الباحث القرآني

ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿ولَنَبْلُوَنَّكم حَتّى نَعْلَمَ المُجاهِدِينَ مِنكم والصّابِرِينَ ونَبْلُوَ أخْبارَكُمْ﴾ . أيْ لَنَأْمُرَنَّكم بِما لا يَكُونُ مُتَعَيِّنًا لِلْوُقُوعِ، بَلْ بِما يَحْتَمِلُ الوُقُوعَ ويَحْتَمِلُ عَدَمَ الوُقُوعِ كَما يَفْعَلُ المُخْتَبِرُ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿حَتّى نَعْلَمَ المُجاهِدِينَ﴾ أيْ نَعْلَمُ المُجاهِدِينَ مِن غَيْرِ المُجاهِدِينَ ويَدْخُلُ في عِلْمِ الشَّهادَةِ فَإنَّهُ تَعالى قَدْ عَلَّمَهُ عِلْمَ الغَيْبِ وقَدْ ذَكَرْنا ما هو التَّحْقِيقُ في الِابْتِلاءِ، وفي قَوْلِهِ: ﴿حَتّى نَعْلَمَ﴾ وقَوْلُهُ: (p-٦٢): ﴿المُجاهِدِينَ﴾ أيِ المُقْدِمِينَ عَلى الجِهادِ: ﴿والصّابِرِينَ﴾ أيِ الثّابِتِينَ الَّذِينَ لا يُوَلُّونَ الأدْبارَ وقَوْلُهُ: ﴿ونَبْلُوَ أخْبارَكُمْ﴾ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا: أحُدُها: قَوْلُهُ ”آمَنّا“ لِأنَّ المُنافِقَ وُجِدَ مِنهُ هَذا الخَبَرُ والمُؤْمِنَ وُجِدَ مِنهُ ذَلِكَ أيْضًا، وبِالجِهادِ يُعْلَمُ الصّادِقُ مِنَ الكاذِبِ، كَما قالَ تَعالى: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الصّادِقُونَ﴾، [الحُجُراتِ: ١٥] . وثانِيها: إخْبارُهم مِن عَدَمِ التَّوْلِيَةِ في قَوْلِهِ: ﴿ولَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأدْبارَ﴾ [الأحْزابِ: ١٥] والمُنافِقُ كانَ كالهَباءِ يَنْزَعِجُ بِأدْنى صَيْحَةٍ. وثالِثُها: المُؤْمِنُ كانَ لَهُ أخْبارٌ صادِقَةٌ مَسْمُوعَةٌ مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرامَ﴾ [الفَتْحِ: ٢٧]: ﴿لَأغْلِبَنَّ أنا ورُسُلِي﴾ [المُجادَلَةِ: ٢١]، و﴿وإنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الغالِبُونَ﴾ [الصّافّاتِ: ١٧٣] ولِلْمُنافِقِ أخْبارٌ أراجِيفُ كَما قالَ تَعالى في حَقِّهِمْ: ﴿والمُرْجِفُونَ في المَدِينَةِ﴾ [الأحْزابِ: ٦٠] فَعِنْدَ تَحَقُّقِ الإيجافِ، يَتَبَيَّنُ الصِّدْقُ مِنَ الإرْجافِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب