الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وهُوَ الَّذِي يَتَوَفّاكم بِاللَّيْلِ ويَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكم فِيهِ لِيُقْضى أجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إلَيْهِ مَرْجِعُكم ثُمَّ يُنَبِّئُكم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا بَيَّنَ كَمالَ عِلْمِهِ بِالآيَةِ الأُولى بَيَّنَ كَمالَ قُدْرَتِهِ بِهَذِهِ الآيَةِ وهو كَوْنُهُ قادِرًا عَلى نَقْلِ الذَّواتِ مِنَ المَوْتِ إلى الحَياةِ ومِنَ النَّوْمِ إلى اليَقَظَةِ، واسْتِقْلالُهُ يَحْفَظُها في جَمِيعِ الأحْوالِ، وتَدْبِيرُها عَلى أحْسَنِ الوُجُوهِ حالَةَ النَّوْمِ واليَقَظَةِ.
فَأمّا قَوْلُهُ: ﴿وهُوَ الَّذِي يَتَوَفّاكُمْ﴾ فالمَعْنى أنَّهُ تَعالى يُنِيمُكم فَيَتَوَفّى أنْفُسَكُمُ الَّتِي بِها تَقْدِرُونَ عَلى الإدْراكِ والتَّمْيِيزِ كَما قالَ جَلَّ جَلالُهُ: ﴿اللَّهُ يَتَوَفّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِها والَّتِي لَمْ تَمُتْ في مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْها المَوْتَ ويُرْسِلُ الأُخْرى إلى أجَلٍ﴾ [الزمر: ٤٢]، فاللَّهُ جَلَّ جَلالُهُ يَقْبِضُ الأرْواحَ عَنِ التَّصَرُّفِ بِالنَّوْمِ كَما يَقْبِضُها بِالمَوْتِ، وهَهُنا بَحْثٌ: وهو أنَّ النّائِمَ لا شَكَّ أنَّهُ حَيٌّ، ومَتى كانَ حَيًّا لَمْ تَكُنْ رُوحُهُ مَقْبُوضَةً البَتَّةَ، وإذا كانَ كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ أنْ يُقالَ: إنَّ اللَّهَ تَوَفّاهُ فَلا بُدَّ هَهُنا مِن تَأْوِيلٍ وهو أنَّ حالَ النَّوْمِ تَغُورُ الأرْواحُ الحَسّاسَةُ مِنَ الظّاهِرِ في الباطِنِ فَصارَتِ الحَواسُّ الظّاهِرَةُ مُعَطَّلَةً عَنْ أعْمالِها، فَعِنْدَ النَّوْمِ صارَ ظاهِرُ الجَسَدِ مُعَطَّلًا عَنْ بَعْضِ الأعْمالِ، وعِنْدَ المَوْتِ صارَتْ جُمْلَةُ البَدَنِ مُعَطَّلَةً عَنْ كُلِّ الأعْمالِ، فَحَصَلَ بَيْنَ النَّوْمِ وبَيْنَ المَوْتِ مُشابَهَةٌ مِن هَذا الِاعْتِبارِ، فَصَحَّ إطْلاقُ لَفْظِ الوَفاةِ والمَوْتِ عَلى النَّوْمِ مِن هَذا الوَجْهِ. ثُمَّ قالَ: ﴿ويَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ﴾ يُرِيدُ ما كَسَبْتُمْ مِنَ العَمَلِ بِالنَّهارِ قالَ تَعالى: ﴿وما عَلَّمْتُمْ مِنَ الجَوارِحِ﴾ والمُرادُ مِنها الكَواسِبُ مِنَ الطَّيْرِ والسِّباعِ واحِدَتُها جارِحَةٌ. قالَ تَعالى: ﴿الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ﴾ [ الجاثِيَةِ: ٢١] أيِ اكْتَسَبُوا. وبِالجُمْلَةِ فالمُرادُ مِنهُ أعْمالُ الجَوارِحِ.
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿ثُمَّ يَبْعَثُكم فِيهِ﴾ أيْ يَرُدُّ إلَيْكم أرْواحَكم في النَّهارِ، والبَعْثُ هَهُنا اليَقَظَةُ. ثُمَّ قالَ: ﴿لِيُقْضى أجَلٌ مُسَمًّى﴾ أيْ أعْمارُكُمُ المَكْتُوبَةُ، وهي قَوْلُهُ: ﴿وأجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ [الأنْعامِ: ٢] والمَعْنى يَبْعَثُكم مِن نَوْمِكم إلى أنْ تَبْلُغُوا آجالَكم، ومَعْنى القَضاءِ: فَصْلُ الأمْرِ عَلى سَبِيلِ التَّمامِ، ومَعْنى قَضاءِ الأجَلِ: فَصْلُ مُدَّةِ العُمْرِ مِن غَيْرِها بِالمَوْتِ.
(p-١٢)واعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا ذَكَرَ أنَّهُ يُنِيمُهم أوَّلًا ثُمَّ يُوقِظُهم ثانِيًا كانَ ذَلِكَ جارِيًا مَجْرى الإحْياءِ بَعْدَ الإماتَةِ، لا جَرَمَ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلى صِحَّةِ البَعْثِ والقِيامَةِ، فَقالَ: ﴿ثُمَّ إلى رَبِّكم مَرْجِعُكم فَيُنَبِّئُكم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ في لَيْلِكم ونَهارِكم وفي جَمِيعِ أحْوالِكم وأعْمالِكم.
{"ayah":"وَهُوَ ٱلَّذِی یَتَوَفَّىٰكُم بِٱلَّیۡلِ وَیَعۡلَمُ مَا جَرَحۡتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ یَبۡعَثُكُمۡ فِیهِ لِیُقۡضَىٰۤ أَجَلࣱ مُّسَمࣰّىۖ ثُمَّ إِلَیۡهِ مَرۡجِعُكُمۡ ثُمَّ یُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











