الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مَن يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنها ومَن يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنها وكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا﴾ وفِي الآيَةِ مَسائِلُ: المَسْألَةُ الأُولى: اعْلَمْ أنَّ في تَعَلُّقِ هَذِهِ الآيَةِ بِما قَبْلَها وُجُوهًا: الأوَّلُ: أنَّ اللَّهَ تَعالى أمَرَ الرَّسُولَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِأنْ يُحَرِّضِ الأُمَّةَ عَلى الجِهادِ، والجِهادُ مِنَ الأعْمالِ الحَسَنَةِ والطّاعاتِ الشَّرِيفَةِ، فَكانَ تَحْرِيضُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لِلْأُمَّةِ عَلى الجِهادِ تَحْرِيضًا مِنهُ لَهم عَلى الفِعْلِ الحَسَنِ والطّاعَةِ الحَسَنَةِ، فَبَيَّنَ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ أنَّ مَن يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنها، والغَرَضُ مِنهُ بَيانُ أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَمّا حَرَّضَهم عَلى الجِهادِ فَقَدِ اسْتَحَقَّ بِذَلِكَ التَّحْرِيضِ أجْرًا عَظِيمًا. الثّانِي: أنَّهُ تَعالى لَمّا أمَرَهُ بِتَحْرِيضِهِمْ عَلى الجِهادِ ذَكَرَ أنَّهم لَوْ لَمْ يَقْبَلُوا أمْرَهُ لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ مِن عِصْيانِهِمْ وتَمَرُّدِهِمْ عَيْبٌ، ثُمَّ بَيَّنَ في هَذِهِ الآيَةِ أنَّهم لَمّا أطاعُوا وقَبِلُوا التَّكْلِيفَ رَجَعَ إلَيْهِمْ مِن طاعَتِهِمْ خَيْرٌ كَثِيرٌ، فَكَأنَّهُ تَعالى قالَ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: حَرِّضْهم عَلى الجِهادِ، فَإنْ لَمْ يَقْبَلُوا قَوْلَكَ لَمْ يَكُنْ مِن عِصْيانِهِمْ عِتابٌ لَكَ، وإنْ أطاعُوكَ حَصَلَ لَكَ مِن طاعَتِهِمْ أعْظَمُ الثَّوابِ، فَكانَ هَذا تَرْغِيبًا مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ في أنْ يَجْتَهِدَ في تَحْرِيضِ الأُمَّةِ عَلى الجِهادِ، والسَّبَبُ في أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كانَ يَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ طاعَتِهِمْ أجْرٌ عَظِيمٌ، وما كانَ يَرْجِعُ إلَيْهِ مِن مَعْصِيَتِهِمْ شَيْءٌ مِنَ الوِزْرِ، هو أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بَذَلَ الجُهْدَ في تَرْغِيبِهِمْ في الطّاعَةِ وما رَغَّبَهُمُ البَتَّةَ في المَعْصِيَةِ، فَلا جَرَمَ يَرْجِعُ إلَيْهِ مِن طاعَتِهِمْ أجْرٌ ولا يَرْجِعُ إلَيْهِ مِن مَعْصِيَتِهِمْ وِزْرٌ. الثّالِثُ: يَجُوزُ أنْ يُقالَ: إنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَمّا كانَ يُرَغِّبُهم في القِتالِ ويُبالِغُ في تَحْرِيضِهِمْ عَلَيْهِ، فَكانَ بَعْضُ المُنافِقِينَ يَشْفَعُ إلى النَّبِيِّ ﷺ في أنْ يَأْذَنَ لِبَعْضِهِمْ في التَّخَلُّفِ عَنِ الغَزْوِ، فَنَهى اللَّهُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الشَّفاعَةِ وبَيَّنَ أنَّ الشَّفاعَةَ إنَّما تَحْسُنُ إذا كانَتْ وسِيلَةً إلى إقامَةِ طاعَةِ اللَّهِ، فَأمّا إذا كانَتْ وسِيلَةً إلى مَعْصِيَتِهِ كانَتْ مُحَرَّمَةً مُنْكَرَةً. الرّابِعُ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ بَعْضُ المُؤْمِنِينَ راغِبًا في الجِهادِ، إلّا أنَّهُ لَمْ يَجِدْ أُهْبَةَ الجِهادِ، فَصارَ غَيْرُهُ مِنَ المُؤْمِنِينَ شَفِيعًا لَهُ إلى مُؤْمِنٍ آخَرَ لِيُعِينَهُ عَلى الجِهادِ، فَكانَتْ هَذِهِ الشَّفاعَةُ سَعْيًا في إقامَةِ الطّاعَةِ، فَرَغَّبَ اللَّهُ تَعالى في مِثْلِ هَذِهِ الشَّفاعَةِ، وعَلى جَمِيعِ الوُجُوهِ فالآيَةُ حَسَنَةُ الِاتِّصالِ بِما قَبْلَها. المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: الشَّفاعَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الشَّفْعِ، وهو أنْ يُصَيِّرَ الإنْسانُ نَفْسَهُ شَفْعًا لِصاحِبِ الحاجَةِ حَتّى يَجْتَمِعَ مَعَهُ عَلى المَسْألَةِ فِيها. إذا عَرَفْتَ هَذا فَنَقُولُ: في الشَّفاعَةِ المَذْكُورَةِ في الآيَةِ وُجُوهٌ: الأوَّلُ: أنَّ المُرادَ مِنها تَحْرِيضُ النَّبِيِّ ﷺ إيّاهم عَلى الجِهادِ، وذَلِكَ لِأنَّهُ إذا كانَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ يَأْمُرُهم بِالغَزْوِ فَقَدْ جَعَلَ نَفْسَهُ شَفِيعًا لَهم في تَحْصِيلِ الأغْراضِ المُتَعَلِّقَةِ بِالجِهادِ، وأيْضًا فالتَّحْرِيضُ عَلى الشَّيْءِ عِبارَةٌ عَنِ الأمْرِ بِهِ لا عَلى سَبِيلِ التَّهْدِيدِ، بَلْ عَلى سَبِيلِ الرِّفْقِ والتَّلَطُّفِ، وذَلِكَ يَجْرِي مَجْرى الشَّفاعَةِ. الثّانِي: أنَّ المُرادَ مِنهُ ما ذَكَرْنا مِن أنَّ بَعْضَ المُنافِقِينَ (p-١٦٥)كانَ يَشْفَعُ لِمُنافِقٍ آخَرَ في أنْ يَأْذَنَ لَهُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ في التَّخَلُّفِ عَنِ الجِهادِ، أوِ المُرادُ بِهِ أنَّ بَعْضَ المُؤْمِنِينَ كانَ يَشْفَعُ لِمُؤْمِنٍ آخَرَ عِنْدَ مُؤْمِنٍ ثالِثٍ في أنْ يَحْصُلَ لَهُ ما يَحْتاجُ إلَيْهِ مِن آلاتِ الجِهادِ. الثّالِثُ: نَقَلَ الواحِدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما ما مَعْناهُ أنَّ الشَّفاعَةَ الحَسَنَةَ هَهُنا هي أنْ يَشْفَعَ إيمانُهُ بِاللَّهِ بِقِتالِ الكُفّارِ، والشَّفاعَةَ السَّيِّئَةَ أنْ يَشْفَعَ كُفْرُهُ بِالمَحَبَّةِ لِلْكُفّارِ وتَرْكِ إيذائِهِمْ. الرّابِعُ: قالَ مُقاتِلٌ: الشَّفاعَةُ إلى اللَّهِ إنَّما تَكُونُ بِالدُّعاءِ، واحْتَجَّ بِما رَوى أبُو الدَّرْداءِ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: ”«مَن دَعا لِأخِيهِ المُسْلِمِ بِظَهْرِ الغَيْبِ اسْتُجِيبَ لَهُ وقالَ المَلِكُ لَهُ ولَكَ مِثْلُ ذَلِكَ» “ فَهَذا هو النَّصِيبُ، وأمّا الشَّفاعَةُ السَّيِّئَةُ فَهي ما رُوِيَ «أنَّ اليَهُودَ كانُوا إذا دَخَلُوا عَلى الرَّسُولِ ﷺ قالُوا: السّامُ عَلَيْكم، والسّامُ هو المَوْتُ، فَسَمِعَتْ عائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها فَقالَتْ عَلَيْكُمُ السّامُ واللَّعْنَةُ، أتَقُولُونَ هَذا لِلرَّسُولِ ! فَقالَ ﷺ: قَدْ عَلِمْتُ ما قالُوا فَقُلْتُ: وعَلَيْكم»، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. الخامِسُ: قالَ الحَسَنُ ومُجاهِدٌ والكَلْبِيُّ وابْنُ زَيْدٍ: المُرادُ هو الشَّفاعَةُ الَّتِي بَيْنَ النّاسِ بَعْضُهم لِبَعْضٍ، فَما يَجُوزُ في الدِّينِ أنْ يُشْفَعَ فِيهِ فَهو شَفاعَةٌ حَسَنَةٌ، وما لا يَجُوزُ أنْ يُشْفَعَ فِيهِ فَهو شَفاعَةٌ سَيِّئَةٌ، ثُمَّ قالَ الحَسَنُ: مَن يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً كانَ لَهُ فِيها أجْرٌ، وإنْ لَمْ يُشَفَّعْ، لِأنَّ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿مَن يَشْفَعْ﴾ ولَمْ يَقُلْ: ومَن يُشَفَّعْ، ويَتَأيَّدُ هَذا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ”«اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا» “ . وأقُولُ: هَذِهِ الشَّفاعَةُ لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ لَها تَعَلُّقٌ بِالجِهادِ وإلّا صارَتِ الآيَةُ مُنْقَطِعَةً عَمّا قَبْلَها، وذَلِكَ التَّعَلُّقُ حاصِلٌ بِالوَجْهَيْنِ الأوَّلَيْنِ، فَأمّا الوُجُوهُ الثَّلاثَةُ الأخِيرَةُ فَإنْ كانَ المُرادُ قَصْرَ الآيَةِ عَلَيْها فَذَلِكَ باطِلٌ، وإلّا صارَتْ هَذِهِ الآيَةُ أجْنَبِيَّةً عَمّا قَبْلَها، وإنْ كانَ المُرادُ دُخُولَ هَذِهِ الثَّلاثَةِ مَعَ الوَجْهَيْنِ الأوَّلَيْنِ في اللَّفْظِ فَهَذا جائِزٌ؛ لِأنَّ خُصُوصَ السَّبَبِ لا يَمْنَعُ عُمُومَ اللَّفْظِ. المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: قالَ أهْلُ اللُّغَةِ: الكِفْلُ: هو الحَظُّ ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُؤْتِكم كِفْلَيْنِ مِن رَحْمَتِهِ﴾ [ الحَدِيدِ: ٢٨] أيْ حَظَّيْنِ وهو مَأْخُوذٌ مِن قَوْلِهِمْ: كَفَلْتُ البَعِيرَ واكْتَفَلْتُهُ إذا أدَرْتَ عَلى سَنامِهِ كِساءً ورَكِبْتَ عَلَيْهِ. وإنَّما قِيلَ: كَفَلْتُ البَعِيرَ واكْتَفَلْتُهُ لِأنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْ كُلَّ الظَّهْرِ، وإنَّما اسْتَعْمَلَ نَصِيبًا مِنَ الظَّهْرِ. قالَ ابْنُ المُظَفَّرِ: لا يُقالُ: هَذا كِفْلُ فُلانٍ حَتّى تَكُونَ قَدْ هَيَّأْتَ لِغَيْرِهِ مِثْلَهُ، وكَذا القَوْلُ في النَّصِيبِ، فَإنْ أفْرَدْتَ فَلا تَقُلْ لَهُ كِفْلٌ ولا نَصِيبٌ. فَإنْ قِيلَ: لِمَ قالَ في الشَّفاعَةِ الحَسَنَةِ: ﴿يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنها﴾ وقالَ في الشَّفاعَةِ السَّيِّئَةِ: ﴿يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنها﴾ وهَلْ لِاخْتِلافِ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ فائِدَةٌ ؟ قُلْنا: الكِفْلُ اسْمٌ لِلنَّصِيبِ الَّذِي عَلَيْهِ يَكُونُ اعْتِمادُ النّاسِ، وإنَّما يُقالُ كِفْلُ البَعِيرِ لِأنَّكَ حَمَيْتَ ظَهْرَ البَعِيرِ بِذَلِكَ الكِساءِ عَنِ الآفَةِ، وحَمى الرّاكِبُ بَدَنَهُ بِذَلِكَ الكِساءِ عَنِ ارْتِماسِ ظَهْرِ البَعِيرِ فَيَتَأذّى بِهِ، ويُقالُ لِلضّامِنِ: كَفِيلٌ. وقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ”«أنا وكافِلُ اليَتِيمِ كَهاتَيْنِ» “ فَثَبَتَ أنَّ الكِفْلَ هو النَّصِيبُ الَّذِي عَلَيْهِ يَعْتَمِدُ الإنْسانُ في تَحْصِيلِ المَصالِحِ لِنَفْسِهِ ودَفْعِ المَفاسِدِ عَنْ نَفْسِهِ، إذا ثَبَتَ هَذا فَنَقُولُ: ﴿ومَن يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنها﴾ أيْ يَحْصُلُ لَهُ مِنها نَصِيبٌ يَكُونُ ذَلِكَ النَّصِيبُ ذَخِيرَةً لَهُ في مَعاشِهِ ومَعادِهِ، والمَقْصُودُ حُصُولُ ضِدِّ ذَلِكَ ﴿فَبَشِّرْهم بِعَذابٍ ألِيمٍ﴾ والغَرَضُ مِنهُ التَّنْبِيهُ عَلى أنَّ الشَّفاعَةَ المُؤَدِّيَةَ إلى سُقُوطِ الحَقِّ وقُوَّةِ الباطِلِ تَكُونُ عَظِيمَةَ العِقابِ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى * * * ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا﴾ وفِيهِ مَسْألَتانِ: (p-١٦٦)المَسْألَةُ الأُولى: في المُقِيتِ قَوْلانِ: الأوَّلُ: المُقِيتُ القادِرُ عَلى الشَّيْءِ، وأنْشَدُوا لِلزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ. ؎وذِي ضِغْنٍ كَفَفْتُ النَّفْسَ عَنْهُ وكُنْتُ عَلى إساءَتِهِ مُقِيتا وقالَ آخَرُ: ؎لَيْتَ شِعْرِي وأشْعُرَنْ إذا ما ∗∗∗ قَرَّبُوها مَنشُورَةً ودُعِيتُ ؎ألِيَ الفَضْلُ أمْ عَلَيَّ إذا حُو ∗∗∗ سِبْتُ أنِّي عَلى الحِسابِ مُقِيتُ وأنْشَدَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: ؎تَجَلَّدْ ولا تَجْزَعْ وكُنْ ذا حَفِيظَةٍ ∗∗∗ فَإنِّي عَلى ما ساءَهم لَمُقِيتُ الثّانِي: المُقِيتُ مُشْتَقٌّ مِنَ القُوتِ، يُقالُ: قُتُّ الرَّجُلَ إذا حَفَظْتَ عَلَيْهِ نَفْسَهُ بِما يَقُوتُهُ، واسْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ هو القُوتُ، وهو الَّذِي لا فَضْلَ لَهُ عَلى قَدْرِ الحِفْظِ، فالمُقِيتُ هو الحَفِيظُ الَّذِي يُعْطِي الشَّيْءَ عَلى قَدْرِ الحاجَةِ، ثُمَّ قالَ القَفّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وأيُّ المَعْنَيَيْنِ كانَ فالتَّأْوِيلُ صَحِيحٌ، وهو أنَّهُ تَعالى قادِرٌ عَلى إيصالِ النَّصِيبِ والكِفْلِ مِنَ الجَزاءِ إلى الشّافِعِ مِثْلَ ما يُوصِلُهُ إلى المَشْفُوعِ فِيهِ، إنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وإنْ شَرًّا فَشَرٌّ، ولا يَنْتَقِصُ بِسَبَبِ ما يَصِلُ إلى الشّافِعِ شَيْءٌ مِن جَزاءِ المَشْفُوعِ، وعَلى الوَجْهِ الثّانِي أنَّهُ تَعالى حافِظُ الأشْياءِ شاهِدٌ عَلَيْها لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِن أحْوالِنا، فَهو عالِمٌ بِأنَّ الشّافِعَ يَشْفَعُ في حَقٍّ أوْ في باطِلٍ حَفِيظٌ عَلَيْهِ فَيُجازِي كُلًّا بِما عَلِمَ مِنهُ. المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: إنَّما قالَ: ﴿وكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا﴾ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ كَوْنَهُ تَعالى قادِرًا عَلى المَقْدُوراتِ صِفَةً كانَتْ ثابِتَةً لَهُ مِنَ الأزَلِ، ولَيْسَتْ صِفَةً مُحْدَثَةً، فَقَوْلُهُ: ﴿وكانَ﴾ مُطْلَقًا مِن غَيْرِ أنْ قَيَّدَ ذَلِكَ بِأنَّهُ كانَ مِن وقْتِ كَذا أوْ حالِ كَذا، يَدُلُّ عَلى أنَّهُ كانَ حاصِلًا مِنَ الأزَلِ إلى الأبَدِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب