الباحث القرآني
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكم فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ولا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكم لِبَعْضٍ أنْ تَحْبَطَ أعْمالُكم وأنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ .
﴿لا تُقَدِّمُوا﴾ نَهْيٌ عَنْ فِعْلٍ يُنْبِئُ عَنْ كَوْنِهِمْ جاعِلِينَ لِأنْفُسِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ ورَسُولِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِما وزْنًا ومِقْدارًا ومَدْخَلًا في أمْرٍ مِن أوامِرِهِما ونَواهِيهِما، وقَوْلُهُ: ﴿لا تَرْفَعُوا﴾ نَهْيٌ عَنْ قَوْلٍ يُنْبِئُ عَنْ ذَلِكَ الأمْرِ؛ لِأنَّ مَن يَرْفَعُ صَوْتَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ يَجْعَلُ لِنَفْسِهِ اعْتِبارًا وعَظَمَةً، وفِيهِ مَباحِثُ:
البَحْثُ الأوَّلُ: ما الفائِدَةُ في إعادَةِ النِّداءِ، وما هَذا النَّمَطُ مِنَ الكَلامَيْنِ عَلى قَوْلِ القائِلِ: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ﴾، و﴿لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ﴾ ؟ نَقُولُ: في إعادَةِ النِّداءِ فَوائِدُ خَمْسَةٌ: مِنها أنْ يَكُونَ في ذَلِكَ بَيانُ زِيادَةِ الشَّفَقَةِ عَلى المُسْتَرْشِدِ كَما في قَوْلِ لُقْمانَ لِابْنِهِ: ﴿يابُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ﴾ [لقمان: ١٣] ﴿يابُنَيَّ إنَّها إنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ﴾ [لقمان: ١٦]، ﴿يابُنَيَّ أقِمِ الصَّلاةَ﴾ [لقمان: ١٧] لِأنَّ النِّداءَ لِتَنْبِيهِ المُنادى لِيُقْبِلَ عَلى اسْتِماعِ الكَلامِ ويَجْعَلَ بالَهُ مِنهُ، فَإعادَتُهُ تُفِيدُ ذَلِكَ، ومِنها أنْ لا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أنَّ المُخاطَبَ ثانِيًا غَيْرُ المُخاطَبِ أوَّلًا؛ فَإنَّ مِنَ الجائِزِ أنْ يَقُولَ القائِلُ: يا زَيْدُ افْعَلْ كَذا، وقُلْ كَذا يا عَمْرُو، فَإذا أعادَهُ مَرَّةً أُخْرى وقالَ: يا زَيْدُ قُلْ كَذا، يُعْلَمُ مِن أوَّلِ الكَلامِ أنَّهُ هو المُخاطَبُ ثانِيًا أيْضًا، ومِنها أنْ يُعْلَمَ أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنَ الكَلامَيْنِ مَقْصُودٌ، ولَيْسَ الثّانِي تَأْكِيدًا لِلْأوَّلِ، كَما تَقُولُ: يا زَيْدُ لا تَنْطِقْ ولا تَتَكَلَّمْ إلّا بِالحَقِّ، فَإنَّهُ لا يَحْسُنُ أنْ يُقالَ: يا زَيْدُ لا تَنْطِقْ يا زَيْدُ لا تَتَكَلَّمْ، كَما يَحْسُنُ عِنْدَ اخْتِلافِ المَطْلُوبَيْنِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ﴾ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا: أحَدُها: أنْ يَكُونَ المُرادُ حَقِيقَتَهُ، وذَلِكَ لِأنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ دَلِيلُ قِلَّةِ الِاحْتِشامِ وتَرْكِ الِاحْتِرامِ، وهَذا مِن مَسْألَةٍ حُكْمِيَّةٍ وهي أنَّ الصَّوْتَ بِالمَخارِجِ، ومَن خَشِيَ قَلْبُهُ ارْتَجَفَ وتَضْعُفُ حَرَكَتُهُ الدّافِعَةُ، فَلا يَخْرُجُ مِنهُ الصَّوْتُ بِقُوَّةٍ، ومَن لَمْ يَخَفْ ثَبَتَ قَلْبُهُ وقَوِيَ، فَرَفْعُ الهَواءِ دَلِيلُ عَدَمِ الخَشْيَةِ.
ثانِيها: أنْ يَكُونَ المُرادُ المَنعَ مِن كَثْرَةِ الكَلامِ؛ لِأنَّ مَن يُكْثِرُ الكَلامَ يَكُونُ مُتَكَلِّمًا عَنْ سُكُوتِ الغَيْرِ، فَيَكُونُ في وقْتِ سُكُوتِ الغَيْرِ لِصَوْتِهِ ارْتِفاعٌ، وإنْ كانَ خائِفًا إذا نَظَرْتَ إلى حالِ غَيْرِهِ، فَلا يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ لِأحَدٍ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ كَلامٌ كَثِيرٌ بِالنِّسْبَةِ إلى كَلامِ النَّبِيِّ ﷺ لِأنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مُبَلِّغٌ، فالمُتَكَلِّمُ عِنْدَهُ إنْ أرادَ الإخْبارَ لا يَجُوزُ، وإنِ اسْتَخْبَرَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلامُ عَمّا وجَبَ عَلَيْهِ البَيانُ، فَهو لا يَسْكُتُ عَمّا يُسْألُ وإنْ لَمْ يُسْألْ، ورُبَّما يَكُونُ في السُّؤالِ حَقِيدَةٌ بِرَدِّ جَوابٍ لا يَسْهُلُ عَلى المُكَلَّفِ الإتْيانُ بِهِ، فَيَبْقى في ورْطَةِ العِقابِ، ثالِثُها: أنْ يَكُونَ المُرادُ رَفْعَ الكَلامِ بِالتَّعْظِيمِ أيْ لا تَجْعَلُوا لِكَلامِكُمُ ارْتِفاعًا عَلى كَلامِ النَّبِيِّ ﷺ في الخِطابِ، كَما يَقُولُ القائِلُ لِغَيْرِهِ: أمَرْتُكَ مِرارًا بِكَذا عِنْدَما يَقُولُ لَهُ صاحِبُهُ: مُرْنِي بِأمْرٍ مِثْلِهِ، فَيَكُونُ أحَدُ الكَلامَيْنِ أعْلى وأرْفَعَ مِنَ الآخَرِ، والأوَّلُ أصَحُّ، والكُلُّ يَدْخُلُ في حُكْمِ المُرادِ؛ لِأنَّ المَنعَ مِن رَفْعِ الصَّوْتِ لا يَكُونُ إلّا لِلِاحْتِرامِ وإظْهارِ الِاحْتِشامِ، ومَن بَلَغَ احْتِرامُهُ إلى حَيْثُ تَنْخَفِضُ الأصْواتُ عِنْدَهُ مِن هَيْبَتِهِ وعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ لا يَكْثُرُ عِنْدَهُ الكَلامُ، ولا يَرْجِعُ المُتَكَلِّمُ مَعَهُ في الخِطابِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكم لِبَعْضٍ﴾ فِيهِ فَوائِدُ:
(p-٩٨)إحْداها: أنْ بِالأوَّلِ حَصَلَ المَنعُ مِن أنْ يَجْعَلَ الإنْسانُ كَلامَهُ أوْ صَوْتَهُ أعْلى مِن كَلامِ النَّبِيِّ ﷺ وصَوْتِهِ، ولِقائِلٍ أنْ يَقُولَ: فَما مَنَعَتْ مِنَ المُساواةِ، فَقالَ تَعالى: ﴿ولا تَجْهَرُوا لَهُ﴾ كَما تَجْهَرُونَ لِأقْرانِكم ونُظَرائِكم، بَلِ اجْعَلُوا كَلِمَتَهُ عُلْيا.
والثّانِيَةُ: أنَّ هَذا أفادَ أنَّهُ لا يَنْبَغِي أنْ يَتَكَلَّمَ المُؤْمِنُ عِنْدَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ كَما يَتَكَلَّمُ العَبْدُ عِنْدَ سَيِّدِهِ؛ لِأنَّ العَبْدَ داخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ: ﴿كَجَهْرِ بَعْضِكم لِبَعْضٍ﴾ لِأنَّهُ لِلْعُمُومِ فَلا يَنْبَغِي أنْ يَجْهَرَ المُؤْمِنُ لِلنَّبِيِّ ﷺ كَما يَجْهَرُ العَبْدُ لِلسَّيِّدِ، وإلّا لَكانَ قَدْ جَهَرَ لَهُ كَما يَجْهَرُ بَعْضُكم لِبَعْضٍ، لا يُقالُ: المَفْهُومُ مِن هَذا النَّمَطِ أنْ لا تَجْعَلُوهُ كَما يَتَّفِقُ بَيْنَكم، بَلْ تُمَيِّزُوهُ بِأنْ لا تَجْهَرُوا عِنْدَهُ أبَدًا وفِيما بَيْنَكم لا تُحافِظُونَ عَلى الِاحْتِرامِ؛ لِأنّا نَقُولُ: ما ذَكَرْنا أقْرَبُ إلى الحَقِيقَةِ، وفِيهِ ما ذَكَرْتُمْ مِنَ المَعْنى وزِيادَةٌ، ويُؤَيِّدُ ما ذَكَرْنا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿النَّبِيُّ أوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِن أنْفُسِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٦] والسَّيِّدُ لَيْسَ أوْلى عِنْدَ عَبْدِهِ مِن نَفْسِهِ حَتّى لَوْ كانا في مَخْمَصَةٍ ووَجَدَ العَبْدُ ما لَوْ لَمْ يَأْكُلْهُ لَماتَ لا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهُ لِسَيِّدِهِ، ويَجِبُ البَذْلُ لِلنَّبِيِّ ﷺ، ولَوْ عَلِمَ العَبْدُ أنَّ بِمَوْتِهِ يَنْجُو سَيِّدُهُ لا يَلْزَمُهُ أنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ في التَّهْلُكَةِ لِإنْجاءِ سَيِّدِهِ، ويَجِبُ لِإنْجاءِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وقَدْ ذَكَرْنا حَقِيقَتَهُ عِنْدَ تَفْسِيرِ الآيَةِ، وأنَّ الحِكْمَةَ تَقْتَضِي ذَلِكَ كَما أنَّ العُضْوَ الرَّئِيسَ أوْلى بِالرِّعايَةِ مِن غَيْرِهِ؛ لِأنَّ عِنْدَ خَلَلِ القَلْبِ مَثَلًا لا يَبْقى لِلْيَدَيْنِ والرِّجْلَيْنِ اسْتِقامَةٌ، فَلَوْ حَفِظَ الإنْسانُ نَفْسَهُ وتَرَكَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَهَلَكَ هو أيْضًا بِخِلافِ العَبْدِ والسَّيِّدِ.
الفائِدَةُ الثّانِيَةُ: أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ﴾ لَمّا كانَ مِن جِنْسِ (لا تَجْهَرُوا) لَمْ يَسْتَأْنِفِ النِّداءَ، ولَمّا كانَ هو يُخالِفُ التَّقَدُّمَ لَكِوْنِ أحَدِهِما فِعْلًا والآخَرِ قَوْلًا اسْتَأْنَفَ، كَما في قَوْلِ لُقْمانَ: ﴿يابُنَيَّ لا تُشْرِكْ﴾ [لقمان: ١٣] وقَوْلِهِ: ﴿يابُنَيَّ أقِمِ الصَّلاةَ﴾ [لقمان: ١٧] لِكَوْنِ الأوَّلِ مِن عَمَلِ القَلْبِ، والثّانِي مِن عَمَلِ الجَوارِحِ، وقَوْلِهِ: ﴿يابُنَيَّ أقِمِ الصَّلاةَ وأْمُرْ بِالمَعْرُوفِ وانْهَ عَنِ المُنْكَرِ﴾ [لقمان: ١٧] مِن غَيْرِ اسْتِئْنافِ النِّداءِ؛ لِأنَّ الكُلَّ مِن عَمَلِ الجَوارِحِ.
واعْلَمْ أنّا إنْ قُلْنا: المُرادُ مِن قَوْلِهِ: ﴿لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ﴾ أيْ لا تُكْثِرُوا الكَلامَ فَقَوْلُهُ: ﴿ولا تَجْهَرُوا﴾ يَكُونُ مَجازًا عَنِ الإتْيانِ بِالكَلامِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِقَدْرِ ما يُؤْتى بِهِ عِنْدَ غَيْرِهِ، أيْ لا تُكْثِرُوا وقَلِّلُوا غايَةَ التَّقْلِيلِ، وكَذَلِكَ إنْ قُلْنا: المُرادُ بِالرَّفْعِ الخِطابُ، فالمُرادُ بِقَوْلِهِ: (لا تَجْهَرُوا) أيْ لا تُخاطِبُوهُ كَما تُخاطِبُونَ غَيْرَهُ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أنْ تَحْبَطَ أعْمالُكُمْ﴾ فِيهِ وجْهانِ مَشْهُورانِ:
أحَدُهُما: لِئَلّا تَحْبَطَ.
والثّانِي: كَراهَةَ أنْ تَحْبَطَ، وقَدْ ذَكَرْنا ذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكم أنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء: ١٧٦] وأمْثالَهُ، ويَحْتَمِلُ هَهُنا وجْهًا آخَرَ، وهو أنْ يُقالَ مَعْناهُ: واتَّقُوا اللَّهَ واجْتَنِبُوا أنْ تَحْبَطَ أعْمالُكم، والدَّلِيلُ عَلى هَذا أنَّ الإضْمارَ لَمّا لَمْ يَكُنْ مِنهُ بُدٌّ فَما دَلَّ عَلَيْهِ الكَلامُ الَّذِي هو فِيهِ أوْلى أنْ يُضْمَرَ، والأمْرُ بِالتَّقْوى قَدْ سَبَقَ في قَوْلِهِ تَعالى: (واتَّقُوا) وأمّا المَعْنى فَنَقُولُ: قَوْلُهُ: ﴿أنْ تَحْبَطَ﴾ إشارَةٌ إلى أنَّكم إنْ رَفَعْتُمْ أصْواتَكم وتَقَدَّمَتْكم تَتَمَكَّنْ مِنكم هَذِهِ الرَّذائِلُ وتُؤَدِّي إلى الِاسْتِحْقارِ، وأنَّهُ يُفْضِي إلى الِانْفِرادِ والِارْتِدادِ المُحْبِطِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ إشارَةٌ إلى أنَّ الرِّدَّةَ تَتَمَكَّنُ مِنَ النَّفْسِ بِحَيْثُ لا يَشْعُرُ الإنْسانُ، فَإنَّ مَنِ ارْتَكَبَ ذَنْبًا لَمْ يَرْتَكِبْهُ في عُمُرِهِ تَراهُ نادِمًا غايَةَ النَّدامَةِ خائِفًا غايَةَ الخَوْفِ، فَإذا ارْتَكَبَهُ مِرارًا يَقِلُّ الخَوْفُ والنَّدامَةُ ويَصِيرُ عادَةً مِن حَيْثُ لا يَعْلَمُ أنَّهُ لا يَتَمَكَّنُ، وهَذا كانَ لِلتَّمَكُّنِ في المَرَّةِ الأُولى أوِ الثّانِيَةِ أوِ الثّالِثَةِ أوْ غَيْرِها، وهَذا كَما أنَّ مَن بَلَغَهُ خَبَرٌ فَإنَّهُ لا يَقْطَعُ بِقَوْلِ المُخْبِرِ (p-٩٩)فِي المَرَّةِ الأُولى، فَإذا تَكَرَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وبَلَغَ حَدَّ التَّواتُرِ يَحْصُلُ لَهُ اليَقِينُ ويَتَمَكَّنُ الِاعْتِقادُ، ولا يَدْرِي مَتى كانَ ذَلِكَ، وعِنْدَ أيِّ خَبَرٍ حَصَلَ هَذا اليَقِينُ، فَقَوْلُهُ: ﴿وأنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ تَأْكِيدٌ لِلْمَنعِ، أيْ لا تَقُولُوا بِأنَّ المَرَّةَ الواحِدَةَ تُعْفِي ولا تُوجِبُ رَدَّهُ؛ لِأنَّ الأمْرَ غَيْرُ مَعْلُومٍ، فاحْسِمُوا البابَ، وفِيهِ بَيانٌ آخَرُ وهو أنَّ المُكَلَّفَ إذا لَمْ يَحْتَرِمِ النَّبِيَّ ﷺ ويَجْعَلْ نَفْسَهُ مِثْلَهُ فِيما يَأْتِي بِهِ بِناءً عَلى أمْرِهِ يَكُونُ كَما يَأْتِي بِهِ بِناءً عَلى أمْرِ نَفْسِهِ، لَكِنْ ما تَأْمُرُ بِهِ النَّفْسُ لا يُوجِبُ الثَّوابَ، وهو مُحْبِطٌ حابِطٌ، كَذَلِكَ ما يَأْتِي بِهِ بِغَيْرِ أمْرِ النَّبِيِّ ﷺ حِينَئِذٍ حابِطٌ مُحْبِطٌ، واللَّهُ أعْلَمُ.
واعْلَمْ أنَّ اللَّهَ تَعالى لَمّا أمَرَ المُؤْمِنِينَ بِاحْتِرامِ النَّبِيِّ ﷺ وإكْرامِهِ وتَقْدِيمِهِ عَلى أنْفُسِهِمْ وعَلى كُلِّ مَن خَلَقَهُ اللَّهُ تَعالى أمْرَ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالرَّأْفَةِ والرَّحْمَةِ، وأنْ يَكُونَ أرْأفَ بِهِمْ مِنَ الوالِدِ، كَما قالَ: ﴿واخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحجر: ٨٨] وقالَ تَعالى: ﴿واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾ [الكهف: ٢٨] وقالَ: ﴿ولا تَكُنْ كَصاحِبِ الحُوتِ﴾ [القلم: ٤٨] إلى غَيْرِ ذَلِكَ لِئَلّا تَكُونَ خِدْمَتُهُ خِدْمَةَ الجَبّارِينَ الَّذِينَ يَسْتَعْبِدُونَ الأحْرارَ بِالقَهْرِ، فَيَكُونُ انْقِيادُهم لِوَجْهِ اللَّهِ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَرۡفَعُوۤا۟ أَصۡوَ ٰتَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِیِّ وَلَا تَجۡهَرُوا۟ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَـٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق