الباحث القرآني
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وفِي الأرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾ وهو يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ﴾ ﴿وإنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ﴾، ﴿وفِي الأرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾ تَدُلُّهم عَلى أنَّ الحَشْرَ كائِنٌ كَما قالَ تَعالى: ﴿ومِن آياتِهِ أنَّكَ تَرى الأرْضَ خاشِعَةً﴾ إلى أنْ قالَ: ﴿إنَّ الَّذِي أحْياها لَمُحْيِي المَوْتى﴾ [فُصِّلَتْ: ٣٩ ] .
وثانِيهِما: أنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِأفْعالِ المُتَّقِينَ، فَإنَّهم خافُوا اللَّهَ فَعَظَّمُوهُ فَأظْهَرُوا الشَّفَقَةَ عَلى عِبادِهِ، وكانَ لَهم آياتٌ في الأرْضِ، وفي أنْفُسِهِمْ عَلى إصابَتِهِمُ الحَقَّ في ذَلِكَ، فَإنَّ مَن يَكُونُ لَهُ في الأرْضِ الآياتُ العَجِيبَةُ يَكُونُ لَهُ القُدْرَةُ التّامَّةُ فَيُخْشى ويُتَّقى، ومَن لَهُ في أنْفُسِ النّاسِ حِكَمٌ بالِغَةٌ ونِعَمٌ سابِغَةٌ يَسْتَحِقُّ أنْ يُعْبَدَ ويُتْرُكَ الهُجُوعُ لِعِبادَتِهِ، وإذا قابَلَ العَبْدُ العِبادَةَ بِالنِّعْمَةِ يَجِدُها دُونَ حَدِّ الشُّكْرِ فَيَسْتَغْفِرُ عَلى التَّقْصِيرِ، وإذا عَلِمَ أنَّ الرِّزْقَ مِنَ السَّماءِ لا يَبْخَلُ بِمالِهِ، فالآياتُ الثَّلاثَةُ المُتَأخِّرَةُ فِيها تَقْرِيرُ ما تَقَدَّمَ، وعَلى هَذا فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَوَرَبِّ السَّماءِ والأرْضِ﴾ [الذاريات: ٢٣] يَكُونُ عَوْدُ الكَلامِ بَعْدَ اعْتِراضِ الكَلامِ الأوَّلِ أقْوى وأظْهَرَ، وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: كَيْفَ خَصَّصَ المُوقِنِينَ بِكَوْنِ الآياتِ لَهم مَعَ أنَّ الآياتِ حاصِلَةٌ لِلْكُلِّ قالَ تَعالى: ﴿وآيَةٌ لَهُمُ الأرْضُ المَيْتَةُ أحْيَيْناها﴾ [يس: ٣٣] نَقُولُ قَدْ ذَكَرْنا أنَّ اليَمِينَ آخَرُ ما يَأْتِي بِهِ المُبَرْهِنُ، وذَلِكَ لِأنَّهُ أوَّلًا يَأْتِي بِالبُرْهانِ، فَإنْ صُدِّقَ فَذَلِكَ وإنْ لَمْ يُصَدَّقْ لا بُدَّ لَهُ مِن أنْ يَنْسُبَهُ الخَصْمُ إلى إصْرارٍ عَلى الباطِلِ لِأنَّهُ إذا لَمْ يَقْدِرْ عَلى قَدْحٍ فِيهِ ولَمْ يُصَدِّقْهُ يَعْتَرِفْ لَهُ بِقُوَّةِ الجَدَلِ ويَنْسُبْهُ إلى المُكابَرَةِ فَيَتَعَيَّنُ طَرِيقُهُ في اليَمِينِ، فَإذًا آياتُ الأرْضِ لَمْ تُفْدِهم لِأنَّ اليَمِينَ بِقَوْلِهِ: ﴿والذّارِياتِ ذَرْوًا﴾ دَلَّتْ عَلى سَبْقِ إقامَةِ البَيِّناتِ وذِكْرِ الآياتِ ولَمْ يُفِدْ فَقالَ فِيها: ﴿وفِي الأرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾ وإنْ لَمْ يَحْصُلْ لِلْمُصِرِّ المُعانِدِ مِنها فائِدَةٌ، وأمّا في سُورَةِ يس وغَيْرِها مِنَ المَواضِعِ الَّتِي جَعَلَ فِيها آياتِ الأرْضِ لِلْعامَّةِ لَمْ يَحْصُلْ فِيها اليَمِينُ وذِكْرُ الآياتِ قَبْلَهُ فَجازَ أنْ يُقالَ إنَّ الأرْضَ آياتٌ لِمَن يَنْظُرُ فِيها.
الجَوابُ الثّانِي: وهو الأصَحُّ أنَّ هُنا الآياتُ بِالفِعْلِ والِاعْتِبارِ لِلْمُؤْمِنِينَ أيْ حَصَلَ ذَلِكَ لَهم وحَيْثُ قالَ لِكُلٍّ مَعْناهُ إنَّ فِيها آياتٍ لَهم إنْ نَظَرُوا وتَأمَّلُوا.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: هَهُنا قالَ: ﴿وفِي الأرْضِ آياتٌ﴾ وقالَ هُناكَ: ﴿وآيَةٌ لَهُمُ الأرْضُ﴾ [يس: ٣٣] نَقُولُ لَمّا جَعَلَ الآيَةَ ﴿لِلْمُوقِنِينَ﴾ ذَكَرَ بِلَفْظِ الجَمْعِ لِأنَّ المُوقِنَ لا يَغْفُلُ عَنِ اللَّهِ تَعالى في حالٍ ويَرى في كُلِّ شَيْءٍ آياتٍ دالَّةً، وأمّا الغافِلُ فَلا يَتَنَبَّهُ إلّا بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ فَيَكُونُ الكُلُّ لَهُ كالآيَةِ الواحِدَةِ.
{"ayah":"وَفِی ٱلۡأَرۡضِ ءَایَـٰتࣱ لِّلۡمُوقِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











