الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالُوا أرْجِهْ وأخاهُ وأرْسِلْ في المَدائِنِ حاشِرِينَ﴾ ﴿يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ﴾ ﴿وجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إنَّ لَنا لَأجْرًا إنْ كُنّا نَحْنُ الغالِبِينَ﴾ ﴿قالَ نَعَمْ وإنَّكم لَمِنَ المُقَرَّبِينَ﴾ .
اعْلَمْ أنَّ في الآيَةِ مَسائِلَ:
المَسْألَةُ الأُولى: قَرَأ نافِعٌ والكِسائِيُّ ”أرْجِهِ“ بِغَيْرِ هَمْزٍ وكَسْرِ الهاءِ والإشْباعِ، وقَرَأ عاصِمٌ وحَمْزَةُ ”ارْجِهْ“ بِغَيْرِ الهَمْزِ وسُكُونِ الهاءِ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وابْنُ عامِرٍ وأبُو عَمْرٍو ”أرْجِئْهُ“ بِالهَمْزِ وضَمِّ الهاءِ، ثُمَّ إنَّ ابْنَ كَثِيرٍ (p-١٦٢)أشْبَعَ الهاءَ عَلى أصْلِهِ، والباقُونَ لا يُشْبِعُونَ. قالَ الواحِدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ”أرْجِهْ“ مَهْمُوزٌ وغَيْرُ مَهْمُوزٍ لُغَتانِ، يُقالُ: أرْجَأْتُ الأمْرَ وأرْجَيْتُهُ إذا أخَّرْتَهُ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وآخَرُونَ مُرْجَوْنَ﴾ [التوبة: ١٠٦] ﴿تُرْجِي مَن تَشاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] قُرِئَ في الآيَتَيْنِ بِاللُّغَتَيْنِ، وأمّا قِراءَةُ عاصِمٍ وحَمْزَةَ بِغَيْرِ الهَمْزِ وسُكُونِ الهاءِ. فَقالَ الفَرّاءُ: هي لُغَةُ العَرَبِ يَقِفُونَ عَلى الهاءِ المُكَنّى عَنْها في الوَصْلِ إذا تَحَرَّكَ ما قَبْلَها، وأنْشَدَ:
؎فَيُصْلِحُ اليَوْمَ ويُفْسِدُهُ غَدًا
قالَ: وكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ بِهاءِ التَّأْنِيثِ فَيَقُولُونَ: هَذِهِ طَلْحَهْ قَدْ أقْبَلَتْ، وأنْشَدَ:
؎لَمّا رَأى أنْ لا دَعَهْ ولا شِبَعْ
ثُمَّ قالَ الواحِدِيُّ: ولا وجْهَ لِهَذا عِنْدَ البَصْرِيِّينَ في القِياسِ. وقالَ الزَّجّاجُ: هَذا شِعْرٌ لا نَعْرِفُ قائِلَهُ، ولَوْ قالَهُ شاعِرٌ مَذْكُورٌ لَقِيلَ لَهُ: أخْطَأْتَ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: ﴿أرْجِهْ﴾ قَوْلانِ:
الأوَّلُ: الإرْجاءُ: التَّأْخِيرُ فَقَوْلُهُ: ﴿أرْجِهْ﴾ أيْ أخِّرْهُ. ومَعْنى أخِّرْهُ: أيْ أخِّرْ أمْرَهُ ولا تَعْجَلْ في أمْرِهِ بِحُكْمٍ، فَتَصِيرَ عَجَلَتُكَ حُجَّةً عَلَيْكَ، والمَقْصُودُ أنَّهم حاوَلُوا مُعارَضَةَ مُعْجِزَتِهِ بِسِحْرِهِمْ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ أقْوى في إبْطالِ قَوْلِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ.
والقَوْلُ الثّانِي: وهو قَوْلُ الكَلْبِيِّ وقَتادَةَ ﴿أرْجِهْ﴾ احْبِسْهُ. قالَ المُحَقِّقُونَ: هَذا القَوْلَ ضَعِيفٌ لِوَجْهَيْنِ:
الأوَّلُ: أنَّ الإرْجاءَ في اللُّغَةِ هو التَّأْخِيرُ لا الحَبْسُ.
والثّانِي: أنَّ فِرْعَوْنَ ما كانَ قادِرًا عَلى حَبْسِ مُوسى بَعْدَ ما شاهَدَ حالَ العَصا.
أمّا قَوْلُهُ: ﴿وأرْسِلْ في المَدائِنِ حاشِرِينَ﴾ فَفِيهِ مَسْألَتانِ:
المَسْألَةُ الأُولى: هَذِهِ الآيَةُ تَدُلُّ عَلى أنَّ السَّحَرَةَ كانُوا كَثِيرِينَ في ذَلِكَ الزَّمانِ، وإلّا لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ: ﴿وأرْسِلْ في المَدائِنِ حاشِرِينَ﴾ ﴿يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ﴾ ويَدُلُّ عَلى أنَّ في طِباعِ الخَلْقِ مَعْرِفَةَ المُعارَضَةِ، وأنَّها إذا أمْكَنَتْ فَلا نُبُوَّةَ، وإذا تَعَذَّرَتْ فَقَدْ صَحَّتِ النُّبُوَّةُ، وأمّا بَيانُ أنَّ السِّحْرَ ما هو وهَلْ لَهُ حَقِيقَةٌ أمْ لا بَلْ هو مَحْضُ التَّمْوِيهِ فَقَدْ سَبَقَ الِاسْتِقْصاءُ فِيهِ في سُورَةِ البَقَرَةِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: نَقَلَ الواحِدِيُّ عَنْ أبِي القاسِمِ الزَّجّاجِيِّ أنَّهُ قالَ: اخْتَلَفَ أصْحابُنا في المَدِينَةِ عَلى ثَلاثَةِ أقْوالٍ:
القَوْلُ الأوَّلُ: أنَّها فَعِيلَةٌ؛ لِأنَّها مَأْخُوذَةٌ مِن قَوْلِهِمْ مَدَنَ بِالمَكانِ يَمْدُنُ مُدُونًا، إذا أقامَ بِهِ، وهَذا القائِلُ يَسْتَدِلُّ بِإطْباقِ القُرّاءِ عَلى هَمْزِ المَدائِنِ، وهي فَعائِلُ، كَصَحائِفَ وصَحِيفَةٍ وسَفائِنَ وسَفِينَةٍ، والياءُ إذا كانَتْ زائِدَةً في الواحِدِ هُمِزَتْ في الجَمْعِ، كَقَبائِلَ وقَبِيلَةٍ، وإذا كانَتْ مِن نَفْسِ الكَلِمَةِ لَمْ تُهْمَزْ في الجَمْعِ نَحْوَ مَعايِشَ ومَعِيشَةٍ.
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّها مَفْعِلَةٌ، وعَلى هَذا الوَجْهِ، فَمَعْنى المَدِينَةِ المَمْلُوكَةُ، مِن دانَهُ يَدِينُهُ، فَقَوْلُنا: مَدِينَةٌ مِن دانَ، مِثْلُ مَعِيشَةٍ، مِن عاشَ، وجَمْعُها مَدايِنُ عَلى مَفاعِلَ، كَمَعايِشَ غَيْرَ مَهْمُوزٍ، ويَكُونُ اسْمًا لِلْمَكانِ والأرْضِ الَّتِي دانَهُمُ السُّلْطانَ فِيها أيْ ساسَهم وقَهَرَهم.
(p-١٦٣)والقَوْلُ الثّالِثُ: قالَ المُبَرِّدُ: مَدِينَةٌ أصْلُها مَدْيُونَةٌ، مِن دانَهُ إذا قَهَرَهُ وساسَهُ، فاسْتَثْقَلُوا حَرَكَةَ الضَّمَّةِ عَلى الياءِ فَسَكَّنُوها ونَقَلُوا حَرَكَتَها إلى ما قَبْلَها، واجْتَمَعَ ساكِنانِ: الواوُ المَزِيدَةُ الَّتِي هي واوُ المَفْعُولِ، والياءُ الَّتِي هي مِن نَفْسِ الكَلِمَةِ، فَحُذِفَتِ الواوُ؛ لِأنَّها زائِدَةٌ، وحَذْفُ الزّائِدِ أوْلى مِن حَذْفِ الحَرْفِ الأصْلِيِّ، ثُمَّ كَسَرُوا الدّالَ لِتَسْلَمَ الياءُ، فَلا تَنْقَلِبُ واوًا لِانْضِمامِ ما قَبْلَها فَيَخْتَلِطُ ذَواتُ الواوِ بِذَواتِ الياءِ، وهَكَذا القَوْلُ في المَبِيعِ والمَخِيطِ والمَكِيلِ. ثُمَّ قالَ الواحِدِيُّ: والصَّحِيحُ أنَّها فَعِيلَةٌ لِاجْتِماعِ القُرّاءِ عَلى هَمْزِ المَدائِنِ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: ﴿وأرْسِلْ في المَدائِنِ حاشِرِينَ﴾ يُرِيدُ وأرْسِلْ في مَدائِنِ صَعِيدِ مِصْرَ رِجالًا يَحْشُرُوا إلَيْكَ ما فِيها مِنَ السَّحَرَةِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: وكانَ رُؤَساءُ السَّحَرَةِ بِأقْصى مَدائِنِ الصَّعِيدِ، ونَقَلَ القاضِي عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّهم كانُوا سَبْعِينَ ساحِرًا سِوى رَئِيسِهِمْ، وكانَ الَّذِي يُعَلِّمُهم رَجُلًا مَجُوسِيًّا مِن أهْلِ نِينَوى بَلْدَةِ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وهي قَرْيَةٌ بِالمَوْصِلِ. وأقُولُ: هَذا النَّقْلُ مُشْكِلٌ؛ لِأنَّ المَجُوسَ أتْباعُ زَرادِشْتَ، وزَرادِشْتُ إنَّما جاءَ بَعْدَ مَجِيءِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ.
* * *
أمّا قَوْلُهُ: ﴿يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ﴾ فَفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: قَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ ”بِكُلِّ سَحّارٍ“، والباقُونَ ”بِكُلِّ ساحِرٍ“، فَمَن قَرَأ ”سَحّارٍ“ فَحُجَّتُهُ أنَّهُ قَدْ وُصِفَ بِعَلِيمٍ، ووَصْفُهُ بِهِ يَدُلُّ عَلى تَناهِيهِ فِيهِ وحِذْقِهِ بِهِ، فَحَسُنَ لِذَلِكَ أنْ يُذْكَرَ بِالِاسْمِ الدّالِّ عَلى المُبالَغَةِ في السِّحْرِ، ومَن قَرَأ ”ساحِرٍ“ فَحُجَّتُهُ قَوْلُهُ: ﴿وأُلْقِيَ السَّحَرَةُ﴾ [الأعراف: ١٢٠] ﴿لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ﴾ [الشورى: ٤٠] والسَّحَرَةُ جَمْعُ ساحِرٍ مِثْلَ كَتَبَةٍ وكاتِبٍ وفَجَرَةٍ وفاجِرٍ. واحْتَجُّوا أيْضًا بِقَوْلِهِ: ﴿سَحَرُوا أعْيُنَ النّاسِ﴾ واسْمُ الفاعِلِ مِن سَحَرُوا ساحِرٌ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: الباءُ في قَوْلِهِ: ﴿بِكُلِّ ساحِرٍ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ بِمَعْنى ”مَعَ“، ويُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ باءُ التَّعْدِيَةِ. واللَّهُ أعْلَمُ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: هَذِهِ الآيَةُ تَدُلُّ عَلى أنَّ السَّحَرَةَ كانُوا كَثِيرِينَ في ذَلِكَ الزَّمانِ، وهَذا يَدُلُّ عَلى صِحَّةِ ما يَقُولُهُ المُتَكَلِّمُونَ، مِن أنَّهُ تَعالى يَجْعَلُ مُعْجِزَةَ كُلِّ نَبِيِّ مِن جِنْسِ ما كانَ غالِبًا عَلى أهْلِ ذَلِكَ الزَّمانِ، فَلَمّا كانَ السِّحْرُ غالِبًا عَلى أهْلِ زَمانِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ كانَتْ مُعْجِزَتُهُ شَبِيهَةً بِالسِّحْرِ، وإنْ كانَ مُخالِفًا لِلسِّحْرِ في الحَقِيقَةِ، ولَمّا كانَ الطِّبُّ غالِبًا عَلى أهْلِ زَمانِ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ كانَتْ مُعْجِزَتُهُ مِن جِنْسِ الطِّبِّ، ولَمّا كانَتِ الفَصاحَةُ غالِبَةً عَلى أهْلِ زَمانِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لا جَرَمَ كانَتْ مُعْجِزَتُهُ مِن جِنْسِ الفَصاحَةِ.
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إنَّ لَنا لَأجْرًا إنْ كُنّا نَحْنُ الغالِبِينَ﴾ وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: قَرَأ نافِعٌ، وابْنُ كَثِيرٍ، وحَفْصٌ، عَنْ عاصِمٍ: ”إنَّ لَنا لَأجْرًا“ بِكَسْرِ الألْفِ عَلى الخَبَرِ، والباقُونَ عَلى الِاسْتِفْهامِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَقَرَأ أبُو عَمْرٍو بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ عَلى أصْلِهِ، والباقُونَ بِهَمْزَتَيْنِ، قالَ الواحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الِاسْتِفْهامُ أحْسَنُ في هَذا المَوْضِعِ؛ لِأنَّهم أرادُوا أنْ يَعْلَمُوا هَلْ لَهم أجْرٌ أمْ لا ؟ ويَقْطَعُونَ عَلى أنَّ لَهُمُ الأجْرَ؛ ويُقَوِّي ذَلِكَ إجْماعُهم في سُورَةِ الشُّعَراءِ عَلى الهَمْزِ لِلِاسْتِفْهامِ.
وحُجَّةُ نافِعٍ وابْنِ كَثِيرٍ عَلى أنَّهُما أرادا هَمْزَةَ الِاسْتِفْهامِ، ولَكِنَّهُما حَذَفا ذَلِكَ مِنَ اللَّفْظِ، وقَدْ تُحْذَفُ هَمْزَةُ الِاسْتِفْهامِ مِنَ اللَّفْظِ، وإنْ كانَتْ باقِيَةً في المَعْنى كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ﴾ [الشعراء: ٢٢] فَإنَّهُ يَذْهَبُ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ إلى أنَّ مَعْناهُ (p-١٦٤)أوَتِلْكَ بِالِاسْتِفْهامِ، وكَما في قَوْلِهِ: (هَذا رَبِّي) والتَّقْدِيرُ: أهَذا رَبِّي. وقِيلَ أيْضًا: المُرادُ أنَّ السَّحَرَةَ أثْبَتُوا لِأنْفُسِهِمْ أجْرًا عَظِيمًا؛ لِأنَّهم قالُوا: لا بُدَّ لَنا مِن أجْرٍ، والتَّنْكِيرُ لِلتَّعْظِيمِ، كَقَوْلِ العَرَبِ: إنَّ لَهُ لَإبِلًا، وإنَّ لَهُ لَغَنَمًا، يَقْصِدُونَ الكَثْرَةَ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: لِقائِلٍ أنْ يَقُولَ: هَلّا قِيلَ: ”وجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا“ .
وجَوابُهُ: هو عَلى تَقْدِيرِ: سائِلٌ سَألَ: ما قالُوا. إذْ جاءُوهُ.
فَأُجِيبَ بِقَوْلِهِ: ﴿قالُوا إنَّ لَنا لَأجْرًا﴾ أيْ جُعْلًا عَلى الغَلَبَةِ.
فَإنْ قِيلَ: قَوْلُهُ: ﴿وإنَّكم لَمِنَ المُقَرَّبِينَ﴾ مَعْطُوفٌ، وما المَعْطُوفُ عَلَيْهِ ؟
وجَوابُهُ: إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلى مَحْذُوفٍ، سَدَّ مَسَدَّهُ حَرْفُ الإيجابِ، كَأنَّهُ قالَ إيجابًا لِقَوْلِهِمْ: إنَّ لَنا لَأجْرًا، نَعَمْ إنَّ لَكم لَأجْرًا، وإنَّكم لَمِنَ المُقَرَّبِينَ. أرادَ أنِّي لا أقْتَصِرُ بِكم عَلى الثَّوابِ، بَلْ أزِيدُكم عَلَيْهِ، وتِلْكَ الزِّيادَةُ أنِّي أجْعَلُكم مِنَ المُقَرَّبِينَ عِنْدِي. قالَ المُتَكَلِّمُونَ: وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ الثَّوابَ إنَّما يَعْظُمُ مَوْقِعُهُ إذا كانَ مَقْرُونًا بِالتَّعْظِيمِ، والدَّلِيلُ عَلَيْهِ أنَّ فِرْعَوْنَ لَمّا وعَدَهم بِالأجْرِ قَرَنَ بِهِ ما يَدُلُّ عَلى التَّعْظِيمِ، وهو حُصُولُ القُرْبَةِ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: الآيَةُ تَدُلُّ عَلى أنَّ كُلَّ الخَلْقِ كانُوا عالِمِينَ بِأنَّ فِرْعَوْنَ كانَ عَبْدًا ذَلِيلًا مَهِينًا عاجِزًا، وإلّا لَما احْتاجَ إلى الِاسْتِعانَةِ بِالسَّحَرَةِ في دَفْعِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ، وتَدُلُّ أيْضًا عَلى أنَّ السَّحَرَةَ ما كانُوا قادِرِينَ عَلى قَلْبِ الأعْيانِ، وإلّا لَما احْتاجُوا إلى طَلَبِ الأجْرِ والمالِ مِن فِرْعَوْنَ؛ لِأنَّهم لَوْ قَدَرُوا عَلى قَلْبِ الأعْيانِ، فَلِمَ لَمْ يَقْلِبُوا التُّرابَ ذَهَبًا، ولِمَ لَمْ يَنْقُلُوا مُلْكَ فِرْعَوْنَ إلى أنْفُسِهِمْ، ولِمَ لَمْ يَجْعَلُوا أنْفُسَهم مُلُوكَ العالَمِ ورُؤَساءَ الدُّنْيا ؟ والمَقْصُودُ مِن هَذِهِ الآياتِ تَنْبِيهُ الإنْسانِ لِهَذِهِ الدَّقائِقِ، وأنْ لا يَغْتَرَّ بِكَلِماتِ أهْلِ الأباطِيلِ والأكاذِيبِ. واللَّهُ أعْلَمُ.
{"ayahs_start":111,"ayahs":["قَالُوۤا۟ أَرۡجِهۡ وَأَخَاهُ وَأَرۡسِلۡ فِی ٱلۡمَدَاۤىِٕنِ حَـٰشِرِینَ","یَأۡتُوكَ بِكُلِّ سَـٰحِرٍ عَلِیمࣲ","وَجَاۤءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرۡعَوۡنَ قَالُوۤا۟ إِنَّ لَنَا لَأَجۡرًا إِن كُنَّا نَحۡنُ ٱلۡغَـٰلِبِینَ","قَالَ نَعَمۡ وَإِنَّكُمۡ لَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِینَ"],"ayah":"قَالُوۤا۟ أَرۡجِهۡ وَأَخَاهُ وَأَرۡسِلۡ فِی ٱلۡمَدَاۤىِٕنِ حَـٰشِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق