الباحث القرآني
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَتُقُبِّلَ مِن أحَدِهِما ولَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ﴾ وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: قِيلَ: كانَتْ عَلامَةُ القَبُولِ أنْ تَأْكُلَهُ النّارُ وهو قَوْلُ أكْثَرِ المُفَسِّرِينَ. وقالَ مُجاهِدٌ: عَلامَةُ الرَّدِّ أنْ تَأْكُلَهُ النّارُ، والأوَّلُ أوْلى لِاتِّفاقِ أكْثَرِ المُفَسِّرِينَ عَلَيْهِ. وقِيلَ: ما كانَ في ذَلِكَ الوَقْتِ فَقِيرٌ يَدْفَعُ إلَيْهِ ما يَتَقَرَّبُ بِهِ إلى اللَّهِ تَعالى، فَكانَتِ النّارُ تَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ فَتَأْكُلُهُ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: إنَّما صارَ أحَدُ القُرْبانَيْنِ مَقْبُولًا والآخَرُ مَرْدُودًا؛ لِأنَّ حُصُولَ التَّقْوى شَرْطٌ في قَبُولِ الأعْمالِ. قالَ تَعالى هَهُنا حِكايَةً عَنِ المُحِقِّ ﴿إنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ﴾ وقالَ فِيما أمَرَنا بِهِ مِنَ القُرْبانِ بِالبُدْنِ ﴿لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها ولا دِماؤُها ولَكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنكُمْ﴾ (الحَجِّ: ٣٧) فَأخْبَرَ أنَّ الَّذِي يَصِلُ إلى حَضْرَةِ اللَّهِ لَيْسَ إلّا التَّقْوى، والتَّقْوى مِن صِفاتِ القُلُوبِ قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ”«التَّقْوى هَهُنا» “ وأشارَ إلى القَلْبِ، وحَقِيقَةُ التَّقْوى أُمُورٌ:
أحَدُها: أنْ يَكُونَ عَلى خَوْفٍ ووَجَلٍ مِن تَقْصِيرِ نَفْسِهِ في تِلْكَ الطّاعَةِ فَيَتَّقِيَ بِأقْصى ما يَقْدِرُ عَلَيْهِ عَنْ جِهاتِ التَّقْصِيرِ.
وثانِيها: أنْ يَكُونَ في غايَةِ الِاتِّقاءِ مِن أنْ يَأْتِيَ بِتِلْكَ الطّاعَةِ لِغَرَضٍ سِوى طَلَبِ مَرْضاةِ اللَّهِ تَعالى.
وثالِثُها: أنَّ يَتَّقِيَ أنْ يَكُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ فِيهِ شَرِكَةٌ، وما أصْعَبَ رِعايَةَ هَذِهِ الشَّرائِطِ وقِيلَ في هَذِهِ القِصَّةِ: إنَّ أحَدَهُما جَعَلَ قُرْبانَهُ أحْسَنَ ما كانَ مَعَهُ، والآخَرَ جَعَلَ قُرْبانَهُ أرْدَأ ما كانَ مَعَهُ. وقِيلَ: إنَّهُ أضْمَرَ أنَّهُ لا يُبالِي سَواءً قُبِلَ أوْ لَمْ يُقْبَلْ، ولا يُزَوِّجُ أُخْتَهُ مِن هابِيلَ. وقِيلَ: كانَ قابِيلُ لَيْسَ مِن أهْلِ التَّقْوى والطّاعَةِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ قُرْبانَهُ.
ثُمَّ حَكى اللَّهُ تَعالى عَنْ قابِيلَ أنَّهُ قالَ لِهابِيلَ: ﴿لَأقْتُلَنَّكَ﴾ فَقالَ هابِيلُ ﴿إنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ﴾ وفي الكَلامِ حَذْفٌ، والتَّقْدِيرُ: كَأنَّ هابِيلَ قالَ: لِمَ تَقْتُلُنِي ؟ قالَ لِأنَّ قُرْبانَكَ صارَ مَقْبُولًا، فَقالَ هابِيلُ: وما ذَنْبِي ؟ إنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ. وقِيلَ: هَذا مِن كَلامِ اللَّهِ تَعالى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ اعْتِراضًا بَيْنَ القِصَّةِ، كَأنَّهُ تَعالى بَيَّنَ لِمُحَمَّدٍ ﷺ أنَّهُ إنَّما لَمْ يَقْبَلْ قُرْبانَهُ لِأنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَّقِيًا.
ثُمَّ حَكى تَعالى عَنِ الأخِ المَظْلُومِ أنَّهُ قالَ:
﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أنا بِباسِطٍ يَدِيَ إلَيْكَ لِأقْتُلَكَ إنِّي أخافُ اللَّهَ رَبَّ العالَمِينَ﴾
والسُّؤالُ الأوَّلُ: وهو أنَّهُ لِمَ لَمْ يَدْفَعِ القاتِلَ عَنْ نَفْسِهِ مَعَ أنَّ الدَّفْعَ عَنِ النَّفْسِ واجِبٌ ؟ وهَبْ أنَّهُ لَيْسَ بِواجِبٍ فَلا أقَلَّ مِن أنَّهُ لَيْسَ بِحَرامٍ، فَلِمَ قالَ ﴿إنِّي أخافُ اللَّهَ رَبَّ العالَمِينَ﴾ . (p-١٦٣)
والجَوابُ مِن وُجُوهٍ:
الأوَّلُ: يُحْتَمَلُ أنْ يُقالَ: لاحَ لِلْمَقْتُولِ بِأماراتٍ تَغْلِبُ عَلى الظَّنِّ أنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُ، فَذَكَرَ لَهُ هَذا الكَلامَ عَلى سَبِيلِ الوَعْظِ والنَّصِيحَةِ، يَعْنِي أنا لا أُجَوِّزُ مِن نَفْسِي أنْ أبْدَأكَ بِالقَتْلِ الظُّلْمِ العُدْوانِ، وإنَّما لا أفْعَلُهُ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ تَعالى، وإنَّما ذَكَرَ لَهُ هَذا الكَلامَ قَبْلَ إقْدامِ القاتِلِ عَلى قَتْلِهِ، وكانَ غَرَضُهُ مِنهُ تَقْبِيحَ القَتْلِ العَمْدِ في قَلْبِهِ، ولِهَذا يُرْوى أنَّ قابِيلَ صَبَرَ حَتّى نامَ هابِيلُ فَضَرَبَ رَأْسَهُ بِحَجَرٍ كَبِيرٍ فَقَتَلَهُ.
والوَجْهُ الثّانِي في الجَوابِ: أنَّ المَذْكُورَ في الآيَةِ قَوْلُهُ: ﴿ما أنا بِباسِطٍ يَدِيَ إلَيْكَ لِأقْتُلَكَ﴾ يَعْنِي لا أبْسُطُ يَدِيَ إلَيْكَ لِغَرَضِ قَتْلِكَ، وإنَّما أبْسُطُ يَدِيَ إلَيْكَ لِغَرَضِ الدَّفْعِ. وقالَ أهْلُ العِلْمِ: الدّافِعُ عَنْ نَفْسِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ أنْ يَدْفَعَ بِالأيْسَرِ فالأيْسَرِ، ولَيْسَ لَهُ أنْ يَقْصِدَ القَتْلَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أنْ يَقْصِدَ الدَّفْعَ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلّا بِالقَتْلِ جازَ لَهُ ذَلِكَ.
الوَجْهُ الثّالِثُ: قالَ بَعْضُهم: المَقْصُودُ بِالقَتْلِ إنْ أرادَ أنْ يَسْتَسْلِمَ جازَ لَهُ ذَلِكَ، وهَكَذا فَعَلَ عُثْمانُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ. وقالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ: ”«ألْقِ كُمَّكَ عَلى وجْهِكَ وكُنْ عَبْدَ اللَّهِ المَقْتُولَ ولا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ القاتِلَ» “ .
الوَجْهُ الرّابِعُ: وُجُوبُ الدَّفْعِ عَنِ النَّفْسِ أمْرٌ يَجُوزُ أنْ يَخْتَلِفَ بِاخْتِلافِ الشَّرائِعِ. وقالَ مُجاهِدٌ: إنَّ الدَّفْعَ عَنِ النَّفْسِ ما كانَ مُباحًا في ذَلِكَ الوَقْتِ.
السُّؤالُ الثّانِي: لِمَ جاءَ الشَّرْطُ بِلَفْظِ الفِعْلِ، والجَزاءُ بِلَفْظِ اسْمِ الفاعِلِ، وهو قَوْلُهُ: ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أنا بِباسِطٍ﴾ .
والجَوابُ: لِيُفِيدَ أنَّهُ لا يَفْعَلُ ما يَكْتَسِبُ بِهِ هَذا الوَصْفَ الشَّنِيعَ، ولِذَلِكَ أكَّدَهُ بِالباءِ المُؤَكِّدِ لِلنَّفْيِ.
* * ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿إنِّي أُرِيدُ أنْ تَبُوءَ بِإثْمِي وإثْمِكَ فَتَكُونَ مِن أصْحابِ النّارِ وذَلِكَ جَزاءُ الظّالِمِينَ﴾
وفِيهِ سُؤالانِ:
الأوَّلُ: كَيْفَ يُعْقَلُ أنْ يَبُوءَ القاتِلُ بِإثْمِ المَقْتُولِ مَعَ أنَّهُ تَعالى قالَ: ﴿ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى﴾، (فاطِرٍ: ١٨) .
والجَوابُ مِن وجْهَيْنِ:
الأوَّلُ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما وابْنُ مَسْعُودٍ والحَسَنُ وقَتادَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم: مَعْناهُ تَحْمِلُ إثْمَ قَتْلِي وإثْمَكَ الَّذِي كانَ مِنكَ قَبْلَ قَتْلِي، وهَذا بِحَذْفِ المُضافِ.
والثّانِي: قالَ الزَّجّاجُ: مَعْناهُ تَرْجِعُ إلى اللَّهِ، فَلِمَ قالَ: ﴿إنِّي أُرِيدُ أنْ تَبُوءَ بِإثْمِي وإثْمِكَ﴾ .
والجَوابُ مِن وُجُوهٍ:
الأوَّلُ: قَدْ ذَكَرْنا أنَّ هَذا الكَلامَ إنَّما دارَ بَيْنَهُما عِنْدَما غَلَبَ عَلى ظَنِّ المَقْتُولِ أنَّهُ (p-١٦٤)يُرِيدُ قَتْلَهُ، وكانَ ذَلِكَ قَبْلَ إقْدامِ القاتِلِ عَلى إيقاعِ القَتْلِ بِهِ، وكَأنَّهُ لَمّا وعَظَهُ ونَصَحَهُ قالَ لَهُ: وإنْ كُنْتَ لا تَنْزَجِرُ عَنْ هَذِهِ الكَبِيرَةِ بِسَبَبِ هَذِهِ النَّصِيحَةِ فَلا بُدَّ وأنْ تَتَرَصَّدَ قَتْلِي في وقْتٍ أكُونُ غافِلًا عَنْكَ وعاجِزًا عَنْ دَفْعِكَ، فَحِينَئِذٍ لا يُمْكِنُنِي أنْ أدْفَعَكَ عَنْ قَتْلِي إلّا إذا قَتَلْتُكَ ابْتِداءً بِمُجَرَّدِ الظَّنِّ والحُسْبانِ، وهَذا مِنِّي كَبِيرَةٌ ومَعْصِيَةٌ، وإذا دارَ الأمْرُ بَيْنَ أنْ يَكُونَ فاعِلُ هَذِهِ المَعْصِيَةِ أنا وبَيْنَ أنْ يَكُونَ أنْتَ، فَأنا أُحِبُّ أنْ تَحْصُلَ هَذِهِ الكَبِيرَةُ لَكَ لا لِي، ومِنَ المَعْلُومِ أنَّ إرادَةَ صُدُورِ الذَّنْبِ مِنَ الغَيْرِ في هَذِهِ الحالَةِ وعَلى هَذا الشَّرْطِ لا يَكُونُ حَرامًا، بَلْ هو عَيْنُ الطّاعَةِ ومَحْضُ الإخْلاصِ.
والوَجْهُ الثّانِي في الجَوابِ: أنَّ المُرادَ: إنِّي أُرِيدُ أنْ تَبُوءَ بِعُقُوبَةِ قَتْلِي، ولا شَكَّ أنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَظْلُومِ أنْ يُرِيدَ مِنَ اللَّهِ عِقابَ ظالِمِهِ.
والثّالِثُ: رُوِيَ أنَّ الظّالِمَ إذا لَمْ يَجِدْ يَوْمَ القِيامَةِ ما يُرْضِي خَصْمَهُ أُخِذَ مِن سَيِّئاتِ المَظْلُومِ وحُمِلَ عَلى الظّالِمِ، فَعَلى هَذا يَجُوزُ أنْ يُقالَ: إنِّي أُرِيدُ أنْ تَبُوءَ بِإثْمِي في أنَّهُ يُحْمَلُ عَلَيْكَ يَوْمَ القِيامَةِ إذا لَمْ تَجِدْ ما يُرْضِينِي، وبِإثْمِكَ في قَتْلِكَ إيّايَ، وهَذا يَصْلُحُ جَوابًا عَنِ السُّؤالِ الأوَّلِ واللَّهُ أعْلَمُ.
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأصْبَحَ مِنَ الخاسِرِينَ﴾
ثُمَّ قالَ المُفَسِّرُونَ: سَهَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أخِيهِ. ومِنهم مَن قالَ شَجَّعَتْهُ، وتَحْقِيقُ الكَلامِ أنَّ الإنْسانَ إذا تَصَوَّرَ مِنَ القَتْلِ العَمْدِ العُدْوانِ كَوْنَهُ مِن أعْظَمِ الكَبائِرِ، فَهَذا الِاعْتِقادُ يَصِيرُ صارِفًا لَهُ عَنْ فِعْلِهِ، فَيَكُونُ هَذا الفِعْلُ كالشَّيْءِ العاصِي المُتَمَرِّدِ عَلَيْهِ الَّذِي لا يُطِيعُهُ بِوَجْهٍ البَتَّةَ، فَإذا أوْرَدَتِ النَّفْسُ أنْواعَ وساوِسِها صارَ هَذا الفِعْلُ سَهْلًا عَلَيْهِ، فَكَأنَّ النَّفْسَ جَعَلَتْ بِوَساوِسِها العَجِيبَةِ هَذا الفِعْلَ كالمُطِيعِ لَهُ بَعْدَ أنْ كانَ كالعاصِي المُتَمَرِّدِ عَلَيْهِ. فَهَذا هو المُرادُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أخِيهِ﴾ قالَتِ المُعْتَزِلَةُ: لَوْ كانَ خالِقُ الكُلِّ هو اللَّهُ تَعالى لَكانَ ذَلِكَ التَّزْيِينُ والتَّطْوِيعُ مُضافًا إلى اللَّهِ تَعالى لا إلى النَّفْسِ.
وجَوابُهُ: أنَّهُ لَمّا أُسْنِدَتِ الأفْعالُ إلى الدَّواعِي، وكانَ فاعِلُ تِلْكَ الدَّواعِي هو اللَّهُ تَعالى فَكانَ فاعِلُ الأفْعالِ كُلِّها هو اللَّهُ تَعالى.
ثُمَّ قالَ تَعالى: (فَقَتَلَهُ) قِيلَ: لَمْ يَدْرِ قابِيلُ كَيْفَ يَقْتُلُ هابِيلَ، فَظَهَرَ لَهُ إبْلِيسُ وأخَذَ طَيْرًا وضَرَبَ رَأْسَهُ بِحَجَرٍ، فَتَعَلَّمَ قابِيلُ ذَلِكَ مِنهُ، ثُمَّ إنَّهُ وجَدَ هابِيلَ نائِمًا يَوْمًا فَضَرَبَ رَأْسَهُ بِحَجَرٍ فَماتَ. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: ”«لا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إلّا كانَ عَلى ابْنِ آدَمَ الأوَّلِ كِفْلٌ مِن دَمِها وذَلِكَ أنَّهُ أوَّلُ مَن سَنَّ القَتْلَ» “ .
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَأصْبَحَ مِنَ الخاسِرِينَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: خَسِرَ دُنْياهُ وآخِرَتَهُ، أمّا الدُّنْيا فَهو أنَّهُ أسْخَطَ والِدَيْهِ وبَقِيَ مَذْمُومًا إلى يَوْمِ القِيامَةِ، وأمّا الآخِرَةُ فَهو العِقابُ العَظِيمُ. قِيلَ: إنَّ قابِيلَ لَمّا قَتَلَ أخاهُ هَرَبَ إلى عَدَنَ مِن أرْضِ اليَمَنِ، فَأتاهُ إبْلِيسُ وقالَ: إنَّما أكَلَتِ النّارُ قُرْبانَ هابِيلَ؛ لِأنَّهُ كانَ يَخْدُمُ النّارَ ويَعْبُدُها، فَإنْ عَبَدْتَ النّارَ أيْضًا حَصَلَ مَقْصُودُكَ، فَبَنى بَيْتَ نارٍ وهو أوَّلُ مَن عَبَدَ النّارَ. ورُوِيَ أنَّ هابِيلَ قُتِلَ وهو ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً، وكانَ قَتْلُهُ عِنْدَ عُقْبَةِ حِراءٍ، وقِيلَ بِالبَصْرَةِ في مَوْضِعِ المَسْجِدِ الأعْظَمِ، ورُوِيَ أنَّهُ لَمّا قَتَلَهُ اسْوَدَّ جَسَدُهُ وكانَ أبْيَضَ، فَسَألَهُ آدَمُ عَنْ أخِيهِ، فَقالَ ما كُنْتُ عَلَيْهِ وكِيلًا، فَقالَ بَلْ قَتَلْتَهُ، ولِذَلِكَ اسْوَدَّ جَسَدُكَ، ومَكَثَ آدَمُ بَعْدَهُ مِائَةَ سَنَةٍ لَمْ يَضْحَكْ قَطُّ. قالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“ يُرْوى أنَّهُ رَثاهُ بِشِعْرٍ. قالَ وهو كَذِبٌ بَحْتٌ، وما الشِّعْرُ إلّا مَنحُولٌ مَلْحُونٌ، والأنْبِياءُ مَعْصُومُونَ عَنِ الشِّعْرِ، وصَدَقَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“ فِيما قالَ. فَإنَّ ذَلِكَ الشِّعْرَ في غايَةِ الرَّكاكَةِ لا يَلِيقُ بِالحَمْقى مِنَ المُعَلِّمِينَ، فَكَيْفَ يُنْسَبُ إلى مَن جَعَلَ اللَّهُ عِلْمَهُ حُجَّةً عَلى المَلائِكَةِ.
{"ayahs_start":28,"ayahs":["لَىِٕنۢ بَسَطتَ إِلَیَّ یَدَكَ لِتَقۡتُلَنِی مَاۤ أَنَا۠ بِبَاسِطࣲ یَدِیَ إِلَیۡكَ لِأَقۡتُلَكَۖ إِنِّیۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","إِنِّیۤ أُرِیدُ أَن تَبُوۤأَ بِإِثۡمِی وَإِثۡمِكَ فَتَكُونَ مِنۡ أَصۡحَـٰبِ ٱلنَّارِۚ وَذَ ٰلِكَ جَزَ ٰۤؤُا۟ ٱلظَّـٰلِمِینَ","فَطَوَّعَتۡ لَهُۥ نَفۡسُهُۥ قَتۡلَ أَخِیهِ فَقَتَلَهُۥ فَأَصۡبَحَ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ"],"ayah":"فَطَوَّعَتۡ لَهُۥ نَفۡسُهُۥ قَتۡلَ أَخِیهِ فَقَتَلَهُۥ فَأَصۡبَحَ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق