الباحث القرآني
فَقالَ تَقْرِيرًا لِهَذا المَعْنى: ﴿أأمِنتُمْ مَن في السَّماءِ أنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ فَإذا هي تَمُورُ﴾
واعْلَمْ أنَّ هَذِهِ الآياتِ نَظِيرُها قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ هو القادِرُ عَلى أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكم عَذابًا مِن فَوْقِكم أوْ مِن تَحْتِ أرْجُلِكُمْ﴾ (الأنْعامِ: ٦٥) وقالَ: ﴿فَخَسَفْنا بِهِ وبِدارِهِ الأرْضَ﴾ (القَصَصِ: ٨١) .
واعْلَمْ أنَّ المُشَبِّهَةَ احْتَجُّوا عَلى إثْباتِ المَكانِ لِلَّهِ تَعالى بِقَوْلِهِ: ﴿أأمِنتُمْ مَن في السَّماءِ﴾، والجَوابُ عَنْهُ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ لا يُمْكِنُ إجْراؤُها عَلى ظاهِرِها بِاتِّفاقِ المُسْلِمِينَ؛ لِأنَّ كَوْنَهُ في السَّماءِ يَقْتَضِي كَوْنَ السَّماءِ مُحِيطًا بِهِ مِن جَمِيعِ الجَوانِبِ، فَيَكُونُ أصْغَرَ مِنَ السَّماءِ، والسَّماءُ أصْغَرُ مِنَ العَرْشِ بِكَثِيرٍ، فَيَلْزَمُ أنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعالى شَيْئًا حَقِيرًا بِالنِّسْبَةِ إلى العَرْشِ، وذَلِكَ بِاتِّفاقِ أهْلِ الإسْلامِ مُحالٌ، ولِأنَّهُ تَعالى قالَ: ﴿قُلْ لِمَن ما في السَّماواتِ والأرْضِ قُلْ لِلَّهِ﴾ (الأنْعامِ: ١٢) فَلَوْ كانَ اللَّهُ في السَّماءِ لَوَجَبَ أنْ يَكُونَ مالِكًا لِنَفْسِهِ وهَذا مُحالٌ، فَعَلِمْنا أنَّ هَذِهِ الآيَةَ يَجِبُ صَرْفُها عَنْ ظاهِرِها إلى التَّأْوِيلِ، ثُمَّ فِيهِ وُجُوهٌ:
أحَدُها: لِمَ لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ تَقْدِيرُ الآيَةِ: أأمِنتُمْ مَن في السَّماءِ عَذابُهُ؛ وذَلِكَ لِأنَّ عادَةَ اللَّهِ تَعالى جارِيَةٌ بِأنَّهُ إنَّما يَنْزِلُ البَلاءُ عَلى مَن يَكْفُرُ بِاللَّهِ ويَعْصِيهِ مِنَ السَّماءِ، فالسَّماءُ مَوْضِعُ عَذابِهِ تَعالى، كَما أنَّهُ مَوْضِعُ نُزُولِ رَحْمَتِهِ ونِعْمَتِهِ.
وثانِيها: قالَ أبُو مُسْلِمٍ: كانَتِ العَرَبُ مُقِرِّينَ بِوُجُودِ الإلَهِ، لَكِنَّهم كانُوا يَعْتَقِدُونَ أنَّهُ في السَّماءِ عَلى وفْقِ قَوْلِ المُشَبِّهَةِ، فَكَأنَّهُ تَعالى (p-٦٢)قالَ لَهم: أتَأْمَنُونَ مَن قَدْ أقْرَرْتُمْ بِأنَّهُ في السَّماءِ، واعْتَرَفْتُمْ لَهُ بِالقُدْرَةِ عَلى ما يَشاءُ، أنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ.
وثالِثُها: تَقْدِيرُ الآيَةِ: مَن في السَّماءِ سُلْطانُهُ ومُلْكُهُ وقُدْرَتُهُ، والغَرَضُ مِن ذِكْرِ السَّماءِ تَفْخِيمُ سُلْطانِ اللَّهِ وتَعْظِيمُ قُدْرَتِهِ، كَما قالَ: ﴿وهُوَ اللَّهُ في السَّماواتِ وفي الأرْضِ﴾ (الأنْعامِ: ٣) فَإنَّ الشَّيْءَ الواحِدَ لا يَكُونُ دُفْعَةً واحِدَةً في مَكانَيْنِ، فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ المُرادُ مِن كَوْنِهِ في السَّماواتِ وفي الأرْضِ نَفاذَ أمْرِهِ وقُدْرَتِهِ، وجَرَيانَ مَشِيئَتِهِ في السَّماواتِ وفي الأرْضِ، فَكَذا هَهُنا.
ورابِعُها: لِمَ لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِقَوْلِهِ: ﴿مَن في السَّماءِ﴾ المَلَكَ المُوَكَّلَ بِالعَذابِ، وهو جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، والمَعْنى أنْ يَخْسِفَ بِهِمُ الأرْضَ بِأمْرِ اللَّهِ وإذْنِهِ.
وقَوْلُهُ: ﴿فَإذا هي تَمُورُ﴾ قالُوا مَعْناهُ: إنَّ اللَّهَ تَعالى يُحَرِّكُ الأرْضَ عِنْدَ الخَسْفِ بِهِمْ حَتّى تَضْطَرِبَ وتَتَحَرَّكَ، فَتَعْلُوَ عَلَيْهِمْ وهم يُخْسَفُونَ فِيها، فَيَذْهَبُونَ والأرْضُ فَوْقَهم تَمُورُ، فَتُلْقِيهِمْ إلى أسْفَلِ السّافِلِينَ، وقَدْ ذَكَرْنا تَفْسِيرَ المَوْرِ فِيما تَقَدَّمَ.
{"ayah":"ءَأَمِنتُم مَّن فِی ٱلسَّمَاۤءِ أَن یَخۡسِفَ بِكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا هِیَ تَمُورُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











