الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ويَأْمُرُونَ النّاسَ بِالبُخْلِ ويَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وأعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذابًا مُهِينًا﴾
وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: قَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ: ”بِالبَخَلِ“ بِفَتْحِ الباءِ والخاءِ، وفي الحَدِيدِ مِثْلُهُ، وهي لُغَةُ الأنْصارِ، والباقُونَ ”بِالبُخْلِ“ بِضَمِّ الباءِ والخاءِ وهي اللُّغَةُ العالِيَةُ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ: بَدَلٌ مِن قَوْلِهِ: ﴿مَن كانَ مُخْتالًا فَخُورًا﴾ والمَعْنى: إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَن كانَ مُخْتالًا فَخُورًا ولا يُحِبُّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ، أوْ نَصْبٌ عَلى الذَّمِّ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ رَفْعًا عَلى الذَّمِّ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، كَأنَّهُ قِيلَ: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ويَفْعَلُونَ ويَصْنَعُونَ أحِقّاءُ بِكُلِّ مَلامَةٍ.
(p-٨٠)المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: قالَ الواحِدِيُّ: البُخْلُ فِيهِ أرْبَعُ لُغاتٍ: البُخْلُ، مِثْلَ القُفْلِ، والبَخَلُ مِثْلَ الكَرَمِ، والبَخْلِ مِثْلَ الفَقْرِ، والبُخُلِ بِضَمَّتَيْنِ. ذَكَرَهُ المُبَرِّدُ، وهو في كَلامِ العَرَبِ عِبارَةٌ عَنْ مَنعِ الإحْسانِ، وفي الشَّرِيعَةِ مَنعُ الواجِبِ.
المَسْألَةُ الرّابِعَةُ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: إنَّهُمُ اليَهُودُ، بَخِلُوا أنْ يَعْتَرِفُوا بِما عَرَفُوا مِن نَعْتِ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - وصِفَتُهُ في التَّوْراةِ، وأمَرُوا قَوْمَهم أيْضًا بِالكِتْمانِ ﴿ويَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ يَعْنِي مِنَ العِلْمِ بِما في كِتابِهِمْ مِن صِفَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ (وأعْتَدْنا) في الآخِرَةِ لِلْيَهُودِ ﴿عَذابًا مُهِينًا﴾ واحْتَجَّ مَن نَصَرَ هَذا القَوْلَ: بِأنَّ ذِكْرَ الكافِرِ في آخِرِ الآيَةِ يَدُلُّ عَلى أنَّ المُرادَ بِأوَّلِها الكافِرُ. وقالَ آخَرُونَ: المُرادُ مِنهُ البُخْلُ بِالمالِ؛ لِأنَّهُ تَعالى ذَكَرَهُ عَقِيبَ الآيَةِ الَّتِي أوْجَبَ فِيها رِعايَةَ حُقُوقِ النّاسِ بِالمالِ، فَإنَّهُ قالَ: ﴿وبِالوالِدَيْنِ إحْسانًا وبِذِي القُرْبى واليَتامى والمَساكِينِ والجارِ ذِي القُرْبى والجارِ الجُنُبِ والصّاحِبِ بِالجَنْبِ وابْنِ السَّبِيلِ﴾ ومَعْلُومٌ أنَّ الإحْسانَ إلى هَؤُلاءِ إنَّما يَكُونُ بِالمالِ، ثُمَّ ذَمَّ المُعْرِضِينَ عَنْ هَذا الإحْسانِ، فَقالَ: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَن كانَ مُخْتالًا فَخُورًا﴾ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ويَأْمُرُونَ النّاسَ بِالبُخْلِ﴾ فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ هَذا البُخْلُ بُخْلًا مُتَعَلِّقًا بِما قَبْلَهُ، وما ذاكَ إلّا البُخْلُ بِالمالِ.
والقَوْلُ الثّالِثُ: أنَّهُ عامٌّ في البُخْلِ بِالعِلْمِ والدِّينِ، وفي البُخْلِ بِالمالِ؛ لِأنَّ اللَّفْظَ عامٌّ، والكُلُّ مَذْمُومٌ، فَوَجَبَ كَوْنُ اللَّفْظِ مُتَناوِلًا لِلْكُلِّ.
المَسْألَةُ الخامِسَةُ: أنَّهُ تَعالى ذَكَرَ في هَذِهِ الآيَةِ مِنَ الأحْوالِ المَذْمُومَةِ ثَلاثًا:
أوَّلُها: كَوْنُ الإنْسانِ بَخِيلًا، وهو المُرادُ بِقَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾ .
وثانِيها: كَوْنُهم آمِرِينَ لِغَيْرِهِمْ بِالبُخْلِ، وهَذا هو النِّهايَةُ في حُبِّ البُخْلِ، وهو المُرادُ بِقَوْلِهِ: ﴿ويَأْمُرُونَ النّاسَ بِالبُخْلِ﴾ .
وثالِثُها: قَوْلُهُ: ﴿ويَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ فَيُوهِمُونَ الفَقْرَ مَعَ الغِنى، والإعْسارَ مَعَ اليَسارِ، والعَجْزَ مَعَ الإمْكانِ، ثُمَّ إنَّ هَذا الكِتْمانَ قَدْ يَقَعُ عَلى وجْهٍ يُوجِبُ الكُفْرَ، مِثْلَ أنْ يُظْهِرَ الشِّكايَةَ عَنِ اللَّهِ تَعالى، ولا يَرْضى بِالقَضاءِ والقَدَرِ، وهَذا يَنْتَهِي إلى حَدِّ الكُفْرِ؛ فَلِذَلِكَ قالَ: ﴿وأعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذابًا مُهِينًا﴾ ومَن قالَ: الآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بِاليَهُودِ، فَكَلامُهُ في هَذا المَوْضِعِ ظاهِرٌ؛ لِأنَّ مَن كَتَمَ الدِّينَ والنُّبُوَّةَ فَهو كافِرٌ، ويُمْكِنُ أيْضًا أنْ يَكُونَ المُرادُ مِن هَذا الكافِرِ، مَن يَكُونُ كافِرًا بِالنِّعْمَةِ، لا مَن يَكُونُ كافِرًا بِالدِّينِ والشَّرْعِ.
{"ayah":"ٱلَّذِینَ یَبۡخَلُونَ وَیَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبُخۡلِ وَیَكۡتُمُونَ مَاۤ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَـٰفِرِینَ عَذَابࣰا مُّهِینࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق