمۡ تَرَوۡا۟ كَیۡفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبۡعَ سَمَـٰوَ ٰتࣲ طِبَاقࣰا","وَجَعَلَ ٱلۡقَمَرَ فِیهِنَّ نُورࣰا وَجَعَلَ ٱلشَّمۡسَ سِرَاجࣰا"],"ayah":"أَلَمۡ تَرَوۡا۟ كَیۡفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبۡعَ سَمَـٰوَ ٰتࣲ طِبَاقࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق