الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الجِنَّ وخَلَقَهم وخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وتَعالى عَمّا يَصِفُونَ﴾ .
فِي الآيَةِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا ذَكَرَ هَذِهِ البَراهِينَ الخَمْسَةَ مِن دَلائِلِ العالَمِ الأسْفَلِ والعالَمِ الأعْلى عَلى ثُبُوتِ الإلَهِيَّةِ، وكَمالِ القُدْرَةِ والرَّحْمَةِ، ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أنَّ مِنَ النّاسِ مَن أثْبَتَ لِلَّهِ شُرَكاءً، واعْلَمْ أنَّ هَذِهِ المَسْألَةَ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُها إلّا أنَّ المَذْكُورَ هاهُنا غَيْرُ ما تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وذَلِكَ لِأنَّ الَّذِينَ أثْبَتُوا الشَّرِيكَ لِلَّهِ فِرَقٌ وطَوائِفُ.
فالطّائِفَةُ الأُولى: عَبَدَةُ الأصْنامِ فَهم يَقُولُونَ الأصْنامُ شُرَكاءُ لِلَّهِ في العُبُودِيَّةِ، ولَكِنَّهم مُعْتَرِفُونَ بِأنَّ هَذِهِ الأصْنامَ لا قُدْرَةَ لَها عَلى الخَلْقِ والإيجادِ والتَّكْوِينِ.
والطّائِفَةُ الثّانِيَةُ: مِنَ المُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ: مُدَبِّرُ هَذا العالَمِ هو الكَواكِبُ، وهَؤُلاءِ فَرِيقانِ مِنهم مَن يَقُولُ: إنَّها واجِبَةُ الوُجُودِ لِذاتِها، ومِنهم مَن يَقُولُ: إنَّها مُمْكِنَةُ الوُجُودِ لِذَواتِها مُحْدَثَةٌ، وخالِقُها هو اللَّهُ تَعالى، إلّا أنَّهُ سُبْحانَهُ فَوَّضَ تَدْبِيرَ هَذا العالَمِ الأسْفَلِ إلَيْها، وهَؤُلاءِ هُمُ الَّذِينَ حَكى اللَّهُ عَنْهم أنَّ الخَلِيلَ ﷺ ناظَرَهم بِقَوْلِهِ: ﴿لا أُحِبُّ الآفِلِينَ﴾ وشَرْحُ هَذا الدَّلِيلِ قَدْ مَضى.
والطّائِفَةُ الثّالِثَةُ: مِنَ المُشْرِكِينَ الَّذِينَ قالُوا: لِجُمْلَةِ هَذا العالَمِ بِما فِيهِ مِنَ السَّماواتِ والأرَضِينَ إلَهانِ: أحَدُهُما فاعِلُ الخَيْرِ، والثّانِي فاعِلُ الشَّرِّ، والمَقْصُودُ مِن هَذِهِ الآيَةِ حِكايَةُ مَذْهَبِ هَؤُلاءِ، فَهَذا تَقْرِيرُ نَظْمِ الآيَةِ والتَّنْبِيهُ عَلى ما فِيها مِنَ الفَوائِدِ، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما - أنَّهُ قالَ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الجِنَّ﴾ نَزَلَتْ في الزَّنادِقَةِ الَّذِينَ قالُوا: إنَّ اللَّهَ وإبْلِيسَ أخَوانِ؛ فاللَّهُ تَعالى خالِقُ النّاسِ والدَّوابِّ والأنْعامِ والخَيْراتِ، وإبْلِيسُ خالِقُ السِّباعِ والحَيّاتِ والعَقارِبِ والشُّرُورِ.
واعْلَمْ أنَّ هَذا القَوْلَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبّاسٍ أحْسَنُ الوُجُوهِ المَذْكُورَةِ في هَذِهِ الآيَةِ، وذَلِكَ لِأنَّ بِهَذا الوَجْهِ يَحْصُلُ لِهَذِهِ الآيَةِ مَزِيدُ فائِدَةٍ مُغايِرَةٍ لِما سَبَقَ ذِكْرُهُ في الآياتِ المُتَقَدِّمَةِ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: والَّذِي يُقَوِّي هَذا الوَجْهَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وجَعَلُوا بَيْنَهُ وبَيْنَ الجِنَّةِ نَسَبًا﴾ [الصافات: ١٥٨] وإنَّما وُصِفَ بِكَوْنِهِ مِنَ الجِنِّ؛ لِأنَّ لَفْظَ الجِنِّ مُشْتَقٌّ مِنَ الِاسْتِتارِ، والمَلائِكَةُ والرُّوحانِيُّونَ لا يُرَوْنَ بِالعُيُونِ، فَصارَتْ كَأنَّها مُسْتَتِرَةٌ مِنَ العُيُونِ، فَبِهَذا التَّأْوِيلِ أُطْلِقَ لَفْظُ الجِنِّ عَلَيْها، وأقُولُ: هَذا مَذْهَبُ المَجُوسِ، وإنَّما قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: هَذا قَوْلُ الزَّنادِقَةِ؛ لِأنَّ المَجُوسَ يُلَقَّبُونَ بِالزَّنادِقَةِ؛ لِأنَّ الكِتابَ الَّذِي زَعَمَ زَرادِشْتُ أنَّهُ نَزَلَ عَلَيْهِ مِن عِنْدِ اللَّهِ مُسَمًّى بِالزَّنْدِ، والمَنسُوبُ إلَيْهِ يُسَمّى زَنْدِيٌّ. ثُمَّ عُرِّبَ فَقِيلَ زِنْدِيقٌ. ثُمَّ جُمِعَ فَقِيلَ زَنادِقَةٌ.
(p-٩٣)واعْلَمْ أنَّ المَجُوسَ قالُوا: كُلُّ ما في هَذا العالَمِ مِنَ الخَيْراتِ فَهو مِن يَزْدانَ، وجَمِيعُ ما فِيهِ مِنَ الشُّرُورِ فَهو مِن أهْرِمَن، وهو المُسَمّى بِإبْلِيسَ في شَرْعِنا، ثُمَّ اخْتَلَفُوا؛ فالأكْثَرُونَ مِنهم عَلى أنَّ أهْرِمَن مُحْدَثٌ، ولَهم في كَيْفِيَّةِ حُدُوثِهِ أقْوالٌ عَجِيبَةٌ، والأقَلُّونَ مِنهم قالُوا: إنَّهُ قَدِيمٌ أزَلِيٌّ، وعَلى القَوْلَيْنِ فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلى أنَّهُ شَرِيكٌ لِلَّهِ في تَدْبِيرِ هَذا العالَمِ، فَخَيْراتُ هَذا العالَمِ مِنَ اللَّهِ تَعالى، وشُرُورُهُ مِن إبْلِيسَ؛ فَهَذا شَرْحُ ما قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما - .
فَإنْ قِيلَ: فَعَلى هَذا التَّقْدِيرِ: القَوْمُ أثْبَتُوا لِلَّهِ شَرِيكًا واحِدًا وهو إبْلِيسُ، فَكَيْفَ حَكى اللَّهُ عَنْهم أنَّهم أثْبَتُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ ؟
والجَوابُ: أنَّهم يَقُولُونَ: عَسْكَرُ اللَّهِ هُمُ المَلائِكَةُ، وعَسْكَرُ إبْلِيسَ هُمُ الشَّياطِينُ، والمَلائِكَةُ فِيهِمْ كَثْرَةٌ عَظِيمَةٌ، وهم أرْواحٌ طاهِرَةٌ مُقَدَّسَةٌ، وهم يُلْهِمُونَ تِلْكَ الأرْواحَ البَشَرِيَّةَ بِالخَيْراتِ والطّاعاتِ. والشَّياطِينُ أيْضًا فِيهِمْ كَثْرَةٌ عَظِيمَةٌ، وهي تُلْقِي الوَساوِسَ الخَبِيثَةَ إلى الأرْواحِ البَشَرِيَّةِ، واللَّهُ مَعَ عَسْكَرِهِ مِنَ المَلائِكَةِ يُحارِبُونَ إبْلِيسَ مَعَ عَسْكَرِهِ مِنَ الشَّياطِينِ، فَلِهَذا السَّبَبِ حَكى اللَّهُ تَعالى عَنْهم أنَّهم أثْبَتُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ مِنَ الجِنِّ؛ فَهَذا تَفْصِيلُ هَذا القَوْلِ.
إذا عَرَفْتَ هَذا فَنَقُولُ: قَوْلُهُ: ﴿وخَلَقَهُمْ﴾ إشارَةٌ إلى الدَّلِيلِ القاطِعِ الدّالِّ عَلى فَسادِ كَوْنِ إبْلِيسَ شَرِيكًا لِلَّهِ تَعالى في مُلْكِهِ، وتَقْرِيرُهُ مِن وجْهَيْنِ:
الأوَّلُ: أنّا نَقَلْنا عَنِ المَجُوسِ أنَّ الأكْثَرِينَ مِنهم مُعْتَرِفُونَ بِأنَّ إبْلِيسَ لَيْسَ بِقَدِيمٍ بَلْ هو مُحْدَثٌ.
إذا ثَبَتَ هَذا فَنَقُولُ: إنَّ كُلَّ مُحْدَثٍ فَلَهُ خالِقٌ ومُوجِدٌ، وما ذاكَ إلّا اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى، فَهَؤُلاءِ المَجُوسُ يَلْزَمُهُمُ القَطْعُ بِأنَّ خالِقَ إبْلِيسَ هو اللَّهُ تَعالى، ولَمّا كانَ إبْلِيسُ أصْلًا لِجَمِيعِ الشُّرُورِ والآفاتِ والمَفاسِدِ والقَبائِحِ، والمَجُوسُ سَلَّمُوا أنَّ خالِقَهُ هو اللَّهُ تَعالى، فَحِينَئِذٍ قَدْ سَلَّمُوا أنَّ إلَهَ العالَمِ هو الخالِقُ لِما هو أصْلُ الشُّرُورِ والقَبائِحِ والمَفاسِدِ، وإذا كانَ كَذَلِكَ امْتَنَعَ عَلَيْهِمْ أنْ يَقُولُوا لا بُدَّ مِن إلَهَيْنِ، يَكُونُ أحَدُهُما فاعِلًا لِلْخَيْراتِ، والثّانِي يَكُونُ فاعِلًا لِلشُّرُورِ؛ لِأنَّ بِهَذا الطَّرِيقِ ثَبَتَ أنَّ إلَهَ الخَيْرِ هو بِعَيْنِهِ الخالِقُ، لِهَذا الَّذِي هو الشَّرُّ الأعْظَمُ فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وخَلَقَهُمْ﴾ إشارَةٌ إلى أنَّهُ تَعالى هو الخالِقُ لِهَؤُلاءِ الشَّياطِينِ عَلى مَذْهَبِ المَجُوسِ، وإذا كانَ خالِقًا لَهم فَقَدِ اعْتَرَفُوا بِكَوْنِ إلَهِ الخَيْرِ فاعِلًا لِأعْظَمِ الشُّرُورِ، وإذا اعْتَرَفُوا بِذَلِكَ وسَقَطَ قَوْلُهم: لا بُدَّ لِلْخَيْراتِ مِن إلَهٍ، ولِلشُّرُورِ مِن إلَهٍ آخَرَ.
والوَجْهُ الثّانِي: في اسْتِنْباطِ الحُجَّةِ مِن قَوْلِهِ: ﴿وخَلَقَهُمْ﴾ ما بَيَّنّا في هَذا الكِتابِ وفي كِتابِ ”الأرْبَعِينَ في أُصُولِ الدِّينِ“ أنَّ ما سِوى الواحِدِ مُمْكِنٌ لِذاتِهِ، وكُلُّ مُمْكِنٍ لِذاتِهِ فَهو مُحْدَثٌ، يُنْتِجُ أنَّ ما سِوى الواحِدِ الأحَدِ الحَقِّ فَهو مُحْدَثٌ، فَيَلْزَمُ القَطْعُ بِأنَّ إبْلِيسَ وجَمِيعَ جُنُودِهِ يَكُونُونَ مَوْصُوفِينَ بِالحُدُوثِ، وحُصُولِ الوُجُودِ بَعْدَ العَدَمِ، وحِينَئِذٍ يَعُودُ الإلْزامُ المَذْكُورُ عَلى ما قَرَّرْناهُ، فَهَذا تَقْرِيرُ المَقْصُودِ الأصْلِيِّ مِن هَذِهِ الآيَةِ، وبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
* * *
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الجِنَّ﴾ مَعْناهُ: وجَعَلُوا الجِنَّ شُرَكاءَ لِلَّهِ.
فَإنْ قِيلَ: فَما الفائِدَةُ في التَّقْدِيمِ ؟
(p-٩٤)قُلْنا: قالَ سِيبَوَيْهِ: إنَّهم يُقَدِّمُونَ الأهَمَّ الَّذِي هم بِشَأْنِهِ أعَنى، فالفائِدَةُ في هَذا التَّقْدِيمِ اسْتِعْظامُ أنْ يُتَّخَذَ لِلَّهِ شَرِيكٌ؛ سَواءٌ كانَ مَلَكًا أوْ جِنِّيًّا أوْ إنْسِيًّا أوْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَهَذا هو السَّبَبُ في تَقْدِيمِ اسْمِ اللَّهِ عَلى الشُّرَكاءِ.
إذا عَرَفْتَ هَذا فَنَقُولُ: قُرِئَ: ”الجِنَّ“ بِالنَّصْبِ والرَّفْعِ والجَرِّ، أمّا وجْهُ النَّصْبِ فالمَشْهُورُ أنَّهُ بَدَلٌ مِن قَوْلِهِ: ”شُرَكاءَ“ قالَ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ: هَذا ضَعِيفٌ لِأنَّ البَدَلَ ما يَقُومُ مَقامَ المُبْدَلِ، فَلَوْ قِيلَ: وجَعَلُوا لِلَّهِ الجِنَّ لَمْ يَكُنْ كَلامًا مَفْهُومًا، بَلِ الأوْلى جَعْلُهُ عَطْفُ بَيانٍ. أمّا وجْهُ القِراءَةِ بِالرَّفْعِ فَهو أنَّهُ لَمّا قِيلَ: ﴿وجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ﴾ فَهَذا الكَلامُ لَوْ وقَعَ الِاقْتِصارُ عَلَيْهِ لَصَحَّ أنْ يُرادَ بِهِ الجِنُّ والأِنْسُ والحَجَرُ والوَثَنُ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: ومَن أُولَئِكَ الشُّرَكاءُ ؟ فَقِيلَ: الجِنُّ. وأمّا وجْهُ القِراءَةِ بِالجَرِّ فَعَلى الإضافَةِ الَّتِي هي لِلتَّبْيِينِ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا في تَفْسِيرِ هَذِهِ الشِّرْكَةِ عَلى ثَلاثَةِ أوْجُهٍ:
فالأوَّلُ: ما ذَكَرْناهُ مِن أنَّ المُرادَ مِنهُ حِكايَةُ قَوْلِ مَن يُثْبِتُ لِلْعالَمِ إلَهَيْنِ؛ أحَدُهُما فاعِلُ الخَيْرِ، والثّانِي فاعِلُ الشَّرِّ.
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّ الكُفّارَ كانُوا يَقُولُونَ: المَلائِكَةُ بَناتُ اللَّهِ، وهَؤُلاءِ يَقُولُونَ: المُرادُ مِنَ الجِنِّ المَلائِكَةُ، وإنَّما حَسُنَ إطْلاقُ هَذا الِاسْمِ عَلَيْهِمْ؛ لِأنَّ لَفْظَ الجِنِّ مُشْتَقٌّ مِنَ الِاسْتِتارِ، والمَلائِكَةُ مُسْتَتِرُونَ عَنِ الأعْيُنِ، وكانَ يَجِبُ عَلى هَذا القائِلِ أنْ يُبَيِّنَ أنَّهُ كَيْفَ يَلْزَمُ مِن قَوْلِهِمُ المَلائِكَةُ بَناتُ اللَّهِ ؟ قَوْلُهم بِجَعْلِ المَلائِكَةِ شُرَكاءَ لِلَّهِ حَتّى يَتِمَّ انْطِباقُ لَفْظِ الآيَةِ عَلى هَذا المَعْنى، ولَعَلَّهُ يُقالُ: إنَّ هَؤُلاءِ كانُوا يَقُولُونَ: المَلائِكَةُ مَعَ أنَّها بَناتُ اللَّهِ فَهي مُدَبِّرَةٌ لِأحْوالِ هَذا العالَمِ، وحِينَئِذٍ يَحْصُلُ الشِّرْكُ.
والقَوْلُ الثّالِثُ وهو قَوْلُ الحَسَنِ وطائِفَةٍ مِنَ المُفَسِّرِينَ: إنَّ المُرادَ أنَّ الجِنَّ دَعُوا الكُفّارَ إلى عِبادَةِ الأصْنامِ، وإلى القَوْلِ بِالشِّرْكِ، فَقَبِلُوا مِنَ الجِنِّ هَذا القَوْلَ وأطاعُوهم، فَصارُوا مِن هَذا الوَجْهِ قائِلِينَ: يَكُونُ الجِنُّ شُرَكاءَ لِلَّهِ تَعالى، وأقُولُ: الحَقُّ هو القَوْلُ الأوَّلُ، والقَوْلانِ الأخِيرانِ ضَعِيفانِ جَدًّا، أمّا تَفْسِيرُ هَذا الشِّرْكِ بِقَوْلِ العَرَبِ: المَلائِكَةُ بَناتُ اللَّهِ، فَهَذا باطِلٌ مِن وُجُوهٍ:
الوَجْهُ الأوَّلُ: أنَّ هَذا المَذْهَبَ قَدْ حَكاهُ اللَّهُ تَعالى بِقَوْلِهِ: ﴿وخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ فالقَوْلُ بِإثْباتِ البَناتِ لِلَّهِ لَيْسَ إلّا قَوْلَ مَن يَقُولُ المَلائِكَةُ بَناتُ اللَّهِ، فَلَوْ فَسَّرْنا قَوْلَهُ: ﴿وجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الجِنَّ﴾ بِهَذا المَعْنى يَلْزَمُ مِنهُ التَّكْرارُ في المَوْضِعِ الواحِدِ مِن غَيْرِ فائِدَةٍ، وأنَّهُ لا يَجُوزُ.
الوَجْهُ الثّانِي: في إبْطالِ هَذا التَّفْسِيرِ أنَّ العَرَبَ قالُوا: المَلائِكَةُ بَناتُ اللَّهِ، وإثْباتُ الوَلَدِ لِلَّهِ غَيْرٌ، وإثْباتُ الشَّرِيكِ لَهُ غَيْرٌ، والدَّلِيلُ عَلى الفَرْقِ بَيْنَ الأمْرَيْنِ أنَّهُ تَعالى مَيَّزَ بَيْنَهُما في قَوْلِهِ: ﴿لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ﴾ ﴿ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ﴾ [الإخلاص: ٣، ٤] ولَوْ كانَ أحَدُهُما عَيْنَ الآخَرِ لَكانَ هَذا التَّفْصِيلُ في هَذِهِ السُّورَةِ عَبَثًا.
الوَجْهُ الثّالِثُ: أنَّ القائِلِينَ بِيَزْدانَ وأهْرِمَن يُصَرِّحُونَ بِإثْباتِ شَرِيكٍ لِإلَهِ العالَمِ في تَدْبِيرِ هَذا العالَمِ، فَصَرْفُ اللَّفْظِ عَنْهُ وحَمْلُهُ عَلى إثْباتِ البَناتِ صَرْفٌ لِلَّفْظِ عَنْ حَقِيقَتِهِ إلى مَجازِهِ مِن غَيْرِ ضَرُورَةٍ وأنَّهُ لا يَجُوزُ.
وأمّا القَوْلُ الثّانِي: وهو قَوْلُ مَن يَقُولُ المُرادُ مِن هَذِهِ الشِّرْكَةِ: أنَّ الكُفّارَ قَبِلُوا قَوْلَ الجِنِّ في عِبادَةِ الأصْنامِ، فَهَذا في غايَةِ البُعْدِ لِأنَّ الدّاعِيَ إلى القَوْلِ بِالشِّرْكِ لا يَجُوزُ تَسْمِيَتُهُ بِكَوْنِهِ شَرِيكًا لِلَّهِ لا بِحَسَبِ حَقِيقَةِ اللَّفْظِ ولا بِحَسَبِ مَجازِهِ، وأيْضًا فَلَوْ حَمَلْنا هَذِهِ الآيَةَ عَلى هَذا المَعْنى لَزِمَ وُقُوعُ التَّكْرِيرِ مِن غَيْرِ فائِدَةٍ؛ لِأنَّ (p-٩٥)الرَّدَّ عَلى عَبَدَةِ الأصْنامِ، وعَلى عَبَدَةِ الكَواكِبِ قَدْ سَبَقَ عَلى سَبِيلِ الِاسْتِقْصاءِ، فَثَبَتَ سُقُوطُ هَذَيْنِ القَوْلَيْنِ، وظَهَرَ أنَّ الحَقَّ هو القَوْلُ الَّذِي نَصَرْناهُ وقَوَّيْناهُ.
* * *
وأمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وخَلَقَهُمْ﴾ فَفِيهِ بَحْثانِ:
البَحْثُ الأوَّلُ: اخْتَلَفُوا في أنَّ الضَّمِيرَ في قَوْلِهِ: (خَلَقَهم) إلى ماذا يَعُودُ ؟ عَلى قَوْلَيْنِ:
فالقَوْلُ الأوَّلُ: أنَّهُ عائِدٌ إلى ”الجِنِّ“ والمَعْنى أنَّهم قالُوا الجِنُّ شُرَكاءُ اللَّهِ، ثُمَّ إنَّ هَؤُلاءِ القَوْمَ اعْتَرَفُوا بِأنَّ أهْرِمَن مُحْدَثٌ، ثُمَّ إنَّ في المَجُوسِ مَن يَقُولُ: إنَّهُ تَعالى تَفَكَّرَ في مَمْلَكَةِ نَفْسِهِ واسْتَعْظَمَها فَحَصَلَ نَوْعٌ مِنَ العَجَبِ، فَتَوَلَّدَ الشَّيْطانُ عَنْ ذَلِكَ العَجَبِ، ومِنهم مَن يَقُولُ: شَكَّ في قُدْرَةِ نَفْسِهِ فَتَوَلَّدَ مِن شَكِّهِ الشَّيْطانُ، فَهَؤُلاءِ مُعْتَرِفُونَ بِأنَّ أهْرِمَن مُحْدَثٌ، وأنَّ مُحْدِثَهُ هو اللَّهُ تَعالى فَقَوْلُهُ تَعالى: ”وخَلَقَهم“ إشارَةٌ إلى هَذا المَعْنى، ومَتى ثَبَتَ أنَّ هَذا الشَّيْطانَ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ تَعالى امْتَنَعَ جَعْلُهُ شَرِيكًا لِلَّهِ في تَدْبِيرِ العالَمِ؛ لِأنَّ الخالِقَ أقْوى وأكْمَلُ مِنَ المَخْلُوقِ، وجَعْلُ الضَّعِيفِ النّاقِصِ شَرِيكًا لِلْقَوِيِّ الكامِلِ مُحالٌ في العُقُولِ.
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّ الضَّمِيرَ عائِدٌ إلى الجاعِلِينَ، وهُمُ الَّذِينَ أثْبَتُوا الشَّرِكَةَ بَيْنَ اللَّهِ تَعالى وبَيْنَ الجِنِّ، وهَذا القَوْلُ عِنْدِي ضَعِيفٌ لِوَجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: أنّا إذا حَمَلْناهُ عَلى ما ذَكَرْناهُ صارَ ذَلِكَ اللَّفْظُ الواحِدُ دَلِيلًا قاطِعًا تامًّا كامِلًا في إبْطالِ ذَلِكَ المَذْهَبِ، وإذا حَمَلْناهُ عَلى هَذا الوَجْهِ لَمْ يَظْهَرْ مِنهُ فائِدَةٌ.
وثانِيهِما: أنَّ عَوْدَ الضَّمِيرِ إلى أقْرَبِ المَذْكُوراتِ واجِبٌ، وأقْرَبُ المَذْكُوراتِ في هَذِهِ الآيَةِ هو الجِنُّ، فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عائِدًا إلَيْهِ.
البَحْثُ الثّانِي: قالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“: قُرِئَ: ”وخَلْقَهم“ أيِ اخْتِلاقَهم لِلْإفْكِ. يَعْنِي: وجَعَلُوا اللَّهَ خَلْقَهم حَيْثُ نَسَبُوا ذَبائِحَهم إلى اللَّهِ في قَوْلِهِمْ: ﴿واللَّهُ أمَرَنا بِها﴾ [الأعراف: ٢٨] .
* * *
ثُمَّ قالَ: ﴿وخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ وفِيهِ مَباحِثُ:
البَحْثُ الأوَّلُ: أقُولُ: إنَّهُ تَعالى حَكى عَنْ قَوْمٍ أنَّهم أثْبَتُوا إبْلِيسَ شَرِيكًا لِلَّهِ تَعالى، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ حَكى عَنْ أقْوامٍ آخَرِينَ أنَّهم أثْبَتُوا لِلَّهِ بَنِينَ وبَناتٍ، أمّا الَّذِينَ أثْبَتُوا البَنِينَ فَهُمُ النَّصارى وقَوْمٌ مِنَ اليَهُودِ، وأمّا الَّذِينَ أثْبَتُوا البَناتِ فَهُمُ العَرَبُ الَّذِينَ يَقُولُونَ: المَلائِكَةُ بَناتُ اللَّهِ، وقَوْلُهُ: ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ كالتَّنْبِيهِ عَلى ما هو الدَّلِيلُ القاطِعُ في فَسادِ هَذا القَوْلِ، وفِيهِ وُجُوهٌ:
الحُجَّةُ الأُولى: أنَّ الإلَهَ يَجِبُ أنْ يَكُونَ واجِبَ الوُجُودِ لِذاتِهِ، فَوَلَدُهُ إمّا أنْ يَكُونَ واجِبَ الوُجُودِ لِذاتِهِ أوْ لا يَكُونَ، فَإنْ كانَ واجِبَ الوُجُودِ لِذاتِهِ كانَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ، قائِمًا بِذاتِهِ، لا تَعَلُّقَ لَهُ في وُجُودِهِ بِالآخَرِ، ومَن كانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ والِدٌ لَهُ البَتَّةَ؛ لِأنَّ الوَلَدَ مُشْعِرٌ بِالفَرْعِيَّةِ والحاجَةِ، وأمّا إنْ كانَ ذَلِكَ الوَلَدُ مُمْكِنَ الوُجُودِ لِذاتِهِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ وجُودُهُ بِإيجادِ واجِبِ الوُجُودِ لِذاتِهِ، ومَن كانَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ عَبْدًا لَهُ ولا ولَدًا لَهُ، فَثَبَتَ أنَّ مَن عَرَفَ أنَّ الإلَهَ ما هو، امْتَنَعَ مِنهُ أنْ يُثْبِتَ لَهُ البَناتِ والبَنِينَ.
الحُجَّةُ الثّانِيَةُ: أنَّ الوَلَدَ يَحْتاجُ إلَيْهِ أنْ يَقُومَ مَقامَهُ بَعْدَ فَنائِهِ، وهَذا إنَّما يُعْقَلُ في حَقِّ مَن يَفْنى، أمّا مَن تَقَدَّسَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يُعْقَلِ الوَلَدُ في حَقِّهِ.
الحُجَّةُ الثّالِثَةُ: أنَّ الوَلَدَ مُشْعِرٌ بِكَوْنِهِ مُتَوَلِّدًا عَنْ جُزْءٍ مِن أجْزاءِ الوالِدِ، وذَلِكَ إنَّما يُعْقَلُ في حَقِّ مَن (p-٩٦)يَكُونُ مُرَكَّبًا، ويُمْكِنُ انْفِصالُ بَعْضِ أجْزائِهِ عَنْهُ، وذَلِكَ في حَقِّ الواحِدِ الفَرْدِ الواجِبِ لِذاتِهِ مُحالٌ، فَحاصِلُ الكَلامِ أنَّ مَن عَلِمَ أنَّ الإلَهَ ما حَقِيقَتُهُ اسْتَحالَ أنْ يَقُولَ لَهُ ولَدٌ فَكانَ قَوْلُهُ: ﴿وخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ إشارَةً إلى هَذِهِ الدَّقِيقَةِ.
البَحْثُ الثّانِي: قَرَأ نافِعٌ ”وخَرَّقُوا“ مُشَدَّدَةَ الرّاءِ. والباقُونَ ”خَرَقُوا“ خَفِيفَةَ الرّاءِ. قالَ الواحِدِيُّ: الِاخْتِيارُ التَّخْفِيفُ؛ لِأنَّها أكْثَرُ والتَّشْدِيدُ لِلْمُبالَغَةِ والتَّكْثِيرِ.
البَحْثُ الثّالِثُ: قالَ الفَرّاءُ: مَعْنى ”خَرَقُوا“ افْتَعَلُوا وافْتَرَوْا، قالَ: وخَرَقُوا واخْتَرَقُوا، وخَلَقُوا واخْتَلَقُوا، وافْتَرَوْا واحِدٌ. وقالَ اللَّيْثُ: يُقالُ: تَخَرَّقَ الكَذِبَ وتَخَلَّقَهُ، وحَكى صاحِبُ ”الكَشّافِ“: أنَّهُ سُئِلَ الحَسَنُ عَنْ هَذِهِ الكَلِمَةِ فَقالَ: كَلِمَةٌ عَرَبِيَّةٌ كانَتْ تَقُولُها، كانَ الرَّجُلُ إذا كَذَبَ كِذْبَةً في نادِي القَوْمِ يَقُولُ لَهُ بَعْضُهم: قَدْ خَرَقَها، واللَّهُ أعْلَمُ، ثُمَّ قالَ: ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِن خَرَقَ الثَّوْبَ إذا شَقَّهُ، أيْ شَقُّوا لَهُ بَنِينَ وبَناتٍ.
ثُمَّ إنَّهُ تَعالى خَتَمَ الآيَةَ فَقالَ: ﴿سُبْحانَهُ وتَعالى عَمّا يَصِفُونَ﴾؛ فَقَوْلُهُ: (سُبْحانَهُ) تَنْزِيهٌ لِلَّهِ عَنْ كُلِّ ما لا يَلِيقُ بِهِ، وأمّا قَوْلُهُ: (وتَعالى) فَلا شَكَّ أنَّهُ لا يُفِيدُ العُلُوَّ في المَكانِ؛ لِأنَّ المَقْصُودَ هاهُنا تَنْزِيهُ اللَّهِ تَعالى عَنْ هَذِهِ الأقْوالِ الفاسِدَةِ، والعُلُوُّ في المَكانِ لا يُفِيدُ هَذا المَعْنى، فَثَبَتَ أنَّ المُرادَ هاهُنا التَّعالِي عَنْ كُلِّ اعْتِقادٍ باطِلٍ، وقَوْلٍ فاسِدٍ.
فَإنْ قالُوا: فَعَلى هَذا التَّقْدِيرِ لا يَبْقى بَيْنَ قَوْلِهِ: ”سُبْحانَهُ“ وبَيْنَ قَوْلِهِ: ”وتَعالى“ فَرْقٌ.
قُلْنا: بَلْ يَبْقى بَيْنَهُما فَرْقٌ ظاهِرٌ، فَإنَّ المُرادَ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ أنَّ هَذا القائِلَ يُسَبِّحُهُ ويُنَزِّهُهُ عَمًّا لا يَلِيقُ بِهِ، والمُرادُ بِقَوْلِهِ: (وتَعالى) كَوْنُهُ في ذاتِهِ مُتَعالِيًا مُتَقَدِّسًا عَنْ هَذِهِ الصِّفاتِ سَواءٌ سَبَّحَهُ مُسَبِّحٌ أوْ لَمْ يُسَبِّحْهُ، فالتَّسْبِيحُ يَرْجِعُ إلى أقْوالِ المُسَبِّحِينَ، والتَّعالِي يَرْجِعُ إلى صِفَتِهِ الذّاتِيَّةِ الَّتِي حَصَلَتْ لَهُ لِذاتِهِ لا لِغَيْرِهِ.
{"ayah":"وَجَعَلُوا۟ لِلَّهِ شُرَكَاۤءَ ٱلۡجِنَّ وَخَلَقَهُمۡۖ وَخَرَقُوا۟ لَهُۥ بَنِینَ وَبَنَـٰتِۭ بِغَیۡرِ عِلۡمࣲۚ سُبۡحَـٰنَهُۥ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا یَصِفُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











