الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أعَدَّ اللَّهُ لَهم عَذابًا شَدِيدًا إنَّهم ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ والمُرادُ مِنهُ عِنْدَ بَعْضِ المُحَقِّقِينَ عَذابُ القَبْرِ.
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿اتَّخَذُوا أيْمانَهم جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهم عَذابٌ مُهِينٌ﴾ وفِيهِ مَسْألَتانِ:
المَسْألَةُ الأُولى: قَرَأ الحَسَنُ: ”اتَّخَذُوا إيمانَهم“ بِكَسْرِ الهَمْزَةِ، قالَ ابْنُ جِنِّي: هَذا عَلى حَذْفِ المُضافِ، أيِ اتَّخَذُوا ظِهارَ إيمانِهِمْ جُنَّةً عَنْ ظُهُورِ نِفاقِهِمْ وكَيْدِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ، أوْ جُنَّةً عَنْ أنْ يَقْتُلَهُمُ المُسْلِمُونَ، فَلَمّا أمِنُوا مِنَ القَتْلِ اشْتَغَلُوا بِصَدِّ النّاسِ عَنِ الدُّخُولِ في الإسْلامِ بِإلْقاءِ الشُّبُهاتِ في القُلُوبِ وتَقْبِيحِ حالِ الإسْلامِ.
(p-٢٣٩)المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلَهم عَذابٌ مُهِينٌ﴾ أيْ عَذابُ الآخِرَةِ، وإنَّما حَمَلْنا قَوْلَهُ: ﴿أعَدَّ اللَّهُ لَهم عَذابًا شَدِيدًا﴾ [المجادلة: ١٥] عَلى عَذابِ القَبْرِ، وقَوْلَهُ هَهُنا: ﴿فَلَهم عَذابٌ مُهِينٌ﴾ عَلى عَذابِ الآخِرَةِ، لِئَلّا يَلْزَمُ التَّكْرارُ، ومِنَ النّاسِ مَن قالَ: المُرادُ مِنَ الكُلِّ عَذابُ الآخِرَةِ، وهو كَقَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهم عَذابًا فَوْقَ العَذابِ﴾ [النحل: ٨٨] .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَنْ تُغْنِيَ عَنْهم أمْوالُهم ولا أوْلادُهم مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أصْحابُ النّارِ هم فِيها خالِدُونَ﴾ رُوِيَ أنَّ واحِدًا مِنهم قالَ: لَنُنْصَرَنَّ يَوْمَ القِيامَةِ بِأنْفُسِنا وأوْلادِنا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكم ويَحْسَبُونَ أنَّهم عَلى شَيْءٍ ألا إنَّهم هُمُ الكاذِبُونَ﴾ . قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: إنَّ المُنافِقَ يَحْلِفُ لِلَّهِ يَوْمَ القِيامَةِ كَذِبًا كَما يَحْلِفُ لِأوْلِيائِهِ في الدُّنْيا كَذِبًا.
أمّا الأوَّلُ: فَكَقَوْلِهِ: ﴿واللَّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣] .
وأمّا الثّانِي: فَهو كَقَوْلِهِ: ﴿ويَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إنَّهم لَمِنكُمْ﴾ [التوبة: ٥٦] والمَعْنى أنَّهم لِشِدَّةِ تَوَغُّلِهِمْ في النِّفاقِ ظَنُّوا يَوْمَ القِيامَةِ أنَّهُ يُمْكِنُهم تَرْوِيجُ كَذِبِهِمْ بِالأيْمانِ الكاذِبَةِ عَلى عَلّامِ الغُيُوبِ، فَكانَ هَذا الحَلِفُ الذَّمِيمُ يَبْقى مَعَهم أبَدًا، وإلَيْهِ الإشارَةُ بِقَوْلِهِ: ﴿ولَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ﴾ [الأنعام: ٢٨] قالَ الجُبّائِيُّ والقاضِي: إنَّ أهْلَ الآخِرَةِ لا يَكْذِبُونَ، فالمُرادُ مِنَ الآيَةِ أنَّهم يَحْلِفُونَ في الآخِرَةِ أنّا ما كُنّا كافِرِينَ عِنْدَ أنْفُسِنا، وعَلى هَذا الوَجْهِ لا يَكُونُ هَذا الحَلِفُ كَذِبًا.
وقَوْلُهُ: ﴿ألا إنَّهم هُمُ الكاذِبُونَ﴾ أيْ في الدُّنْيا، واعْلَمْ أنَّ تَفْسِيرَ الآيَةِ بِهَذا الوَجْهِ لا شَكَّ أنَّهُ يَقْتَضِي رَكاكَةً عَظِيمَةً في النَّظْمِ، وقَدِ اسْتَقْصَيْنا هَذِهِ المَسْألَةَ في سُورَةِ الأنْعامِ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: ﴿واللَّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ﴾ .
{"ayahs_start":15,"ayahs":["أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمۡ عَذَابࣰا شَدِیدًاۖ إِنَّهُمۡ سَاۤءَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ","ٱتَّخَذُوۤا۟ أَیۡمَـٰنَهُمۡ جُنَّةࣰ فَصَدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابࣱ مُّهِینࣱ","لَّن تُغۡنِیَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَ ٰلُهُمۡ وَلَاۤ أَوۡلَـٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔاۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ","یَوۡمَ یَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِیعࣰا فَیَحۡلِفُونَ لَهُۥ كَمَا یَحۡلِفُونَ لَكُمۡ وَیَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ عَلَىٰ شَیۡءٍۚ أَلَاۤ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡكَـٰذِبُونَ"],"ayah":"لَّن تُغۡنِیَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَ ٰلُهُمۡ وَلَاۤ أَوۡلَـٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔاۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق