الباحث القرآني
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿إنَّ المُجْرِمِينَ في ضَلالٍ وسُعُرٍ﴾ وفي الآيَةِ مَسائِلُ: (p-٦٢)الأُولى: فِيمَن نَزَلَتِ الآيَةُ في حَقِّهِمْ ؟ أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ اتَّفَقُوا عَلى أنَّها نازِلَةٌ في القَدَرِيَّةِ، رَوى الواحِدِيُّ في تَفْسِيرِهِ قالَ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ رَضِيَّ الدِّينِ المُؤَيِّدَ الطُّوسِيَّ بِنَيْسابُورَ قالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الجَبّارِ قالَ: أخْبَرَنا الواحِدِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو القاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّرّاجُ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ الكَعْبِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا حَمْدانُ بْنُ صالِحٍ الأشَجُّ حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ أبِي داوُدَ، حَدَّثَنا سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ زِيادِ بْنِ إسْماعِيلَ المَخْزُومِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبّادِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «جاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخاصِمُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في القَدَرِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنَّ المُجْرِمِينَ في ضَلالٍ وسُعُرٍ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿إنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ﴾ [ القَمَرِ»: ٤٩ ] وكَذَلِكَ نُقِلَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في القَدَرِيَّةِ.
ورُوِيَ عَنْ عائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: ”«مَجُوسُ هَذِهِ الأُمَّةِ القَدَرِيَّةُ» “ وهُمُ المُجْرِمُونَ الَّذِينَ سَمّاهُمُ اللَّهُ تَعالى في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ المُجْرِمِينَ في ضَلالٍ وسُعُرٍ﴾ وكَثُرَتِ الأحادِيثُ في القَدَرِيَّةِ، وفِيها مَباحِثُ:
الأوَّلُ: في مَعْنى القَدَرِيَّةِ الَّذِينَ قالَ النَّبِيُّ ﷺ: نَزَلَتِ الآيَةُ فِيهِمْ، فَنَقُولُ: كُلُّ فَرِيقٍ في خَلْقِ الأعْمالِ يَذْهَبُ إلى أنَّ القَدَرِيَّ خَصْمُهُ، فالجَبْرِيُّ يَقُولُ: القَدَرِيُّ مَن يَقُولُ: الطّاعَةُ والمَعْصِيَةُ لَيْسَتا بِخَلْقِ اللَّهِ وقَضائِهِ وقَدَرِهِ، فَهم قَدَرِيَّةٌ لِأنَّهم يُنْكِرُونَ القَدَرَ. والمُعْتَزِلِيُّ يَقُولُ: القَدَرِيُّ هو الجَبْرِيُّ الَّذِي يَقُولُ حِينَ يَزْنِي ويَسْرِقُ اللَّهُ قَدَّرَنِي فَهو قَدَرِي لِإثْباتِهِ القَدَرَ. وهُما جَمِيعًا يَقُولانِ لِأهْلِ السُّنَّةِ: الَّذِي يَعْتَرِفُ بِخَلْقِ اللَّهِ ولَيْسَ مِنَ العَبْدِ إنَّهُ قَدَرِيٌّ، والحَقُّ أنَّ القَدَرِيَّ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ الآيَةُ هو الَّذِي يُنْكِرُ القَدَرَ، ويَقُولُ بِأنَّ الحَوادِثَ كُلَّها حادِثَةٌ بِالكَواكِبِ واتِّصالاتِها، ويَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ جاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُحاجُّونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في القَدَرِ فَإنَّ مَذْهَبَهم ذَلِكَ، وما كانُوا يَقُولُونَ مِثْلَ ما يَقُولُ المُعْتَزِلَةُ: إنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِي سَلامَةَ الأعْضاءِ وقُوَّةَ الإدْراكِ ومَكَّنَنِي مِنَ الطّاعَةِ والمَعْصِيَةِ، واللَّهُ قادِرٌ عَلى أنْ يَخْلُقَ في الطّاعَةِ إلْجاءً والمَعْصِيَةِ إلْجاءً، وقادِرٌ عَلى أنْ يُطْعِمَ الفَقِيرَ الَّذِي أُطْعِمُهُ أنا بِفَضْلِ اللَّهِ، والمُشْرِكُونَ كانُوا يَقُولُونَ: ﴿أنُطْعِمُ مَن لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أطْعَمَهُ﴾ [يس: ٤٧] مُنْكِرِينَ لِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى عَلى الإطْعامِ، وأمّا قَوْلُهُ ﷺ: ”«مَجُوسُ هَذِهِ الأُمَّةِ هُمُ القَدَرِيَّةُ» “ فَنَقُولُ: المُرادُ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ، إمّا الأُمَّةُ الَّتِي كانَ مُحَمَّدٌ ﷺ مُرْسَلًا إلَيْهِمْ سَواءٌ آمَنُوا بِهِ أوْ لَمْ يُؤْمِنُوا كَلَفْظِ القَوْمِ، وإمّا أُمَّتُهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ، فَإنْ كانَ المُرادُ الأوَّلَ فالقَدَرِيَّةُ في زَمانِهِ هُمُ المُشْرِكُونَ الَّذِينَ أنْكَرُوا قُدْرَةَ اللَّهِ عَلى الحَوادِثِ فَلا يَدْخُلُ فِيهِمُ المُعْتَزِلَةُ، وإنْ كانَ المُرادُ هو الثّانِيَ فَقَوْلُهُ: ”«مَجُوسُ هَذِهِ الأُمَّةِ» “ يَكُونُ مَعْناهُ الَّذِينَ نِسْبَتُهم إلى هَذِهِ الأُمَّةِ كَنِسْبَةِ المَجُوسِ إلى الأُمَّةِ المُتَقَدِّمَةِ، لَكِنَّ الأُمَّةَ المُتَقَدِّمَةَ أكْثَرُهم كَفَرَةٌ، والمَجُوسُ نَوْعٌ مِنهم أضْعَفُ شُبْهَةً وأشَدُّ مُخالَفَةً لِلْعَقْلِ، فَكَذَلِكَ القَدَرِيَّةُ في هَذِهِ الأُمَّةِ تَكُونُ نَوْعًا مِنهم أضْعَفُ دَلِيلًا، ولا يَقْتَضِي ذَلِكَ الجَزْمَ بِكَوْنِهِمْ في النّارِ، فالحَقُّ أنَّ القَدَرِيَّ هو الَّذِي يُنْكِرُ قُدْرَةَ اللَّهِ تَعالى، إنْ قُلْنا: إنَّ النِّسْبَةَ لِلنَّفْيِ أوِ الَّذِي يُثْبِتُ قُدْرَةَ غَيْرِ اللَّهِ تَعالى عَلى الحَوادِثِ إنْ قُلْنا: إنَّ النِّسْبَةَ لِلْإثْباتِ وحِينَئِذٍ يُقْطَعُ بِكَوْنِهِ: ﴿فِي ضَلالٍ وسُعُرٍ﴾ وإنَّهُ ذائِقٌ مَسَّ سَقَرَ.
البَحْثُ الثّانِي: في بَيانِ مَن يَدْخُلُ في القَدَرِيَّةِ الَّتِي في النَّصِّ مِمَّنْ هو مُنْتَسِبٌ إلى أنَّهُ مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، إنْ قُلْنا: القَدَرِيَّةُ سُمُّوا بِهَذا الِاسْمِ لِنَفْيِهِمْ قُدْرَةَ اللَّهِ تَعالى، فالَّذِي يَقُولُ: لا قُدْرَةَ لِلَّهِ عَلى تَحْرِيكِ العَبْدِ بِحَرَكَةٍ هي الصَّلاةُ وحَرَكَةٍ هي الزِّنا مَعَ أنَّ ذَلِكَ أمْرٌ مُمْكِنٌ لا يَبْعُدُ دُخُولُهُ فِيهِمْ، وأمّا الَّذِي يَقُولُ: بِأنَّ اللَّهَ قادِرٌ غَيْرَ أنَّهُ لَمْ يُجْبِرْهُ وتَرَكَهُ مَعَ داعِيَةِ العَبْدِ كالوالِدِ الَّذِي يُجَرِّبُ الصَّبِيَّ في حَمْلِ شَيْءٍ، تَرَكَهُ مَعَهُ لا لِعَجْزِ الوالِدِ بَلْ لِلِابْتِلاءِ والِامْتِحانِ، لا كالمَفْلُوجِ الَّذِي لا قُوَّةَ لَهُ إذا قالَ لِغَيْرِهِ: احْمِلْ هَذا، فَلا يَدْخُلُ فِيهِمْ ظاهِرًا وإنْ كانَ مُخْطِئًا، وإنْ قُلْنا: إنَّ القَدَرِيَّةَ سُمُّوا بِهَذا الِاسْمِ لِإثْباتِهِمُ القُدْرَةَ عَلى الحَوادِثِ لِغَيْرِ اللَّهِ مِنَ الكَواكِبِ، (p-٦٣)والجَبْرِيُّ الَّذِي قالَ: هو الحائِطُ السّاقِطُ الَّذِي لا يَجُوزُ تَكْلِيفُهُ بِشَيْءٍ لِصُدُورِ الفِعْلِ مِن غَيْرِهِ، وهم أهْلُ الإباحَةِ، فَلا شَكَّ في دُخُولِهِ في القَدَرِيَّةِ فَإنَّهُ يَكْفُرُ بِنَفْيِهِ التَّكْلِيفَ. وأمّا الَّذِي يَقُولُ: خَلَقَ اللَّهُ تَعالى فِينا الأفْعالَ وقَدَّرَها وكَلَّفَنا، و﴿لا يُسْألُ عَمّا يَفْعَلُ﴾ [الأنبياء: ٢٣] فَما هو مِنهم.
البَحْثُ الثّالِثُ: اخْتَلَفَ القائِلُونَ في التَّعَصُّبِ أنَّ الِاسْمَ بِالمُعْتَزِلَةِ أحَقُّ أمْ بِالأشاعِرَةِ ؟ فَقالَتِ المُعْتَزِلَةُ الِاسْمُ بِكم أحَقُّ؛ لِأنَّ النِّسْبَةَ تَكُونُ لِلْإثْباتِ لا لِلنَّفْيِ، يُقالُ لِلدَّهْرِيِّ: دَهْرِيٌّ لِقَوْلِهِ بِالدَّهْرِ وإثْباتِهِ، ولِلْمُباحِيِّ إباحِيٌّ لِإثْباتِهِ الإباحَةَ ولِلثَّنَوِيَّةِ ثَنَوِيَّةٌ لِإثْباتِهِمُ الِاثْنَيْنِ وهُما النُّورُ والظُّلْمَةُ، وكَذَلِكَ أمْثالُهُ وأنْتُمْ تُثْبِتُونَ القَدَرَ. وقالَتِ الأشاعِرَةُ: النُّصُوصُ تَدُلُّ عَلى أنَّ القَدَرِيَّ مَن يَنْفِي قُدْرَةَ اللَّهِ تَعالى، ومُشْرِكُو قُرَيْشٍ ما كانُوا قَدَرِيَّةً إلّا لِإثْباتِهِمْ قُدْرَةً لِغَيْرِ اللَّهِ، قالَتِ المُعْتَزِلَةُ: إنَّما سُمِّيَ المُشْرِكُونَ قَدَرِيَّةً؛ لِأنَّهم قالُوا: إنْ كانَ قادِرًا عَلى الحَوادِثِ كَما تَقُولُ يا مُحَمَّدُ فَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَهَدانا ولَوْ شاءَ لَأطْعَمَ الفَقِيرَ، فاعْتَقَدُوا أنَّ مِن لَوازِمِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى عَلى الحَوادِثِ خَلْقَهُ الهِدايَةَ فِيهِمْ إنْ شاءَ، وهَذا مَذْهَبُكم أيُّها الأشاعِرَةُ، والحَقُّ الصُّراحُ أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ الَّذِينَ ذَهَبُوا إلى المَذْهَبَيْنِ خارِجٌ عَنِ القَدَرِيَّةِ، ولا يَصِيرُ واحِدٌ مِنهم قَدَرِيًّا إلّا إذا صارَ النّافِي نافِيًا لِلْقُدْرَةِ والمُثَبِتُ مُنْكِرًا لِلتَّكْلِيفِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: المُجْرِمُونَ هُمُ المُشْرِكُونَ هاهُنا كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَوْ تَرى إذِ المُجْرِمُونَ ناكِسُو رُءُوسِهِمْ﴾ [السجدة: ١٢] وقَوْلِهِ: ﴿يَوَدُّ المُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي﴾ [المعارج: ١١] وفي قَوْلِهِ: ﴿يُعْرَفُ المُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ﴾ [الرحمن: ٤١] فالآيَةُ عامَّةٌ، وإنْ نَزَلَتْ في قَوْمٍ خاصٍّ. وجُرْمُهم تَكْذِيبُ الرُّسُلِ والنُّذُرِ بِالإشْراكِ وإنْكارِ الحَشْرِ وإنْكارِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى عَلى الإحْياءِ بَعْدَ الإماتَةِ، وعَلى غَيْرِهِ مِنَ الحَوادِثِ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: ﴿فِي ضَلالٍ وسُعُرٍ﴾ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا ثَلاثَةً:
أحَدُها: الجَمْعُ بَيْنَ الأمْرَيْنِ في الدُّنْيا أيْ: هم في الدُّنْيا في ضَلالٍ وجُنُونٍ لا يَعْقِلُونَ ولا يَهْتَدُونَ، وعَلى هَذا فَقَوْلُهُ: ﴿يُسْحَبُونَ﴾ بَيانُ حالِهِمْ في تِلْكَ الصُّورَةِ وهو أقْرَبُ.
ثانِيها: الجَمْعُ في الآخِرَةِ أيْ: هم في ضَلالِ الآخِرَةِ وسُعُرٍ أيْضًا. أمّا السُّعُرُ فَكَوْنُهم فِيها ظاهِرٌ، وأمّا الضَّلالُ فَلا يَجِدُونَ إلى مَقْصِدِهِمْ أوْ إلى ما يَصْلُحُ مَقْصِدًا وهم مُتَحَيِّرُونَ سَبِيلًا، فَإنْ قِيلَ: الصَّحِيحُ هو الوَجْهُ الأخِيرُ لا غَيْرَ لِأنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ﴾ ظَرْفُ القَوْلِ أيْ: يَوْمَ يُسْحَبُونَ يُقالُ لَهم ذُوقُوا، وسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فَنَقُولُ: ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مَنصُوبًا بِعامِلٍ مَذْكُورٍ أوْ مَفْهُومٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ، والِاحْتِمالُ الأوَّلُ لَهُ وجْهانِ:
أحَدُهُما: العامِلُ سابِقٌ وهو مَعْنًى كائِنٌ ومُسْتَقِرٌّ غَيْرَ أنَّ ذَلِكَ صارَ نَسْيًا مَنسِيًّا.
ثانِيهِما: العامِلُ مُتَأخِّرٌ وهو قَوْلُهُ: ﴿ذُوقُوا﴾ تَقْدِيرُهُ: ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ يَوْمَ يُسْحَبُ المُجْرِمُونَ، والخِطابُ حِينَئِذٍ مَعَ مَن خُوطِبَ بِقَوْلِهِ: ﴿أكُفّارُكم خَيْرٌ مِن أُولَئِكم أمْ لَكم بَراءَةٌ﴾ [القمر: ٤٣] .
والِاحْتِمالُ الثّالِثُ: أنَّ المَفْهُومَ هو أنْ يُقالَ لَهم: يَوْمَ يُسْحَبُونَ ذُوقُوا، وهَذا هو المَشْهُورُ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذُوقُوا﴾ اسْتِعارَةٌ وفِيهِ حِكْمَةٌ وهو أنَّ الذَّوْقَ مِن جُمْلَةِ الإدْراكاتِ فَإنَّ المَذُوقَ إذْ لاقى اللِّسانَ يُدْرِكُ أيْضًا حَرارَتَهُ وبُرُودَتَهُ وخُشُونَتَهُ ومَلاسَتَهُ، كَما يُدْرِكُ سائِرُ أعْضائِهِ الحِسِّيَّةِ، ويُدْرِكُ أيْضًا طَعْمَهُ ولا يُدْرِكُهُ غَيْرُ اللِّسانِ، فَإدْراكُ اللِّسانِ أتَمُّ، فَإذا تَأذّى مِن نارٍ تَأذّى بِحَرارَتِهِ ومَرارَتِهِ إنْ كانَ الحارُّ أوْ غَيْرُهُ لا يُتَأذّى إلّا بِحَرارَتِهِ، فَإذَنِ الذَّوْقُ إدْراكٌ لَمْسِيٌّ أتَمُّ مِن (p-٦٤)غَيْرِهِ في المَلْمُوساتِ فَقالَ: ﴿ذُوقُوا﴾ إشارَةً إلى أنَّ إدْراكَهم بِالذَّوْقِ أتَمُّ الإدْراكاتِ، فَيَجْتَمِعُ في العَذابِ شِدَّتُهُ وإيلامُهُ بِطُولِ مُدَّتِهِ ودَوامِهِ، ويَكُونُ المُدْرِكُ لَهُ لا عُذْرَ لَهُ يَشْغَلُهُ، وإنَّما هو عَلى أتَمِّ ما يَكُونُ مِنَ الإدْراكِ فَيَحْصُلُ الألَمُ العَظِيمُ. وقَدْ ذَكَرْنا أنَّ عَلى قَوْلِ الأكْثَرِينَ يُقالُ لَهم أوْ نَقُولُ مُضْمَرٌ. وقَدْ ذَكَرْنا أنَّهُ لا حاجَةَ إلى الإضْمارِ إذا كانَ الخِطابُ مَعَ غَيْرِ مَن قِيلَ في حَقِّهِمْ: ﴿إنَّ المُجْرِمِينَ في ضَلالٍ﴾ فَإنَّهُ يَصِيرُ كَأنَّهُ قالَ: ذُوقُوا أيُّها المُكَذِّبُونَ بِمُحَمَّدٍ ﷺ مَسَّ سَقَرَ يَوْمَ يُسْحَبُ المُجْرِمُونَ المُتَقَدِّمُونَ في النّارِ.
{"ayahs_start":47,"ayahs":["إِنَّ ٱلۡمُجۡرِمِینَ فِی ضَلَـٰلࣲ وَسُعُرࣲ","یَوۡمَ یُسۡحَبُونَ فِی ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ ذُوقُوا۟ مَسَّ سَقَرَ"],"ayah":"یَوۡمَ یُسۡحَبُونَ فِی ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ ذُوقُوا۟ مَسَّ سَقَرَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق