الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وهم يَنْهَوْنَ عَنْهُ ويَنْأوْنَ عَنْهُ وإنْ يُهْلِكُونَ إلّا أنْفُسَهم وما يَشْعُرُونَ﴾
فِي الآيَةِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا بَيَّنَ أنَّهم طَعَنُوا في كَوْنِ القُرْآنِ مُعْجِزًا بِأنْ قالُوا: إنَّهُ مِن جِنْسِ أساطِيرِ الأوَّلِينَ وأقاصِيصِ الأقْدَمِينَ؛ بَيَّنَ في هَذِهِ الآيَةِ أنَّهم يَنْهَوْنَ عَنْهُ ويَنْأوْنَ عَنْهُ، وقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ القُرْآنِ وذِكْرُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، فالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ: (عَنْهُ) مُحْتَمِلٌ أنْ يَكُونَ عائِدًا إلى القُرْآنِ وأنْ يَكُونَ عائِدًا إلى مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، فَلِهَذا السَّبَبِ اخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ فَقالَ بَعْضُهم: ﴿وهم يَنْهَوْنَ عَنْهُ ويَنْأوْنَ عَنْهُ﴾ أيْ عَنِ القُرْآنِ وتَدَبُّرِهِ والِاسْتِماعِ لَهُ. وقالَ آخَرُونَ: بَلِ المُرادُ يَنْهَوْنَ عَنِ الرَّسُولِ.
واعْلَمْ أنَّ النَّهْيَ عَنِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلامُ مُحالٌ بَلْ لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ المُرادُ النَّهْيَ عَنْ فِعْلٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وهو غَيْرُ مَذْكُورٍ فَلا جَرَمَ حَصَلَ فِيهِ قَوْلانِ: مِنهم مَن قالَ: المُرادُ أنَّهم يَنْهَوْنَ عَنِ التَّصْدِيقِ بِنُبُوَّتِهِ والإقْرارِ بِرِسالَتِهِ. وقالَ عَطاءٌ ومُقاتِلٌ: نَزَلَتْ في أبِي طالِبٍ كانَ يَنْهى قُرَيْشًا عَنْ إيذاءِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، ثُمَّ يَتَباعَدُ عَنْهُ ولا يَتْبَعُهُ عَلى دِينِهِ.
والقَوْلُ الأوَّلُ أشْبَهُ لِوَجْهَيْنِ:
الأوَّلُ: أنَّ جَمِيعَ الآياتِ المُتَقَدِّمَةِ عَلى هَذِهِ الآيَةِ تَقْتَضِي ذَمَّ طَرِيقَتِهِمْ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وهم يَنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلى أمْرٍ مَذْمُومٍ، فَلَوْ حَمَلْناهُ عَلى أنَّ أبا طالِبٍ كانَ يَنْهى عَنْ إيذائِهِ، لَما حَصَلَ هَذا النَّظْمُ.
والثّانِي: أنَّهُ تَعالى قالَ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿وإنْ يُهْلِكُونَ إلّا أنْفُسَهُمْ﴾ يَعْنِي بِهِ ما تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. ولا يَلِيقُ ذَلِكَ بِأنْ يَكُونَ المُرادُ مِن قَوْلِهِ: ﴿وهم يَنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ النَّهْيَ عَنْ أذِيَّتِهِ، لِأنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ لا يُوجِبُ الهَلاكَ.
فَإنْ قِيلَ: إنَّ قَوْلَهُ: ﴿وإنْ يُهْلِكُونَ إلّا أنْفُسَهُمْ﴾ يَرْجِعُ إلى قَوْلِهِ: ﴿ويَنْأوْنَ عَنْهُ﴾ لا إلى قَوْلِهِ: ﴿يَنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ لِأنَّ المُرادَ بِذَلِكَ أنَّهم يَبْعُدُونَ عَنْهُ بِمُفارَقَةِ دِينِهِ، وتَرْكِ المُوافَقَةِ لَهُ وذَلِكَ ذَمٌّ فَلا يَصِحُّ ما رَجَّحْتُمْ بِهِ هَذا القَوْلَ.
(p-١٥٧)قُلْنا: إنَّ ظاهِرَ قَوْلِهِ: ﴿وإنْ يُهْلِكُونَ إلّا أنْفُسَهُمْ﴾ يَرْجِعُ إلى كُلِّ ما تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ لِأنَّهُ بِمَنزِلَةِ أنْ يُقالَ: إنَّ فَلانًا يَبْعُدُ عَنِ الشَّيْءِ الفُلانِيِّ ويَنْفُرُ عَنْهُ ولا يَضُرُّ بِذَلِكَ إلّا نَفْسَهُ، فَلا يَكُونُ هَذا الضَّرَرُ مُتَعَلِّقًا بِأحَدِ الأمْرَيْنِ دُونَ الآخَرِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: اعْلَمْ أنَّ أُولَئِكَ الكُفّارَ كانُوا يُعامِلُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِنَوْعَيْنِ مِنَ القَبِيحِ:
الأوَّلُ: أنَّهم كانُوا يَنْهَوْنَ النّاسَ عَنْ قَبُولِ دِينِهِ والإقْرارِ بِنُبُوَّتِهِ.
والثّانِي: كانُوا يَنْأوْنَ عَنْهُ، والنَّأْيُ البُعْدُ يُقالُ: نَأى يَنْأى إذا بَعُدَ. ثُمَّ قالَ: ﴿وإنْ يُهْلِكُونَ إلّا أنْفُسَهم وما يَشْعُرُونَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: أيْ وما يُهْلِكُونَ إلّا أنْفُسَهم بِسَبَبِ تَمادِيهِمْ في الكُفْرِ وغُلُوِّهِمْ فِيهِ وما يَشْعُرُونَ أنَّهم يُهْلِكُونَ أنْفُسَهم ويُذْهِبُونَها إلى النّارِ بِما يَرْتَكِبُونَ مِنَ الكُفْرِ والمَعْصِيَةِ، واللَّهُ أعْلَمُ.
{"ayah":"وَهُمۡ یَنۡهَوۡنَ عَنۡهُ وَیَنۡـَٔوۡنَ عَنۡهُۖ وَإِن یُهۡلِكُونَ إِلَّاۤ أَنفُسَهُمۡ وَمَا یَشۡعُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











