الباحث القرآني
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إذا أثْخَنْتُمُوهُمْ﴾ وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: الفاءُ في قَوْلِهِ: ﴿فَإذا لَقِيتُمُ﴾ يَسْتَدْعِي مُتَعَلِّقًا يَتَعَلَّقُ بِهِ ويَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، فَما وجْهُ التَّعَلُّقِ بِما قَبْلَهُ؟ نَقُولُ: هو مِن وُجُوهٍ:
الأوَّلُ: لَمّا بَيَّنَ أنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أضَلَّ اللَّهُ أعْمالَهم واعْتِبارُ الإنْسانِ بِالعَمَلِ، ومَن لَمْ يَكُنْ لَهُ عَمَلٌ فَهو هَمَجٌ فَإنْ صارَ مَعَ ذَلِكَ يُؤْذِي حَسُنَ إعْدامُهُ: ﴿فَإذا لَقِيتُمُ﴾ بَعْدَ ظُهُورِ أنَّ لا حُرْمَةَ لَهم وبَعْدَ إبْطالِ أعْمالِهِمْ، فاضْرِبُوا أعْناقَهم.
الثّانِي: إذا تَبَيَّنَ تَبايُنُ الفَرِيقَيْنِ وتَباعُدُ الطَّرِيقَيْنِ، وأنَّ أحَدَهُما يَتْبَعُ الباطِلَ وهو حِزْبُ الشَّيْطانِ، والآخَرَ يَتْبَعُ الحَقَّ وهو حِزْبُ الرَّحْمَنِ، حَقَّ القِتالُ عِنْدَ التَّحَزُّبِ، فَإذا لَقِيتُمُوهم فاقْتُلُوهم.
الثّالِثُ: أنَّ مِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ لِضَعْفِ قَلْبِهِ وقُصُورِ نَظَرِهِ: إيلامُ الحَيَوانِ مِنَ الظُّلْمِ والطُّغْيانِ، ولا سِيَّما القَتْلُ الَّذِي هو تَخْرِيبُ بُنْيانٍ، فَيُقالُ رَدًّا عَلَيْهِمْ: لَمّا كانَ اعْتِبارُ الأعْمالِ بِاتِّباعِ الحَقِّ والباطِلِ فَمَن يُقْتَلُ في سَبِيلِ اللَّهِ لِتَعْظِيمِ أمْرِ اللَّهِ لَهم مِنَ الأجْرِ ما لِلْمُصَلِّي والصّائِمِ، فَإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فاقْتُلُوهم ولا تَأْخُذُكم بِهِمْ رَأْفَةٌ فَإنَّ ذَلِكَ اتِّباعٌ لِلْحَقِّ والِاعْتِبارُ بِهِ لا بِصُورَةِ الفِعْلِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: ﴿فَضَرْبَ﴾ مَنصُوبٌ عَلى المَصْدَرِ، أيْ فاضْرِبُوا ضَرْبَ الرِّقابِ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: ما الحِكْمَةُ في اخْتِيارِ ضَرْبِ الرَّقَبَةِ عَلى غَيْرِها مِنَ الأعْضاءِ نَقُولُ فِيهِ: لَمّا بَيَّنَ أنَّ المُؤْمِنَ لَيْسَ يُدافِعُ إنَّما هو دافِعٌ، وذَلِكَ أنَّ مَن يَدْفَعُ الصّائِلَ لا يَنْبَغِي أنْ يَقْصِدَ أوَّلًا مَقْتَلَهُ بَلْ يَتَدَرَّجُ ويَضْرِبُ عَلى غَيْرِ المَقْتَلِ، فَإنِ انْدَفَعَ فَذاكَ ولا يَتَرَقّى إلى دَرَجَةِ الإهْلاكِ، فَقالَ تَعالى لَيْسَ المَقْصُودُ إلّا دَفْعُهم عَنْ وجْهِ الأرْضِ، وتَطْهِيرُ الأرْضِ مِنهم، وكَيْفَ لا والأرْضُ لَكم مَسْجِدٌ، والمُشْرِكُونَ نَجَسٌ، والمَسْجِدُ يُطَهَّرُ مِنَ النَّجاسَةِ، فَإذًا يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ قَصْدُكم أوَّلًا إلى قَتْلِهِمْ بِخِلافِ دَفْعِ الصّائِلِ، والرَّقَبَةُ أظْهَرُ المَقاتِلِ؛ لِأنَّ قَطْعَ الحُلْقُومِ والأوْداجِ مُسْتَلْزِمٌ لِلْمَوْتِ لَكِنْ في الحَرْبِ لا يَتَهَيَّأُ ذَلِكَ، والرَّقَبَةُ ظاهِرَةٌ في الحَرْبِ فَفي ضَرْبِها حَزُّ العُنُقِ وهو مُسْتَلْزِمٌ لِلْمَوْتِ بِخِلافِ سائِرِ المَواضِعِ، ولا سِيَّما في الحَرْبِ، وفي قَوْلِهِ: ﴿لَقِيتُمُ﴾ ما يُنْبِئُ عَنْ مُخالَفَتِهِمُ الصّائِلَ لِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿لَقِيتُمُ﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّ القَصْدَ مِن جانِبِهِمْ بِخِلافِ قَوْلِنا ”لَقِيَكُمْ“، ولِذَلِكَ قالَ في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ: ﴿واقْتُلُوهم حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ [البَقَرَةِ: ١٩١] .
المَسْألَةُ الرّابِعَةُ: قالَ هَهُنا: ﴿فَضَرْبَ الرِّقابِ﴾ بِإظْهارِ المَصْدَرِ وتَرْكِ الفِعْلِ، وقالَ في الأنْفالِ: ﴿فاضْرِبُوا فَوْقَ الأعْناقِ﴾ [الأنْفالِ: ١٢] بِإظْهارِ الفِعْلِ، وتَرْكِ المَصْدَرِ، فَهَلْ فِيهِ فائِدَةٌ؟ نَقُولُ: نَعَمْ ولِنُبَيِّنَها بِتَقْدِيمِ مُقَدِّمَةٍ، وهي أنَّ المَقْصُودَ أوَّلًا في بَعْضِ السُّوَرِ قَدْ يَكُونُ صُدُورُ الفِعْلِ مِن فاعِلٍ ويَتْبَعُهُ المَصْدَرُ ضِمْنًا، إذْ لا يُمْكِنُ أنْ يَفْعَلَ فاعِلٌ إلّا ويَقَعُ مِنهُ المَصْدَرُ في الوُجُودِ، وقَدْ يَكُونُ المَقْصُودُ أوَّلًا المَصْدَرَ ولَكِنَّهُ لا يُوجَدُ إلّا مِن فاعِلٍ فَيُطْلَبُ مِنهُ أنْ يَفْعَلَ، مِثالُهُ مَن قالَ: إنِّي حَلَفْتُ أنْ أخْرُجَ مِنَ المَدِينَةِ. فَيُقالُ لَهُ: فاخْرُجْ، صارَ المَقْصُودُ مِنهُ صُدُورُ الفِعْلِ مِنهُ، والخُرُوجُ في نَفْسِهِ غَيْرُ مَقْصُودِ الِانْتِفاءِ، ولَوْ أمْكَنَ أنْ يَخْرُجَ مِن غَيْرِ تَحَقُّقِ الخُرُوجِ مِنهُ لَما كانَ (p-٣٩)عَلَيْهِ إلّا أنْ يَخْرُجَ لَكِنْ مِن ضَرُوراتِ الخُرُوجِ أنْ يَخْرُجَ، فَإذا قالَ قائِلٌ: ضاقَ بِي المَكانُ بِسَبَبِ الأعْداءِ فَيُقالُ لَهُ مَثَلًا: الخُرُوجُ يَعْنِي الخُرُوجَ فاخْرُجْ فَإنَّ الخُرُوجَ هو المَطْلُوبُ حَتّى لَوْ أمْكَنَ الخُرُوجُ مِن غَيْرِ فاعِلٍ لَحَصَلَ الغَرَضُ لَكِنَّهُ مُحالٌ فَيَتْبَعُهُ الفِعْلُ، إذا عَرَفْتَ هَذا فَنَقُولُ في الأنْفالِ الحِكايَةُ عَنِ الحَرْبِ الكائِنَةِ وهم كانُوا فِيها والمَلائِكَةُ أُنْزِلُوا لِنُصْرَةِ مَن حَضَرَ في صَفِّ القِتالِ فَصُدُورُ الفِعْلِ مِنهُ مَطْلُوبٌ، وهَهُنا الأمْرُ وارِدٌ ولَيْسَ في وقْتِ القِتالِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَإذا لَقِيتُمُ﴾ والمَقْصُودُ بَيانُ كَوْنِ المَصْدَرِ مَطْلُوبًا لِتَقَدُّمِ المَأْمُورِ عَلى الفِعْلِ قالَ: ﴿فَضَرْبَ الرِّقابِ﴾ وفِيما ذَكَرْنا تَبْيِينُ فائِدَةٍ أُخْرى وهي أنَّ اللَّهَ تَعالى قالَ هُناكَ: ﴿واضْرِبُوا مِنهم كُلَّ بَنانٍ﴾ [الأنْفالِ: ١٢] وذَلِكَ لِأنَّ الوَقْتَ وقْتُ القِتالِ فَأرْشَدَهم إلى المَقْتَلِ وغَيْرِهِ إنْ لَمْ يُصِيبُوا المَقْتَلَ، وهَهُنا لَيْسَ وقْتُ القِتالِ فَبَيَّنَ أنَّ المَقْصُودَ القَتْلُ وغَرَضُ المُسْلِمِ ذَلِكَ.
المَسْألَةُ الخامِسَةُ: (حَتّى) لِبَيانِ غايَةِ الأمْرِ لا لِبَيانِ غايَةِ القَتْلِ أيْ: ﴿حَتّى إذا أثْخَنْتُمُوهُمْ﴾ لا يَبْقى الأمْرُ بِالقَتْلِ، ويَبْقى الجَوازُ ولَوْ كانَ لِبَيانِ القَتْلِ لَما جازَ القَتْلُ، والقَتْلُ جائِزٌ إذا التَحَقَ المُثْخِنُ بِالشَّيْخِ الهَرِمِ، والمُرادُ كَما إذا قُطِعَتْ يَداهُ ورِجْلاهُ فَنَهى عَنْ قَتْلِهِ.
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَشُدُّوا الوَثاقَ﴾ أمْرُ إرْشادٍ.
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَإمّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِداءً﴾ وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: ”إمّا“ وإنَّما لِلْحَصْرِ وحالُهم بَعْدَ الأسْرِ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ في الأمْرَيْنِ، بَلْ يَجُوزُ القَتْلُ والِاسْتِرْقاقُ والمَنُّ والفِداءُ، نَقُولُ: هَذا إرْشادٌ فَذَكَرَ الأمْرَ العامَّ الجائِزَ في سائِرِ الأجْناسِ، والِاسْتِرْقاقُ غَيْرُ جائِزٍ في أسْرِ العَرَبِ، فَإنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ مَعَهم فَلَمْ يَذْكُرِ الِاسْتِرْقاقَ، وأمّا القَتْلُ فَلِأنَّ الظّاهِرَ في المُثْخِنِ الإزْمانُ؛ ولِأنَّ القَتْلَ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَضَرْبَ الرِّقابِ﴾ فَلَمْ يَبْقَ إلّا الأمْرانِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: مَنًّا وفِداءً مَنصُوبانِ لِكَوْنِهِما مَصْدَرَيْنِ تَقْدِيرُهُ: فَإمّا تَمُنُّونَ مَنًّا وإمّا تُفْدُونَ فِداءً وتَقْدِيمُ المَنِّ عَلى الفِداءِ إشارَةٌ إلى تَرْجِيحِ حُرْمَةِ النَّفْسِ عَلى طَلَبِ المالِ، والفِداءُ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مالًا وأنْ يَكُونَ غَيْرُهُ مِنَ الأسْرى أوْ شَرْطًا يُشْرَطُ عَلَيْهِمْ أوْ عَلَيْهِ وحْدَهُ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: إذا قَدَّرْنا الفِعْلَ وهو تَمُنُّونَ أوْ تُفْدُونَ عَلى تَقْدِيرِ المَفْعُولِ، حَتّى نَقُولَ إمّا تَمُنُّونَ عَلَيْهِمْ مَنًّا أوْ تُفْدُونَهم فِداءً، نَقُولُ: لا؛ لِأنَّ المَقْصُودَ المَنُّ والفِداءُ لا عَلَيْهِمْ وبِهِمْ كَما يَقُولُ القائِلُ: فُلانٌ يُعْطِي ويَمْنَعُ ولا يُقالُ: يُعْطِي زَيْدًا ويَمْنَعُ عُمَرَ لِأنَّ غَرَضَهُ ذِكْرُ كَوْنِهِ فاعِلًا لا بَيانُ المَفْعُولِ، وكَذَلِكَ هَهُنا المَقْصُودُ إرْشادُ المُؤْمِنِينَ إلى الفَضْلِ.
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿حَتّى تَضَعَ الحَرْبُ أوْزارَها﴾ .
وفِي تَعَلُّقِ (حَتّى) وجْهانِ:
أحَدُهُما: تَعَلُّقُها بِالقَتْلِ أيِ اقْتُلُوهم حَتّى تَضَعَ.
وثانِيهِما: بِالمَنِّ والفِداءِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يُقالَ: مُتَعَلِّقَةٌ بِـ ﴿شُّدُوا الوَثاقَ﴾، وتَعَلُّقُها بِالقَتْلِ أظْهَرُ وإنْ كانَ ذِكْرُهُ أبْعَدَ، وفي الأوْزارِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: السَّلامُ.
والثّانِي: الآثامُ وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: إنْ كانَ المُرادُ الإثْمَ، فَكَيْفَ تَضَعُ الحَرْبُ الإثْمَ، والإثْمُ عَلى المُحارِبِ؟ وكَذَلِكَ السُّؤالُ في السِّلاحِ لَكِنَّهُ عَلى الأوَّلِ أشَدُّ تَوَجُّهًا، فَيَقُولُ: تَضَعُ الحَرْبُ الأوْزارَ لا مِن نَفْسِها، بَلْ تَضَعُ الأوْزارَ (p-٤٠)الَّتِي عَلى المُحارِبِينَ والسِّلاحَ الَّذِي عَلَيْهِمْ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: هَلْ هَذا كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿واسْألِ القَرْيَةَ﴾ [يُوسُفَ: ٨٢] حَتّى يَكُونَ كَأنَّهُ قالَ: حَتّى تَضَعَ أُمَّةُ الحَرْبِ أوْ فِرْقَةُ الحَرْبِ أوْزارَها؟ نَقُولُ: ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ في النَّظَرِ الأوَّلِ، لَكِنْ إذا أمْعَنْتَ في المَعْنى تَجِدُ بَيْنَهُما فَرْقًا، وذَلِكَ لِأنَّ المَقْصُودَ مِن قَوْلِهِ: ﴿حَتّى تَضَعَ الحَرْبُ أوْزارَها﴾ الحَرْبُ بِالكُلِّيَّةِ بِحَيْثُ لا يَبْقى في الدُّنْيا حِزْبٌ مِن أحْزابِ الكُفْرِ يُحارِبُ حِزْبًا مِن أحْزابِ الإسْلامِ ولَوْ قُلْنا حَتّى تَضَعَ أُمَّةُ الحَرْبِ جازَ أنْ يَضَعُوا الأسْلِحَةَ ويَتْرُكُوا الحَرْبَ وهي باقِيَةٌ بِمادَّتِها، كَما تَقُولُ: خُصُومَتِي ما انْفَصَلَتْ ولَكِنِّي تَرَكْتُها في هَذِهِ الأيّامِ، وإذا أسْنَدْنا الوَضْعَ إلى الحَرْبِ يَكُونُ مَعْناهُ إنَّ الحَرْبَ لَمْ يَبْقَ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: لَوْ قالَ: حَتّى لا يَبْقى حَرْبٌ أوْ يَنْفِرَ مِنَ الحَرْبِ هَلْ يَحْصُلُ مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿حَتّى تَضَعَ الحَرْبُ أوْزارَها﴾ نَقُولُ: لا، والتَّفاوُتُ بَيْنَ العِبارَتَيْنِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ النَّظْمِ، بَلِ النَّظَرُ إلى نَفْسِ المَعْنى كالتَّفاوُتِ بَيْنَ قَوْلِكَ: انْقَرَضَتْ دَوْلَةُ بَنِي أُمَيَّةَ، وقَوْلِكَ: لَمْ يَبْقَ مِن دَوْلَتِهِمْ أثَرٌ، ولا شَكَّ أنَّ الثّانِيَ أبْلَغُ، فَكَذَلِكَ هَهُنا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوْزارَها﴾ مَعْناهُ آثارَها فَإنَّ مِن أوْزارِ الحَرْبِ آثارَها.
المَسْألَةُ الرّابِعَةُ: وقْتُ وضْعِ أوْزارِ الحَرْبِ مَتى هُوَ؟ نَقُولُ: فِيهِ أقْوالٌ حاصِلُها راجِعٌ إلى أنَّ ذَلِكَ الوَقْتَ هو الوَقْتُ الَّذِي لا يَبْقى فِيهِ حِزْبٌ مِن أحْزابِ الإسْلامِ وحِزْبٌ مِن أحْزابِ الكُفْرِ، وقِيلَ ذَلِكَ عِنْدَ قِتالِ الدَّجّالِ ونُزُولِ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ.
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿ذَلِكَ ولَوْ يَشاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنهُمْ﴾ .
فِي مَعْنى ذَلِكَ وجْهانِ:
أحَدُهُما: الأمْرُ ذَلِكَ والمُبْتَدَأُ مَحْذُوفٌ، ويُحْتَمَلُ أنْ يُقالَ: ذَلِكَ واجِبٌ أوْ مُقَدَّمٌ، كَما يَقُولُ القائِلُ: إنْ فَعَلْتَ فَذاكَ، أيْ فَذاكَ مَقْصُودٌ ومَطْلُوبٌ، ثُمَّ بَيَّنَ أنَّ قِتالَهم لَيْسَ طَرِيقًا مُتَعَيِّنًا بَلِ اللَّهُ لَوْ أرادَ أهْلَكَهم مِن غَيْرِ جُنْدٍ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكم بِبَعْضٍ﴾ .
أيْ ولَكِنْ لِيُكَلِّفَكم فَيَحْصُلُ لَكم شَرَفٌ بِاخْتِيارِهِ إيّاكم لِهَذا الأمْرِ. فَإنْ قِيلَ: ما التَّحْقِيقُ في قَوْلِنا: التَّكْلِيفُ ابْتِلاءٌ وامْتِحانٌ واللَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وأخْفى ؟ وماذا يُفْهَمُ مِن قَوْلِهِ: ﴿ولَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكم بِبَعْضٍ﴾ ؟ نَقُولُ فِيهِ وُجُوهٌ:
الأوَّلُ: أنَّ المُرادَ مِنهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِعْلَ المُبْتَلِينَ أيْ كَما يَفْعَلُ المُبْتَلى المُخْتَبَرُ، ومِنها أنَّ اللَّهَ تَعالى يَبْلُو لِيَظْهَرَ الأمْرُ لِغَيْرِهِ إمّا لِلْمَلائِكَةِ وإمّا لِلنّاسِ، والتَّحْقِيقُ هو أنَّ الِابْتِلاءَ والِامْتِحانَ والِاخْتِبارَ فِعْلٌ يَظْهَرُ بِسَبَبِهِ أمْرٌ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ عِنْدَ العُقَلاءِ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ قَصْدًا إلى ظُهُورِهِ، وقَوْلُنا فِعْلٌ يَظْهَرُ بِسَبَبِهِ أمْرٌ ظاهِرُ الدُّخُولِ في مَفْهُومِ الِابْتِداءِ؛ لِأنَّ ما لا يَظْهَرُ بِسَبَبِهِ شَيْءٌ أصْلًا لا يُسَمّى ابْتِلاءً، أمّا قَوْلُنا أمْرٌ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ عِنْدَ العُقَلاءِ، وذَلِكَ لِأنَّ مَن يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ عَلى القِثّاءِ والخِيارِ لا يُقالُ إنَّهُ يَمْتَحِنُ؛ لِأنَّ الأمْرَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنهُ مُتَعَيِّنٌ وهو القَطْعُ والقَدُّ بِقِسْمَيْنِ، فَإذا ضَرَبَ بِسَيْفِهِ سَبُعًا يُقالُ: يُمْتَحَنُ بِسَيْفِهِ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ وقَدْ يَقُدُّهُ وقَدْ لا يَقُدُّهُ، وأمّا قَوْلُنا: لِيَظْهَرَ مِنهُ ذَلِكَ، فَلِأنَّ مَن يَضْرِبُ سَبُعًا بِسَيْفِهِ لِيَدْفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ لا يُقالُ إنَّهُ مُمْتَحَنٌ لِأنَّ ضَرْبَهُ لَيْسَ لِظُهُورِ أمْرٍ مُتَعَيِّنٍ، إذا عُلِمَ هَذا فَنَقُولُ: اللَّهُ تَعالى إذا أمَرَنا بِفِعْلٍ يَظْهَرُ بِسَبَبِهِ أمْرٌ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ- وهو إمّا الطّاعَةُ أوِ المَعْصِيَةُ في العُقُولِ - لِيُظْهِرَ ذَلِكَ يَكُونُ مُمْتَحِنًا وإنْ كانَ عالِمًا بِهِ؛ لَكَوْنِ عَدَمِ العِلْمِ مُقارَنًا فِينا لِابْتِلائِنا فَإذا ابْتُلِينا وعَدَمُ العِلْمِ فِينا مُسْتَمِرٌّ أُمِرْنا ولَيْسَ مِن ضَرُوراتِ الِابْتِلاءِ، فَإنْ قِيلَ: الِابْتِلاءُ فائِدَتُهُ حُصُولُ العِلْمِ عِنْدَ المُبْتَلِي، فَإذا كانَ اللَّهُ تَعالى عالِمًا فَأيَّةُ فائِدَةٍ (p-٤١)فِيهِ ؟ نَقُولُ: لَيْسَ هَذا سُؤالٌ يَخْتَصُّ بِالِابْتِلاءِ، فَإنَّ قَوْلَ القائِلِ: لِمَ ابْتَلى ؟ كَقَوْلِ القائِلِ لِمَ عاقَبَ الكافِرَ وهو مُسْتَغْنٍ ؟ ولِمَ خَلَقَ النّارَ مُحْرِقَةً وهو قادِرٌ عَلى أنْ يَخْلُقَها بِحَيْثُ تَنْفَعُ ولا تَضُرُّ ؟ وجَوابُهُ: لا يُسْألُ عَمّا يَفْعَلُ، ونَقُولُ حِينَئِذٍ ما قالَهُ المُتَقَدِّمُونَ: إنَّهُ لِظُهُورِ الأمْرِ المُتَعَيِّنِ لَإلَهٌ، وبَعْدَ هَذا فَنَقُولُ: المُبْتَلِي لا حاجَةَ لَهُ إلى الأمْرِ الَّذِي يَظْهَرُ مِنَ الِابْتِلاءِ، فَإنَّ المُمْتَحِنَ لِلسَّيْفِ فِيما ذَكَرْنا مِنَ الصُّورَةِ لا حاجَةَ لَهُ إلى قَطْعِ ما يُجَرِّبُ السَّيْفَ فِيهِ حَتّى أنَّهُ لَوْ كانَ مُحْتاجًا - كَما ضَرَبْنا مِن مِثالِ دَفْعِ السَّبُعِ بِالسَّيْفِ - لا يُقالُ إنَّهُ يَمْتَحِنُ وقَوْلُهُ: ﴿لِيَبْلُوَ بَعْضَكم بِبَعْضٍ﴾ إشارَةٌ إلى عَدَمِ الحاجَةِ تَقْرِيرًا لِقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ ولَوْ يَشاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنهُمْ﴾ .
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿والَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أعْمالَهُمْ﴾ .
قُرِئَ قَتَلُوا وقاتَلُوا والكُلُّ مُناسِبٌ لِما تَقَدَّمَ، أمّا مَن قَرَأ: قَتَلُوا فَلِأنَّهُ لَمّا قالَ: ﴿فَضَرْبَ الرِّقابِ﴾ ومَعْناهُ فاقْتُلُوهم، بَيَّنَ ما لِلْقاتِلِ بِقَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أعْمالَهُمْ﴾ رَدًّا عَلى مَن زَعَمَ أنَّ القَتْلَ فَسادٌ مُحَرَّمٌ إذْ هو إفْناءُ مَن هو مُكَرَّمٌ، فَقالَ: عَمَلُهم لَيْسَ كَحَسَنَةِ الكافِرِ يَبْطُلُ بَلْ هو فَوْقَ حَسَناتِ الكافِرِ أضَلَّ اللَّهُ أعْمالَ الكُفّارِ، ولَنْ يُضِلَّ القاتِلِينَ، فَكَيْفَ يَكُونُ القَتْلُ سَيِّئَةً، وأمّا مَن قَرَأ ”قاتَلُوا“ فَهو أكْثَرُ فائِدَةً وأعَمُّ تَناوُلًا؛ لِأنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَن سَعى في القَتْلِ سَواءٌ قُتِلَ أوْ لَمْ يُقْتَلْ، وأمّا مَن قَرَأ:”والَّذِينَ قُتِلُوا“ عَلى البِناءِ لِلْمَفْعُولِ فَنَقُولُ: هي مُناسِبَةٌ لِما تَقَدَّمَ مِن وُجُوهٍ:
أحَدُها: هو أنَّهُ تَعالى لَمّا قالَ: ﴿فَضَرْبَ الرِّقابِ﴾ أيِ اقْتُلُوا، والقَتْلُ لا يَتَأتّى إلّا بِالإقْدامِ، وخَوْفُ أنْ يُقْتَلَ المُقْدِمُ يَمْنَعُهُ مِنَ الإقْدامِ، فَقالَ: لا تَخافُوا القَتْلَ فَإنَّ مَن يُقْتَلُ في سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ مِنَ الأجْرِ والثَّوابِ ما لا يَمْنَعُ المُقاتِلَ مِنَ القِتالِ بَلْ يَحُثُّهُ عَلَيْهِ.
وثانِيها: هو أنَّهُ تَعالى لَمّا قالَ: ﴿لِيَبْلُوَ بَعْضَكم بِبَعْضٍ﴾ والمُبْتَلى بِالشَّيْءِ بِهِ عَلى كُلِّ وجْهٍ مِن وُجُوهِ الأثَرِ الظّاهِرِ بِالِابْتِلاءِ حالٌ مِنَ الأحْوالِ، فَإنَّ السَّيْفَ المُمْتَحَنَ تَزِيدُ قِيمُتُهُ عَلى تَقْدِيرِ أنْ يَقْطَعَ وتَنْقُصُ عَلى تَقْدِيرِ أنْ لا يَقْطَعَ، فَحالُ المُبْتَلِينَ ماذا ؟ فَقالَ: إنْ قُتِلَ فَلَهُ أنْ لا يُضِلَّ عَمَلَهُ ويُهْدى ويُكْرَمَ ويُدْخَلَ الجَنَّةَ، وأمّا إنْ قَتَلَ فَلا يَخْفى. . . . . . عاجِلًا وآجِلًا، وتَرَكَ بَيانَهُ عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ قاتِلًا لِظُهُورِهِ، وبَيَّنَ حالَهُ عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَقْتُولًا.
وثالِثُها: هو أنَّهُ تَعالى لَمّا قالَ: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾ [المائِدَةِ: ٤٨] ولا يُبْتَلى الشَّيْءُ النَّفِيسُ بِما يُخافُ مِنهُ هَلاكُهُ، فَإنَّ السَّيْفَ المُهَنَّدَ العَضْبَ الكَبِيرَ القِيمَةِ لا يُجَرَّبُ بِالشَّيْءِ الصُّلْبِ الَّذِي يُخافُ عَلَيْهِ مِنَ الِانْكِسارِ، ولَكِنَّ الآدَمِيَّ مُكَرَّمٌ، كَرَّمَهُ اللَّهُ وشَرَّفَهُ وعَظَّمَهُ، فَلِماذا ابْتَلاهُ بِالقِتالِ وهو يُفْضِي إلى القَتْلِ والهَلاكِ إفْضاءً غَيْرَ نادِرٍ، فَكَيْفَ يَحْسُنُ هَذا الِابْتِلاءُ ؟ فَنَقُولُ: القَتْلُ لَيْسَ بِإهْلاكٍ بِالنِّسْبَةِ إلى المُؤْمِنِ فَإنَّهُ يُورِثُ الحَياةَ الأبَدِيَّةَ فَإذا ابْتَلاهُ بِالقِتالِ فَهو عَلى تَقْدِيرِ: أنْ يُقْتَلَ مُكْرَمٌ، وعَلى تَقْدِيرِ: أنْ لا يُقْتَلَ مُكْرَمٌ هَذا إنْ قاتَلَ، وإنْ لَمْ يُقاتِلْ، فالمَوْتُ لا بُدَّ مِنهُ وقَدْ فَوَّتَ عَلى نَفْسِهِ الأجْرَ الكَبِيرَ.
* * *
وأمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلَنْ يُضِلَّ أعْمالَهُمْ﴾ قَدْ عُلِمَ مَعْنى الإضْلالِ، بَقِيَ الفَرْقُ بَيْنَ العِبارَتَيْنِ في حَقِّ الكافِرِ والضّالِّ قالَ: ”أضَلَّ“ وقالَ في حَقِّ المُؤْمِنِ الدّاعِي: (لَنْ يُضِلَّ)؛ لِأنَّ المُقاتِلَ داعٍ إلى الإيمانِ لِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿حَتّى تَضَعَ الحَرْبُ أوْزارَها﴾ قَدْ ذُكِرَ أنَّ مَعْناهُ حَتّى لَمْ يَبْقَ إثْمٌ بِسَبَبِ حَرْبٍ، وذَلِكَ حَيْثُ يُسْلِمُ الكافِرُ، فالمُقاتِلُ يَقُولُ: إمّا أنْ تُسْلِمَ وإمّا أنْ تُقْتَلَ، فَهو داعٍ والكافِرُ صادٌّ وبَيْنَهُما تَبايُنٌ وتَضادٌّ، فَقالَ في حَقِّ الكافِرِ: أضَلَّ بِصِيغَةِ الماضِي، ولَمْ يَقُلْ: يُضِلُّ إشارَةٌ إلى أنَّ عَمَلَهُ حَيْثُ وُجِدَ عُدِمَ وكَأنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِن أصْلِهِ، وقالَ في حَقِّ المُؤْمِنِ: فَلَنْ يُضِلَّ، ولَمْ يَقُلْ: ما أضَلَّ إشارَةٌ إلى أنَّ عَمَلَهُ كُلَّما ثَبَتَ عَلَيْهِ أُثْبِتَ لَهُ، فَلَنْ يُضِلَّ لِلتَّأْبِيدِ وبَيْنَهُما غايَةُ الخِلافِ، كَما أنَّ بَيْنَ الدّاعِي والصّادِّ غايَةَ التَّبايُنِ والتَّضادِّ، فَإنْ قِيلَ: ما مَعْنى الفاءِ في قَوْلِهِ: ﴿فَلَنْ يُضِلَّ﴾ ؟ (p-٤٢)جَوابُهُ لِأنَّ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿والَّذِينَ قُتِلُوا﴾ مَعْنى الشَّرْطِ.
{"ayah":"فَإِذَا لَقِیتُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّوا۟ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَاۤءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَ ٰلِكَۖ وَلَوۡ یَشَاۤءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَـٰكِن لِّیَبۡلُوَا۟ بَعۡضَكُم بِبَعۡضࣲۗ وَٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَلَن یُضِلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











