الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ والَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ في سَبِيلِ الطّاغُوتِ فَقاتِلُوا أوْلِياءَ﴾ (p-١٤٧)﴿الشَّيْطانِ إنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفًا﴾ . واعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا بَيَّنَ وُجُوبَ الجِهادِ بَيَّنَ أنَّهُ لا عِبْرَةَ بِصُورَةِ الجِهادِ، بَلِ العِبْرَةُ بِالقَصْدِ والدّاعِي، فالمُؤْمِنُونَ يُقاتِلُونَ لِغَرَضِ نُصْرَةِ دِينِ اللَّهِ وإعْلاءِ كَلِمَتِهِ، والكافِرُونَ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِ الطّاغُوتِ، وهَذِهِ الآيَةُ دالَّةٌ عَلى أنَّ كُلَّ مَن كانَ غَرَضُهُ في فِعْلِهِ رِضا غَيْرِ اللَّهِ فَهو في سَبِيلِ الطّاغُوتِ، لِأنَّهُ تَعالى لَمّا ذَكَرَ هَذِهِ القِسْمَةَ وهي أنَّ القِتالَ إمّا أنْ يَكُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ أوْ في سَبِيلِ الطّاغُوتِ؛ وجَبَ أنْ يَكُونَ ما سِوى اللَّهِ طاغُوتًا، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى أمَرَ المُقاتِلِينَ في سَبِيلِ اللَّهِ بِأنْ يُقاتِلُوا أوْلِياءَ الشَّيْطانِ، وبَيَّنَ أنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفًا، لِأنَّ اللَّهَ يَنْصُرُ أوْلِياءَهُ، والشَّيْطانُ يَنْصُرُ أوْلِياءَهُ ولا شَكَّ أنَّ نُصْرَةَ الشَّيْطانِ لِأوْلِيائِهِ أضْعَفُ مِن نُصْرَةِ اللَّهِ لِأوْلِيائِهِ، ألا تَرى أنَّ أهْلَ الخَيْرِ والدِّينِ يَبْقى ذِكْرُهُمُ الجَمِيلُ عَلى وجْهِ الدَّهْرِ وإنْ كانُوا حالَ حَياتِهِمْ في غايَةِ الفَقْرِ والذِّلَّةِ، وأمّا المُلُوكُ والجَبابِرَةُ فَإذا ماتُوا انْقَرَضَ أثَرُهم ولا يَبْقى في الدُّنْيا رَسْمُهم ولا ظُلْمُهم، والكَيْدُ السَّعْيُ في فَسادِ الحالِ عَلى جِهَةِ الِاحْتِيالِ عَلَيْهِ يُقالُ: كادَهُ يَكِيدُهُ إذا سَعى في إيقاعِ الضَّرَرِ عَلى جِهَةِ الحِيلَةِ عَلَيْهِ وفائِدَةُ إدْخالِ (كانَ) في قَوْلِهِ: ﴿كانَ ضَعِيفًا﴾ لِلتَّأْكِيدِ لِضَعْفِ كَيْدِهِ، يَعْنِي أنَّهُ مُنْذُ كانَ، كانَ مَوْصُوفًا بِالضَّعْفِ والذِّلَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب