الباحث القرآني

(p-٩٠)(سُورَةُ الحاقَّةِ) خَمْسُونَ وآيَتانِ، مَكِّيَّةٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿الحاقَّةُ﴾ ﴿ما الحاقَّةُ﴾ ﴿وما أدْراكَ ما الحاقَّةُ﴾ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿الحاقَّةُ﴾ ﴿ما الحاقَّةُ﴾ ﴿وما أدْراكَ ما الحاقَّةُ﴾ فِيهِ مَسائِلُ: المَسْألَةُ الأُولى: أجْمَعُوا عَلى أنَّ الحاقَّةَ هي القِيامَةُ، واخْتَلَفُوا في مَعْنى الحاقَّةِ عَلى وُجُوهٍ: أحَدُها: أنَّ الحَقَّ هو الثّابِتُ الكائِنُ، فالحاقَّةُ السّاعَةُ الواجِبَةُ الوُقُوعِ الثّابِتَةُ المَجِيءِ الَّتِي هي آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها. وثانِيها: أنَّها الَّتِي تَحُقُّ فِيها الأُمُورُ أيْ تُعْرَفُ عَلى الحَقِيقَةِ مِن قَوْلِكَ: لا أحُقُّ هَذا أيْ لا أعْرِفُ حَقِيقَتَهُ، جُعِلَ الفِعْلُ لَها وهو لِأهْلِها. وثالِثُها: أنَّها ذَواتُ الحَواقِّ مِنَ الأُمُورِ وهي الصّادِقَةُ الواجِبَةُ الصِّدْقِ، والثَّوابُ والعِقابُ وغَيْرُهُما مِن أحْوالِ القِيامَةِ أُمُورٌ واجِبَةُ الوُقُوعِ والوُجُودِ، فَهي كُلُّها حَواقُّ. ورابِعُها: أنَّ ﴿الحاقَّةُ﴾ بِمَعْنى الحَقَّةِ، والحَقَّةُ أخَصُّ مِنَ الحَقِّ وأوْجَبُ تَقُولُ: هَذِهِ حَقَّتِي أيْ حَقِّي، وعَلى هَذا ﴿الحاقَّةُ﴾ بِمَعْنى الحَقِّ، وهَذا الوَجْهُ قَرِيبٌ مِنَ الوَجْهِ الأوَّلِ. وخامِسُها: قالَ اللَّيْثُ: ﴿الحاقَّةُ﴾ النّازِلَةُ الَّتِي حَقَّتْ بِالجارِيَةِ فَلا كاذِبَةَ لَها، وهَذا مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ﴾، (الواقِعَةِ: ٢) . وسادِسُها: ﴿الحاقَّةُ﴾ السّاعَةُ الَّتِي يَحِقُّ فِيها الجَزاءُ عَلى كُلِّ ضَلالٍ وهُدًى، وهي القِيامَةُ. وسابِعُها: ﴿الحاقَّةُ﴾ هو الوَقْتُ الَّذِي يَحِقُّ عَلى القَوْمِ أنْ يَقَعَ بِهِمْ. وثامِنُها: أنَّها الحَقُّ بِأنْ يَكُونَ فِيها جَمِيعُ آثارِ أعْمالِ المُكَلَّفِينَ، فَإنَّ في ذَلِكَ اليَوْمِ يَحْصُلُ الثَّوابُ والعِقابُ، ويَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الِانْتِظارِ وهو قَوْلُ الزَّجّاجِ. وتاسِعُها: قالَ الأزْهَرِيُّ: والَّذِي عِنْدِي في ﴿الحاقَّةُ﴾ أنَّها سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأنَّها تَحُقُّ كُلَّ مُحاقٍّ في دِينِ اللَّهِ بِالباطِلِ أيْ تُخاصِمُ كُلَّ مُخاصِمٍ وتَغْلِبُهُ مِن قَوْلِكَ: حاقَقْتُهُ فَحَقَقْتُهُ أيْ غالَبْتُهُ فَغَلَبْتُهُ وفَلَجْتُ عَلَيْهِ. وعاشِرُها: قالَ أبُو مُسْلِمٍ: ﴿الحاقَّةُ﴾ الفاعِلَةُ مِن حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ. المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: الحاقَّةُ مَرْفُوعَةٌ بِالِابْتِداءِ وخَبَرُها ﴿ما الحاقَّةُ﴾ والأصْلُ ﴿الحاقَّةُ﴾ ما هي أيْ: أيُّ شَيْءٍ هي ؟ تَفْخِيمًا لِشَأْنِها، وتَعْظِيمًا لِهَوْلِها فَوُضِعَ الظّاهِرُ مَوْضِعَ المُضْمَرِ؛ لِأنَّهُ أهْوَلُ لَها ومِثْلُهُ قَوْلُهُ: ﴿القارِعَةُ﴾ ﴿ما القارِعَةُ﴾ (p-٩١)(القارِعَةُ: ١، ٢) وقَوْلُهُ: ﴿وما أدْراكَ﴾ أيْ: وأيُّ شَيْءٍ أُعَلِّمُكَ ﴿ما الحاقَّةُ﴾ يَعْنِي إنَّكَ لا عِلْمَ لَكَ بِكُنْهِها ومَدى عِظَمِها، يَعْنِي أنَّهُ في العِظَمِ والشِّدَّةِ بِحَيْثُ لا يَبْلُغُهُ دِرايَةُ أحَدٍ ولا وهْمُهُ، وكَيْفَما قَدَّرْتَ حالَها فَهي أعْظَمُ مِن ذَلِكَ ﴿وما﴾ في مَوْضِعِ الرَّفْعِ عَلى الِابْتِداءِ، و﴿أدْراكَ﴾ مُعَلَّقٌ عَنْهُ؛ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنى الِاسْتِفْهامِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب