الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ ولِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الكِتابَ وهو يَتَوَلّى الصّالِحِينَ﴾ ﴿والَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكم ولا أنْفُسَهم يَنْصُرُونَ﴾ ﴿وإنْ تَدْعُوهم إلى الهُدى لا يَسْمَعُوا وتَراهم يَنْظُرُونَ إلَيْكَ وهم لا يُبْصِرُونَ﴾ . (p-٧٧)اعْلَمْ أنَّهُ لَمّا بَيَّنَ في الآياتِ المُتَقَدِّمَةِ أنَّ هَذِهِ الأصْنامَ لا قُدْرَةَ لَها عَلى النَّفْعِ والضُّرِّ بَيَّنَ بِهَذِهِ الآيَةِ أنَّ الواجِبَ عَلى كُلِّ عاقِلٍ عِبادَةُ اللَّهِ تَعالى، لِأنَّهُ هو الَّذِي يَتَوَلّى تَحْصِيلَ مَنافِعِ الدِّينِ ومَنافِعِ الدُّنْيا، أمّا تَحْصِيلُ مَنافِعِ الدِّينِ، فَبِسَبَبِ إنْزالِ الكِتابِ، وأمّا تَحْصِيلُ مَنافِعِ الدُّنْيا، فَهو المُرادُ بِقَوْلِهِ: ﴿وهُوَ يَتَوَلّى الصّالِحِينَ﴾ وفِيهِ مَسائِلُ: المَسْألَةُ الأُولى: قالَ الواحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَرَأ القُرّاءُ ولِيِّي بِثَلاثِ ياءاتٍ، الأُولى ياءُ فَعِيلٍ وهي ساكِنَةٌ، والثّانِيَةُ لامُ الفِعْلِ وهي مَكْسُورَةٌ، قَدْ أُدْغِمَتِ الأُولى فِيها فَصارَ ياءً مُشَدَّدَةً، والثّالِثَةُ ياءُ الإضافَةِ، ورُوِيَ عَنْ أبِي عَمْرٍو: ولِيَّ اللَّهُ بِياءٍ مُشَدَّدَةٍ، ووَجْهُ ذَلِكَ أنَّهُ حَذَفَ الياءَ الَّتِي هي لامُ فَعِيلٍ، كَما حَذَفَ اللّامَ مِن قَوْلِهِمْ فاماليت بِهِ فالهَ، ثُمَّ أُدْغِمَتْ ياءُ فَعِيلٍ في ياءِ الإضافَةِ، فَقِيلَ ولِيَّ اللَّهُ وهَذِهِ الفَتْحَةُ فَتْحَةُ ياءِ الإضافَةِ، وأمّا الباقُونَ فَأجازُوا اجْتِماعَ ثَلاثِ ياءاتٍ، واللَّهُ أعْلَمُ. المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: ﴿إنَّ ولِيِّيَ اللَّهُ﴾ أيِ الَّذِي يَتَوَلّى حِفْظِي ونُصْرَتِي هو اللَّهُ الَّذِي أنْزَلَ الكِتابَ المُشْتَمِلَ عَلى هَذِهِ العُلُومِ العَظِيمَةِ النّافِعَةِ في الدِّينِ ويَتَوَلّى الصّالِحِينَ بِنَصْرِهِمْ، فَلا تَضُرُّهم عَداوَةُ مَن عاداهم، وفي ذَلِكَ يَأْمَنُ المُشْرِكِينَ مِن أنْ يَضُرَّهُ كَيْدُهم، وسَمِعْتُ أنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ ما كانَ يَدَّخِرُ لِأوْلادِهِ شَيْئًا، فَقِيلَ لَهُ فِيهِ فَقالَ: ولَدِي إمّا أنْ يَكُونَ مِنَ الصّالِحِينَ أوْ مِنَ المُجْرِمِينَ، فَإنْ كانَ مِنَ الصّالِحِينَ فَوَلِيُّهُ اللَّهُ، ومَن كانَ لَهُ ولِيًّا فَلا حاجَةَ لَهُ إلى مالِي، وإنْ كانَ مِنَ المُجْرِمِينَ فَقَدْ قالَ تَعالى: ﴿فَلَنْ أكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ﴾ [القَصَصِ: ١٧] ومَن رَدَّهُ اللَّهُ لَمْ أشْتَغِلْ بِإصْلاحِ مُهِمّاتِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب