الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ويا آدَمُ اسْكُنْ أنْتَ وزَوْجُكَ الجَنَّةَ فَكُلا مِن حَيْثُ شِئْتُما ولا تَقْرَبا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ﴾ اعْلَمْ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلى مَسائِلَ: أحَدُها: إنَّ قَوْلَهُ: (اسْكُنْ) أمْرُ تَعَبُّدٍ، أوْ أمْرُ إباحَةٍ وإطْلاقٍ، مِن حَيْثُ إنَّهُ لا مَشَقَّةَ فِيهِ. فَلا يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّكْلِيفُ. وثانِيها: إنَّ زَوْجَ آدَمَ هو حَوّاءُ، ويَجِبُ أنْ نَذْكُرَ أنَّهُ تَعالى كَيْفَ خَلَقَ حَوّاءَ. وثالِثُها: إنَّ تِلْكَ الجَنَّةَ كانَتْ جَنَّةَ الخُلْدِ، أوْ جَنَّةً مِن جِنانِ السَّماءِ أوْ جَنَّةً مِن جِنانِ الأرْضِ. ورابِعُها: إنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَكُلا﴾ أمْرُ إباحَةٍ لا أمْرُ تَكْلِيفٍ. وخامِسُها: إنَّ قَوْلَهُ: ﴿ولا تَقْرَبا﴾ نَهْيُ تَنْزِيهٍ أوْ نَهْيُ تَحْرِيمٍ. وسادِسُها: إنَّ قَوْلَهُ: ﴿هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾ المُرادُ شَجَرَةٌ واحِدَةٌ بِالشَّخْصِ أوِ النَّوْعِ. وسابِعُها: إنَّ تِلْكَ الشَّجَرَةَ أيُّ شَجَرَةٍ كانَتْ. وثامِنُها: إنَّ ذَلِكَ الذَّنْبَ كانَ صَغِيرًا أوْ كَبِيرًا. وتاسِعُها: أنَّهُ ما المُرادُ مِن قَوْلِهِ: ﴿فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ﴾ وهَلْ يَلْزَمُ مِن كَوْنِهِ ظالِمًا بِهَذا القُرْبانِ الدُّخُولُ تَحْتَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ألا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلى الظّالِمِينَ﴾ (هُودٍ: ١٨) . وعاشِرُها: إنَّ هَذِهِ الواقِعَةَ وقَعَتْ قَبْلَ نُبُوَّةِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ أوْ بَعْدَها، فَهَذِهِ المَسائِلُ العَشَرَةُ قَدْ سَبَقَ تَفْصِيلُها وتَقْرِيرُها في سُورَةِ البَقَرَةِ فَلا نُعِيدُها، والَّذِي بَقِيَ عَلَيْنا مِن هَذِهِ الآيَةِ حَرْفٌ واحِدٌ، (p-٣٨)وهُوَ أنَّهُ تَعالى قالَ في سُورَةِ البَقَرَةِ: ﴿وكُلا مِنها رَغَدًا﴾ (البَقَرَةِ: ٣٥) بِالواوِ، وقالَ هَهُنا: (فَكُلا) بِالفاءِ فَما السَّبَبُ فِيهِ ؟ وجَوابُهُ مِن وجْهَيْنِ: الأوَّلُ: إنَّ الواوَ تُفِيدُ الجَمْعَ المُطْلَقَ، والفاءَ تُفِيدُ الجَمْعَ عَلى سَبِيلِ التَّعْقِيبِ، فالمَفْهُومُ مِنَ الفاءِ نَوْعٌ داخِلٌ تَحْتَ المَفْهُومِ مِنَ الواوِ، ولا مُنافاةَ بَيْنَ النَّوْعِ والجِنْسِ، فَفي سُورَةِ البَقَرَةِ ذَكَرَ الجِنْسَ وفي سُورَةِ الأعْرافِ ذَكَرَ النَّوْعَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب