الباحث القرآني

ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿والَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهم رِئاءَ النّاسِ ولا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ ومَن يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِينًا فَساءَ قَرِينًا﴾ وفِيهِ مَسائِلُ: المَسْألَةُ الأُولى: إنْ شِئْتَ عَطَفْتَ ”الَّذِينَ“ في هَذِهِ الآيَةِ عَلى ”الَّذِينَ“ في الآيَةِ الَّتِي قَبْلَها، وإنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ في مَوْضِعِ خَفْضٍ عَطْفًا عَلى قَوْلِهِ: ﴿لِلْكافِرِينَ عَذابًا مُهِينًا﴾ . (p-٨١)المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قالَ الواحِدِيُّ: نَزَلَتْ في المُنافِقِينَ، وهو الوَجْهُ لِذِكْرِ الرِّئاءِ، وهو ضَرْبٌ مِنَ النِّفاقِ. وقِيلَ: نَزَلَتْ في مُشْرِكِي مَكَّةَ المُنْفِقِينَ عَلى عَداوَةِ الرَّسُولِ ﷺ، والأوْلى أنْ يُقالَ: إنَّهُ تَعالى لَمّا أمَرَ بِالإحْسانِ إلى أرْبابِ الحاجاتِ، بَيَّنَ أنَّ مَن لا يَفْعَلُ ذَلِكَ قِسْمانِ: فالأوَّلُ: هو البَخِيلُ الَّذِي لا يُقْدِمُ عَلى إنْفاقِ المالِ البَتَّةَ، وهُمُ المَذْمُومُونَ في قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ويَأْمُرُونَ النّاسَ بِالبُخْلِ﴾ . والثّانِي: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهم، لَكِنْ لا لِغَرَضِ الطّاعَةِ، بَلْ لِغَرَضِ الرِّياءِ والسُّمْعَةِ، فَهَذِهِ الفِرْقَةُ أيْضًا مَذْمُومَةٌ، ومَتى بَطُلَ القَوْلُ بِهَذَيْنِ القِسْمَيْنِ لَمْ يَبْقَ إلّا القِسْمُ الأوَّلُ. وهو إنْفاقُ الأمْوالِ لِغَرَضِ الإحْسانِ. * * * ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿ومَن يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِينًا فَساءَ قَرِينًا﴾ . والمَعْنى: أنَّ الشَّيْطانَ قَرِينٌ لِأصْحابِ هَذِهِ الأفْعالِ كَقَوْلِهِ: ﴿ومَن يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطانًا فَهو لَهُ قَرِينٌ﴾ [الزخرف: ٣٦] وبَيَّنَ تَعالى أنَّهُ بِئْسَ القَرِينُ، إذْ كانَ يُضِلُّهُ عَنْ دارِ النَّعِيمِ ويُورِدُهُ نارَ السَّعِيرِ، وهو كَقَوْلِهِ: ﴿ومِنَ النّاسِ مَن يُجادِلُ في اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ويَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ﴾ ﴿كُتِبَ عَلَيْهِ أنَّهُ مَن تَوَلّاهُ فَأنَّهُ يُضِلُّهُ ويَهْدِيهِ إلى عَذابِ السَّعِيرِ﴾ [الحج: ٣] . ثُمَّ إنَّهُ تَعالى عَيَّرَهم وبَيَّنَ سُوءَ اخْتِيارِهِمْ في تَرْكِ الإيمانِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب