الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أوْلادَهم سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِراءً عَلى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وما كانُوا مُهْتَدِينَ﴾
فِي الآيَةِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: أنَّهُ تَعالى ذَكَرَ فِيما تَقَدَّمَ قَتْلَهم أوْلادَهم وتَحْرِيمَهم ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ. ثُمَّ إنَّهُ تَعالى جَمَعَ هَذَيْنِ الأمْرَيْنِ في هَذِهِ الآيَةِ وبَيَّنَ ما لَزِمَهم عَلى هَذا الحُكْمِ، وهو الخُسْرانُ والسَّفاهَةُ، وعَدَمُ العِلْمِ، وتَحْرِيمُ (p-١٧٢)ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ، والِافْتِراءُ عَلى اللَّهِ، والضَّلالُ وعَدَمُ الِاهْتِداءِ، فَهَذِهِ أُمُورٌ سَبْعَةٌ وكُلُّ واحِدٍ مِنها سَبَبٌ تامٌّ في حُصُولِ الذَّمِّ.
أمّا الأوَّلُ: وهو الخُسْرانُ، وذَلِكَ لِأنَّ الوَلَدَ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ مِنَ اللَّهِ عَلى العَبْدِ، فَإذا سَعى في إبْطالِهِ، فَقَدْ خَسِرَ خُسْرانًا عَظِيمًا لا سِيَّما ويَسْتَحِقُّ عَلى ذَلِكَ الإبْطالِ الذَّمَّ العَظِيمَ في الدُّنْيا، والعُقابَ العَظِيمَ في الآخِرَةِ، أمّا الذَّمُّ في الدُّنْيا فَلِأنَّ النّاسَ يَقُولُونَ قَتَلَ ولَدَهُ خَوْفًا مِن أنْ يَأْكُلَ طَعامَهُ ولَيْسَ في الدُّنْيا ذَمٌّ أشَدُّ مِنهُ. وأمّا العِقابُ في الآخِرَةِ، فَلِأنَّ قَرابَةَ الوِلادَةِ أعْظَمُ مُوجِباتِ المَحَبَّةِ فَمَعَ حُصُولِها إذا أقْدَمَ عَلى إلْحاقِ أعْظَمِ المَضارِّ بِهِ كانَ ذَلِكَ أعْظَمَ أنْواعِ الذُّنُوبِ، فَكانَ مُوجِبًا لِأعْظَمِ أنْواعِ العِقابِ.
والنَّوْعُ الثّانِي: السَّفاهَةُ وهي عِبارَةٌ عَنِ الخِفَّةِ المَذْمُومَةِ، وذَلِكَ لِأنَّ قَتْلَ الوَلَدِ إنَّما يَكُونُ لِلْخَوْفِ مِنَ الفَقْرِ، والفَقْرُ وإنْ كانَ ضَرَرًا إلّا أنَّ القَتْلَ أعْظَمُ مِنهُ ضَرَرًا، وأيْضًا فَهَذا القَتْلُ ناجِزٌ وذَلِكَ الفَقْرُ مَوْهُومٌ فالتِزامُ أعْظَمِ المَضارِّ عَلى سَبِيلِ القَطْعِ حَذَرًا مِن ضَرَرٍ قَلِيلٍ مَوْهُومٍ، لا شَكَّ أنَّهُ سَفاهَةٌ.
والنَّوْعُ الثّالِثُ: قَوْلُهُ: ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ فالمَقْصُودُ أنَّ هَذِهِ السَّفاهَةَ إنَّما تَوَلَّدَتْ مِن عَدَمِ العِلْمِ ولا شَكَّ أنَّ الجَهْلَ أعْظَمُ المُنْكَراتِ والقَبائِحِ.
والنَّوْعُ الرّابِعُ: تَحْرِيمُ ما أحَلَّ اللَّهُ لَهم، وهو أيْضًا مِن أعْظَمِ أنْواعِ الحَماقَةِ؛ لِأنَّهُ يَمْنَعُ نَفْسَهُ تِلْكَ المَنافِعَ والطَّيِّباتِ، ويَسْتَوْجِبُ بِسَبَبِ ذَلِكَ المَنعِ أعْظَمَ أنْواعِ العَذابِ والعِقابِ.
والنَّوْعُ الخامِسُ: الِافْتِراءُ عَلى اللَّهِ، ومَعْلُومٌ أنَّ الجَراءَةَ عَلى اللَّهِ، والِافْتِراءَ عَلَيْهِ أعْظَمُ الذُّنُوبِ وأكْبَرُ الكَبائِرِ.
والنَّوْعُ السّادِسُ: الضَّلالُ عَنِ الرُّشْدِ في مَصالِحِ الدِّينِ ومَنافِعِ الدُّنْيا.
والنَّوْعُ السّابِعُ: أنَّهم ما كانُوا مُهْتَدِينَ، والفائِدَةُ فِيهِ أنَّهُ قَدْ يَضِلُّ الإنْسانُ عَنِ الحَقِّ إلّا أنْ يَعُودَ إلى الِاهْتِداءِ، فَبَيَّنَ تَعالى أنَّهم قَدْ ضَلُّوا ولَمْ يَحْصُلْ لَهُمُ الِاهْتِداءُ قَطُّ. فَثَبَتَ أنَّهُ تَعالى ذَمَّ المَوْصُوفِينَ بِقَتْلِ الأوْلادِ وتَحْرِيمِ ما أحَلَّهُ اللَّهُ تَعالى لَهم بِهَذِهِ الصِّفاتِ السَّبْعَةِ المُوجِبَةِ لِأعْظَمِ أنْواعِ الذَّمِّ، وذَلِكَ نِهايَةُ المُبالَغَةِ.
{"ayah":"قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِینَ قَتَلُوۤا۟ أَوۡلَـٰدَهُمۡ سَفَهَۢا بِغَیۡرِ عِلۡمࣲ وَحَرَّمُوا۟ مَا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ ٱفۡتِرَاۤءً عَلَى ٱللَّهِۚ قَدۡ ضَلُّوا۟ وَمَا كَانُوا۟ مُهۡتَدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق