الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى ﴿اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكم مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ما لَكم مِن مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وما لَكم مِن نَكِيرٍ﴾ ﴿فَإنْ أعْرَضُوا فَما أرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إنْ عَلَيْكَ إلّا البَلاغُ وإنّا إذا أذَقْنا الإنْسانَ مِنّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وإنْ تُصِبْهم سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ فَإنَّ الإنْسانَ كَفُورٌ﴾ ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَن يَشاءُ إناثًا ويَهَبُ لِمَن يَشاءُ الذُّكُورَ﴾ ﴿أوْ يُزَوِّجُهم ذُكْرانًا وإناثًا ويَجْعَلُ مَن يَشاءُ عَقِيمًا إنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾
اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا أطْنَبَ في الوَعْدِ والوَعِيدِ ذَكَرَ بَعْدَهُ ما هو المَقْصُودُ، فَقالَ: ﴿اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكم مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ﴾، وقَوْلُهُ ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ صِلَةً لِقَوْلِهِ ﴿لا مَرَدَّ لَهُ﴾ يَعْنِي: لا يَرُدُّهُ اللَّهُ بَعْدَما حَكَمَ بِهِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ صِلَةً لِقَوْلِهِ ﴿يَأْتِيَ﴾ أيْ: مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَ مِنَ اللَّهِ يَوْمٌ لا يَقْدِرُ أحَدٌ عَلى رَدِّهِ، واخْتَلَفُوا في المُرادِ بِذَلِكَ اليَوْمِ، فَقِيلَ: يَوْمُ وُرُودِ المَوْتِ، وقِيلَ: يَوْمُ القِيامَةِ؛ لِأنَّهُ وصَفَ ذَلِكَ اليَوْمَ بِأنَّهُ ﴿لا مَرَدَّ لَهُ﴾ وهَذا الوَصْفُ مَوْجُودٌ في كِلا اليَوْمَيْنِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مَعْنى قَوْلِهِ ﴿لا مَرَدَّ لَهُ﴾ أنَّهُ لا يَقْبَلُ التَّقْدِيمَ والتَّأْخِيرَ أوْ أنْ يَكُونَ مَعْناهُ أنْ لا مَرَدَّ فِيهِ إلى حالِ التَّكْلِيفِ حَتّى يَحْصُلَ فِيهِ التَّلافِي.
ثُمَّ قالَ تَعالى في وصْفِ ذَلِكَ اليَوْمِ ﴿ما لَكم مِن مَلْجَإٍ﴾ يَنْفَعُ في التَّخَلُّصِ مِنَ العَذابِ ﴿وما لَكم مِن نَكِيرٍ﴾ مِمَّنْ يُنْكِرُ ذَلِكَ حَتّى يَتَغَيَّرَ حالُكم بِسَبَبِ ذَلِكَ المُنْكَرِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُرادُ مِنَ النَّكِيرِ الإنْكارَ، أيْ: لا تَقْدِرُونَ أنْ تُنْكِرُوا شَيْئًا مِمّا اقْتَرَفْتُمُوهُ مِنَ الأعْمالِ ﴿فَإنْ أعْرَضُوا﴾ أيْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ أمَرْتُهم بِالِاسْتِجابَةِ، أيْ لَمْ (p-١٥٨)يَقْبَلُوا هَذا الأمْرَ ﴿فَما أرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ بِأنْ تَحْفَظَ أعْمالَهم وتُحْصِيَها ﴿إنْ عَلَيْكَ إلّا البَلاغُ﴾ وذَلِكَ تَسْلِيَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى بَيَّنَ السَّبَبَ في إصْرارِهِمْ عَلى مَذاهِبِهِمُ الباطِلَةِ، وذَلِكَ أنَّهم وجَدُوا في الدُّنْيا سَعادَةً وكَرامَةً، والفَوْزُ بِمُطالَبِ الدُّنْيا يُفِيدُ الغُرُورَ والفُجُورَ والتَّكَبُّرَ وعَدَمَ الِانْقِيادِ لِلْحَقِّ، فَقالَ: ﴿وإنّا إذا أذَقْنا الإنْسانَ مِنّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها﴾ ونِعَمُ اللَّهِ في الدُّنْيا وإنْ كانَتْ عَظِيمَةً إلّا أنَّها بِالنِّسْبَةِ إلى السَّعاداتِ المُعَدَّةِ في الآخِرَةِ كالقَطْرَةِ بِالنِّسْبَةِ إلى البَحْرِ، فَلِذَلِكَ سَمّاها ذَوْقًا فَبَيَّنَ تَعالى أنَّ الإنْسانَ إذا فازَ بِهَذا القَدْرِ الحَقِيرِ الَّذِي حَصَلَ في الدُّنْيا فَإنَّهُ يَفْرَحُ بِها ويَعْظُمُ غُرُورُهُ بِسَبَبِها ويَقَعُ في العُجْبِ والكِبْرِ، ويَظُنُّ أنَّهُ فازَ بِكُلِّ المُنى ووَصَلَ إلى أقاصِي السَّعاداتِ، وهَذِهِ طَرِيقَةُ مَن يَضْعُفُ اعْتِقادُهُ في سَعاداتِ الآخِرَةِ، وهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مُخالِفَةٌ لِطَرِيقَةِ المُؤْمِنِ الَّذِي لا يَعُدُّ نِعَمَ الدُّنْيا إلّا كالوُصْلَةِ إلى نِعَمِ الآخِرَةِ، ثُمَّ بَيَّنَ أنَّهُ مَتى أصابَتْهم ”سَيِّئَةٌ“ أيْ شَيْءٌ يَسُوءُهم في الحالِ كالمَرَضِ والفَقْرِ وغَيْرِهِما، فَإنَّهُ يَظْهَرُ مِنهُ الكُفْرُ، وهو مَعْنى قَوْلِهِ ﴿فَإنَّ الإنْسانَ كَفُورٌ﴾ والكَفُورُ الَّذِي يَكُونُ مُبالِغًا في الكُفْرانِ، ولَمْ يَقُلْ: فَإنَّهُ كَفُورٌ، لِيُبَيِّنَ أنَّ طَبِيعَةَ الإنْسانِ تَقْتَضِي هَذِهِ الحالَةَ إلّا إذا أدَّبَها الرَّجُلُ بِالآدابِ الَّتِي أرْشَدَ اللَّهُ إلَيْها، ولَمّا ذَكَرَ اللَّهُ إذاقَةَ الإنْسانِ الرَّحْمَةَ وإصابَتَهُ بِضِدِّها أتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ والمَقْصُودُ مِنهُ أنْ لا يَغْتَرَّ الإنْسانُ بِما مَلَكَهُ مِنَ المالِ والجاهِ، بَلْ إذا عَلِمَ أنَّ الكُلَّ مِلْكُ اللَّهِ ومُلْكُهُ، وأنَّهُ إنَّما حَصَّلَ ذَلِكَ القَدْرَ تَحْتَ يَدِهِ لِأنَّ اللَّهَ أنْعَمَ عَلَيْهِ بِهِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ ذَلِكَ حامِلًا لَهُ عَلى مَزِيدِ الطّاعَةِ والخِدْمَةِ، وأمّا إذا اعْتَقَدَ أنَّ تِلْكَ النِّعَمَ إنَّما تَحْصُلُ بِسَبَبِ عَقْلِهِ وجِدِّهِ واجْتِهادِهِ بَقِيَ مَغْرُورًا بِنَفْسِهِ مُعْرِضًا عَنْ طاعَةِ اللَّهِ تَعالى، ثُمَّ ذَكَرَ مِن أقْسامِ تَصَرُّفِ اللَّهِ في العالَمِ أنَّهُ يَخُصُّ البَعْضَ بِالأوْلادِ والإناثِ، والبَعْضَ بِالذُّكُورِ، والبَعْضَ بِهِما، والبَعْضَ بِأنْ يَجْعَلَهُ مَحْرُومًا مِنَ الكُلِّ، وهو المُرادُ مِن قَوْلِهِ ﴿ويَجْعَلُ مَن يَشاءُ عَقِيمًا﴾ .
واعْلَمْ أنَّ أهْلَ الطَّبائِعِ يَقُولُونَ: السَّبَبُ في حُدُوثِ الوَلَدِ صَلاحُ حالِ النُّطْفَةِ والرَّحِمِ، وسَبَبُ الذُّكُورَةِ اسْتِيلاءُ الحَرارَةِ، وسَبَبُ الأُنُوثَةِ اسْتِيلاءُ البُرُودَةِ، وقَدْ ذَكَرْنا هَذا الفَصْلَ بِالِاسْتِقْصاءِ التّامِّ في سُورَةِ النَّحْلِ، وأبْطَلْناهُ بِالدَّلائِلِ اليَقِينِيَّةِ، وظَهَرَ أنَّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ تَعالى، لا أنَّهُ مِنَ الطَّبائِعِ والأنْجُمِ والأفْلاكِ، وفي الآيَةِ سُؤالاتٌ:
السُّؤالُ الأوَّلُ: أنَّهُ قَدَّمَ الإناثَ في الذِّكْرِ عَلى الذُّكُورِ فَقالَ: ﴿يَهَبُ لِمَن يَشاءُ إناثًا ويَهَبُ لِمَن يَشاءُ الذُّكُورَ﴾، ثُمَّ في الآيَةِ الثّانِيَةِ قَدَّمَ الذُّكُورَ عَلى الإناثِ فَقالَ: ﴿أوْ يُزَوِّجُهم ذُكْرانًا وإناثًا﴾ فَما السَّبَبُ في هَذا التَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ ؟
السُّؤالُ الثّانِي: أنَّهُ ذَكَرَ الإناثَ عَلى سَبِيلِ التَّنْكِيرِ فَقالَ: ﴿يَهَبُ لِمَن يَشاءُ إناثًا﴾ وذَكَرَ الذُّكُورَ بِلَفْظِ التَّعْرِيفِ فَقالَ: ﴿ويَهَبُ لِمَن يَشاءُ الذُّكُورَ﴾ فَما السَّبَبُ في هَذا الفَرْقِ ؟
السُّؤالُ الثّالِثُ: لِمَ قالَ في إعْطاءِ الإناثِ وحْدَهُنَّ، وفي إعْطاءِ الذُّكُورِ وحْدَهم بِلَفْظِ الهِبَةِ فَقالَ: ﴿يَهَبُ لِمَن يَشاءُ إناثًا ويَهَبُ لِمَن يَشاءُ الذُّكُورَ﴾ وقالَ في إعْطاءِ الصِّنْفَيْنِ مَعًا ﴿أوْ يُزَوِّجُهم ذُكْرانًا وإناثًا﴾ .
والسُّؤالُ الرّابِعُ: لَمّا كانَ حُصُولُ الوَلَدِ هِبَةً مِنَ اللَّهِ فَيَكْفِي في عَدَمِ حُصُولِهِ أنْ لا يَهَبَ، فَأيُّ حاجَةٍ في عَدَمِ حُصُولِهِ إلى أنْ يَقُولَ ﴿ويَجْعَلُ مَن يَشاءُ عَقِيمًا﴾ ؟
السُّؤالُ الخامِسُ: هَلِ المُرادُ مِن هَذا الحُكْمِ جَمْعٌ مُعَيَّنُونَ أوِ المُرادُ الحُكْمُ عَلى الإنْسانِ المُطْلَقِ ؟
(p-١٥٩)والجَوابُ عَنِ السُّؤالِ الأوَّلِ مِن وُجُوهٍ:
الأوَّلُ: أنَّ الكَرِيمَ يَسْعى في أنْ يَقَعَ الخَتْمُ عَلى الخَيْرِ والرّاحَةِ والسُّرُورِ والبَهْجَةِ، فَإذا وُهِبَ الوَلَدَ الأُنْثى أوَّلًا ثُمَّ أعْطاهُ الذَّكَرَ بَعْدَهُ فَكَأنَّهُ نَقَلَهُ مِنَ الغَمِّ إلى الفَرَحِ، وهَذا غايَةُ الكَرَمِ، أمّا إذا أعْطى الوَلَدَ أوَّلًا ثُمَّ أعْطى الأُنْثى ثانِيًا فَكَأنَّهُ نَقَلَهُ مِنَ الفَرَحِ إلى الغَمِّ، فَذَكَرَ تَعالى هِبَةَ الوَلَدِ الأُنْثى أوَّلًا، وثانِيًا هِبَةَ الوَلَدِ الذَّكَرِ حَتّى يَكُونَ قَدْ نَقَلَهُ مِنَ الغَمِّ إلى الفَرَحِ، فَيَكُونَ ذَلِكَ ألْيَقَ بِالكَرَمِ.
الوَجْهُ الثّانِي: أنَّهُ إذا أُعْطِيَ الوَلَدَ الأُنْثى أوَّلًا عَلِمَ أنَّهُ لا اعْتِراضَ لَهُ عَلى اللَّهِ تَعالى فَيَرْضى بِذَلِكَ، فَإذا أعْطاهُ الوَلَدَ الذَّكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلِمَ أنَّ هَذِهِ الزِّيادَةَ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى وإحْسانٌ إلَيْهِ، فَيَزْدادُ شُكْرُهُ وطاعَتُهُ، ويَعْلَمُ أنَّ ذَلِكَ إنَّما حَصَلَ بِمَحْضِ الفَضْلِ والكَرَمِ.
والوَجْهُ الثّالِثُ: قالَ بَعْضُ المُذَكِّرِينَ: الأُنْثى ضَعِيفَةٌ ناقِصَةٌ عاجِزَةٌ، فَقَدَّمَ ذِكْرَها تَنْبِيهًا عَلى أنَّهُ كُلَّما كانَ العَجْزُ والحاجَةُ أتَمَّ كانَتْ عِنايَةُ اللَّهِ بِهِ أكْثَرَ.
الوَجْهُ الرّابِعُ: كَأنَّهُ يُقالُ: أيَّتُها المَرْأةُ الضَّعِيفَةُ العاجِزَةُ إنَّ أباكِ وأُمَّكِ يَكْرَهانِ وُجُودَكِ، فَإنْ كانا قَدْ كَرِها وُجُودَكِ فَأنا قَدَّمْتُكِ في الذِّكْرِ لِتَعْلَمِي أنَّ المُحْسِنَ المُكْرِمَ هو اللَّهُ تَعالى، فَإذا عَلِمَتِ المَرْأةُ ذَلِكَ زادَتْ في الطّاعَةِ والخِدْمَةِ والبُعْدِ عَنْ مُوجِباتِ الطَّعْنِ والذَّمِّ، فَهَذِهِ المَعانِي هي الَّتِي لِأجْلِها وقَعَ ذِكْرُ الإناثِ مُقَدَّمًا عَلى ذِكْرِ الذُّكُورِ، وإنَّما قَدَّمَ ذِكْرَ الذُّكُورِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلى ذِكْرِ الإناثِ لِأنَّ الذَّكَرَ أكْمَلُ وأفْضَلُ مِنَ الأُنْثى، والأفْضَلُ الأكْمَلُ مُقَدَّمٌ عَلى الأخَسِّ الأرْذَلِ، والحاصِلُ أنَّ النَّظَرَ إلى كَوْنِهِ ذَكَرًا أوْ أُنْثى يَقْتَضِي تَقْدِيمَ ذِكْرِ الذَّكَرِ عَلى ذِكْرِ الأُنْثى، أمّا العَوارِضُ الخارِجِيَّةُ الَّتِي ذَكَرْناها فَقَدْ أوْجَبَتْ تَقْدِيمَ ذِكْرِ الأُنْثى عَلى ذِكْرِ الذَّكَرِ، فَلَمّا حَصَلَ المُقْتَضِي لِلتَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ في البابَيْنِ لا جَرَمَ قَدَّمَ هَذا مَرَّةً وقَدَّمَ ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرى، واللَّهُ أعْلَمُ.
وأمّا السُّؤالُ الثّانِي: وهو قَوْلُهُ: لِمَ عَبَّرَ عَنِ الإناثِ بِلَفْظِ التَّنْكِيرِ، وعَنِ الذُّكُورِ بِلَفْظِ التَّعْرِيفِ ؟ فَجَوابُهُ: أنَّ المَقْصُودَ مِنهُ التَّنْبِيهُ عَلى كَوْنِ الذَّكَرِ أفْضَلَ مِنَ الأُنْثى.
وأمّا السُّؤالُ الثّالِثُ: وهو قَوْلُهُ: لِمَ قالَ تَعالى في إعْطاءِ الصِّنْفَيْنِ ﴿أوْ يُزَوِّجُهم ذُكْرانًا وإناثًا﴾ ؟ فَجَوابُهُ: أنَّ كُلَّ شَيْئَيْنِ يُقْرَنُ أحَدُهُما بِالآخَرِ فَهُما زَوْجانِ، وكُلُّ واحِدٍ مِنهُما يُقالُ لَهُ زَوْجٌ، والكِنايَةُ في ﴿يُزَوِّجُهُمْ﴾ عائِدَةٌ عَلى الإناثِ والذُّكُورِ الَّتِي في الآيَةِ الأُولى، والمَعْنى: يَقْرِنُ الإناثَ والذُّكُورَ، فَيَجْعَلُهم أزْواجًا.
وأمّا السُّؤالُ الرّابِعُ: فَجَوابُهُ أنَّ العَقِيمَ هو الَّذِي لا يُولَدُ لَهُ، يُقالُ: رَجُلٌ عَقِيمٌ لا يَلِدُ، وامْرَأةٌ عَقِيمٌ لا تَلِدُ، وأصْلُ العُقْمِ القَطْعُ، ومِنهُ قِيلُ: المُلْكُ عَقِيمٌ؛ لِأنَّهُ يُقْطَعُ فِيهِ الأرْحامُ بِالقَتْلِ والعُقُوقِ.
وأمّا السُّؤالُ الخامِسُ: فَجَوابُهُ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ ﴿يَهَبُ لِمَن يَشاءُ إناثًا﴾ يُرِيدُ لُوطًا وشُعَيْبًا - عَلَيْهِما السَّلامُ - لَمْ يَكُنْ لَهُما إلّا البَناتُ ﴿ويَهَبُ لِمَن يَشاءُ الذُّكُورَ﴾ يُرِيدُ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - لَمْ يَكُنْ لَهُ إلّا الذُّكُورُ ﴿أوْ يُزَوِّجُهم ذُكْرانًا وإناثًا﴾ يُرِيدُ مُحَمَّدًا ﷺ كانَ لَهُ مِنَ البَنِينَ أرْبَعَةٌ: القاسِمُ والطّاهِرُ وعَبْدُ اللَّهِ وإبْراهِيمُ، ومِنَ البَناتِ أرْبَعَةٌ: زَيْنَبُ ورُقَيَّةُ وأُمُّ كُلْثُومٍ وفاطِمَةُ ﴿ويَجْعَلُ مَن يَشاءُ عَقِيمًا﴾ يُرِيدُ عِيسى ويَحْيى، وقالَ الأكْثَرُونَ مِنَ المُفَسِّرِينَ: هَذا الحُكْمُ عامٌّ في حَقِّ كُلِّ النّاسِ، لِأنَّ المَقْصُودَ بَيانُ نَفاذِ قُدْرَةِ اللَّهِ في تَكْوِينِ الأشْياءِ كَيْفَ شاءَ وأرادَ، فَلَمْ يَكُنْ لِلتَّخْصِيصِ مَعْنًى، واللَّهُ أعْلَمُ. ثُمَّ خَتَمَ الآيَةَ بِقَوْلِهِ ﴿إنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: عَلِيمٌ بِما خَلَقَ، قَدِيرٌ عَلى ما يَشاءُ أنْ يَخْلُقَهُ، واللَّهُ أعْلَمُ.
{"ayahs_start":49,"ayahs":["لِّلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ یَخۡلُقُ مَا یَشَاۤءُۚ یَهَبُ لِمَن یَشَاۤءُ إِنَـٰثࣰا وَیَهَبُ لِمَن یَشَاۤءُ ٱلذُّكُورَ","أَوۡ یُزَوِّجُهُمۡ ذُكۡرَانࣰا وَإِنَـٰثࣰاۖ وَیَجۡعَلُ مَن یَشَاۤءُ عَقِیمًاۚ إِنَّهُۥ عَلِیمࣱ قَدِیرࣱ"],"ayah":"أَوۡ یُزَوِّجُهُمۡ ذُكۡرَانࣰا وَإِنَـٰثࣰاۖ وَیَجۡعَلُ مَن یَشَاۤءُ عَقِیمًاۚ إِنَّهُۥ عَلِیمࣱ قَدِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق