الباحث القرآني

(p-٢٤٦)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَوْلا أنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الجَلاءَ لَعَذَّبَهم في الدُّنْيا ولَهم في الآخِرَةِ عَذابُ النّارِ﴾ . مَعْنى الجَلاءِ في اللُّغَةِ: الخُرُوجُ مِنَ الوَطَنِ والتَّحَوُّلُ عَنْهُ، فَإنْ قِيلَ: إنَّ ”لَوْلا“ تُفِيدُ انْتِفاءَ الشَّيْءِ لِثُبُوتِ غَيْرِهِ، فَيَلْزَمُ مِن ثُبُوتِ الجَلاءِ عَدَمُ التَّعْذِيبِ في الدُّنْيا، لَكِنَّ الجَلاءَ نَوْعٌ مِن أنْواعِ التَّعْذِيبِ، فَإذًا يَلْزَمُ مِن ثُبُوتِ الجَلاءِ عَدَمُهُ، وهو مُحالٌ. قُلْنا: مَعْناهُ: ولَوْلا أنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الجَلاءَ لَعَذَّبَهم في الدُّنْيا بِالقَتْلِ كَما فُعِلَ بِإخْوانِهِمْ بَنِي قُرَيْظَةَ، وأمّا قَوْلُهُ: ﴿ولَهم في الآخِرَةِ عَذابُ النّارِ﴾ فَهو كَلامٌ مُبْتَدَأٌ وغَيْرُ مَعْطُوفٍ عَلى ما قَبْلَهُ، إذْ لَوْ كانَ مَعْطُوفًا عَلى ما قَبْلَهُ لَزِمَ أنْ لا يُوجَدَ؛ لِما بَيَّنّا أنَّ لَوْلا تَقْتَضِي انْتِفاءَ الجَزاءِ لِحُصُولِ الشَّرْطِ. أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ بِأنَّهم شاقُّوا اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ فَهو يَقْتَضِي أنَّ عِلَّةَ ذَلِكَ التَّخْرِيبِ هو مُشاقَّةُ اللَّهِ ورَسُولِهِ، فَإنْ قِيلَ: لَوْ كانَتِ المُشاقَّةُ عِلَّةً لِهَذا التَّخْرِيبِ لَوَجَبَ أنْ يُقالَ: أيْنَما حَصَلَتْ هَذِهِ المُشاقَّةُ حَصَلَ التَّخْرِيبُ، ومَعْلُومٌ أنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، قُلْنا: هَذا أحَدُ ما يَدُلُّ عَلى أنَّ تَخْصِيصَ العِلَّةِ المَنصُوصَةِ لا يَقْدَحُ في صِحَّتِها. * * * ثُمَّ قالَ: ﴿ومَن يُشاقِّ اللَّهَ فَإنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقابِ﴾ والمَقْصُودُ مِنهُ الزَّجْرُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب