الباحث القرآني

(p-١١٦)﴿أُولَئِكَ في جَنّاتٍ مُكْرَمُونَ﴾ ﴿فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾ ﴿عَنِ اليَمِينِ وعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ﴾ وسادِسُها - قَوْلُهُ: ﴿والَّذِينَ هم لِأماناتِهِمْ وعَهْدِهِمْ راعُونَ﴾ وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ أيْضًا. وسابِعُها - قَوْلُهُ: ﴿والَّذِينَ هم بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ﴾ قُرِئَ بِشَهادَتِهِمْ وبِشَهاداتِهِمْ، قالَ الواحِدِيُّ: والإفْرادُ أوْلى لِأنَّهُ مَصْدَرٌ فَيُفْرَدُ كَما تُفْرَدُ المُصادِرُ وإنْ أُضِيفَ لِجَمْعٍ كَقَوْلِهِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ. ومَن جَمَعَ ذَهَبَ إلى اخْتِلافِ الشَّهاداتِ، وكَثُرَتْ ضُرُوبُها فَحَسُنَ الجَمْعُ مِن جِهَةِ الِاخْتِلافِ، وأكْثَرُ المُفَسِّرِينَ قالُوا: يَعْنِي الشَّهاداتِ عِنْدَ الحُكّامِ يَقُومُونَ بِها بِالحَقِّ، ولا يَكْتُمُونَها، وهَذِهِ الشَّهاداتُ مِن جُمْلَةِ الأماناتِ إلّا أنَّهُ تَعالى خَصَّها مِن بَيْنِها إبانَةً لِفَضْلِها؛ لِأنَّ في إقامَتِها إحْياءَ الحُقُوقِ، وفي تَرْكِها إبْطالَها وتَضْيِيعَها، ورَوى عَطاءٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: يُرِيدُ الشَّهادَةَ بِأنَّ اللَّهَ واحِدٌ لا شَرِيكَ لَهُ. وثامِنُها - قَوْلُهُ: ﴿والَّذِينَ هم عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ﴾ وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ. ثُمَّ وعَدَ هَؤُلاءِ وقالَ: ﴿أُولَئِكَ في جَنّاتٍ مُكْرَمُونَ﴾ . ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ ما يَتَعَلَّقُ بِالكُفّارِ فَقالَ: ﴿فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾ المُهْطِعُ المُسْرِعُ وقِيلَ: المادُّ عُنُقَهُ، وأنْشَدُوا فِيهِ: ؎بِمَكَّةَ أهْلُها ولَقَدْ أراهم بِمَكَّةَ مُهْطِعِينَ إلى السَّماعِ والوَجْهانِ مُتَقارِبانِ، رُوِيَ أنَّ المُشْرِكِينَ كانُوا يَحْتَفُّونَ حَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ حِلَقًا حِلَقًا وفِرَقًا فِرَقًا يَسْتَمِعُونَ ويَسْتَهْزِئُونَ بِكَلامِهِ، ويَقُولُونَ: إذا دَخَلَ هَؤُلاءِ الجَنَّةَ كَما يَقُولُ مُحَمَّدٌ فَلَنَدْخُلَنَّها قَبْلَهم، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، فَقَوْلُهُ: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ أيْ مُسْرِعِينَ نَحْوَكَ مادِّينَ أعْناقَهم إلَيْكَ مُقْبِلِينَ بِأبْصارِهِمْ عَلَيْكَ، وقالَ أبُو مُسْلِمٍ: ظاهِرُ الآيَةِ يَدُلُّ عَلى أنَّهم هُمُ المُنافِقُونَ، فَهُمُ الَّذِينَ كانُوا عِنْدَهُ، وإسْراعُهُمُ المَذْكُورُ هو الإسْراعُ في الكُفْرِ كَقَوْلِهِ: ﴿لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ في الكُفْرِ﴾ . [المائِدَةِ: ٤١] . * * * ثُمَّ قالَ: ﴿عَنِ اليَمِينِ وعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ﴾ وذَلِكَ لِأنَّهم كانُوا عَنْ يَمِينِهِ وعَنْ شِمالِهِ مُجْتَمِعِينَ، ومَعْنى: ﴿عِزِينَ﴾ جَماعاتٌ في تَفْرِقَةٍ، واحِدُها عِزَةٌ، وهي العُصْبَةُ مِنَ النّاسِ، قالَ الأزْهَرِيُّ: وأصْلُها مِن قَوْلِهِمْ عَزا فُلانٌ نَفْسَهُ إلى بَنِي فُلانٍ يَعْزُوها عَزْوًا إذا انْتَهى إلَيْهِمْ، والِاسْمُ العِزْوَةُ وكانَ العِزَةُ كُلُّ جَماعَةٍ اعْتَزُّوها إلى أمْرٍ واحِدٍ، واعْلَمْ أنَّ هَذا مِنَ المَنقُوصِ الَّذِي جازَ جَمْعُهُ بِالواوِ والنُّونِ عِوَضًا مِنَ المَحْذُوفِ، وأصْلُها عِزْوَةٌ، والكَلامُ في هَذِهِ كالكَلامِ في عِضِينَ وقَدْ تَقَدَّمَ، وقِيلَ كانَ المُسْتَهْزِئُونَ خَمْسَةَ أرْهُطٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب