الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ فالِقُ الحَبِّ والنَّوى يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ومُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأنّى تُؤْفَكُونَ﴾ .
فِي الآيَةِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا تَكَلَّمَ في التَّوْحِيدِ ثُمَّ أرْدَفَهُ بِتَقْرِيرِ أمْرِ النُّبُوَّةِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ في بَعْضِ تَفارِيعِ هَذا الأصْلِ، عادَ هاهُنا إلى ذِكْرِ الدَّلائِلِ الدّالَّةِ عَلى وُجُودِ الصّانِعِ، وكَمالِ عِلْمِهِ وحِكْمَتِهِ وقُدْرَتِهِ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ المَقْصُودَ الأصْلِيَّ مِن جَمِيعِ المَباحِثِ العَقْلِيَّةِ والنَّقْلِيَّةِ، وكُلِّ المَطالِبِ الحِكْمِيَّةِ إنَّما هو مَعْرِفَةُ اللَّهِ بِذاتِهِ وصِفاتِهِ وأفْعالِهِ. وفي قَوْلِهِ: ﴿فالِقُ الحَبِّ والنَّوى﴾ قَوْلانِ: (p-٧٤)
القَوْلُ الأوَّلُ: وهو مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَوْلُ الضَّحّاكِ ومُقاتِلٍ: ﴿فالِقُ الحَبِّ والنَّوى﴾ أيْ خالِقُ الحَبِّ والنَّوى. قالَ الواحِدِيُّ: ذَهَبُوا بِفالِقٍ مَذْهَبَ فاطِرٍ، وأقُولُ: الفِطْرُ هو الشَّقُّ، وكَذَلِكَ الفَلْقُ، فالشَّيْءُ قَبْلَ أنْ دَخَلَ في الوُجُودِ كانَ مَعْدُومًا مَحْضًا ونَفْيًا صِرْفًا، والعَقْلُ يَتَصَوَّرُ مِنَ العَدَمِ ظُلْمَةً مُتَّصِلَةً لا انْفِراجَ فِيها ولا انْفِلاقَ ولا انْشِقاقَ، فَإذا أخْرَجَهُ المُبْدِعُ المُوجِدُ مِنَ العَدَمِ إلى الوُجُودِ، فَكَأنَّهُ بِحَسْبِ التَّخَيُّلِ والتَّوَهُّمِ شَقَّ ذَلِكَ العَدَمَ وفَلَقَهُ. وأخْرَجَ ذَلِكَ المُحْدَثَ مِن ذَلِكَ الشَّقِّ. فَبِهَذا التَّأْوِيلِ لا يَبْعُدُ حَمْلُ الفالِقِ عَلى المُوجِدِ والمُحْدِثِ والمُبْدِعِ.
والقَوْلُ الثّانِي: وهو قَوْلُ الأكْثَرِينَ: أنَّ الفَلْقَ هو الشَّقُّ، والحَبَّ هو الَّذِي يَكُونُ مَقْصُودًا بِذاتِهِ مِثْلَ حَبَّةِ الحِنْطَةِ والشَّعِيرِ وسائِرِ الأنْواعِ، والنَّوى هو الشَّيْءُ المَوْجُودُ في داخِلِ الثَّمَرَةِ مِثْلَ نَوى الخَوْخِ والتَّمْرِ وغَيْرِهِما.
إذا عَرَفْتَ هَذا فَنَقُولُ: إنَّهُ إذا وقَعَتِ الحَبَّةُ أوِ النَّواةُ في الأرْضِ الرَّطْبَةِ، ثُمَّ مَرَّ بِهِ قَدْرٌ مِنَ المُدَّةِ أظْهَرَ اللَّهُ تَعالى في تِلْكَ الحَبَّةِ والنَّواةِ مِن أعْلاها شَقًّا ومِن أسْفَلِها شَقًّا آخَرَ. أمّا الشَّقُّ الَّذِي يَظْهَرُ في أعْلى الحَبَّةِ والنَّواةِ فَإنَّهُ يُخْرِجُ مِنهُ الشَّجَرَةَ الصّاعِدَةَ إلى الهَواءِ، وأمّا الشَّقُّ الَّذِي يَظْهَرُ في أسْفَلِ تِلْكَ الحَبَّةِ، فَإنَّهُ يُخْرِجُ مِنهُ الشَّجَرَةَ الهابِطَةَ في الأرْضِ، وهي المُسَمّاةُ بِعُرُوقِ الشَّجَرَةِ، وتَصِيرُ تِلْكَ الحَبَّةُ والنَّواةُ سَبَبًا لِاتِّصالِ الشَّجَرَةِ الصّاعِدَةِ في الهَواءِ بِالشَّجَرَةِ الهابِطَةِ في الأرْضِ.
ثُمَّ إنَّ هاهُنا عَجائِبَ:
فَإحْداها: أنَّ طَبِيعَةَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ إنْ كانَتْ تَقْتَضِي الهَوى في عُمْقِ الأرْضِ فَكَيْفَ تَوَلَّدَتْ مِنها الشَّجَرَةُ الصّاعِدَةُ في الهَواءِ ؟ وإنْ كانَتْ تَقْتَضِي الصُّعُودَ في الهَواءِ، فَكَيْفَ تَوَلَّدَتْ مِنها الشَّجَرَةُ الهابِطَةُ في الأرْضِ ؟ فَلَمّا تُوُلِّدَ مِنها هاتانِ الشَّجَرَتانِ مَعَ أنَّ الحِسَّ والعَقْلَ يَشْهَدُ بِكَوْنِ طَبِيعَةِ إحْدى الشَّجَرَتَيْنِ مُضادَّةً لِطَبِيعَةِ الشَّجَرَةِ الأُخْرى، عَلِمْنا أنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُقْتَضى الطَّبْعِ والخاصِّيَّةِ، بَلْ بِمُقْتَضى الإيجادِ والإبْداعِ والتَّكْوِينِ والِاخْتِراعِ.
وثانِيها: أنَّ باطِنَ الأرْضِ جِرْمٌ كَثِيفٌ صُلْبٌ لا تَنْفُذُ المِسَلَّةُ القَوِيَّةُ فِيهِ، ولا يَغُوصُ السِّكِّينُ الحادُّ القَوِيُّ فِيهِ، ثُمَّ إنّا نُشاهِدُ أطْرافَ تِلْكَ العُرُوقِ في غايَةِ الدِّقَّةِ واللَّطافَةِ، بِحَيْثُ لَوْ دَلَّكَها الإنْسانُ بِأُصْبُعِهِ بِأدْنى قُوَّةٍ لَصارَتْ كالماءِ، ثُمَّ إنَّها مَعَ غايَةِ اللَّطافَةِ تَقْوى عَلى النُّفُوذِ في تِلْكَ الأرْضِ الصُّلْبَةِ، والغَوْصِ في بَواطِنِ تِلْكَ الأجْرامِ الكَثِيفَةِ، فَحُصُولُ هَذِهِ القُوى الشَّدِيدَةِ لِهَذِهِ الأجْرامِ الضَّعِيفَةِ الَّتِي هي في غايَةِ اللَّطافَةِ، لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ بِتَقْدِيرِ العَزِيزِ الحَكِيمِ.
وثالِثُها: أنَّهُ يَتَوَلَّدُ مِن تِلْكَ النَّواةِ شَجَرَةٌ، ويَحْصُلُ في تِلْكَ الشَّجَرَةِ طَبائِعُ مُخْتَلِفَةٌ، فَإنَّ قِشْرَ الخَشَبَةِ لَهُ طَبِيعَةٌ مَخْصُوصَةٌ، وفي داخِلِ ذَلِكَ القِشْرِ جِرْمُ الخَشَبَةِ، وفي وسَطِ تِلْكَ الخَشَبَةِ جِسْمٌ رَخْوٌ ضَعِيفٌ يُشْبِهُ العِهْنَ المَنفُوشَ، ثُمَّ إنَّهُ يَتَوَلَّدُ مِن ساقِ الشَّجَرَةِ أغْصانُها، ويَتَوَلَّدُ عَلى الأغْصانِ الأوْراقُ أوَّلًا، ثُمَّ الأزْهارُ والأنْوارُ ثانِيًا، ثُمَّ الفاكِهَةُ ثالِثًا، ثُمَّ قَدْ يَحْصُلُ لِلْفاكِهَةِ أرْبَعَةُ أنْواعٍ مِنَ القِشْرِ، مِثْلُ الجَوْزِ، فَإنَّ قِشْرَهُ عَلى الأعْلى هو ذَلِكَ الأخْضَرُ، وتَحْتَ ذَلِكَ القِشْرِ الَّذِي يُشْبِهُ الخَشَبَ، وتَحْتَهُ ذَلِكَ القِشْرُ الَّذِي هو كالغِشاءِ الرَّقِيقِ المُحِيطِ بِاللُّبِّ، وتَحْتَهُ ذَلِكَ اللُّبُّ، وذَلِكَ اللُّبُّ مُشْتَمِلٌ عَلى جِرْمٍ كَثِيفٍ هو أيْضًا كالقِشْرِ، وعَلى جِرْمٍ لَطِيفٍ وهو الدُّهْنُ، وهو المَقْصُودُ الأصْلِيُّ، فَتَوَلُّدُ هَذِهِ الأجْسامِ المُخْتَلِفَةِ في طَبائِعِها وصِفاتِها وألْوانِها وأشْكالِها وطَعُومِها مَعَ تَساوِي تَأْثِيراتِ الطَّبائِعِ والنُّجُومِ والفُصُولِ الأرْبَعَةِ والطَّبائِعِ الأرْبَعِ، يَدُلُّ عَلى أنَّها إنَّما حَدَثَتْ بِتَدْبِيرِ الحَكِيمِ الرَّحِيمِ، المُخْتارِ القادِرِ، لا بِتَدْبِيرِ الطَّبائِعِ والعَناصِرِ.
ورابِعُها: أنَّكَ قَدْ تَجِدُ الطَّبائِعَ الأرْبَعَ حاصِلَةٌ في الفاكِهَةِ الواحِدَةِ، فالأُتْرُنْجُ قِشْرُهُ حارٌّ يابِسٌ، ولَحْمُهُ بارِدٌ رَطْبٌ، (p-٧٥)وحِماضُهُ بارِدٌ يابِسٌ، وبِذْرُهُ حارٌّ يابِسٌ، وكَذَلِكَ العِنَبُ قِشْرُهُ وعَجَمُهُ بارِدٌ يابِسٌ، وماؤُهُ ولَحْمُهُ حارٌّ رَطْبٌ، فَتَوَلَّدُ هَذِهِ الطَّبائِعُ المُضادَّةُ والخَواصُّ المُتَنافِرَةُ عَنِ الحَبَّةِ الواحِدَةِ، لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ بِإيجادِ الفاعِلِ المُخْتارِ.
وخامِسُها: أنَّكَ تَجِدُ أحْوالَ الفَواكِهِ مُخْتَلِفَةً، فَبَعْضُها يَكُونُ اللُّبُّ في الدّاخِلِ والقِشْرُ في الخارِجِ كَما في الجَوْزِ واللَّوْزِ، وبَعْضُها يَكُونُ الفاكِهَةُ المَطْلُوبَةُ في الخارِجِ، وتَكُونُ الخَشَبَةُ في الدّاخِلِ كالخَوْخِ والمِشْمِشِ، وبَعْضُها يَكُونُ النَّواةُ لَها لُبٌّ كَما في نَوى المِشْمِشِ والخَوْخِ، وبَعْضُها لا لُبَّ لَهُ كَما في نَوى التَّمْرِ، وبَعْضُ الفَواكِهِ لا يَكُونُ لَهُ مِنَ الدّاخِلِ والخارِجِ قِشْرٌ، بَلْ يَكُونُ كُلُّهُ مَطْلُوبًا كالتِّينِ، فَهَذِهِ أحْوالٌ مُخْتَلِفَةٌ في هَذِهِ الفَواكِهِ، وأيْضًا هَذِهِ الحُبُوبُ مُخْتَلِفَةٌ في الأشْكالِ والصُّوَرِ، فَشَكْلُ الحِنْطَةِ كَأنَّهُ نِصْفُ دائِرَةٍ، وشَكْلُ الشَّعِيرِ كَأنَّهُ مَخْرُوطانِ اتَّصَلا بِقاعِدَتَيْهِما، وشَكْلُ العَدَسِ كَأنَّهُ دائِرَةٌ، وشَكْلُ الحِمَّصِ عَلى وجْهٍ آخَرَ، فَهَذِهِ الأشْكالُ المُخْتَلِفَةُ، لا بُدَّ وأنْ تَكُونَ لِأسْرارٍ وحِكَمٍ عَلِمَ الخالِقُ أنَّ تَرْكِيبَها لا يَكْمُلُ إلّا عَلى ذَلِكَ الشَّكْلِ، وأيْضًا فَقَدْ أوْدَعَ الخالِقُ تَعالى في كُلِّ نَوْعٍ مِن أنْواعِ الحُبُوبِ خاصِّيَّةً أُخْرى ومَنفَعَةً أُخْرى، وأيْضًا فَقَدْ تَكُونُ الثَّمَرَةُ الواحِدَةُ غِذاءً لِحَيَوانٍ وسُمًّا لِحَيَوانٍ آخَرَ، فاخْتِلافُ هَذِهِ الصِّفاتِ والأشْكالِ والأحْوالِ مَعَ اتِّحادِ الطَّبائِعِ وتَأْثِيراتِ الكَواكِبِ يَدُلُّ عَلى أنَّ كُلَّها إنَّما حَصَلَتْ بِتَخْلِيقِ الفاعِلِ المُخْتارِ الحَكِيمِ.
وسادِسُها: أنَّكَ إذا أخَذْتَ ورَقَةً واحِدَةً مِن أوْراقِ الشَّجَرَةِ وجَدْتَ خَطًّا واحِدًا مُسْتَقِيمًا في وسَطِها، كَأنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلى تِلْكَ الوَرَقَةِ كالنُّخاعِ بِالنِّسْبَةِ إلى بَدَنِ الإنْسانِ، وكَما أنَّهُ يَنْفَصِلُ مِنَ النُّخاعِ أعْصابٌ كَثِيرَةٌ يَمْنَةً ويَسْرَةً في بَدَنِ الإنْسانِ، ثُمَّ لا يَزالُ يَنْفَصِلُ عَنْ كُلِّ شُعْبَةٍ شُعَبٌ أُخَرُ، ولا تَزالُ تَسْتَدِقُّ حَتّى تَخْرُجَ عَنِ الحِسِّ والأبْصارِ بِسَبَبِ الصِّغَرِ، فَكَذَلِكَ في تِلْكَ الوَرَقَةِ قَدْ يَنْفَصِلُ عَنْ ذَلِكَ الخَطِّ الكَبِيرِ الوَسَطانِيِّ خُطُوطٌ مُنْفَصِلَةٌ، وعَنْ كُلِّ واحِدٍ مِنها خُطُوطٌ مُخْتَلِفَةٌ أُخْرى أدَقُّ مِنَ الأُولى، ولا يَزالُ يَبْقى عَلى هَذا المَنهَجِ حَتّى تَخْرُجَ تِلْكَ الخُطُوطُ عَنِ الحِسِّ والبَصَرِ، والخالِقُ تَعالى إنَّما فَعَلَ ذَلِكَ حَتّى أنَّ القُوى الجاذِبَةَ المَرْكُوزَةَ في جِرْمِ تِلْكَ الوَرَقَةِ تَقْوى عَلى جَذْبِ الأجْزاءِ اللَّطِيفَةِ الأرْضِيَّةِ في تِلْكَ المَجارِي الضَّيِّقَةِ، فَلَمّا وقَفْتُ عَلى عِنايَةِ الخالِقِ في إيجادِ تِلْكَ الوَرَقَةِ الواحِدَةِ عَلِمْتَ أنَّ عِنايَتَهُ في تَخْلِيقِ جُمْلَةِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ أكْمَلُ، وعَرَفْتَ أنَّ عِنايَتَهُ في تَكْوِينِ جُمْلَةِ النَّباتِ أكْمَلُ.
ثُمَّ إذا عَرَفْتَ أنَّهُ تَعالى إنَّما خَلَقَ جُمْلَةَ النَّباتِ لِمَصْلَحَةِ الحَيَوانِ، عَلِمْتَ أنَّ عِنايَتَهُ بِتَخْلِيقِ الحَيَوانِ أكْمَلُ، ولَمّا عَلِمْتَ أنَّ المَقْصُودَ مِن تَخْلِيقِ جُمْلَةِ الحَيَواناتِ هو الإنْسانُ عَلِمْتَ أنَّ عِنايَتَهُ في تَخْلِيقِ الإنْسانِ أكْمَلُ، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى إنَّما خَلَقَ النَّباتَ والحَيَوانَ في هَذا العالَمِ لِيَكُونَ غِذاءً ودَواءً لِلْإنْسانِ بِحَسَبِ جَسَدِهِ، والمَقْصُودُ مِن تَخْلِيقِ الإنْسانِ هو المَعْرِفَةُ والمَحَبَّةُ والخِدْمَةُ، كَما قالَ تَعالى: ﴿وما خَلَقْتُ الجِنَّ والإنْسَ إلّا لِيَعْبُدُونِ﴾ . ( الذّارِياتِ: ٥٦ ] .
فانْظُرْ أيُّها المِسْكِينُ بِعَيْنِ رَأْسِكَ في تِلْكَ الوَرَقَةِ الواحِدَةِ مِن تِلْكَ الشَّجَرَةِ، واعْرِفْ كَيْفِيَّةَ خِلْقَةِ تِلْكَ العُرُوقَ والأوْتارَ فِيها، ثُمَّ انْتَقِلْ مِن مَرْتَبَةٍ إلى ما فَوْقَها حَتّى تَعْرِفَ أنَّ المَقْصُودَ الأخِيرَ مِنها حُصُولُ المَعْرِفَةِ والمَحَبَّةِ في الأرْواحِ البَشَرِيَّةِ، فَحِينَئِذٍ يَنْفَتِحُ عَلَيْكَ بابٌ مِنَ المُكاشَفاتِ لا آخِرَ لَها، ويَظْهَرُ لَكَ أنَّ أنْواعَ نِعَمِ اللَّهِ في حَقِّكَ غَيْرُ مُتَناهِيَةٍ، كَما قالَ: ﴿وإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها﴾ [إبراهيم: ٣٤] وكُلُّ ذَلِكَ إنَّما ظَهَرَ مِن كَيْفِيَّةِ خِلْقَةِ تِلْكَ الوَرَقَةِ مِنَ الحَبَّةِ والنَّواةِ، فَهَذا كَلامٌ مُخْتَصَرٌ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ فالِقُ الحَبِّ والنَّوى﴾ ومَتّى وقَفَ الإنْسانُ عَلَيْهِ أمْكَنَهُ تَفْرِيقُها وتَشْعِيبُها إلى ما لا آخِرَ لَهُ، ونَسْألُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ والهِدايَةَ.
* * *
(p-٧٦)
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ومُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ﴾ فَفِيهِ مَباحِثُ:
الأوَّلُ: أنَّ ”الحَيَّ“ اسْمٌ لِما يَكُونُ مَوْصُوفًا بِالحَياةِ، و”المَيِّتَ“ اسْمٌ لِما كانَ خالِيًا عَنْ صِفَةِ الحَياةِ فِيهِ، وعَلى هَذا التَّقْدِيرِ: النَّباتُ لا يَكُونُ حَيًّا.
إذا عَرَفْتَ هَذا فَلِلنّاسِ في تَفْسِيرِ هَذا ”الحَيِّ“ و”المَيِّتِ“ قَوْلانِ:
الأوَّلُ: حَمْلُ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ عَلى الحَقِيقَةِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يُخْرِجُ مِنَ النُّطْفَةِ بَشَرًا حَيًّا، ثُمَّ يُخْرِجُ مِنَ البَشَرِ الحَيِّ نُطْفَةً مَيِّتَةً، وكَذَلِكَ يُخْرِجُ مِنَ البَيْضَةِ فَرَوْجَةً حَيَّةً، ثُمَّ يُخْرِجُ مِنَ الدَّجاجَةِ بَيْضَةً مَيِّتَةً، والمَقْصُودُ مِنهُ أنَّ الحَيَّ والمَيِّتَ مُتَضادّانِ مُتَنافِيانِ، فَحُصُولُ المَثَلِ عَنِ المَثَلِ يُوهِمُ أنْ يَكُونَ بِسَبَبِ الطَّبِيعَةِ والخاصِّيَّةِ. أمّا حُصُولُ الضِّدِّ مِنَ الضِّدِّ، فَيَمْتَنِعُ أنْ يَكُونَ بِسَبَبِ الطَّبِيعَةِ والخاصِّيَّةِ، بَلْ لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ بِتَقْدِيرِ المُقَدِّرِ الحَكِيمِ، والمُدَبِّرِ العَلِيمِ.
والقَوْلُ الثّانِي: أنْ يُحْمَلَ ”الحَيُّ“ و”المَيِّتُ“ عَلى ما ذَكَرْناهُ، وعَلى الوُجُوهِ المَجازِيَّةِ أيْضًا، وفِيهِ وُجُوهٌ:
الأوَّلُ: قالَ الزَّجّاجُ: يُخْرِجُ النَّباتَ الغَضَّ الطَّرِيَّ الخَضِرَ مِنَ الحَبِّ اليابِسِ، ويُخْرِجُ اليابِسَ مِنَ النَّباتِ الحَيِّ النّامِي.
الثّانِي: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يُخْرِجُ المُؤْمِنَ مِنَ الكافِرِ، كَما في حَقِّ إبْراهِيمَ، والكافِرَ مِنَ المُؤْمِنِ كَما في حَقِّ ولَدِ نُوحٍ، والعاصِيَ مِنَ المُطِيعِ، وبِالعَكْسِ.
الثّالِثُ: قَدْ يَصِيرُ بَعْضُ ما يُقْطَعُ عَلَيْهِ بِأنَّهُ يُوجِبُ المَضَرَّةَ سَبَبًا لِلنَّفْعِ العَظِيمِ، وبِالعَكْسِ. ذَكَرُوا في الطِّبِّ أنَّ إنْسانًا سَقَوْهُ الأفْيُونَ الكَثِيرَ في الشَّرابِ لِأجْلِ أنْ يَمُوتَ، فَلَمّا تَناوَلَهُ وظَنَّ القَوْمُ أنَّهُ سَيَمُوتُ في الحالِ رَفَعُوهُ مِن مَوْضِعِهِ ووَضَعُوهُ في بَيْتٍ مُظْلِمٍ، فَخَرَجَتْ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ فَلَدَغَتْهُ، فَصارَتْ تِلْكَ اللَّدْغَةُ سَبَبًا لِانْدِفاعِ ضَرَرِ ذَلِكَ الأفْيُونِ مِنهُ، فَإنَّ الأفْيُونَ يُقْتَلُ بِقُوَّةِ بَرْدِهِ، وسُمَّ الأفْعى يَقْتُلُ بِقُوَّةِ حَرِّهِ، فَصارَتْ تِلْكَ اللَّدْغَةُ سَبَبًا لِانْدِفاعِ ضَرَرِ الأفْيُونِ، فَهاهُنا تَوَلَّدَ عَمّا يُعْتَقَدُ فِيهِ كَوْنُهُ أعْظَمَ مُوجِباتِ الشَّرِّ أعْظَمُ الخَيْراتِ، وقَدْ يَكُونُ بِالعَكْسِ مِن ذَلِكَ، وكُلُّ هَذِهِ الأحْوالِ المُخْتَلِفَةِ والأفْعالِ المُتَدافِعَةِ تَدُلُّ عَلى أنَّ لِهَذا العالَمِ مُدَبِّرًا حَكِيمًا ما أهْمَلَ مَصالِحَ الخَلْقِ وما تَرَكَهم سُدًى، وتَحْتَ هَذِهِ المَباحِثِ مَباحِثُ عالِيَةٌ شَرِيفَةٌ.
البَحْثُ الثّانِي: مِن مَباحِثِ هَذِهِ الآيَةِ قَرَأ نافِعٌ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ: ”المَيِّتُ“ مُشَدَّدَةً في الكَلِمَتَيْنِ، والباقُونَ بِالتَّخْفِيفِ في الكَلِمَتَيْنِ، وكَذَلِكَ كُلُّ هَذا الجِنْسِ في القُرْآنِ.
البَحْثُ الثّالِثُ: أنَّ لِقائِلٍ أنْ يَقُولَ: إنَّهُ قالَ أوَّلًا: ﴿يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ﴾ ثُمَّ قالَ: ﴿ومُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ﴾ وعَطْفُ الِاسْمِ عَلى الفِعْلِ قَبِيحٌ، فَما السَّبَبُ في اخْتِيارِ ذَلِكَ ؟ .
قُلْنا: قَوْلُهُ: ﴿ومُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى قَوْلِهِ: ﴿فالِقُ الحَبِّ والنَّوى﴾ وقَوْلُهُ: ﴿يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ﴾ كالبَيانِ والتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ: ﴿فالِقُ الحَبِّ والنَّوى﴾ لِأنَّ فَلْقَ الحَبِّ والنَّوى بِالنَّباتِ والشَّجَرِ النّامِي مِن جِنْسِ إخْراجِ الحَيِّ مِنَ المَيِّتِ؛ لِأنَّ النّامِيَ في حُكْمِ الحَيَوانِ. ألا تَرى إلى قَوْلِهِ: ﴿ويُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها﴾ [ الرُّومِ: ١٩] وفِيهِ وجْهٌ آخَرُ، وهو أنَّ لَفْظَ الفِعْلِ يَدُلُّ عَلى أنَّ ذَلِكَ الفاعِلَ يَعْتَنِي بِذَلِكَ الفِعْلِ في كُلِّ حِينٍ وأوانٍ.
وأمّا لَفْظُ الِاسْمِ فَإنَّهُ لا يُفِيدُ التَّجَدُّدَ والِاعْتِناءَ بِهِ ساعَةً فَساعَةً، وضَرَبَ الشَّيْخُ عَبْدُ القاهِرِ الجُرْجانِيُّ لِهَذا مَثَلًا في كِتابِ ”دَلائِلِ الإعْجازِ“ فَقالَ: قَوْلُهُ: ﴿هَلْ مِن خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكم مِنَ السَّماءِ﴾ [ فاطِرٍ: ٣] إنَّما ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الفِعْلِ وهو قَوْلُهُ: (يَرْزُقُكم) لِأنَّ صِيغَةَ الفِعْلِ تُفِيدُ أنَّهُ تَعالى يَرْزُقُهم حالًا فَحالًا، وساعَةً فَساعَةً.(p-٧٧)
وأمّا الِاسْمُ فَمِثالُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وكَلْبُهم باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالوَصِيدِ﴾ [الكهف: ١٨] فَقَوْلُهُ: ﴿باسِطٌ﴾ يُفِيدُ البَقاءَ عَلى تِلْكَ الحالَةِ الواحِدَةِ.
إذا ثَبَتَ هَذا فَنَقُولُ: الحَيُّ أشْرَفُ مِنَ المَيِّتِ، فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ الِاعْتِناءُ بِإخْراجِ الحَيِّ مِنَ المَيِّتِ أكْثَرَ مِنَ الِاعْتِناءِ بِإخْراجِ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ، فَلِهَذا المَعْنى وقَعَ التَّعْبِيرُ عَنِ القَسَمِ الأوَّلِ بِصِيغَةِ الفِعْلِ، وعَنِ الثّانِي بِصِيغَةِ الِاسْمِ؛ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ الِاعْتِناءَ بِإيجادِ الحَيِّ مِنَ المَيِّتِ أكْثَرُ وأكْمَلُ مِنَ الِاعْتِناءِ بِإيجادِ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ. واللَّهُ أعْلَمُ بِمُرادِهِ.
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى في آخِرِ الآيَةِ: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأنّى تُؤْفَكُونَ﴾ وفِيهِ مَسْألَتانِ:
المَسْألَةُ الأُولى: قالَ بَعْضُهم مَعْناهُ: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ﴾ المُدَبِّرُ الخالِقُ النّافِعُ الضّارُّ المُحْيِي المُمِيتُ ﴿فَأنّى تُؤْفَكُونَ﴾ في إثْباتِ القَوْلِ بِعِبادَةِ الأصْنامِ.
والثّانِي: أنَّ المُرادَ أنَّكم لَمّا شاهَدْتُمْ أنَّهُ تَعالى يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ، ومُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ، ثُمَّ شاهَدْتُمْ أنَّهُ أخْرَجَ البَدَنَ الحَيَّ مِنَ النُّطْفَةِ المَيِّتَةِ مَرَّةً واحِدَةً، فَكَيْفَ تَسْتَبْعِدُونَ أنْ يُخْرِجَ البَدَنُ الحَيَّ مِن مَيِّتِ التُّرابِ الرَّمِيمِ مَرَّةً أُخْرى ؟ والمَقْصُودُ الإنْكارُ عَلى تَكْذِيبِهِمْ بِالحَشْرِ والنَّشْرِ، وأيْضًا الضِّدّانِ مُتَساوِيانِ في النِّسْبَةِ فَكَما لا يَمْتَنِعُ الِانْقِلابُ مِن أحَدِ الضِّدَّيْنِ إلى الآخَرِ، وجَبَ أنْ لا يَمْتَنِعَ الِانْقِلابُ مِنَ الثّانِي إلى الأوَّلِ، فَكَما لا يَمْتَنِعُ حُصُولُ المَوْتِ بَعْدَ الحَياةِ. وجَبَ أيْضًا أنْ لا يَمْتَنِعَ حُصُولُ الحَياةِ بَعْدَ المَوْتِ، وعَلى كِلا التَّقْدِيرَيْنِ فَيَخْرُجُ مِنهُ جَوازُ القَوْلِ بِالبَعْثِ والحَشْرِ والنَّشْرِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: تَمَسَّكَ الصّاحِبُ بْنُ عَبّادٍ بِقَوْلِهِ: ﴿فَأنّى تُؤْفَكُونَ﴾ عَلى أنَّ فِعْلَ العَبْدِ لَيْسَ مَخْلُوقًا لِلَّهِ تَعالى. قالَ: لِأنَّهُ تَعالى لَوْ خَلَقَ الإفْكَ فِيهِ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِهِ أنْ يَقُولَ مَعَ ذَلِكَ: ﴿فَأنّى تُؤْفَكُونَ﴾ .
والجَوابُ عَنْهُ: أنَّ القُدْرَةَ بِالنِّسْبَةِ إلى الضِّدَّيْنِ عَلى السَّوِيَّةِ، فَإنْ تَرَجَّحَ أحَدُ الطَّرَفَيْنِ عَلى الآخَرِ لا لِمُرَجِّحٍ، فَحِينَئِذٍ لا يَكُونُ هَذا الرُّجْحانُ مِنَ العَبْدِ، بَلْ يَكُونُ مَحْضَ الِاتِّفاقِ، فَكَيْفَ يَحْسُنُ أنْ يُقالَ لَهُ: ﴿فَأنّى تُؤْفَكُونَ﴾ وإنْ تَوَقَّفَ ذَلِكَ المُرَجَّحُ عَلى حُصُولِ مُرَجَّحٍ، وهي الدّاعِيَةُ الجاذِبَةُ إلى الفِعْلِ، فَحُصُولُ تِلْكَ الدّاعِيَةِ يَكُونُ مِنَ اللَّهِ تَعالى، وعِنْدَ حُصُولِها يَجِبُ الفِعْلُ، وحِينَئِذٍ يَلْزَمُكم كُلُّ ما ألْزَمْتُمُوهُ عَلَيْنا. واللَّهُ أعْلَمُ.
{"ayah":"۞ إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلۡحَبِّ وَٱلنَّوَىٰۖ یُخۡرِجُ ٱلۡحَیَّ مِنَ ٱلۡمَیِّتِ وَمُخۡرِجُ ٱلۡمَیِّتِ مِنَ ٱلۡحَیِّۚ ذَ ٰلِكُمُ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق