الباحث القرآني

(p-٣)سُورَةُ الأحْقافِ وهِيَ ثَلاثُونَ وخَمْسُ آياتٍ مَكِّيَّةٍ وقِيلَ: أرْبَعٌ وثَلاثُونَ آيَةً ﷽ ﴿حم﴾ ﴿تَنْزِيلُ الكِتابِ مِنَ اللَّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ﴾ ﴿ما خَلَقْنا السَّمَواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما إلّا بِالحَقِّ وأجَلٍ مُسَمًّى والَّذِينَ كَفَرُوا عَمّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ﴾ ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ أمْ لَهم شِرْكٌ في السَّمَواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِن قَبْلِ هَذا أوْ أثارَةٍ مِن عِلْمٍ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ ﷽ ﴿حم﴾ ﴿تَنْزِيلُ الكِتابِ مِنَ اللَّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ﴾ ﴿ما خَلَقْنا السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما إلّا بِالحَقِّ وأجَلٍ مُسَمًّى والَّذِينَ كَفَرُوا عَمّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ﴾ ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ أمْ لَهم شِرْكٌ في السَّماواتِ اِئْتُونِي بِكِتابٍ مِن قَبْلِ هَذا أوْ أثارَةٍ مِن عِلْمٍ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ . اعْلَمْ أنَّ نَظْمَ أوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ كَنَظْمِ أوَّلِ سُورَةِ الجاثِيَةِ، وقَدْ ذَكَرْنا ما فِيهِ. * * * وأمّا قَوْلُهُ: ﴿ما خَلَقْنا السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما إلّا بِالحَقِّ﴾ فَهَذا يَدُلُّ عَلى إثْباتِ الإلَهِ بِهَذا العالَمِ، ويَدُلُّ عَلى أنَّ ذَلِكَ الإلَهَ يَجِبُ أنْ يَكُونَ عادِلًا رَحِيمًا بِعِبادِهِ، ناظِرًا لَهم مُحْسِنًا إلَيْهِمْ، ويَدُلُّ عَلى أنَّ القِيامَةَ حَقٌّ. أمّا المَطْلُوبُ الأوَّلُ: وهو إثْباتُ الإلَهِ بِهَذا العالَمِ، وذَلِكَ لِأنَّ الخَلْقَ عِبارَةٌ عَنِ التَّقْدِيرِ، وآثارُ التَّقْدِيرِ ظاهِرَةٌ في السَّماواتِ والأرْضِ مِنَ الوُجُوهِ العَشَرَةِ المَذْكُورَةِ في سُورَةِ الأنْعامِ، وقَدْ بَيَّنّا أنَّ تِلْكَ الوُجُوهَ تَدُلُّ عَلى وُجُودِ الإلَهِ القادِرِ المُخْتارِ. (p-٤)وأمّا المَطْلُوبُ الثّانِي: وهو إثْباتُ أنَّ إلَهَ العالَمِ عادِلٌ رَحِيمٌ فَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إلّا بِالحَقِّ﴾ لِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿إلّا بِالحَقِّ﴾ مَعْناهُ إلّا لِأجْلِ الفَضْلِ والرَّحْمَةِ والإحْسانِ، وأنَّ الإلَهَ يَجِبُ أنْ يَكُونَ فَضْلُهُ زائِدًا وأنْ يَكُونَ إحْسانُهُ راجِحًا، وأنْ يَكُونَ وُصُولُ المَنافِعِ مِنهُ إلى المُحْتاجِينَ أكْثَرَ مِن وُصُولِ المَضارِّ إلَيْهِمْ، قالَ الجُبّائِيُّ: هَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ كُلَّ ما بَيْنَ السَّماواتِ والأرْضِ مِنَ القَبائِحِ فَهو لَيْسَ مِن خَلْقِهِ بَلْ هو مِن أفْعالِ عِبادِهِ، وإلّا لَزِمَ أنْ يَكُونَ خالِقًا لِكُلِّ باطِلٍ، وذَلِكَ يُنافِي قَوْلَهُ: ﴿ما خَلَقْناهُما إلّا بِالحَقِّ﴾ [الدخان: ٣٩]، أجابَ أصْحابُنا وقالُوا: خَلْقُ الباطِلِ غَيْرٌ، والخَلْقُ بِالباطِلِ غَيْرٌ، فَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّهُ هو الَّذِي خَلَقَ الباطِلَ إلّا أنَّهُ خَلَقَ ذَلِكَ الباطِلَ بِالحَقِّ لِأنَّ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى في مُلْكِ نَفْسِهِ، وتَصَرُّفُ المالِكِ في مُلْكِ نَفْسِهِ يَكُونُ بِالحَقِّ لا بِالباطِلِ. قالُوا: والَّذِي يُقَرِّرُ ما ذَكَرْناهُ أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿ما خَلَقْنا السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما﴾ يَدُلُّ عَلى كَوْنِهِ تَعالى خالِقًا لِكُلِّ أعْمالِ العِبادِ، لِأنَّ أعْمالَ العِبادِ مِن جُمْلَةِ ما بَيْنَ السَّماواتِ والأرْضِ؛ فَوَجَبَ كَوْنُها مَخْلُوقَةً لِلَّهِ تَعالى، ووُقُوعُ التَّعارُضِ في الآيَةِ الواحِدَةِ مُحالٌ، فَلَمْ يَبْقَ إلّا أنْ يَكُونَ المُرادُ ما ذَكَرْناهُ، فَإنْ قالُوا: أفْعالُ العِبادِ أعْراضٌ، والأعْراضُ لا تُوصَفُ بِأنَّها حاصِلَةٌ بَيْنَ السَّماواتِ والأرْضِ، فَنَقُولُ: فَعَلى هَذا التَّقْدِيرِ سَقَطَ ما ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ الِاسْتِدْلالِ، واللَّهُ أعْلَمُ. وأمّا المَطْلُوبُ الثّالِثُ: فَهو دَلالَةُ الآيَةِ عَلى صِحَّةِ القَوْلِ بِالبَعْثِ والقِيامَةِ، وتَقْرِيرُهُ أنَّهُ لَوْ لَمْ تُوجَدِ القِيامَةُ لَتَعَطَّلَ اسْتِيفاءُ حُقُوقِ المَظْلُومِينَ مِنَ الظّالِمِينَ، ولَتَعَطَّلَ تَوْفِيَةُ الثَّوابِ عَلى المُطِيعِينَ وتَوْفِيَةُ العِقابِ عَلى الكافِرِينَ، وذَلِكَ يَمْنَعُ مِنَ القَوْلِ بِأنَّهُ تَعالى خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما لا بِالحَقِّ. * * * وأمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأجَلٍ مُسَمًّى﴾، فالمُرادُ أنَّهُ ما خَلَقَ هَذِهِ الأشْياءَ ﴿إلّا بِالحَقِّ﴾ وإلّا (لِأجَلٍ مُسَمًّى)، وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ إلَهَ العالَمِ ما خَلَقَ هَذا العالَمَ لِيَبْقى مُخَلَّدًا سَرْمَدًا، بَلْ إنَّما خَلَقَهُ لِيَكُونَ دارًا لِلْعَمَلِ، ثُمَّ إنَّهُ سُبْحانَهُ يُفْنِيهِ ثُمَّ يُعِيدُهُ، فَيَقَعُ الجَزاءُ في الدّارِ الآخِرَةِ، فَعَلى هَذا الأجَلِ المُسَمّى هو الوَقْتُ الَّذِي عَيَّنَهُ اللَّهُ تَعالى لِإفْناءِ الدُّنْيا. * * * ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿والَّذِينَ كَفَرُوا عَمّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ﴾ والمُرادُ: أنَّ مَعَ نَصْبِ اللَّهِ تَعالى هَذِهِ الدَّلائِلَ، ومَعَ إرْسالِ الرُّسُلِ وإنْزالِ الكُتُبِ، ومَعَ مُواظَبَةِ الرُّسُلِ عَلى التَّرْغِيبِ والتَّرْهِيبِ والإعْذارِ والإنْذارِ، بَقِيَ هَؤُلاءِ الكُفّارُ مُعْرِضِينَ عَنْ هَذِهِ الدَّلائِلِ غَيْرَ مُلْتَفِتِينَ إلَيْها، وهَذا يَدُلُّ عَلى وُجُوبِ النَّظَرِ والِاسْتِدْلالِ، وعَلى أنَّ الإعْراضَ عَنِ الدَّلِيلِ مَذْمُومٌ في الدِّينِ والدُّنْيا. واعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا قَرَّرَ هَذا الأصْلَ الدّالَّ عَلى إثْباتِ الإلَهِ، وعَلى إثْباتِ كَوْنِهِ عادِلًا رَحِيمًا، وعَلى إثْباتِ البَعْثِ والقِيامَةِ بَنى عَلَيْهِ التَّفارِيعَ. فالفَرْعُ الأوَّلُ: الرَّدُّ عَلى عَبَدَةِ الأصْنامِ فَقالَ: ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ وهي الأصْنامُ، ﴿أرُونِي﴾ أيْ أخْبِرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ ﴿أمْ لَهم شِرْكٌ في السَّماواتِ﴾ والمُرادُ أنَّ هَذِهِ الأصْنامَ هَلْ يُعْقَلُ أنْ يُضافَ إلَيْها خَلْقُ جُزْءٍ مِن أجْزاءِ هَذا العالَمِ ؟ فَإنْ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ، فَهَلْ يَجُوزُ أنْ يُقالَ: إنَّها أعانَتْ إلَهَ العالَمِ في خَلْقِ جُزْءٍ مِن أجْزاءِ هَذا العالَمِ ؟ ولَمّا كانَ صَرِيحُ العَقْلِ حاكِمًا بِأنَّهُ لا يَجُوزُ إسْنادُ خَلْقِ جُزْءٍ مِن أجْزاءِ هَذا (p-٥)العالَمِ إلَيْها، وإنْ كانَ ذَلِكَ الجُزْءُ أقَلَّ الأجْزاءِ، ولا يَجُوزُ أيْضًا إسْنادُ الإعانَةِ إلَيْها في أقَلِّ الأفْعالِ وأذَلِّها، فَحِينَئِذٍ صَحَّ أنَّ الخالِقَ الحَقِيقِيَّ لِهَذا العالَمِ هو اللَّهُ سُبْحانَهُ، وأنَّ المُنْعِمَ الحَقِيقِيَّ بِجَمِيعِ أقْسامِ النِّعَمِ هو اللَّهُ سُبْحانَهُ. والعِبادَةُ عِبارَةٌ عَنِ الإتْيانِ بِأكْمَلِ وُجُوهِ التَّعْظِيمِ، وذَلِكَ لا يَلِيقُ إلّا بِمَن صَدَرَ عَنْهُ أكْمَلُ وُجُوهِ الإنْعامِ، فَلَمّا كانَ الخالِقُ الحَقُّ والمُنْعِمُ الحَقِيقِيُّ هو اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى وجَبَ أنْ لا يَجُوزَ الإتْيانُ بِالعِبادَةِ والعُبُودِيَّةِ إلّا لَهُ ولِأجْلِهِ، بَقِيَ أنْ يُقالَ: إنّا لا نَعْبُدُها لِأنَّها تَسْتَحِقُّ هَذِهِ العِبادَةَ، بَلْ إنَّما نَعْبُدُها لِأجْلِ أنَّ الإلَهَ الخالِقَ المُنْعِمَ أمَرَنا بِعِبادَتِها، فَعِنْدَ هَذا ذَكَرَ اللَّهُ تَعالى ما يَجْرِي مَجْرى الجَوابِ عَنْ هَذا السُّؤالِ، فَقالَ: ﴿اِئْتُونِي بِكِتابٍ مِن قَبْلِ هَذا أوْ أثارَةٍ مِن عِلْمٍ﴾ وتَقْرِيرُ هَذا الجَوابِ أنَّ وُرُودَ هَذا الأمْرِ لا سَبِيلَ إلى مَعْرِفَتِهِ إلّا بِالوَحْيِ والرِّسالَةِ، فَنَقُولُ: هَذا الوَحْيُ الدّالُّ عَلى الأمْرِ بِعِبادَةِ هَذِهِ الأوْثانِ إمّا أنْ يَكُونَ عَلى مُحَمَّدٍ أوْ في سائِرِ الكُتُبِ الإلَهِيَّةِ المُنَزَّلَةِ عَلى سائِرِ الأنْبِياءِ، وإنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ في الكُتُبِ الإلَهِيَّةِ لَكِنَّهُ مِن تَقابُلِ العُلُومِ المَنقُولَةِ عَنْهم، والكُلُّ باطِلٌ، أمّا إثْباتُ ذَلِكَ بِالوَحْيِ إلى مُحَمَّدٍ ﷺ فَهو مَعْلُومُ البُطْلانِ، وأمّا إثْباتُهُ بِسَبَبِ اشْتِمالِ الكُتُبِ الإلَهِيَّةِ المُنَزَّلَةِ عَلى الأنْبِياءِ المُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ فَهو أيْضًا باطِلٌ، لِأنَّهُ عُلِمَ بِالتَّواتُرِ الضَّرُورِيِّ إطْباقُ جَمِيعِ الكُتُبِ الإلَهِيَّةِ عَلى المَنعِ مِن عِبادَةِ الأصْنامِ، وهَذا هو المُرادُ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿اِئْتُونِي بِكِتابٍ مِن قَبْلِ هَذا﴾ . وأمّا إثْباتُ ذَلِكَ بِالعُلُومِ المَنقُولَةِ عَنِ الأنْبِياءِ سِوى ما جاءَ في الكُتُبِ فَهَذا أيْضًا باطِلٌ، لِأنَّ العِلْمَ الضَّرُورِيَّ حاصِلٌ بِأنَّ أحَدًا مِنَ الأنْبِياءِ ما دَعا إلى عِبادَةِ الأصْنامِ، وهَذا هو المُرادُ مِن قَوْلِهِ: ﴿أوْ أثارَةٍ مِن عِلْمٍ﴾، ولَمّا بَطَلَ الكُلُّ ثَبَتَ أنَّ الِاشْتِغالَ بِعِبادَةِ الأصْنامِ عَمَلٌ باطِلٌ وقَوْلٌ فاسِدٌ. وبَقِيَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أوْ أثارَةٍ مِن عِلْمٍ﴾ نَوْعانِ مِنَ البَحْثِ: النَّوْعُ الأوَّلُ: البَحْثُ اللُّغَوِيُّ، قالَ أبُو عُبَيْدَةَ والفَرّاءُ والزَّجّاجُ: ﴿أثارَةٍ مِن عِلْمٍ﴾ أيْ بَقِيَّةٍ، وقالَ المُبَرِّدُ: ﴿أثارَةٍ﴾ ما يُؤْثَرُ مِن عِلْمٍ أيْ بَقِيَّةٍ، وقالَ المُبَرِّدُ: ﴿أثارَةٍ﴾ تُؤْثَرُ ﴿مِن عِلْمٍ﴾ كَقَوْلِكَ: هَذا الحَدِيثُ يُؤْثَرُ عَنْ فُلانٍ، ومِن هَذا المَعْنى سُمِّيَتِ الأخْبارُ بِالآثارِ، يُقالُ: جاءَ في الأثَرِ كَذا وكَذا. قالَ الواحِدِيُّ: وكَلامُ أهْلِ اللُّغَةِ في تَفْسِيرِ هَذا الحَرْفِ يَدُورُ عَلى ثَلاثَةِ أقْوالٍ: الأوَّلُ: البَقِيَّةُ، واشْتِقاقُها مِن أثَرْتُ الشَّيْءَ أُثِيرُهُ إثارَةً، كَأنَّها بَقِيَّةٌ تُسْتَخْرَجُ فَتُثارُ. والثّانِي: مِنَ الأثَرِ الَّذِي هو الرِّوايَةُ. والثّالِثُ: هو الأثَرُ بِمَعْنى العَلامَةِ، قالَ صاحِبُ “ الكَشّافِ “: وقُرِئَ (أثَرَةٍ) أيْ مِن شَيْءٍ أُوثِرْتُمْ بِهِ وخُصِّصْتُمْ مِن عِلْمٍ لا إحاطَةَ بِهِ لِغَيْرِكم. وقُرِئَ: (أثْرَةٍ) بِالحَرَكاتِ الثَّلاثِ مَعَ سُكُونِ الثّاءِ، فالإثْرَةُ بِالكَسْرِ بِمَعْنى الأثَرِ، وأمّا الإثْرُ فالمَرْأةُ، مِن مَصْدَرِ أثَرَ الحَدِيثَ إذا رَواهُ، وأمّا الأُثَرَةُ بِالضَّمِّ فاسْمُ ما يُؤْثَرُ؛ كالخُطْبَةِ اسْمٌ لِما يُخْطَبُ بِهِ. وهَهُنا قَوْلٌ آخَرُ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أوْ أثارَةٍ مِن عِلْمٍ﴾ وهو ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ: ﴿أوْ أثارَةٍ مِن عِلْمٍ﴾ هو عِلْمُ الخَطِّ الَّذِي يُخَطُّ في الرَّمْلِ، والعَرَبُ كانُوا يَخُطُّونَهُ، وهو عِلْمٌ مَشْهُورٌ، وعَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: («كانَ نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِياءِ يَخُطُّ فَمَن وافَقَ خَطُّهُ خَطَّهُ عُلِّمَ عِلْمَهُ» )، وعَلى هَذا الوَجْهِ فَمَعْنى الآيَةِ: ائْتُونِي بِعِلْمٍ مِن قِبَلِ هَذا الخَطِّ الَّذِي تَخُطُّونَهُ في الرَّمْلِ يَدُلُّ عَلى صِحَّةِ مَذْهَبِكم في عِبادَةِ الأصْنامِ، فَإنْ صَحَّ تَفْسِيرُ الآيَةِ بِهَذا الوَجْهِ كانَ ذَلِكَ مِن بابِ التَّهَكُّمِ بِهِمْ وبِأقْوالِهِمْ ودَلائِلِهِمْ، واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب