الباحث القرآني

فَقالَ: ﴿فَإذا نُفِخَ في الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ﴾ وفِيهِ مَسائِلُ: المَسْألَةُ الأُولى: قُرِئَ ”﴿نَفْخَةٌ﴾“ بِالرَّفْعِ والنَّصْبِ، وجْهُ الرَّفْعِ أُسْنِدَ الفِعْلُ إلَيْها، وإنَّما حَسُنَ تَذْكِيرُ الفِعْلِ لِلْفَصْلِ، ووَجْهُ النَّصْبِ أنَّ الفِعْلَ مُسْنَدٌ إلى الجارِّ والمَجْرُورِ، ثُمَّ نُصِبَ نَفْخَةٌ عَلى المَصْدَرِ. المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: المُرادُ مِن هَذِهِ النَّفْخَةِ الواحِدَةِ، هي النَّفْخَةُ الأُولى؛ لِأنَّ عِنْدَها يَحْصُلُ خَرابُ العالَمِ، فَإنْ قِيلَ: لِمَ قالَ بَعْدَ ذَلِكَ: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ، والعَرْضُ إنَّما يَكُونُ عِنْدَ النَّفْخَةِ الثّانِيَةِ ؟ قُلْنا: جَعَلَ اليَوْمَ اسْمًا لِلْحِينِ الواسِعِ الَّذِي تَقَعُ فِيهِ النَّفْخَتانِ، والصَّعْقَةُ والنُّشُورُ، والوُقُوفُ والحِسابُ، فَلِذَلِكَ قالَ: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ﴾ كَما تَقُولُ: جِئْتُهُ عامَ كَذا، وإنَّما كانَ مَجِيئُكَ في وقْتٍ واحِدٍ مِن أوْقاتِهِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وحُمِلَتِ الأرْضُ والجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً﴾ فِيهِ مَسْألَتانِ: المَسْألَةُ الأُولى: رُفِعَتِ الأرْضُ والجِبالُ، إمّا بِالزَّلْزَلَةِ الَّتِي تَكُونُ في القِيامَةِ، وإمّا بِرِيحٍ بَلَغَتْ مِن قُوَّةِ عَصْفِها أنَّها تَحْمِلُ الأرْضَ والجِبالَ، أوْ بِمَلَكٍ مِنَ المَلائِكَةِ أوْ بِقُدْرَةِ اللَّهِ مِن غَيْرِ سَبَبٍ فَدُكَّتا، أيْ: فَدُكَّتِ الجُمْلَتانِ -جُمْلَةُ الأرْضِ وجُمْلَةُ الجِبالِ-، فَضُرِبَ بَعْضُها بِبَعْضٍ، حَتّى تَنْدَقَّ وتَصِيرَ ﴿كَثِيبًا مَهِيلًا﴾ [المزمل: ١٤] والدَّكُّ أبْلَغُ مِنَ الدَّقِّ، وقِيلَ: فَبُسِطَتا بَسْطَةً واحِدَةً فَصارَتا أرْضًا ﴿لا تَرى فِيها عِوَجًا ولا أمْتًا﴾ [ طه: ١٠٧] مِن قَوْلِكَ: انْدَكَّ السَّنامُ إذا انْفَرَشَ، وبَعِيرٌ أدَكُّ وناقَةٌ دَكّاءُ ومِنهُ الدُّكّانُ. المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قالَ الفَرّاءُ: لا يَجُوزُ في ”دَكَّةً“ هَهُنا إلّا النَّصْبُ؛ لِارْتِفاعِ الضَّمِيرِ في ”دُكَّتا“، ولَمْ يَقُلْ: فَدُكِكْنَ؛ لِأنَّهُ جَعَلَ الجِبالَ كالواحِدَةِ والأرْضَ كالواحِدَةِ، كَما قالَ: ﴿أنَّ السَّماواتِ والأرْضَ كانَتا رَتْقًا﴾ [الأنْبِياءِ: ٣٠] ولَمْ يَقُلْ: كُنَّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب