الباحث القرآني
النَّوْعُ الثّانِي مِنَ الأحْكامِ المَذْكُورَةِ في هَذا المَوْضِعِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ في أيْمانِكُمْ﴾ .
قَدْ ذَكَرْنا أنَّهُ تَعالى بَيَّنَ في هَذا المَوْضِعِ أنْواعًا مِنَ الشَّرائِعِ والأحْكامِ. بَقِيَ أنْ يُقالَ: أيُّ مُناسَبَةٍ بَيْنَ هَذا الحُكْمِ وبَيْنَ ما قَبْلَهُ حَتّى يَحْسُنَ ذِكْرُهُ عَقِيبَهُ ؟ فَنَقُولُ: قَدْ ذَكَرْنا أنَّ سَبَبَ نُزُولِ الآيَةِ الأُولى أنَّ قَوْمًا مِنَ الصَّحابَةِ حَرَّمُوا عَلى أنْفُسِهِمُ المَطاعِمَ والمَلابِسَ واخْتارُوا الرَّهْبانِيَّةَ وحَلَفُوا عَلى ذَلِكَ، فَلَمّا نَهاهُمُ اللَّهُ تَعالى عَنْها قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِأيْمانِنا ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ.
(p-٦٢)واعْلَمْ أنَّ الكَلامَ في يَمِينَ اللَّغْوِ ما هو، قَدْ سَبَقَ عَلى الِاسْتِقْصاءِ في سُورَةِ البَقَرَةِ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: ﴿لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ في أيْمانِكم ولَكِنْ يُؤاخِذُكم بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ فَلا وجْهَ لِلْإعادَةِ.
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿ولَكِنْ يُؤاخِذُكم بِما عَقَّدْتُمُ الأيْمانَ﴾ وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: قَرَأ نافِعٌ وابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ (عَقَّدْتُمُ) بِتَشْدِيدِ القافِ بِغَيْرِ ألِفٍ، وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ (عَقَدْتُمْ) بِتَخْفِيفِ القافِ بِغَيْرِ ألِفٍ، وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ: (عاقَدْتُمْ) بِالألِفِ والتَّخْفِيفِ. قالَ الواحِدِيُّ: يُقالُ: عَقَدَ فُلانٌ اليَمِينَ والعَهْدَ والحَبْلَ عَقْدًا: إذا وكَّدَهُ وأحْكَمَهُ، ومِثْلُ ذَلِكَ أيْضًا: عَقَّدَ، بِالتَّشْدِيدِ: إذا وكَّدَ، ومِثْلُهُ أيْضًا عاقَدَ، بِالألِفِ.
إذا عَرَفْتَ هَذا فَنَقُولُ: أمّا مَن قَرَأ بِالتَّخْفِيفِ فَإنَّهُ صالِحٌ لِلْقَلِيلِ والكَثِيرِ، يُقالُ: عَقَدَ زَيْدٌ يَمِينَهُ، وعَقَدُوا أيْمانَهم، وأمّا مَن قَرَأ بِالتَّشْدِيدِ فاعْلَمْ أنَّ أبا عُبَيْدَةَ زَيَّفَ هَذِهِ القِراءَةَ وقالَ: التَّشْدِيدُ لِلتَّكْرِيرِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فالقِراءَةُ بِالتَّشْدِيدِ تُوجِبُ سُقُوطَ الكَفّارَةِ عَنِ اليَمِينِ الواحِدَةِ لِأنَّها لَمْ تَتَكَرَّرْ.
وأجابَ الواحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْهُ مِن وجْهَيْنِ:
الأوَّلُ: أنَّ بَعْضَهم قالَ: (عَقَدَ) بِالتَّخْفِيفِ والتَّشْدِيدِ واحِدٌ في المَعْنى.
الثّانِي: هَبْ أنَّها تُفِيدُ التَّكْرِيرَ كَما في قَوْلِهِ: ﴿وغَلَّقَتِ الأبْوابَ﴾ [يوسف: ٢٣] إلّا أنَّ هَذا التَّكْرِيرَ يَحْصُلُ بِأنْ يَعْقِدَها بِقَلْبِهِ ولِسانِهِ، ومَتى جَمَعَ بَيْنَ القَلْبِ واللِّسانِ فَقَدْ حَصَلَ التَّكْرِيرُ، أمّا لَوْ عَقَدَ اليَمِينَ بِأحَدِهِما دُونَ الآخَرِ لَمْ يَكُنْ مُعَقِّدًا. وأمّا مَن قَرَأ بِالألِفِ فَإنَّهُ مِنَ المُفاعَلَةِ الَّتِي تَخْتَصُّ بِالواحِدِ مِثْلُ عافاهُ اللَّهُ وطارَقْتُ النَّعْلَ وعاقَبْتُ اللِّصَّ، فَتَكُونُ هَذِهِ القِراءَةُ كَقِراءَةِ مَن خَفَّفَ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: (ما) مَعَ الفِعْلِ بِمَنزِلَةِ المَصْدَرِ، والتَّقْدِيرُ: ولَكِنْ يُؤاخِذُكم بِعَقْدِكم أوْ بِتَعْقِيدِكم أوْ بِمُعاقَدَتِكُمُ الأيْمانَ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: في الآيَةِ مَحْذُوفٌ، والتَّقْدِيرُ: ولَكِنْ يُؤاخِذُكم بِما عَقَّدْتُمْ إذا حَنَثْتُمْ، فَحَذَفَ وقْتَ المُؤاخَذَةِ لِأنَّهُ كانَ مَعْلُومًا عِنْدَهم، أوْ بِنَكْثِ ما عَقَّدْتُمْ، فَحَذَفَ المُضافَ. وأمّا كَيْفِيَّةُ اسْتِدْلالِ الشّافِعِيِّ بِهَذِهِ الآيَةِ عَلى أنَّ اليَمِينَ الغَمُوسَ تُوجِبُ الكَفّارَةَ فَقَدْ ذَكَرْناها في سُورَةِ البَقَرَةِ.
* *
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَكَفّارَتُهُ إطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِن أوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أهْلِيكم أوْ كِسْوَتُهم أوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ .
(p-٦٣)واعْلَمْ أنَّ الآيَةَ دالَّةٌ عَلى أنَّ الواجِبَ في كَفّارَةِ اليَمِينِ أحَدُ الأُمُورِ الثَّلاثَةِ عَلى التَّخْيِيرِ، فَإنْ عَجَزَ عَنْها جَمِيعًا فالواجِبُ شَيْءٌ آخَرُ، وهو الصَّوْمُ.
وفِي الآيَةِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: مَعْنى الواجِبِ المُخَيَّرِ أنَّهُ لا يَجِبُ عَلَيْهِ الإتْيانُ بِكُلِّ واحِدٍ مِن هَذِهِ الثَّلاثَةِ، ولا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُها جَمِيعًا، ومَتى أتى بِأيِّ واحِدٍ شاءَ مِن هَذِهِ الثَّلاثَةِ فَإنَّهُ يَخْرُجُ عَنِ العُهْدَةِ، فَإذا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ القُيُودُ الثَّلاثَةُ فَذاكَ هو الواجِبُ المُخَيَّرُ، ومِنَ الفُقَهاءِ مَن قالَ: الواحِدُ لا بِعَيْنِهِ، وهَذا الكَلامُ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ:
الأوَّلُ أنْ يُقالَ: الواجِبُ عَلَيْهِ أنْ يُدْخِلَ في الوُجُودِ واحِدًا مِن هَذِهِ الثَّلاثَةِ لا بِعَيْنِهِ، وهَذا مُحالٌ في العُقُولِ لِأنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لا يَكُونُ مُعَيَّنًا في نَفْسِهِ يَكُونُ مُمْتَنِعَ الوُجُودِ لِذاتِهِ، وما كانَ كَذَلِكَ فَإنَّهُ يُرادُ بِهِ التَّكْلِيفُ.
الثّانِي أنْ يُقالَ: الواجِبُ عَلَيْهِ واحِدٌ مُعَيَّنٌ في نَفْسِهِ وفي عِلْمِ اللَّهِ تَعالى، إلّا أنَّهُ مَجْهُولُ العَيْنِ عِنْدَ الفاعِلِ، وذَلِكَ أيْضًا مُحالٌ لِأنَّ كَوْنَ ذَلِكَ الشَّيْءِ واجِبًا بِعَيْنِهِ في عِلْمِ اللَّهِ تَعالى هو أنَّهُ لا يَجُوزُ تَرْكُهُ بِحالٍ، وأجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلى أنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَرْكُهُ بِتَقْدِيرِ الإتْيانِ بِغَيْرِهِ، والجَمْعُ بَيْنَ هَذَيْنِ القَوْلَيْنِ جَمْعٌ بَيْنَ النَّفْيِ والإثْباتِ وهو مُحالٌ، وتَمامُ الكَلامِ فِيهِ مَذْكُورٌ في أُصُولِ الفِقْهِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قالَ الشّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: نَصِيبُ كُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ، وهو ثُلُثا مَنٍ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ وزَيْدِ بْنِ ثابِتٍ وسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ والحَسَنِ والقاسِمِ، وقالَ أبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: الواجِبُ نِصْفُ صاعٍ مِنَ الحِنْطَةِ، وصاعٌ مِن غَيْرِ الحِنْطَةِ.
حُجَّةُ الشّافِعِيِّ أنَّهُ تَعالى لَمْ يَذْكُرْ في الإطْعامِ إلّا قَوْلَهُ: ﴿مِن أوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أهْلِيكُمْ﴾ وهَذا الوَسَطُ إمّا أنْ يَكُونَ المُرادُ مِنهُ ما كانَ مُتَوَسِّطًا في العُرْفِ، أوْ ما كانَ مُتَوَسِّطًا في الشَّرْعِ، فَإنْ كانَ المُرادُ ما كانَ مُتَوَسِّطًا في العُرْفِ فَثُلُثا مَنٍ مِنَ الحِنْطَةِ، إذا جُعِلَ دَقِيقًا أوْ جُعِلَ خُبْزًا فَإنَّهُ يَصِيرُ قَرِيبًا مِنَ المَنِ، وذَلِكَ كافٍ في قُوتِ اليَوْمِ الواحِدِ ظاهِرًا، وإنْ كانَ المُرادُ ما كانَ مُتَوَسِّطًا في الشَّرْعِ فَلَمْ يَرِدْ في الشَّرْعِ لَهُ مِقْدارٌ إلّا في مَوْضِعٍ واحِدٍ، وهو ما رُوِيَ «فِي خَبَرِ المُفْطِرِ في نَهارِ رَمَضانَ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أمَرَهُ بِإطْعامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا مِن غَيْرِ ذِكْرِ مِقْدارٍ، فَقالَ الرَّجُلُ: ما أجِدُ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِعَرَقٍ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صاعًا، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: أطْعِمْ هَذا» . وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى تَقْدِيرِ طَعامِ المِسْكِينِ بِرُبْعِ الصّاعِ، وهو مُدٌّ، ولا يُلْزَمُ كَفّارَةَ الحَلِفِ لِأنَّها شُرِعَتْ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ مُطْلَقَةً عَنِ التَّقْدِيرِ بِإطْعامِ الأهْلِ، فَكانَ قَدْرُها مُعْتَبَرًا بِصَدَقَةِ الفِطْرِ، وقَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ تَقْدِيرُها بِالصّاعِ لا بِالمُدِّ.
وحُجَّةُ أبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أنَّهُ تَعالى قالَ: ﴿مِن أوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أهْلِيكُمْ﴾ والأوْسَطُ هو الأعْدَلُ، والَّذِي ذَكَرَهُ الشّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ هو أدْنى ما يَكْفِي، فَأمّا الأعْدَلُ فَيَكُونُ بِإدامٍ، وهَكَذا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَحِمَهُما اللَّهُ: مُدٌّ مَعَهُ إدامُهُ، والإدامُ يَبْلُغُ قِيمَتُهُ قِيمَةَ مُدٍّ آخَرَ أوْ يَزِيدُ في الأغْلَبِ.
أجابَ الشّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿مِن أوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أهْلِيكُمْ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المُرادُ التَّوَسُّطَ في القَدْرِ، فَإنَّ الإنْسانَ رُبَّما كانَ قَلِيلَ الأكْلِ جِدًّا يَكْفِيهِ الرَّغِيفُ الواحِدُ، ورُبَّما كانَ كَثِيرَ الأكْلِ فَلا يَكْفِيهِ المَنَوانِ، إلّا أنَّ المُتَوَسِّطَ الغالِبَ أنَّهُ يَكْفِيهِ مِنَ الخُبْزِ ما يَقْرُبُ مِنَ المَنِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المُرادُ التَّوَسُّطَ في القِيمَةِ، لا يَكُونُ غالِيًا كالسُّكَّرِ، ولا يَكُونُ خَسِيسَ الثَّمَنِ كالنُّخالَةِ والذُّرَةِ، والأوْسَطُ هو الحِنْطَةُ والتَّمْرُ والزَّبِيبُ (p-٦٤)والخُبْزُ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المُرادُ الأوْسَطَ في الطِّيبِ واللَّذاذَةِ، ولَمّا كانَ اللَّفْظُ مُحْتَمِلًا لِكُلِّ واحِدٍ مِنَ الأمْرَيْنِ فَنَقُولُ: يَجِبُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلى ما ذَكَرْناهُ لِوَجْهَيْنِ.
الأوَّلُ: أنَّ الإدامَ غَيْرُ واجِبٍ بِالإجْماعِ، فَلَمْ يَبْقَ إلّا حَمْلُ اللَّفْظِ عَلى التَّوَسُّطِ في قَدْرِ الطَّعامِ.
الثّانِي: أنَّ هَذا القَدْرَ واجِبٌ بِيَقِينٍ، والباقِي مَشْكُوكٌ فِيهِ لِأنَّ اللَّفْظَ لا دَلالَةَ فِيهِ عَلَيْهِ، فَأوْجَبْنا اليَقِينَ وطَرَحْنا الشَّكَّ، واللَّهُ أعْلَمُ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قالَ الشّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الواجِبُ تَمْلِيكُ الطَّعامِ. وقالَ أبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: إذا غَدّى أوْ عَشّى عَشَرَةَ مَساكِينَ جازَ.
حُجَّةُ الشّافِعِيِّ: أنَّ الواجِبَ في هَذِهِ الكَفّارَةِ أحَدُ الأُمُورِ الثَّلاثَةِ: إمّا الإطْعامُ أوِ الكِسْوَةُ أوِ الإعْتاقُ، ثُمَّ أجْمَعْنا عَلى أنَّ الواجِبَ في الكِسْوَةِ التَّمْلِيكُ، فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ الواجِبُ في الإطْعامِ هو التَّمْلِيكَ.
حُجَّةُ أبِي حَنِيفَةَ: أنَّ الآيَةَ دَلَّتْ عَلى أنَّ الواجِبَ هو الإطْعامُ، والتَّغْدِيَةُ والتَّعْشِيَةُ هُما إطْعامٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ويُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ﴾ [الإنسان: ٨] وقالَ: ﴿مِن أوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أهْلِيكُمْ﴾ وإطْعامُ الأهْلِ يَكُونُ بِالتَّمْكِينِ لا بِالتَّمْلِيكِ، ويُقالُ في العُرْفِ: فُلانٌ يُطْعِمُ الفُقَراءَ: إذا كانَ يُقَدِّمُ الطَّعامَ إلَيْهِمْ ويُمَكِّنُهم مِن أكْلِهِ. وإذا ثَبَتَ أنَّهُ أمْرٌ بِالإطْعامِ وجَبَ أنْ يَكُونَ كافِيًا.
أجابَ الشّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أنَّ الواجِبَ إمّا المُدُّ أوِ الأزْيَدُ، والتَّغْدِيَةُ والتَّعْشِيَةُ قَدْ تَكُونُ أقَلَّ مِن ذَلِكَ فَلا يَخْرُجُ عَنِ العُهْدَةِ إلّا بِاليَقِينِ، واللَّهُ أعْلَمُ.
المَسْألَةُ الرّابِعَةُ: قالَ الشّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: لا يُجْزِئُهُ إلّا طَعامُ عَشَرَةٍ، وقالَ أبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَوْ أطْعَمَ مِسْكِينًا واحِدًا عَشَرَةَ أيّامٍ جازَ.
حُجَّةُ الشّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: أنَّ مَدارَ هَذا البابِ عَلى التَّعَبُّدِ الَّذِي لا يُعْقَلُ مَعْناهُ، وما كانَ كَذَلِكَ فَإنَّهُ يَجِبُ الِاعْتِمادُ عَلى مَوْرِدِ النَّصِّ.
المَسْألَةُ الخامِسَةُ: الكِسْوَةُ في اللُّغَةِ مَعْناها اللِّباسُ، وهو كُلُّ ما يُكْتَسى بِهِ، فَأمّا الَّتِي تُجْزِي في الكَفّارَةِ فَهو أقَلُّ ما يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الكِسْوَةِ إزارٌ أوْ رِداءٌ أوْ قَمِيصٌ أوْ سَراوِيلُ أوْ عِمامَةٌ أوْ مِقْنَعَةٌ ثَوْبٌ واحِدٌ لِكُلِّ مِسْكِينٍ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ والحَسَنِ ومُجاهِدٍ وهو مَذْهَبُ الشّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ.
المَسْألَةُ السّادِسَةُ: المُرادُ بِالرَّقَبَةِ الجُمْلَةُ، وقِيلَ الأصْلُ في هَذا المَجازِ أنَّ الأسِيرَ في العَرَبِ كانَ يُجْمَعُ يَداهُ إلى رَقَبَتِهِ بِحَبْلٍ، فَإذا أُطْلِقَ حُلَّ ذَلِكَ الحَبْلُ فَسُمِّيَ الإطْلاقُ مِنَ الرَّقَبَةِ فَكَّ الرَّقَبَةِ، ثُمَّ جَرى ذَلِكَ عَلى العِتْقِ، ومَذْهَبُ أهْلِ الظّاهِرِ أنَّ جَمِيعَ الرَّقَباتِ تُجْزِيهِ. وقالَ الشّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الرَّقَبَةُ المُجْزِيَةُ في الكَفّارَةِ كُلُّ رَقَبَةٍ سَلِيمَةٍ مِن عَيْبٍ يَمْنَعُ مِنَ العَمَلِ، صَغِيرَةً كانَتْ أوْ كَبِيرَةً، ذَكَرًا أوْ أُنْثى، بَعْدَ أنْ تَكُونَ مُؤْمِنَةً، ولا يَجُوزُ إعْتاقُ الكافِرَةِ في شَيْءٍ مِنَ الكَفّاراتِ، ولا إعْتاقُ المُكاتَبِ، ولا شِراءُ القَرِيبِ، وهَذِهِ المَسائِلُ قَدْ ذَكَرْناها في آيَةِ الظِّهارِ.
المَسْألَةُ السّابِعَةُ: لِقائِلٍ أنْ يَقُولَ: أيُّ فائِدَةٍ لِتَقْدِيمِ الإطْعامِ عَلى العِتْقِ مَعَ أنَّ العِتْقَ أفْضَلُ لا مَحالَةَ ؟
قُلْنا: لَهُ وُجُوهٌ:
أحَدُها: أنَّ المَقْصُودَ مِنهُ التَّنْبِيهُ عَلى أنَّ هَذِهِ الكَفّارَةَ وجَبَتْ عَلى التَّخْيِيرِ لا عَلى التَّرْتِيبِ؛ لِأنَّها لَوْ وجَبَتْ عَلى التَّرْتِيبِ لَوَجَبَتِ البُداءَةُ بِالأغْلَظِ.
وثانِيها: قُدِّمَ الإطْعامُ لِأنَّهُ أسْهَلُ لِكَوْنِ الطَّعامِ أعَمَّ (p-٦٥)وُجُودًا، والمَقْصُودُ مِنهُ التَّنْبِيهُ عَلى أنَّهُ تَعالى يُراعِي التَّخْفِيفَ والتَّسْهِيلَ في التَّكالِيفِ.
وثالِثُها: أنَّ الإطْعامَ أفْضَلُ لِأنَّ الحُرَّ الفَقِيرَ قَدْ لا يَجِدُ الطَّعامَ، ولا يَكُونُ هُناكَ مَن يُعْطِيهِ الطَّعامَ فَيَقَعُ في الضُّرِّ، أمّا العَبْدُ فَإنَّهُ يَجِبُ عَلى مَوْلاهُ إطْعامُهُ وكِسْوَتُهُ.
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ﴾ وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: قالَ الشّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: إذا كانَ عِنْدَهُ قُوتُهُ وقُوتُ عِيالِهِ يَوْمَهُ ولَيْلَتَهُ، ومِنَ الفَضْلِ ما يُطْعِمُ عَشَرَةَ مَساكِينَ لَزِمَتْهُ الكَفّارَةُ بِالإطْعامِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ هَذا القَدْرُ جازَ لَهُ الصِّيامُ، وعِنْدَ أبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، يَجُوزُ لَهُ الصِّيامُ إذا كانَ عِنْدَهُ مِنَ المالِ ما لا يَجِبُ فِيهِ الزَّكاةُ، فَجُعِلَ مَن لا زَكاةَ عَلَيْهِ عادِمًا.
حُجَّةُ الشّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، أنَّهُ تَعالى عَلَّقَ جَوازَ الصِّيامِ عَلى عَدَمِ وِجْدانِ هَذِهِ الثَّلاثَةِ، والمُعَلَّقُ عَلى الشَّرْطِ عُدِمَ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ، فَعِنْدَ وِجْدانِ هَذِهِ الثَّلاثَةِ وجَبَ أنْ لا يَجُوزَ الصَّوْمُ، تَرَكْنا العَمَلَ بِهِ عِنْدَ وِجْدانِ قُوتِ نَفْسِهِ وقُوتِ عِيالِهِ يَوْمًا ولَيْلَةً لِأنَّ ذَلِكَ كالأمْرِ المُضْطَرِّ إلَيْهِ، وقَدْ رَأيْنا في الشَّرْعِ أنَّهُ مَتى وقَعَ التَّعارُضُ في حَقِّ النَّفْسِ وحَقِّ الغَيْرِ كانَ تَقْدِيمُ حَقِّ النَّفْسِ واجِبًا، فَوَجَبَ أنْ تَبْقى الآيَةُ مَعْمُولًا بِها في غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قالَ الشّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ في أصَحِّ قَوْلَيْهِ أنَّهُ يَصُومُ ثَلاثَةَ أيّامٍ إنْ شاءَ مُتَتابِعَةً وإنْ شاءَ مُتَفَرِّقَةً.
وقالَ أبُو حَنِيفَةَ: يَجِبُ التَّتابُعُ.
حُجَّةُ الشّافِعِيِّ أنَّهُ تَعالى أوْجَبَ صِيامَ ثَلاثَةِ أيّامٍ، والآتِي بِصَوْمِ ثَلاثَةِ أيّامٍ عَلى التَّفَرُّقِ آتٍ بِصَوْمِ ثَلاثَةِ أيّامٍ، فَوَجَبَ أنْ يَخْرُجَ عَنِ العُهْدَةِ.
حُجَّةُ أبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: ما رُوِيَ في قِراءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وابْنِ مَسْعُودٍ: (فَصَوْمُ ثَلاثَةِ أيّامٍ مُتَتابِعاتٍ) وقِراءَتُهُما لا تَخْتَلِفُ عَنْ رِوايَتِهِما.
والجَوابُ أنَّ القِراءَةَ الشّاذَّةَ مَرْدُودَةٌ؛ لِأنَّها لَوْ كانَتْ قُرْآنًا لَنُقِلَتْ نَقْلًا مُتَواتِرًا، إذْ لَوْ جَوَّزْنا في القُرْآنِ أنْ لا يُنْقَلَ عَلى التَّواتُرِ لَزِمَ طَعْنُ الرَّوافِضِ والمَلاحِدَةِ في القُرْآنِ وذَلِكَ باطِلٌ، فَعَلِمْنا أنَّ القِراءَةَ الشّاذَّةَ مَرْدُودَةٌ، فَلا تَصْلُحُ لِأنْ تَكُونَ حُجَّةً. وأيْضًا نُقِلَ في قِراءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أنَّهُ قَرَأ (فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ مُتَتابِعاتٍ) مَعَ أنَّ التَّتابُعَ هُناكَ ما كانَ شَرْطًا، وأجابُوا عَنْهُ بِأنَّهُ رُوِيَ «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّ رَجُلًا قالَ لَهُ: عَلَيَّ أيّامٌ مِن رَمَضانَ أفَأقْضِيها مُتَفَرِّقاتٍ ؟ فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ”أرَأيْتَ لَوْ كانَ عَلَيْكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَ الدِّرْهَمَ فالدِّرْهَمَ أما كانَ يُجْزِيكَ ؟ قالَ: بَلى، قالَ: فاللَّهُ أحَقُّ أنْ يَعْفُوَ وأنْ يَصْفَحَ“» .
قُلْنا: فَهَذا الحَدِيثُ وإنْ وقَعَ جَوابًا عَنْ هَذا السُّؤالِ في صَوْمِ رَمَضانَ إلّا أنَّ لَفْظَهُ عامٌّ وتَعْلِيلَهُ عامٌّ في جَمِيعِ الصِّياماتِ، وقَدْ ثَبَتَ في الأُصُولِ أنَّ العِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، فَكانَ ذَلِكَ مِن أقْوى الدَّلائِلِ عَلى جَوازِ التَّفْرِيقِ هاهُنا أيْضًا.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: مَن صامَ سِتَّةَ أيّامٍ عَنْ يَمِينَيْنِ أجْزَأهُ، سَواءٌ عَيَّنَ إحْدى الثَّلاثَتَيْنِ لِإحْدى اليَمِينَيْنِ أوْ لا، والدَّلِيلُ عَلَيْهِ أنَّهُ تَعالى أوْجَبَ صِيامَ ثَلاثَةِ أيّامٍ عَلَيْهِ، وقَدْ أتى بِها، فَوَجَبَ أنْ يَخْرُجَ عَنِ العُهْدَةِ.
(p-٦٦)ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿ذَلِكَ كَفّارَةُ أيْمانِكم إذا حَلَفْتُمْ﴾ قَوْلُهُ: (ذَلِكَ) إشارَةٌ إلى ما تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الطَّعامِ والكِسْوَةِ وتَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ، أيْ ذَلِكَ المَذْكُورُ كَفّارَةُ أيْمانِكم إذا حَلَفْتُمْ وحَنَثْتُمْ لِأنَّ الكَفّارَةَ لا تَجِبُ بِمُجَرَّدِ الحَلِفِ، إلّا أنَّهُ حَذَفَ ذِكْرَ الحِنْثِ لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا، كَما قالَ: ﴿فَمَن كانَ مِنكم مَرِيضًا أوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ﴾ [البَقَرَةِ: ١٨٤] أيْ فَأفْطَرَ.
احْتَجَّ الشّافِعِيُّ بِهَذِهِ الآيَةِ عَلى أنَّ التَّكْفِيرَ قَبْلَ الحِنْثِ جائِزٌ فَقالَ: الآيَةُ دَلَّتْ عَلى أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنَ الأشْياءِ الثَّلاثَةِ كَفّارَةٌ لِلْيَمِينِ عِنْدَ وُجُودِ الحَلِفِ، فَإذا أدّاها بَعْدَ الحَلِفِ قَبْلَ الحِنْثِ فَقَدْ أدّى الكَفّارَةَ عَنْ ذَلِكَ اليَمِينِ، وإذا كانَ كَذَلِكَ وجَبَ أنْ يَخْرُجَ عَنِ العُهْدَةِ. قالَ: وقَوْلُهُ: ﴿إذا حَلَفْتُمْ﴾ فِيهِ دَقِيقَةٌ وهي التَّنْبِيهُ عَلى أنَّ تَقْدِيمَ الكَفّارَةِ قَبْلَ اليَمِينِ لا يَجُوزُ، وأمّا بَعْدَ اليَمِينِ وقَبْلَ الحِنْثِ فَإنَّهُ يَجُوزُ.
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿واحْفَظُوا أيْمانَكُمْ﴾ وفِيهِ وجْهانِ:
الأوَّلُ: المُرادُ مِنهُ قَلِّلُوا الأيْمانَ ولا تُكْثِرُوا مِنها، قالَ كُثَيِّرٌ:
؎قَلِيلُ الألايا حافِظٌ لِيَمِينِهِ وإنْ سَبَقَتْ مِنهُ الألِيَّةُ بَرَّتِ
{"ayah":"لَا یُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغۡوِ فِیۤ أَیۡمَـٰنِكُمۡ وَلَـٰكِن یُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلۡأَیۡمَـٰنَۖ فَكَفَّـٰرَتُهُۥۤ إِطۡعَامُ عَشَرَةِ مَسَـٰكِینَ مِنۡ أَوۡسَطِ مَا تُطۡعِمُونَ أَهۡلِیكُمۡ أَوۡ كِسۡوَتُهُمۡ أَوۡ تَحۡرِیرُ رَقَبَةࣲۖ فَمَن لَّمۡ یَجِدۡ فَصِیَامُ ثَلَـٰثَةِ أَیَّامࣲۚ ذَ ٰلِكَ كَفَّـٰرَةُ أَیۡمَـٰنِكُمۡ إِذَا حَلَفۡتُمۡۚ وَٱحۡفَظُوۤا۟ أَیۡمَـٰنَكُمۡۚ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَایَـٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











