الباحث القرآني
وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: قَوْلُهُ: ﴿وماذا عَلَيْهِمْ﴾ اسْتِفْهامٌ بِمَعْنى الإنْكارِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ”ماذا“ اسْمًا واحِدًا، فَيَكُونُ المَعْنى: وأيُّ الشَّيْءِ عَلَيْهِمْ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ”ذا“ في مَعْنى الَّذِي، ويَكُونُ ”ما“ وحْدَها اسْمًا، ويَكُونُ المَعْنى: وما الَّذِي عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: احْتَجَّ القائِلُونَ بِأنَّ الإيمانَ يَصِحُّ عَلى سَبِيلِ التَّقْلِيدِ بِهَذِهِ الآيَةِ، فَقالُوا: إنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وماذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا﴾ مُشْعِرٌ بِأنَّ الإتْيانَ بِالإيمانِ في غايَةِ السُّهُولَةِ، ولَوْ كانَ الِاسْتِدْلالُ مُعْتَبَرًا لَكانَ في غايَةِ الصُّعُوبَةِ، فَإنّا نَرى المُسْتَدِلِّينَ تَفْرُغُ أعْمارُهم ولا يَتِمُّ اسْتِدْلالُهم، فَدَلَّ هَذا عَلى أنَّ التَّقْلِيدَ كافٍ.
أجابَ المُتَكَلِّمُونَ بِأنَّ الصُّعُوبَةَ في التَّفاصِيلِ، فَأمّا الدَّلائِلُ عَلى سَبِيلِ الجُمْلَةِ فَهي سَهْلَةٌ، واعْلَمْ أنَّ في هَذا البَحْثِ غَوْرًا.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: احْتَجَّ جُمْهُورُ المُعْتَزِلَةِ بِهَذِهِ الآيَةِ، وضَرَبُوا لَهُ أمْثِلَةً، قالَ الجُبّائِيُّ: ولَوْ كانُوا غَيْرَ قادِرِينَ لَمْ يَجُزْ أنْ يَقُولَ اللَّهُ ذَلِكَ، كَما لا يُقالُ لِمَن هو في النّارِ مُعَذَّبٌ: ماذا عَلَيْهِمْ لَوْ خَرَجُوا مِنها وصارُوا إلى الجَنَّةِ، وكَما لا يُقالُ لِلْجائِعِ الَّذِي لا يَقْدِرُ عَلى الطَّعامِ: ماذا عَلَيْهِ لَوْ أكَلَ. وقالَ الكَعْبِيُّ: لا يَجُوزُ أنْ يُحْدِثَ فِيهِ الكُفْرَ، ثُمَّ يَقُولُ: ماذا عَلَيْهِ لَوْ آمَنَ. كَما لا يُقالُ لِمَن أمْرَضَهُ: ماذا عَلَيْهِ لَوْ كانَ صَحِيحًا، ولا يُقالُ لِلْمَرْأةِ: ماذا عَلَيْها لَوْ كانَتْ رَجُلًا، ولِلْقَبِيحِ: ماذا عَلَيْهِ لَوْ كانَ جَمِيلًا، وكَما لا يَحْسُنُ هَذا القَوْلُ مِنَ العاقِلِ، كَذا لا يَحْسُنُ مِنَ اللَّهِ تَعالى، فَبَطَلَ بِهَذا ما يُقالُ: إنَّهُ وإنْ قَبُحَ مِن غَيْرِهِ، لَكِنَّهُ يَحْسُنُ مِنهُ؛ لِأنَّ المُلْكَ مُلْكُهُ. وقالَ القاضِي عَبْدُ الجَبّارِ: إنَّهُ لا يَجُوزُ أنْ يَأْمُرَ العاقِلُ وكِيلَهُ بِالتَّصَرُّفِ في الضَّيْعَةِ ويَحْبِسَهُ مِن حَيْثُ لا يَتَمَكَّنُ مِن (p-٨٢)مُفارَقَةِ الحَبْسِ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: ماذا عَلَيْكَ لَوْ تَصَرَّفْتَ في الضَّيْعَةِ، وإذا كانَ مَن يَذْكُرُ مِثْلَ هَذا الكَلامِ سَفِيهًا دَلَّ عَلى أنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جائِزٍ عَلى اللَّهِ تَعالى، فَهَذا جُمْلَةُ ما ذَكَرُوهُ مِنَ الأمْثِلَةِ.
واعْلَمْ أنَّ التَّمَسُّكَ بِطَرِيقَةِ المَدْحِ والذَّمِّ والثَّوابِ والعِقابِ قَدْ كَثُرَ لِلْمُعْتَزِلَةِ، ومُعارَضَتُهم بِمَسْألَتَيِ العِلْمِ والدّاعِي قَدْ كَثُرَتْ، فَلا حاجَةَ إلى الإعادَةِ.
* * *
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وكانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا﴾ والمَعْنى أنَّ القَصْدَ إلى الرِّئاءِ إنَّما يَكُونُ باطِنًا غَيْرَ ظاهِرٍ، فَبَيَّنَ تَعالى أنَّهُ عَلِيمٌ بِبَواطِنِ الأُمُورِ كَما هو عَلِيمٌ بِظَواهِرِها، فَإنَّ الإنْسانَ مَتى اعْتَقَدَ ذَلِكَ صارَ ذَلِكَ كالرّادِعِ لَهُ عَنِ القَبائِحِ مِن أفْعالِ القُلُوبِ: مِثْلَ داعِيَةِ النِّفاقِ والرِّياءِ والسُّمْعَةِ.
{"ayah":"وَمَاذَا عَلَیۡهِمۡ لَوۡ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَأَنفَقُوا۟ مِمَّا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِهِمۡ عَلِیمًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











