الباحث القرآني
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأةَ نُوحٍ وامْرَأةَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِن عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وقِيلَ ادْخُلا النّارَ مَعَ الدّاخِلِينَ﴾ ﴿وضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأةَ فِرْعَوْنَ إذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا في الجَنَّةِ ونَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وعَمَلِهِ ونَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظّالِمِينَ﴾
قَوْلُهُ: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا﴾ أيْ بَيَّنَ حالَهم بِطَرِيقِ التَّمْثِيلِ أنَّهم يُعاقَبُونَ عَلى كُفْرِهِمْ وعَداوَتِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ مُعاقَبَةَ مِثْلِهِمْ مِن غَيْرِ اتِّقاءٍ ولا مُحاباةٍ، ولا يَنْفَعُهم مَعَ عَداوَتِهِمْ لَهم ما كانُوا فِيهِ مِنَ القَرابَةِ بَيْنَهم وبَيْنَ نَبِيِّهِمْ وإنْكارِهِمْ لِلرَّسُولِ ﷺ، فِيما جاءَ بِهِ مِن عِنْدِ اللَّهِ وإصْرارِهِمْ عَلَيْهِ، وقَطْعِ العَلائِقِ، وجَعَلَ الأقارِبَ مِن جُمْلَةِ الأجانِبِ بَلْ أبْعَدَ مِنهم وإنْ كانَ المُؤْمِنُ الَّذِي يَتَّصِلُ بِهِ الكافِرُ نَبِيًّا كَحالِ امْرَأةِ نُوحٍ ولُوطٍ لَمّا خانَتاهُما لَمْ يُغْنِ هَذانِ الرَّسُولانِ، وقِيلَ لَهُما في اليَوْمِ الآخِرِ: ادْخُلا النّارَ ثُمَّ بَيَّنَ حالَ المُسْلِمِينَ في أنَّ وصْلَةَ الكافِرِينَ لا تَضُرُّهم كَحالِ امْرَأةِ فِرْعَوْنَ ومَنزِلَتِها عِنْدَ اللَّهِ تَعالى مَعَ كَوْنِها زَوْجَةَ ظالِمٍ مِن أعْداءِ اللَّهِ تَعالى، ومَرْيَمَ ابْنَةِ عِمْرانَ وما أُوتِيَتْ مِن كَرامَةِ الدُّنْيا والآخِرَةِ، والِاصْطِفاءِ عَلى نِساءِ العالَمِينَ مَعَ أنَّ قَوْمَها كانُوا كَفّارًا، وفي ضِمْنِ هَذَيْنِ التَّمْثِيلَيْنِ تَعْرِيضٌ بِأُمَّيِ المُؤْمِنِينَ، وهُما حَفْصَةُ وعائِشَةُ لِما فَرَطَ مِنهُما وتَحْذِيرٌ لَهُما عَلى أغْلَظِ وجْهٍ وأشُدِّهِ لِما في التَّمْثِيلِ مِن ذِكْرِ الكُفْرِ، وضَرَبَ مَثَلًا آخَرَ في امْرَأةِ فِرْعَوْنَ آسِيَةَ بِنْتِ مُزاحِمٍ، وقِيلَ: هي عَمَّةُ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ آمَنَتْ حِينَ سَمِعَتْ قِصَّةَ إلْقاءِ مُوسى عَصاهُ، وتَلَقُّفِ العَصا، فَعَذَّبَها فِرْعَوْنُ عَذابًا شَدِيدًا بِسَبَبِ الإيمانِ، وعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّهُ وتَدَها بِأرْبَعَةِ أوْتادٍ، واسْتَقْبَلَ بِها الشَّمْسَ، وألْقى عَلَيْها صَخْرَةً عَظِيمَةً، فَقالَتْ: رَبِّ نَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ، فَرَقى بِرُوحِها إلى الجَنَّةِ، فَأُلْقِيَتِ الصَّخْرَةُ عَلى جَسَدٍ لا رُوحَ فِيهِ، قالَ الحَسَنُ: رَفَعَها إلى الجَنَّةِ تَأْكُلُ فِيها وتَشْرَبُ، وقِيلَ: لَمّا قالَتْ: ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا في الجَنَّةِ﴾ رَأتْ بَيْتَها في الجَنَّةِ يُبْنى لِأجْلِها، وهو مِن دُرَّةٍ واحِدَةٍ، واللَّهُ أعْلَمُ كَيْفَ هو وما هو ؟ وفي الآيَةِ مَباحِثُ:
البَحْثُ الأوَّلُ: ما فائِدَةُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مِن عِبادِنا﴾ ؟ نَقُولُ: هو عَلى وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: تَعْظِيمًا لَهم كَما مَرَّ.
الثّانِي: إظْهارًا لِلْعَبْدِ بِأنَّهُ لا يَتَرَجَّحُ عَلى الآخَرِ عِنْدَهُ إلّا بِالصَّلاحِ.
البَحْثُ الثّانِي: ما كانَتْ خِيانَتُهُما ؟ نَقُولُ: نِفاقُهُما وإخْفاؤُهُما الكُفْرَ، وتَظاهُرُهُما عَلى الرَّسُولَيْنِ، فامْرَأةُ نُوحٍ قالَتْ لِقَوْمِهِ: إنَّهُ لَمَجْنُونٌ، وامْرَأةُ لُوطٍ كانَتْ تُدِلُّ عَلى نُزُولِ ضَيْفِ إبْراهِيمَ، ولا يَجُوزُ أنْ تَكُونَ خِيانَتُهُما بِالفُجُورِ، وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ”ما بَغَتِ امْرَأةُ نَبِيٍّ قَطُّ“، وقِيلَ: خِيانَتُهُما في الدِّينِ.
البَحْثُ الثّالِثُ: ما مَعْنى الجَمْعِ بَيْنَ (عِنْدَكَ) و(في الجَنَّةِ) ؟ نَقُولُ: طَلَبَتِ القُرْبَ مِن رَحْمَةِ اللَّهِ ثُمَّ بَيَّنَتْ مَكانَ القُرْبِ بِقَوْلِها: (في الجَنَّةِ) أوْ أرادَتِ ارْتِفاعَ دَرَجَتِها في جَنَّةِ المَأْوى الَّتِي هي أقْرَبُ إلى العَرْشِ. (p-٤٥)
{"ayahs_start":10,"ayahs":["ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلࣰا لِّلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ٱمۡرَأَتَ نُوحࣲ وَٱمۡرَأَتَ لُوطࣲۖ كَانَتَا تَحۡتَ عَبۡدَیۡنِ مِنۡ عِبَادِنَا صَـٰلِحَیۡنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمۡ یُغۡنِیَا عَنۡهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَیۡـࣰٔا وَقِیلَ ٱدۡخُلَا ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّ ٰخِلِینَ","وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلࣰا لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِی عِندَكَ بَیۡتࣰا فِی ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِی مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِی مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ"],"ayah":"وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلࣰا لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِی عِندَكَ بَیۡتࣰا فِی ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِی مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِی مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











