الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فالِقُ الإصْباحِ وجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا والشَّمْسَ والقَمَرَ حُسْبانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ﴾ .
اعْلَمْ أنَّ هَذا نَوْعٌ آخَرُ مِن دَلائِلِ وُجُودِ الصّانِعِ وعِلْمِهِ وقُدْرَتِهِ وحِكْمَتِهِ، فالنَّوْعُ المُتَقَدِّمُ كانَ مَأْخُوذًا مِن دَلالَةِ أحْوالِ النَّباتِ والحَيَوانِ، والنَّوْعُ المَذْكُورُ في هَذِهِ الآيَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الأحْوالِ الفَلَكِيَّةِ، وذَلِكَ لِأنَّ فَلْقَ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ بِنُورِ الصُّبْحِ أعْظَمُ في كَمالِ القُدْرَةِ مِن فَلْقِ الحَبِّ والنَّوى بِالنَّباتِ والشَّجَرِ، ولِأنَّ مِنَ المَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أنَّ الأحْوالَ الفَلَكِيَّةَ أعْظَمُ في القُلُوبِ وأكْثَرُ وقْعًا مِنَ الأحْوالِ الأرْضِيَّةِ، وتَقْرِيرُ الحُجَّةِ مِن وُجُوهٍ:
الأوَّلُ: أنْ نَقُولَ: الصُّبْحُ صُبْحانِ.(p-٧٨)
فالصُّبْحُ الأوَّلُ: هو الصُّبْحُ المُسْتَطِيلُ كَذَنَبِ السِّرْحانِ، ثُمَّ تُعْقِبُهُ ظُلْمَةٌ خالِصَةٌ، ثُمَّ يَطْلُعُ بَعْدَهُ الصُّبْحُ المُسْتَطِيرُ في جَمِيعِ الأُفُقِ، فَنَقُولُ: أمّا الصُّبْحُ الأوَّلُ وهو المُسْتَطِيلُ الَّذِي يَحْصُلُ عَقِيبَهُ ظُلْمَةٌ خالِصَةٌ فَهو مِن أقْوى الدَّلائِلِ عَلى قُدْرَةِ اللَّهِ وحِكْمَتِهِ، وذَلِكَ لِأنّا نَقُولُ: إنَّ ذَلِكَ النُّورَ إمّا أنْ يُقالَ: إنَّهُ حَصَلَ مِن تَأْثِيرِ قُرْصِ الشَّمْسِ أوْ لَيْسَ الأمْرُ كَذَلِكَ، والأوَّلُ باطِلٌ، وذَلِكَ لِأنَّ مَرْكَزَ الشَّمْسِ إذا وصَلَ إلى دائِرَةِ نِصْفِ اللَّيْلِ فَأهْلُ المَوْضِعِ الَّذِي تَكُونُ تِلْكَ الدّائِرَةُ أُفُقًا لَهم قَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِن مَشْرِقِهِمْ، وفي ذَلِكَ المَوْضِعِ أيْضًا نِصْفُ كُرَةِ الأرْضِ، وذَلِكَ يَقْتَضِي أنَّهُ حَصَلَ الضَّوْءُ في الرُّبْعِ الشَّرْقِيِّ مِن بَلْدَتِنا، وذَلِكَ الضَّوْءُ يَكُونُ مُنْتَشِرًا مُسْتَطِيرًا في جَمِيعِ أجْزاءِ الجَوِّ، ويَجِبُ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ الضَّوْءُ في كُلِّ ساعَةٍ إلى القُوَّةِ والزِّيادَةِ والكَمالِ، والصُّبْحُ الأوَّلُ لَوْ كانَ أثَرُ قُرْصِ الشَّمْسِ لامْتَنَعَ كَوْنُهُ خَطًّا مُسْتَطِيلًا، بَلْ يَجِبُ أنْ يَكُونَ مُسْتَطِيرًا في جَمِيعِ الأُفُقِ مُنْتَشِرًا فِيهِ بِالكُلِّيَّةِ، وأنْ يَكُونَ مُتَزايِدًا مُتَكامِلًا بِحَسَبِ كُلِّ حِينٍ ولَحْظَةٍ، ولَمّا لَمْ يَكُنِ الأمْرُ كَذَلِكَ بَلْ عَلِمْنا أنَّ الصُّبْحَ الأوَّلَ يَبْدُو كالخَيْطِ الأبْيَضِ الصّاعِدِ حَتّى تُشَبِّهَهُ العَرَبُ بِذَنَبِ السِّرْحانِ، ثُمَّ إنَّهُ يَحْصُلُ عَقِيبَهُ ظُلْمَةٌ خالِصَةٌ، ثُمَّ يَحْصُلُ الصُّبْحُ المُسْتَطِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلِمْنا أنَّ ذَلِكَ الصُّبْحَ المُسْتَطِيلَ لَيْسَ مِن تَأْثِيرِ قُرْصِ الشَّمْسِ، ولا مِن جِنْسِ نُورِهِ، فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ حاصِلًا بِتَخْلِيقِ اللَّهِ تَعالى ابْتِداءً تَنْبِيهًا عَلى أنَّ الأنْوارَ لَيْسَ لَها وُجُودٌ إلّا بِتَخْلِيقِهِ، وأنَّ الظُّلُماتِ لا ثَباتَ لَها إلّا بِتَقْدِيرِهِ كَما قالَ في أوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ ﴿وجَعَلَ الظُّلُماتِ والنُّورَ﴾ [الأنعام: ١] .
والوَجْهُ الثّانِي: في تَقْرِيرِ هَذا الدَّلِيلِ: أنّا لَمّا بَحَثْنا وتَأمَّلْنا عَلِمْنا أنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ وسائِرَ الكَواكِبِ لا تَقَعُ أضْواؤُها إلّا عَلى الجِرْمِ المُقابِلِ لَها. فَأمّا الَّذِي لا يَكُونُ مُقابِلًا لَها، فَيَمْتَنِعُ وُقُوعُ أضْوائِها عَلَيْهِ، وهَذِهِ مُقَدِّمَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْها بَيْنَ الفَلاسِفَةِ وبَيْنَ الرِّياضِيِّينَ الباحِثِينَ عَنْ أحْوالِ الضَّوْءِ المُضِيءِ، ولَهم في تَقْرِيرِها وُجُوهٌ نَفِيسَةٌ.
إذا عَرَفْتَ هَذا نَقُولُ: الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِ الصُّبْحِ غَيْرُ مُرْتَفِعَةٍ مِنَ الأُفُقِ، فَلا يَكُونُ جِرْمُ الشَّمْسِ مُقابِلًا لِجُزْءٍ مِن أجْزاءِ وجْهِ الأرْضِ، فَيَمْتَنِعُ وُقُوعُ ضَوْءِ الشَّمْسِ عَلى وجْهِ الأرْضِ، وإذا كانَ كَذَلِكَ امْتَنَعَ أنْ يَكُونَ ضَوْءُ الصُّبْحِ مِن تَأْثِيرِ قُرْصِ الشَّمْسِ، فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِتَخْلِيقِ الفاعِلِ المُخْتارِ.
فَإنْ قالُوا: لِمَ لا يَجُوزُ أنْ يُقالَ: الشَّمْسُ حِينَ كَوْنِها تَحْتَ الأرْضِ تُوجِبُ إضاءَةَ ذَلِكَ الهَواءِ المُقابِلِ لَهُ، ثُمَّ ذَلِكَ الهَواءُ مُقابِلٌ لِلْهَواءِ الواقِفِ فَوْقَ الأرْضِ، فَيُصَيِّرُهُ ضَوْءُ الهَواءِ الواقِفِ تَحْتَ الأرْضِ سَبَبًا لِضَوْءِ الهَواءِ الواقِفِ فَوْقَ الأرْضِ، ثُمَّ لا يَزالُ يَسْرِي ذَلِكَ الضَّوْءُ مِن هَواءٍ إلى هَواءٍ آخَرَ مُلاصِقٍ لَهُ حَتّى يَصِلَ إلى الهَواءِ المُحِيطِ بِنا، هَذا هو الوَجْهُ الَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ أبُو عَلِيِّ بْنُ الهَيْثَمِ في تَقْرِيرِ هَذا المَعْنى في كِتابِهِ الَّذِي سَمّاهُ ”بِالمَناظِرِ الكَثَّةِ“ .
والجَوابُ: أنَّ هَذا العُذْرَ باطِلٌ مِن وجْهَيْنِ:
الأوَّلُ: أنَّ الهَواءَ جِرْمٌ شَفّافٌ عَدِيمُ اللَّوْنِ، وما كانَ كَذَلِكَ فَإنَّهُ لا يَقْبَلُ النُّورَ، واللَّوْنُ في ذاتِهِ وجَوْهَرِهِ، وهَذا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الفَلاسِفَةِ. واحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِأنَّهُ لَوِ اسْتَقَرَّ النُّورُ عَلى سَطْحِهِ لَوَقَفَ البَصَرُ عَلى سَطْحِهِ. ولَوْ كانَ كَذَلِكَ لَما نَفَذَ البَصَرُ فِيما وراءَهُ، ولَصارَ إبْصارُهُ مانِعًا عَنْ إبْصارِ ما وراءَهُ، فَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ عَلِمْنا أنَّهُ لَمْ يَقْبَلِ اللَّوْنَ والنُّورَ في ذاتِهِ وجَوْهَرِهِ، وما كانَ كَذَلِكَ امْتَنَعَ أنْ يَنْعَكِسَ النُّورُ مِنهُ إلى غَيْرِهِ، فامْتَنَعَ أنْ يَصِيرَ ضَوْءُهُ سَبَبًا لِضَوْءِ هَواءٍ آخَرَ مُقابِلٍ لَهُ.
(p-٧٩)فَإنْ قالُوا: لِمَ لا يَجُوزُ أنْ يُقالَ: إنَّهُ حَصَلَ في الأُفُقِ أجْزاءٌ كَثِيفَةٌ مِنَ الأبْخِرَةِ والأدْخِنَةِ ؟ وهي لِكَثافَتِها تَقْبَلُ النُّورَ عَنْ قُرْصِ الشَّمْسِ، ثُمَّ إنَّ بِحُصُولِ الضَّوْءِ فِيها يَصِيرُ سَبَبًا لِحُصُولِ الضَّوْءِ في الهَواءِ المُقابِلِ لَها، فَنَقُولُ: لَوْ كانَ السَّبَبُ ما ذَكَرْتُمْ لَكانَ كُلَّما كانَتِ الأبْخِرَةُ والأدْخِنَةُ في الأُفُقِ أكْثَرَ، وجَبَ أنْ يَكُونَ ضَوْءُ الصَّباحِ أقْوى، لَكِنَّهُ لَيْسَ الأمْرُ كَذَلِكَ، بَلْ عَلى العَكْسِ مِنهُ، فَبَطَلَ هَذا العُذْرُ.
الوَجْهُ الثّانِي: في إبْطالِ هَذا الكَلامِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الهَيْثَمِ أنَّ الدّائِرَةَ الَّتِي هي دائِرَةُ الأُفُقِ لَنا، فَهي بِعَيْنِها دائِرَةُ نِصْفِ النَّهارِ لِقَوْمٍ آخَرِينَ، فَإذا كانَ كَذَلِكَ، فالدّائِرَةُ الَّتِي هي نِصْفُ النَّهارِ في بَلَدِنا، وجَبَ كَوْنُها دائِرَةَ الأُفُقِ لِأُولَئِكَ الأقْوامِ.
إذا ثَبَتَ هَذا فَنَقُولُ: إذا وصَلَ مَرْكَزُ الشَّمْسِ إلى دائِرَةِ نِصْفِ اللَّيْلِ وتَجاوَزَ عَنْها، فالشَّمْسُ قَدْ طَلَعَتْ عَلى أُولَئِكَ الأقْوامِ، واسْتَنارَ نِصْفُ العامِ هُناكَ، والرُّبْعُ مِنَ الفَلَكِ الَّذِي هو رُبْعٌ شَرْقِيٌّ لِأهْلِ بَلَدِنا فَهو بِعَيْنِهِ رُبْعٌ غَرْبِيٌّ بِالنِّسْبَةِ إلى تِلْكَ البَلْدَةِ، وإذا كانَ كَذَلِكَ فالشَّمْسُ إذا تَجاوَزَ مَرْكَزُها عَنْ دائِرَةِ نِصْفِ اللَّيْلِ قَدْ صارَ جِرْمُها مُحاذِيًا لِهَواءِ الرُّبْعِ الشَّرْقِيِّ لِأهْلِ بَلَدِنا. فَلَوْ كانَ الهَواءُ يَقْبَلُ كَيْفِيَّةَ النُّورِ مِنَ الشَّمْسِ لَوَجَبَ أنْ يَحْصُلَ الضَّوْءُ والنُّورُ في هَواءِ الرُّبْعِ الشَّرْقِيِّ مِن بَلَدِنا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ. وأنْ يَصِيرَ هَواءُ الرُّبْعِ الشَّرْقِيِّ في غايَةِ الإضاءَةِ والإنارَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، وحَيْثُ لَمْ يَكُنِ الأمْرُ كَذَلِكَ عَلِمْنا أنَّ الهَواءَ لا يَقْبَلُ كَيْفِيَّةَ النُّورِ في ذاتِهِ، وإذا بَطَلَ هَذا بَطَلَ العُذْرُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الهَيْثَمِ، فَقَدْ ذَكَرْنا بُرْهانَيْنِ دَقِيقَيْنِ عَقْلِيَّيْنِ مَحْضَيْنِ عَلى أنَّ خالِقَ الضَّوْءِ والظُّلْمَةِ هو اللَّهُ تَعالى لا قُرْصُ الشَّمْسِ، واللَّهُ أعْلَمُ.
والوَجْهُ الثّالِثُ: هَبْ أنَّ النُّورَ الحاصِلَ في العالَمِ إنَّما كانَ بِتَأْثِيرِ الشَّمْسِ. إلّا أنّا نَقُولُ: الأجْسامُ مُتَماثِلَةٌ في تَمامِ الماهِيَّةِ، ومَتى كانَ الأمْرُ كَذَلِكَ كانَ حُصُولُ هَذِهِ الخاصِّيَّةِ لِقُرْصِ الشَّمْسِ يَجِبُ أنْ يَكُونَ بِتَخْلِيقِ الفاعِلِ المُخْتارِ.
أمّا بَيانُ المَقامِ الأوَّلِ: فَهو أنَّ الأجْسامَ مُتَماثِلَةٌ في كَوْنِها أجْسامًا ومُتَحَيَّزَةً. فَلَوْ حَصَلَ الِاخْتِلافُ بَيْنَها لَكانَ ذَلِكَ الِاخْتِلافُ واقِعًا في مَفْهُومٍ مُغايِرٍ لِمَفْهُومِ الجِسْمِيَّةِ ضَرُورَةَ أنَّ ما بِهِ المُشارَكَةُ مُغايِرٌ لِما بِهِ المُخالَفَةُ، فَنَقُولُ: ذَلِكَ الأمْرُ إمّا أنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلْجِسْمِيَّةِ أوْ حالًّا فِيها أوْ لا مَحَلًّا لَها ولا حالًّا فِيها. والأوَّلُ باطِلٌ؛ لِأنَّهُ يَقْتَضِي كَوْنَ الجِسْمِ صِفَةً قائِمَةً بِذاتٍ أُخْرى، وذَلِكَ مُحالٌ؛ لِأنَّ ذَلِكَ المَحَلَّ إنْ كانَ مُتَحَيِّزًا ومُخْتَصًّا بِحَيِّزٍ كانَ مَحَلُّ الجِسْمِ غَيْرَ الجِسْمِ وهو مُحالٌ، وإنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كانَ الحاصِلُ في الحَيِّزِ حالًّا في مَحَلٍّ لا تَعَلُّقَ لَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الأحَيازِ والجِهاتِ، وذَلِكَ مَدْفُوعٌ في بَدِيهَةِ العَقْلِ.
والثّانِي: أيْضًا باطِلٌ؛ لِأنَّ عَلى هَذا التَّقْدِيرِ: الذَّواتُ هي الأجْسامُ وما بِهِ قَدْ حَصَلَتِ المُخالَفَةُ هو الصِّفاتُ، وكُلُّ ما يَصِحُّ عَلى الشَّيْءِ صَحَّ عَلى مِثْلِهِ فَلَمّا كانَتِ الذَّواتُ مُتَماثِلَةً في تَمامِ الماهِيَّةِ وجَبَ أنْ يَصِحَّ عَلى كُلِّ واحِدٍ مِنها ما يَصِحُّ عَلى الآخَرِ وهو المَطْلُوبُ.
والثّالِثُ: وهو القَوْلُ بِأنَّ ما بِهِ حَصَلَتِ المُخالَفَةُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْجِسْمِ ولا حالًّا فِيهِ، وفَسادُ هَذا القِسْمِ ظاهِرٌ. فَثَبَتَ بِهَذا البُرْهانِ أنَّ الأجْسامَ مُتَماثِلَةٌ.
وإذا ثَبَتَ هَذا فَنَقُولُ: كُلُّ ما يَصِحُّ عَلى أحَدِ المَثَلَيْنِ فَإنَّهُ يَصِحُّ أيْضًا عَلى المَثَلِ الثّانِي. وإذا اسْتَوَتِ الأجْسامُ بِأسْرِها في قَبُولِ جَمِيعِ الصِّفاتِ عَلى البَدَلِ كانَ اخْتِصاصُ جِسْمِ الشَّمْسِ لِهَذِهِ الإضاءَةِ وهَذِهِ الإنارَةِ، لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ بِتَخْصِيصِ الفاعِلِ المُخْتارِ، وإذا ثَبَتَ هَذا كانَ فالِقُ الإصْباحِ في الحَقِيقَةِ هو اللَّهَ تَعالى، وذَلِكَ هو المَطْلُوبُ، واللَّهُ أعْلَمُ.(p-٨٠)
الوَجْهُ الرّابِعُ: في تَقْرِيرِ هَذا المَطْلُوبِ أنَّ الظُّلْمَةَ شَبِيهَةٌ بِالعَدَمِ. بَلِ البُرْهانُ القاطِعُ قَدْ دَلَّ عَلى أنَّهُ مَفْهُومٌ عَدَمِيٌّ والنُّورُ مَحْضُ الوُجُودِ. فَإذا أظْلَمَ اللَّيْلُ حَصَلَ الخَوْفُ والفَزَعُ في قَلْبِ الكُلِّ، فاسْتَوْلى النَّوْمُ عَلَيْهِمْ وصارُوا كالأمْواتِ، وسَكَنَتِ المُتَحَرِّكاتُ وتَعَطَّلَتِ التَّأْثِيراتُ، ورُفِعَتِ التَّفْعِيلاتُ، فَإذا وصَلَ نُورُ الصَّباحِ إلى هَذا العالَمِ، فَكَأنَّهُ نَفَخَ في الصُّورِ مادَّةَ الحَياةِ، وقُوَّةَ الإدْراكِ، فَضَعُفَ النَّوْمُ وابْتَدَأتِ اليَقَظَةُ بِالظُّهُورِ. وكُلَّما كانَ نُورُ الصَّباحِ أقْوى وأكْمَلَ كانَ ظُهُورُ قُوَّةِ الحِسِّ والحَرَكَةِ في الحَيَواناتِ أكْمَلَ. ومَعْلُومٌ أنْ أعْظَمَ نِعَمِ اللَّهِ عَلى الخَلْقِ، هو قُوَّةُ الحَياةِ والحِسِّ والحَرَكَةِ، ولَمّا كانَ النُّورُ هو السَّبَبَ الأصْلِيَّ لِحُصُولِ هَذِهِ الأحْوالِ كانَ تَأْثِيرُ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى في تَخْلِيقِ النُّورِ مِن أعْظَمِ أقْسامِ النِّعَمِ وأجَلِّ أنْواعِ الفَضْلِ والكَرَمِ.
إذا عَرَفْتَ هَذا فَكَوْنُهُ سُبْحانَهُ فالِقًا لِلْإصْباحِ في كَوْنِهِ دَلِيلًا عَلى كَمالِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى أجَلَّ أقْسامِ الدَّلائِلِ، وفي كَوْنِهِ فَضْلًا ورَحْمَةً وإحْسانًا مِنَ اللَّهِ تَعالى عَلى الخَلْقِ أجَلَّ الأقْسامِ وأشْرَفَ الأنْواعِ، فَهَذا ما حَضَرَنا في تَقْرِيرِ دَلالَةِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فالِقُ الإصْباحِ﴾ عَلى وُجُودِ الصّانِعِ القادِرِ المُخْتارِ الحَكَمِ. واللَّهُ أعْلَمُ.
ولْنَخْتِمْ هَذِهِ الدَّلائِلَ بِخاتِمَةٍ شَرِيفَةٍ فَنَقُولُ: إنَّهُ تَعالى فالِقُ ظُلْمَةِ العَدَمِ بِصَباحِ التَّكْوِينِ والإيجادِ، وفالِقُ ظُلْمَةِ الجَمادِيَّةِ بِصَباحِ الحَياةِ والعَقْلِ والرَّشادِ، وفالِقُ ظُلْمَةِ الجَهالَةِ بِصَباحِ العَقْلِ والإدْراكِ، وفالِقُ ظُلُماتِ العالَمِ الجُسْمانِيِّ بِتَخْلِيصِ النَّفْسِ القُدْسِيَّةِ إلى صُبْحَةِ عالَمِ الأفْلاكِ، وفالِقُ ظُلُماتِ الِاشْتِغالِ بِعالَمِ المُمْكِناتِ بِصَباحِ نُورِ الِاسْتِغْراقِ في مَعْرِفَةِ مُدَبِّرِ المُحْدَثاتِ والمُبْدَعاتِ.
* * *
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: في تَفْسِيرِ ”الإصْباحِ“ وُجُوهٌ:
الأوَّلُ: قالَ اللَّيْثُ: الصُّبْحُ والصَّباحُ هُما أوَّلُ النَّهارِ، وهو الإصْباحُ أيْضًا. قالَ تَعالى: ﴿فالِقُ الإصْباحِ﴾ يَعْنِي الصُّبْحَ. قالَ الشّاعِرُ:
؎أفْنى رِياحًا وبَنِي رِياحٍ تَناسُخُ الإمْساءِ والإصْباحِ
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّ ”الإصْباحَ“ مَصْدَرٌ سُمِّي بِهِ الصُّبْحُ.
فَإنْ قِيلَ: ظاهِرُ الآيَةِ يَدُلُّ عَلى أنَّهُ تَعالى فَلَقَ الصُّبْحَ ولَيْسَ الأمْرُ كَذَلِكَ، فَإنَّ الحَقَّ أنَّهُ تَعالى فَلَقَ الظُّلْمَةَ بِالصُّبْحِ، فَكَيْفَ الوَجْهُ فِيهِ ؟ فَنَقُولُ: فِيهِ وُجُوهٌ:
الأوَّلُ: أنْ يَكُونَ المُرادُ فالِقَ ظُلْمَةِ الإصْباحِ، وذَلِكَ لِأنَّ الأُفُقَ مِنَ الجانِبِ الشَّمالِيِّ والغَرْبِيِّ والجَنُوبِيِّ مَمْلُوءٌ مِنَ الظُّلْمَةِ والنُّورِ. وإنَّما ظَهَرَ في الجانِبِ الشَّرْقِيِّ فَكَأنَّ الأُفُقَ كانَ بَحْرًا مَمْلُوءًا مِنَ الظُّلْمَةِ. ثُمَّ إنَّهُ تَعالى شَقَّ ذَلِكَ البَحْرَ المُظْلِمَ بِأنْ أجْرى جَدْوَلًا مِنَ النُّورِ فِيهِ، والحاصِلُ أنَّ المُرادَ فالِقُ ظُلْمَةِ الإصْباحِ بِنُورِ الإصْباحِ، ولَمّا كانَ المُرادُ مَعْلُومًا حَسُنَ الحَذْفُ.
والثّانِي: أنَّهُ تَعالى كَما يَشُقُّ بَحْرَ الظُّلْمَةِ عَنْ نُورِ الصُّبْحِ، فَكَذَلِكَ يَشُقُّ نُورَ الصُّبْحِ عَنْ بَياضِ النَّهارِ فَقَوْلُهُ: ﴿فالِقُ الإصْباحِ﴾ أيْ فالِقُ الإصْباحِ بِبَياضِ النَّهارِ.
والثّالِثُ: أنَّ ظُهُورَ النُّورِ في الصَّباحِ إنَّما كانَ لِأجْلِ أنَّ اللَّهَ تَعالى فَلَقَ تِلْكَ الظُّلْمَةَ فَقَوْلُهُ: ﴿فالِقُ الإصْباحِ﴾ أيْ مُظْهِرُ الإصْباحِ، إلّا أنَّهُ لَمّا كانَ المُقْتَضِي لِذَلِكَ الإظْهارِ هو ذَلِكَ الفَلْقَ، لا جَرَمَ ذَكَرَ اسْمَ السَّبَبِ والمُرادُ مِنهُ المُسَبَّبُ.
الرّابِعُ: قالَ بَعْضُهم: الفالِقُ هو الخالِقُ، فَكانَ المَعْنى خالِقُ الإصْباحِ، وعَلى هَذا التَّقْدِيرِ فالسُّؤالُ زائِلٌ؛ واللَّهُ أعْلَمُ.
* * *
أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا﴾ فاعْلَمْ أنَّهُ تَعالى ذَكَرَ في هَذِهِ الآيَةِ ثَلاثَةَ أنْواعٍ مِنَ الدَّلائِلِ الفَلَكِيَّةِ (p-٨١)عَلى التَّوْحِيدِ:
فَأوَّلُها: ظُهُورُ الصَّباحِ، وقَدْ فَسَّرْناهُ بِمِقْدارِ الفَهْمِ.
وثانِيها: قَوْلُهُ: ﴿وجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا﴾ وفِيهِ مَباحِثُ:
المَبْحَثُ الأوَّلُ: قالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“: السَّكَنُ ما يَسْكُنُ إلَيْهِ الرَّجُلُ ويَطْمَئِنُّ إلَيْهِ اسْتِئْناسًا بِهِ واسْتِرْواحًا إلَيْهِ مِن زَوْجٍ أوْ حَبِيبٍ، ومِنهُ قِيلَ لِلنّارِ سَكَنٌ؛ لِأنَّهُ يُسْتَأْنَسُ بِها، ألا تَراهم سَمَّوْها المُؤْنِسَةَ. ثُمَّ إنَّ اللَّيْلَ يَطْمَئِنُّ إلَيْهِ الإنْسانُ؛ لِأنَّهُ أتْعَبَ نَفْسَهُ بِالنَّهارِ، واحْتاجَ إلى زَمانٍ يَسْتَرِيحُ فِيهِ وذَلِكَ هو اللَّيْلُ.
فَإنْ قِيلَ: ألَيْسَ أنَّ الخَلْقَ يَبْقَوْنَ في الجَنَّةِ في أهْنَأِ عَيْشٍ، وألَذِّ زَمانٍ مَعَ أنَّهُ لَيْسَ هُناكَ لَيْلٌ ؟ فَعَلِمْنا أنَّ وُجُودَ اللَّيْلِ والنَّهارِ لَيْسَ مِن ضَرُورِيّاتِ اللَّذَّةِ والخَيْرِ في الحَياةِ ؟ قُلْنا: كَلامُنا في أنَّ اللَّيْلَ والنَّهارَ مِن ضَرُورِيّاتِ مَصالِحِ هَذا العالَمِ، أمّا في الدّارِ الآخِرَةِ فَهَذِهِ العاداتُ غَيْرُ باقِيَةٍ فِيهِ، فَظَهَرَ الفَرْقُ.
المَبْحَثُ الثّانِي: قَرَأ عاصِمٌ والكِسائِيُّ: ﴿وجَعَلَ اللَّيْلَ﴾ عَلى صِيغَةِ الفِعْلِ، والباقُونَ ”جاعِلُ“ عَلى صِيغَةِ اسْمِ الفاعِلِ، حُجَّةُ مَن قَرَأ بِاسْمِ الفاعِلِ أنَّ المَذْكُورَ قَبْلَهُ اسْمُ الفاعِلِ، وهو قَوْلُهُ: ﴿فالِقُ الحَبِّ﴾، ﴿فالِقُ الإصْباحِ﴾ وجاعِلٌ أيْضًا اسْمُ الفاعِلِ. ويَجِبُ كَوْنُ المَعْطُوفِ مُشارِكًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وحُجَّةُ مَن قَرَأ بِصِيغَةِ الفِعْلِ أنَّ قَوْلَهُ: ﴿والشَّمْسَ والقَمَرَ﴾ مَنصُوبانِ، ولا بُدَّ لِهَذا النَّصْبِ مِن عامِلٍ، وما ذاكَ إلّا أنْ يُقَدَّرَ قَوْلُهُ: (وجَعَلَ) بِمَعْنى وجاعِلٌ الشَّمْسَ والقَمَرَ حُسْبانًا، وذَلِكَ يُفِيدُ المَطْلُوبَ.
* * *
وأمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والشَّمْسَ والقَمَرَ حُسْبانًا﴾ فَفِيهِ مَباحِثُ:
المَبْحَثُ الأوَّلُ: مَعْناهُ أنَّهُ قَدَّرَ حَرَكَةَ الشَّمْسِ والقَمَرِ بِحِسابٍ مُعَيَّنٍ كَما ذَكَرَهُ في سُورَةِ يُونُسَ في قَوْلِهِ: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً والقَمَرَ نُورًا وقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ والحِسابَ﴾ [يونس: ٥] وقالَ في سُورَةِ الرَّحْمَنِ: ﴿الشَّمْسُ والقَمَرُ بِحُسْبانٍ﴾ وتَحْقِيقُ الكَلامِ فِيهِ أنَّهُ تَعالى قَدَّرَ حَرَكَةَ الشَّمْسِ مَخْصُوصَةً بِمِقْدارٍ مِنَ السُّرْعَةِ والبُطْءِ بِحَيْثُ تَتِمُّ الدَّوْرَةُ في سَنَةٍ، وقَدَّرَ حَرَكَةَ القَمَرِ بِحَيْثُ يُتِمُّ الدَّوْرَةَ في شَهْرٍ، وبِهَذِهِ المَقادِيرِ تَنْتَظِمُ مَصالِحُ العالَمِ في الفُصُولِ الأرْبَعَةِ، وبِسَبَبِها يَحْصُلُ ما يُحْتاجُ إلَيْهِ مِن نُضْجِ الثِّمارِ، وحُصُولِ الغَلّاتِ، ولَوْ قَدَّرْنا كَوْنَها أسْرَعَ أوْ أبْطَأ مِمّا وقَعَ، لاخْتَلَّتْ هَذِهِ المَصالِحُ؛ فَهَذا هو المُرادُ مِن قَوْلِهِ: ﴿والشَّمْسَ والقَمَرَ حُسْبانًا﴾ .
المَبْحَثُ الثّانِي: في الحُسْبانِ قَوْلانِ:
الأوَّلُ: وهو قَوْلُ أبِي الهَيْثَمِ أنَّهُ جَمْعُ حِسابٍ؛ مِثْلُ: رِكابٌ ورُكْبانَ، وشِهابٌ وشُهْبانَ.
والثّانِي: أنَّ الحُسْبانَ مَصْدَرٌ كالرُّجْحانِ والنُّقْصانِ. وقالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“: الحُسْبانُ بِالضَّمِّ مَصْدَرُ حَسَبَ، كَما أنَّ الحِسْبانَ بِالكَسْرِ مَصْدَرُ حَسِبَ، ونَظِيرُهُ الكُفْرانُ والغُفْرانُ والشُّكْرانُ.
إذا عَرَفْتَ هَذا فَنَقُولُ: مَعْنى جَعَلَ الشَّمْسَ والقَمَرَ حُسْبانًا جَعَلَهُما عَلى حِسابٍ؛ لِأنَّ حِسابَ الأوْقاتِ لا يُعْلَمُ إلّا بِدَوْرِهِما وسَيْرِهِما.
المَبْحَثُ الثّالِثُ: قالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“: ﴿والشَّمْسَ والقَمَرَ﴾ قُرِئا بِالحَرَكاتِ الثَّلاثِ، فالنَّصْبُ عَلى إضْمارِ فِعْلٍ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿جَعَلَ اللَّيْلَ﴾ أيْ وجَعَلَ الشَّمْسَ والقَمَرَ حُسْبانًا؛ والجَرُّ عَطْفٌ عَلى لَفْظِ اللَّيْلِ، والرَّفْعُ عَلى الِابْتِداءِ، والخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: والشَّمْسُ والقَمَرُ مَجْعُولانِ حُسْبانًا؛ أيْ مَحْسُوبانِ.
ثُمَّ إنَّهُ تَعالى خَتَمَ الآيَةَ بِقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ﴾ والعَزِيزُ إشارَةٌ إلى كَمالِ قُدْرَتِهِ والعَلِيمُ إشارَةٌ (p-٨٢)إلى كَمالِ عِلْمِهِ، ومَعْناهُ أنَّ تَقْدِيرَ أجْرامِ الأفْلاكِ بِصِفاتِها المَخْصُوصَةِ وهَيْئاتِها المَحْدُودَةِ، وحَرَكاتِها المُقَدَّرَةِ بِالمَقادِيرِ المَخْصُوصَةِ في البُطْءِ والسُّرْعَةِ لا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ إلّا بِقُدْرَةٍ كامِلَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِجَمِيعِ المُمْكِناتِ، وعِلْمٍ نافِذٍ في جَمِيعِ المَعْلُوماتِ مِنَ الكُلِّيّاتِ والجُزْئِيّاتِ، وذَلِكَ تَصْرِيحٌ بِأنَّ حُصُولَ هَذِهِ الأحْوالِ والصِّفاتِ لَيْسَ بِالطَّبْعِ والخاصَّةِ، وإنَّما هو بِتَخْصِيصِ الفاعِلِ المُخْتارِ. واللَّهُ أعْلَمُ.
{"ayah":"فَالِقُ ٱلۡإِصۡبَاحِ وَجَعَلَ ٱلَّیۡلَ سَكَنࣰا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ حُسۡبَانࣰاۚ ذَ ٰلِكَ تَقۡدِیرُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡعَلِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











